|
هل تؤيد تصفية الدجال يوسف البدري في حال حدوث مكروه لسيد القمني ؟!
صلاح يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2718 - 2009 / 7 / 25 - 08:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قبل البدء لابد من التأكيد على أن كاتب السطور لا يجرؤ على رؤية أرنب مذبوح، بل إنه من المؤيدين بشدة لحقوق الحيوان، ولو آمنا ضرورة أن يأكل الإنسان الحيوانات الأضعف منه فما الفرق عندئذٍ بيننا وبين الحيونات الضارية المفترسة التي تأكل الأضعف منها لتعيش ؟! سيتهمنا البعض بالتطرف العلماني وقد يتساءل عن الفرق بيننا وبين الإسلاميين الذين يذبحون الأبرياء لمجرد انهم يختلفون معهم في الرأي. لكن أليس من الإنسانية قتل العقارب والأفاعي السامة التي تهدد حياة بني البشر وتملأها خوفاً وجزعاً ورعباً ؟ أليس من الحكمة محاولة الإجابة على التساؤلات التالية: إلى متى سيكون الموت هو مصير العقل العربي المتحرر من سطوة المعتقدات الخرافية التي عفى عليها الزمن ؟ لماذا فرطنا بعقول كبار المفكرين والفلاسفة وتركناهم دون حماية ؟! يقول المفكر العلامة إدوارد سعيد: ( لقد فشلت الأمة العربية في إنتاج مثقفين ينذرون أنفسهم لصالح مجموعة من القيم والأخلاق )، ونحن بدورنا نخطيء إدوارد سعيد ونقول له كلا، بل أنتجت الأمة العربية مجموعة من الشعراء الفلاسفة الذين استطاعوا تكذيب محمد في أوج دعوته وعندما فشل في الرد عليهم قام باغتيالهم جميعاً بوحشية منقطعة النظير، ثم أنتجت الأمة العربية الحلاج وابن عربي وابن المقفع وفلاسفة المعتزلة الذين قالوا بترجيح حكم العقل على حكم النص، كما وظهر من العرب العلامة ابن رشد الذي أصر على تحكيم العقل في معالجة النص ومثله ظهر نصر أبو زيد وحسين مروة، وفي بديات القرن الماضي نهض كل من جمال الدين الأفغاني ورفاعة الطهاطاوي ومحمد عبده وحاولوا لفت أنظار الأمة لمجريات النهضة الغربية، ولكن ماذا كان موقف الإسلام المحمدي من العقل على مر العصور ؟ لقد تميز موقف الإسلام بالإجرام والوحشية المؤسفة، وليس ذلك من أفعال متطرفة من بعض المسلمين، بل إن نصوص الإسلام والقرآن المحمدي تحرض صراحة على قتل الكفار وغير المؤمنين بعد أن توعدهم في النار والقارعة وسقر والملائكة الغلاظ الشداد !!!!
ولنا أن نتساءل أيضاً في السياق نفسه: ألم يكن من الحكمة والإنسانية قيام الإنسان باختراع المبيدات لقتل القوارض والحشرات التي تهدد نمو النباتات التي يتغذى عليها الإنسان أو يستمتع بجمالها ورونقها ؟! يا قارئي العزيز، كاتب السطور لا يدعو إلى قتل بني البشر ولكنه يبحث عن وسيلة رادعة لحماية الإنسانية، فالعقل البشري السليم الذي رفض قتل طيور الكناري هو ذاته العقل الذي اخترع المبيدات لقتل القوارض والحشرات الضارة التي لم نعرف لماذا خلقها الله وهي التي تشوه الجمال وتسبب الشرور. إن ترك مجموعة من الجهلة والدجالين أمثال يوسف البدري يهددون حياة مفكر فذ وعملاق أفنى حياته دفاعاً عن مباديء العدل والحرية والمساواة، لهو جريمة بشعة تضاف إلى جريمة تقطيع أوصال الحجاج وجريمة خوزقة ابن المقفع ومن قبل جرائم اغتيال محمد للشعراء الذين طالبوه بأي دليل يثبت نبوته، ولما لم يتمكن من مجاراتهم قام بقتلهم والتخلص منهم وقام بالتالي بترسيخ مبدأه القائل ( نصرت بالرعب ). يا له من رسول للهدى والرحمة !!
