أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - يوليو2009: عن اي ثورة نتحدث؟!















المزيد.....

يوليو2009: عن اي ثورة نتحدث؟!


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2718 - 2009 / 7 / 25 - 10:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


منذ الصباح والاذاعة الرسمية تصدح باغاني الثورة القديمة ، قبل ان يشرع الرئيس في القاء خطابه السنوي ، فيما القنوات التليفزيونية استعدت ، كالعادة ، لعرض افلام وبرامج تدين النظام الملكي وتحتفي ب "حركة يوليو" ، وصديقي الاخواني يهنئني بعيد الثورة ، ويتجاذب معي اطراف الحديث عن وضع مصر الآن ، وآفق التغيير والى اين يذهب هذا البلد المبتلى اهله بالقهر والاستغلال ؟
وان بدا متفائلا بالغد ، الا اني لم اشاركه الا شعورا مناقضا تماما ، وثمة سؤال باغتني فجأة :عن اي شئ نحتفل وعن اي ثورة نتحدث؟ ثورة يوليو ناصر ، ام ثورة السادات المضادة والمدمرة ، ام ثورة الفساد والانهاك لمصر الحالية ؟!
سؤال يستحق، في رأيي ، ان نطرحه جميعا على انفسنا ونحن نتابع "المولد السنوي" لثورة ، للأسف ، تم التخلص من ملامحها الاساسية وخياراتها منذ حقبة السبعينات ، ثم جرى الاجهاز عليها ،تماما، في التسعينات ، وقبل سنوات قليلة جرى اعلان وفاتها تحت قبة البرلمان رسميا ، ومحو اى اثر لها في القوانين والدستور المصري ، فضلا عن الاداء السياسي والاقتصادي للنظام الحاكم وتوجهاته المغايرة على المستويين المحلي والدولي الذي يؤكد ، في غير مناسبة ، ان ثورة ناصر، تم تصفيتها تماما والعودة بمصر الى الوراء.
فهل يحق ، بعد ذلك ، للقاتل ان يحتفي بالمقتول؟ ويفاخر به ، ويستمد منه شرعية يفتقدها ولا يستحقها ، او يتخذها مناسبة لخطابات الاستهلاك المحلي التي لم تعد تنطلي على احد ، ويجرى فيها الحديث الاجوف عن الحفاظ على مكتسبات الثورة وحقوق الفقراء.
فأين مكتسبات الثورة وأين حقوق الفقراء؟ ولمن صار الانحياز؟
الاجابة بسيطة جدا ، ولا تحتاج الى كثير جهد، للوصول اليها ..يكفي ان تنظر حولك ، لترى المستوي المعيشي لغالبية الشعب المصري واتساع رقعة الفقر وسكن العشوائيات وجيوش العاطلين من كل الاعمار والحالة الصحية والنفسية والاخلاقية المفزعة ، لاجيال فقدت الانتماء والولاء لبلد ضاق بها ولم يعطيها ابسط حقوقها ، فراحت تبحث عنها في اصقاع الارض ، ولو كان الثمن الموت غرقا في البحر ، او الارتماء في احضان العدو الصهيوني ومصاهرته او حتى التطرف الديني والعنف السياسي او الاجتماعي المتنامي.
على الجانب الاخر، القصور كل يوم تبني هنا وهناك وجدران الفصل والتمييز الواقعية او المعنوية تقام وتستطيل بين الطبقات ، والمليارات تنهب وحياة السفه والاستعلاء والاستهتار بكل قيمة تتجلي بفجر ، وسط نخب السلطة والمال التى تزاوجت ، وانجبت هذا المناخ الفاسد الذي اعاد مصر مرة أخرى الى سنوات ما قبل الثورة ، حيث طبقة النصف في المائة المسيطرة على كل شئ ، الغارقة في نعيم بلد اعتبروه ضيعة خاصة لهم ، ولابنائهم فقط ، فيما الباقون لا حقوق لهم ولا قيمة كالعبيد ، للدرجة التى اوصلتنا من جديد الى ثالوث التخلف الشهير الجوع والفقر والمرض الذي يمكننا به اختصار وضعية مصر الحالية.