ما فائدة التنوير إذا كان الموت هو الخاتمة الطبيعية له بالمنطق الإسلامي ؟! لقد عانت أوروبا في القرون الوسطى من سطوة الكنيسة المتحالفة مع الإقطاع والتي كانت تكفر الفلاح الهارب من العبودية وتهدر دمه لصالح ملاك الأراضي، ولقد عانى المفكرون واتهموا بالهرطقة وتم إعدام المئات والآلاف منهم، وقد استمرت المحارق والمجازر ضد المفكرين طيلة ثلاثة قرون، وكانت النتيجة في النهاية أن تمكن العقل الأوروبي من حسم هذه المعركة بجدارة، وكانت العلمانية التي جعلت من الدين معتقدات شخصية وجردته من سلطاته المطلقة التي تعطي الكهنة والرهبان حق فرض الوصاية على المجتمع. ألا نحيا اليوم إرهاب الدين الإسلامي كما عاشت أوروبا إرهاب الدين المسيحي من قبل ؟! ألا يجلس ملايين الناس فاغري الأفواه أمام شاشة الجزيرة بينما القرضاوي يقول لهم ما يصح عمله وما لا يصح عمله ؟ ألم يحلل هؤلاء بول البعير ورضاع الكبير ؟! إن نضال القلم والفكر والرأي الحر مطلوب ومرغوب، لكن أليس مطلوباً ولا مرغوباً حماية المفكر وأسرته من التنكيل الوحشي لهؤلاء المجرمين الذين لا يقيمون وزناً للعلم ولا للحضارة ولا لحريات الإنسان ؟! ما الذي سيردع الدجال يوسف البدري عن إرهابه الفظيع بحق الشعراء والأدباء والمفكرين ؟! أليس من العدل تصفية بعض رؤوس الفتنة ومحرضي القتل لكي تستقيم الدنيا ونجبرهم على خوض صراع العقل والفكر وعدم اللجوء إلى العنف بدعوى مهاجمة الدين ؟! أليست العلمانية هي ديدن الشعوب المتحضرة التي تزودنا بالغذاء والمخترعات بينما نحن نحلم في تقبيل الأحجار والنيازك صباح مساء ؟
ثم لو تأملنا موقف المثقفين الروس عشية احتدام القمع ضدهم وضد العمال المضطهدين والبؤساء من قبل الشرطة السرية للقيصر رومانوف، هل وقفوا ليتفرجوا على سفك القيصر لدمائهم ؟! ألم يقوموا بتشكيل خلايا الشبيبة الشيوعية التي شرعت بالمقابل في تصفية عناصر الشرطة السرية ومن يثبت تورطهم في القمع الإجرامي ؟ لولا قيام المثقفين بتنفيذ آلية صارمة لقمع المجرمين، ماذا كان سيكون مصير الثورة الاشتراكية حينئذٍ ؟! مثال آخر من أمريكا. ألم تحدث حرب الشمال والجنوب بين الولايات لأن الجدل حول تحرير العبيد قد تفاقم ؟! عندما رفض الإرث القديم المتعالي والمستبد وتحالف الطغاة تحكيم العقل للشروع في أمريكا جديدة تاخذ الزنوج من استعباد المزارع الإقطاعي إلى الإنتاج الرأسمالي، مالذي حدث ؟! ببساطة حرب ضروس ذهب ضحيتها زهاء 4 ملايين نسمة، وكان النصر حليف العلم والتطور، وقبل أن يأخذ أحد القراء علينا أن الإنتاج الرأسمالي قد خلق أنواع جديدة من الاضطهاد والاستغلال، نقول نعم هذا صحيح، ولكن الديمقراطية الليبرالية أعطت هؤلاء العمال حق الإضراب وحرية تشكيل النقابات وحرية غصدار الصحف وحرية ممارسة التجمعات النضالية الهادفة إلى تحصيل الحقوق المهنية والاجتماعية. قبل أيام فقط قامت الصين بنشر إعلانها التاريخي عن اكتمال إنجاز مشروع صندوق الشيخوخة والضمان الاجتماعي أسوة بدول الغرب الأوروبي، بينما تتحالف القوى الدينية لدينا مع قوى الفساد والاستبداد لمقاومة الفكر الديمقراطي الليبرالي التحرري ليستمر استلاب عقل العربي نحو عبادة الأحجار والأوهام وطاعة أولي الأمر. العالم مشغول بالإنتاج والتنمية وحل مشكلات الزيادة السكانية لدرء مخاطرها كما أنه مشغول بتربية الإبداع والإنفاق عليه، فيما نحن مشغلون بالتكفير وتوزيع فتاوى القتل ضد الإبداع والمبدعين !!! لقفد حكمت الصين سلالة من الأباطرة طيلة 2000 عام عاشت خلالها الشعوب الصينية أقسى عصور اضطهاد بني البشر، ولكن ذلك لم يستمر، فقد جاءت الثورة لتحرير الناس من ذل العبودية والجهل وظلام القمع والاستبداد لتحتل الصين اليوم مرتبة عالمية كقوة اقتصادية وعسكرية عظمى. جميع شعوب العالم عانت من الاستبداد ومن ظلم الطغاة الذي غالباً ما كان يتخذ أيدلوجيا الدين والمعتقدات سلاحاً لقمع عقول الناس ومنعها من التفكير، ولكن لنتأمل الآن الأمن والرخاء والمساواة والرفاه الاجتماعي والحرية التي تتمتع بها الشعوب الغربية مقابل انعدام الأمن والفقر المدقع ونهب شريحة قليلة لمقدرات الدولة الطبيعية والقمع والاستبداد الذي يميز الدولة العربية، هذا لو صحت تسميتها دولة !! إن الطبقات القديمة المستبدة والطاغية ترفض التنازل طواعية عن سلطتها وامتيازاتها حتى لمصلحة العلم والحقيقة، لذا رأينا أن هذا الصراع لم يحل بطريق مفروشة بالورود والياسمين، بل بالعنف الثوري المضبوط والموجه بدقة نحو أهداف منتقاة بعناية. يجب الشروع والانتقال إلى خطوة ثورية وتدشين مرحلة جديدة في حال جد تهديد حقيقي لحياة المفكر سيد القمني أو غيره. يجب ردع هؤلاء المجرمين والعابثين بمقدرات الأمة العلمية والفكرية وهي أغلى ما تملكه الشعوب. ينبغي الدفاع عن متجزات العقل العربي وعدم السماح بالتراجع الذي تحاول فرضه القوى الإسلامية وتحالفاتها الرجعية والمشبوهة. ألا تكفي 130 ألأف ضحية في الجزائر ؟ ألا تكفي 300 ألف ضحية في دارفور ؟ ألا يكفي قرابة المليون عراقي ذهبوا ضحية الإيمان بالحور العين وجنات الغلمان المقرطين المسورين ؟
إن التهاون في مسألة التكفير وإطلاق أحكام القتل من قبل هؤلاء الجهلاء والمجرمين هو ما يجعلهم يتمادون في جرائمهم، ولو أن العقل العربي تمكن من قبل من التفكير في مسألة حماية الفكر والأدب والفن لما تم تقطيع أوصال الحلاج ولما تم تكفير التوحيدي والرواندي والمعتزلة، لو أن العقل العربي أوجد آلية لحماية منجزاته الفكرية لما تراجع طه حسين ولما قتل فرج فودة.
#صلاح_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيد القمني شعلة التقدم الإنساني في وجه الظلام !
-
الشرف الغربي والشرف العربي الإسلامي
-
حماية الحوار المتمدن من المتطفلين ومرضى الوهابية: الحائرة نم
...
-
الإسلاميون في الحوار المتمدن
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|