لقد خدعوا الشعب ، واوهموه ان القطاع العام ليس الا عبئا وان الرهان على القطاع الخاص ، ثم راحوا يبيعون المصانع حتى الاستراتيجية منها التي في يوم من الايام كانت عنوانا للتحرر من التبعية الاجنبية ، باعوها قطعة قطعة بمنطق التخلص من عبء ثقيل ، دون ادراك للقيمة المادية والمعنوية لها وتبعات هذه الخطوة الهدامة ، ثم سرعان ما تكشفت الحقيقة وهي ان الرأسمالين الجدد وقطاعهم الخاص ليسوا الا مستغليين لدماء وعرق العمال ، وان الشارع وطابور البطالة هو الملجأ لملايين المصريين في سن العمل والانتاج ، ناهيك عن الاموال التى سرقت وثروات الشعب لا الحكومات الفاسدة التى اهدرت ، وارتهان الارادة الوطنية للخارج من بوابة " الاقتصاد الحر" ، والرأسمالية الاحتكارية ، والتخلص من سياسات الاكتفاء الذاتي واستقلال القرار الوطني، ثم اتبعوا هذه الخطوة بان فتحوا الباب على مصرعيه لشركاء الفساد والاستغلال من رجال الاعمال ، ليسيطروا على البرلمان والحكومة وليكرسوا حالة الاستنزاف الممنهج لما تبقى من هذا البلد المعتل.
المثير للضحك ان هؤلاء المفسدين في الارض الرافعين لشعارات الاصلاح والفكر الجديد او الفرسان اللصوص ، حسبما يتداعي الى ذهني مما سطره الشاعر نجيب سرور" فرسان هذا العصر .. هم بعض اللصوص" ، اتبعوا فسادهم بحملات تشويه ضخمة متواصلة على مدى سنوات بحق الثورة وزعيمها عبد الناصر، بل وتاريخ مصر المعاصر،على النحو الذي يذكرنا بالدعاية الامريكية والبريطانية خلال فترة الخمسينات والستينات.. من توصيف الثورة بانقلاب عسكري وان زعيمها ديكتاتور.. لم يفعل شيئا الا توريط مصر عسكريا او اعتقال المعارضين لحكمه ، متناسين ان هذا الرجل العظيم ، بحق ، وثورته صنعت امجادا ونهضة مازلنا نتغني بها ونتحسر على ضياعها وكيف انها نقلت مصر من وضعية التابع الي الدولة القائدة ، وهم انفسهم يتاجرون بها حتى الآن من وقت لاخر.
وفي الوقت الذي انحاز للفقراء بالقول والفعل ، وفتح نوافذ الامل امامهم ، انحازوا هم الي الاثرياء ولو كانوا فاسدين ، واعتبروا الفقر عارا يجب التخلص منه ، عبر التخلص من الفقراء انفسهم ، باي وسيلة كانت ولو بالموت البطئ او في حوادث نتجت عن اهمالهم وشحهم في الانفاق العام واشياء اخرى.
وبينما قضى ناصر على الطبقية وسيطرة رأس المال على الحكم ، اعادوا التصنيف الطبقي من جديد ، للدرجة التى صار تكافوء الفرص في الوظائف العامة وهما كبيرا ، والمناصب تتوارث ، وجملة " غير لائق اجتماعيا " يرجم بها المجتهدون من ابناء الطبقة الافقر، ولو انتهي بهم الحال الى الانتحار احتجاجا ، ثم ان الرأسمالين عادوا ليسيطروا على مؤسسات الدولة حتى التشريعية ، ليخدموا على مصالحهم الخاصة ، حتى لو على حساب المصلحة العامة ومستقبل هذا البلد.
وان كان ناصر سمح لكل فئات الشعب بالمشاركة في معركة التحرر والبناء وخلق مشروع قومي يلتف حوله الجميع تعززه روح ثورية محفزة ، وبعد ثقافي تنويري ، فماذا فعلوا هم غير تهميش الجميع واحتكار الثروة والسلطة ، وجعلها في دائرة ضيقة يتوارثونها وحدهم ، مع هامش ديمقراطي وهمي ،لا يعني اي شئ ، سوى التنفيس عن الغضب ، لاستدامة الاوضاع القائمة وحماية مصالح النخبة المسيطرة ، وسط مناخ من الاحتقان الطائفي وتصاعد للاصولية الدينية ، علاوة على تدهور التعليم وانسداد الافق السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، وتحول الحكومة من الدعم وضمان العدالة الاجتماعية الى السمسرة وجباية الضرائب على كل شئ ، كما عصر المماليك المشهور بحقبة الاضمحلال الحضاري.
واذا كان ناصر وثورته قد صنع لمصر دورا ومكانة اقليميا ودوليا ، ووقف بشرف وضمير ثوري مع كل حركات التحرر الوطني ، وسعى للوحدة العربية بصدق ومواجهة خطر الامبريالية الغربية والصهيونية .. فماذا فعلوا هم غير تحجيم مكانة مصر وتقزيم دورها والوقوف في المعسكر الامريكي الاسرائيلي ، ولو ضاعت العراق وتهددت وحدة السودان واليمن ، وسعى الصهاينة لتصفية المقاومة والقضية الفلسطينية وارتكاب ابشع المجازر بحق الشعب الفلسطيني الذي وضعه ناصر بين مقلتيه حتى رحيله.
ان استذكار الثورة ليس بالاغاني والشعارات في غير موضعها وسياقها التاريخي والمجتمعي ، وانما بالفعل واحياء خياراتها وتوجهاتها المنحازة لجموع الشعب الراغبة في تحريرالبلاد من الاستغلال الداخلي والخارجي ، وحماية استقلال القرار الوطني والعودة لدوائر الانتماء للمحيطين العربي والافريقي وتجمعات الجنوب بشكل عام ، وليس الارتهان للتوجهات الامريكية والاسرائيلية.
فهل من يحكموا الآن قادرين على هذا الفعل المناهض لمصالحهم ؟ وهل نستحق كشعب ثورة ناصر التى ضاعت او جرى اغتيالها ، ونحن نجلس في مقاعد المتفرجين ، وكأنها لا تعنيننا اوتجسد طموحاتنا نحو حياة انسانية كريمة؟!
اخيرا، اود ان اؤكد ان الشعوب التى لا تدافع عن حريتها وحقوقها لا تستحق الحياة ، و يحضرني هنا مقولة ماركس :" الانسان يصنع الظروف ، بقدر ما تصنع الظروف الانسان " ، وكذلك مقولة الفيسلوف الثوري برتراند اند راسل :" الشعوب التي لا تعرف الثورات او الحروب تموت ".
*كاتب صحفي مصري












#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوته والشربيني .. خيارا التواصل والقطيعة
- - احكي يا شهر زاد -:اختزال الحياة في امراة حمل ورجل ذئب
- مروة الشربيني .. خطاب الايدلوجية الدينية والتحريض الاعمى
- -حكايات عادية- تضع المصريين أمام مرآة الذات والآخر
- حين تذكرنا السينما ب -جدار الفصل الصهيوني- الذي نسيناه
- -متعة اوربية- للمصريين على ايقاع -الزجاجات الفارغة-
- اوباما الذي يخدع الاغبياء العرب ويجدد الولاء الامريكي للصهيو ...
- نكبة العرب الثانية: نقد الذات واستعادة المفقود
- باكستان والمعارضة المصرية.. نجاح هناك واخفاق هنا
- ملاحقة البشير .. عودة للسياسات الاستعمارية الشريرة
- حين يتوهم عادل امام انه -زعيم - الانهزاميون وثقافة المقاومة ...
- اردوغان .. درس في الدهاء السياسي الغائب عن قادة العرب


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - يوليو2009: عن اي ثورة نتحدث؟!