|
ديموقراطية المنتصر ...
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 2718 - 2009 / 7 / 25 - 08:32
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
التجربـة الديموقراطيـة في العراق ’ ورغم ما تتمناه وتعمل مـن اجلـه الملايين ’ تدفع بها بعض القوى بأتجاه الديموقراطيـة القمعيـة كالتي تمارسها الأنظمـة الشموليـة في المنطقـة ’ فالنموذج الليبي والمصري والسوري والأردني والخليجي وغيرهـا ’ هي نماذج لديموقراطيـة المنتصرين الذين استولوا على السلطـة والثروات والقانون والأعلام ’ انها ديموقراطيـة قمعيـة بأمتياز ووجـه آخـر للدكتاتوريات المطلقـة واجبها اعادة خلق وشرعنـة وتكريس دور القائد المنقذ والظرورة . في العراق ورغم مقاومـة الوعي الجمعي والأرث العراقي وخصوصيات المجتمع ’ فهناك قوى متبقيـة مـن فضلات التاريخ الأغبـر ’ تحاول ان تمسخ الديموقراطيـة مداليـة على صدر المنتصـر ’ فالرئيس الحالي شخصاً كان ام طائفـة او مذهب او قوميـة ’ استطاع ان يستغل مرحلـة الأحتلال ليقفز على ناصيـة السلطـة والثروات والأعلام ويشكل حولـه بطانـة مـن المليشيات والأجهزة القمعيـة المعقدة ’ واستورث ايضاً وطور ثقافات التحكم في عواطف العامـة وميولهم وامزجتهم بعد التصفيـة المنظمـة للوعي والأردة وردود الأفعال الوطنية مستعيناً بما تراكم له وتحت تصرفـه داخل مشاجب الطائفية والمذهبية والقومية والعشائريـة والحزبية مـن مخدرات الشعوذة والتشويهات ومستحضرات التضليل والتجهيل والأستغفال ’ ليستطيع العبور ذهاباً واياباً على ظهر اصحاب النوايا الطيبـة ’ ففي المجتع العراقي هناك العشيرة وشيخهـا الوارث ’ والطائفـة ومرجعياتها الأزليـة والقوميـة واحزابهـا ورموزها الخالدة . الأحتلال ’ ملعون النوايـا ’ فصل للعراق ديموقراطيـة ملعونـة ايضاً ’ معوقـة ( هـدلـة ) ترتديها الآن الرموز الرئيسـة للطائفـة والقوميـة والمذهب والعشيرة ’ وبذلك فرض على اهـل العراق واقعاً بائساً يستنزف مـا تبقى لهـم مـن عافيـة متواضعـة , الديموقراطيـة القائمـة في الواقع العراقي ’ مجهزة بمخالب وانياب القمـع والأستئثار ’ فرموز الطائفـة والمذهب تتصارع من اجل حصة الأسد لمرجعيتهـا (عائلتها ) ورئيس الحزب يزاوج بين حزبه وعشيرته ليتبنى القومية وليده الشرعـي’ فجميعهم منتصرون ومنتفعون ومـن اجل ادامـة الحال ورغم صراعاتهم مـع بعضهـم والمفتعلة احيانـاً فهـم يتساومون ويتفقـون ويتحاصصون ويتمترسون بوجـه الصغار والعامـة اذا مـا حاولـوا الأقتراب من الفريسة (ويبقى الوطـن عرينهـم ). يستطيع رمـز الطائفـة الرئيسيـة والقوميـة الرئيسيـة والمذهب او الحزب الرئيسي ان يوعـدا الناس بالكهرباء والماء الصالح والخدمات والمنافع والمكرمات اذا ما انتخبوه منقذاً ورئيسـاً اوحـداً ’ وانـه يستطيع ذلك لو اراد حتى ولو مـن جيبـه الخاص الذي تكدست فيـه ثروات عراقيـة هائلـة ’ فماذا يستطيعـه الآخـر ــ رغم كفائتـه ونزاهتـه وقيمـه وولائـه الوطني وهو ليس افضل حالاً مـن ضحايا المنتصـر ... ؟ الجماهير المليونيـة ’ ضحايا التجارب المريرة وحالات الأحباط وخيبات الأمل ’ يدفعها بؤسها ويأسها للبحث في مزابـل الوعود الأنتخابيـة المنافقـة عـن فضلات اوهام تسد فيها رمـق حلمها الجائـع الى الحقيقـة . غـداً ستجري الأنتخابات في اقليم كردستان ’ وبعد غـد على عموم العراق ( المركز ) ’ ستفوز في الأقليم القائمة الكوردستانيـة للحزبين الرئيسيين ’ مثلما سيفوز في المركز أئتلاف المـال الشيعي وأئتلاف المال السني وأئتلاف الردة للمال الخليجـي ـــ وتيتـي ... تيتـي ... ـــ ’ هذا هـو منطق الواقع العراقي وديموقراطيـة المال والتجويع واحتكار السلطـة والأعلام واسباب تأجيج الأحقاد والكراهيـة بين المغلوبين . ان التصفيات المنظمـة للعقل العراقي المنتـج الى جانب تفريخ قطيـع هائل مـن الطبالـة والمزمرين والرداحين المأجورين ’ هـي مـن بيـن اهـم اهداف ديموقراطيـة المنتصـر . لا ادعي ان هناك ثمة مظاهر تزوير مكشوفة ستحدث اثناء عملية الأنتخابات لأنها في الواقع ليس اكثـر مـن مجرد استعراضات روتينيـة او بروتكول انتخابي لتمرير العمليـة ـــ اللعبـة ــ اسغفالاً ديموقراطياً للرأي العام الداخلي والخارجي ’ فالأمـر محسوباً ومحسوماً منـذ اشهر وسنوات وربما عقود ’ حيث مـن يمتلك السلطـة والمال والوجاهة الى جانب الأعلام والأجهزة القمعيـة والسجون والمعتقلات ’ لا يمكن لـه ان يكون الا منتصـرا ( فائزاً ) ’ انـه نموذج عراقي لديموقراطيـة العقيد القذافي ’ اسفي وحزني لأصحاب النوايا الطيبـة . قد يسأل البعض هـل نتخلى عن ديموقراطية الملايين ونستسلم لديموقراطية المنتصـر ونترك لها حرية استنزاف العراق حتى نهايتـه ... ؟ بالتأكيــد ــ لا ــ انهـا معركة وعي ’ ومـن يريد ان يبني وطنـاً حراً وللملايين مستقبلاً زاهـراً ’ عليـه ان يواكح ويتحدى التيار ليكون بديلاً ’ انها مواجهات ستعجل بولادة العراق الذي يتشكل وينمو الآن داخل احشاء المجتمع العراقي ’ وعلى جميع الوطنيين الخيرين المخلصين المضحين ان يلعبوا دور القابلـة الصبورة الشجاعـة لأنجاح الولادة ’ وكـل سيجـد في التاريخ مكانـه الذي يستحق حميداً كان ام مشينـاً . ستجد ديموقراطية الملايين مكانتها في العراق الجديد فقط عندما يتحرر الأنسان العراقي مادياً ومعنوياً مـن قيود تركـة الماضي ’ افكار وثقافات ومفاهيم ودينصورات طائفيـة وعرقيـة ومذهبيـة وحزبيـة وعشائريـة تشكلت في بيئـة التخلف والتحجر التي استورثها العراق مـن ازمنـة الأنحطاط والتشرذم والتردي . ونحـن بأنتظار معجزة الوعـي . 23 / 07 /2009
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يديمك الله يا رخص
-
جمعية من طراز جديد ...
-
بين المركز والأقليم
-
شكراً لتموز وعبد الكريم ...
-
نشيد قومي بمخالب بعثية ...
-
ماكو دليل ...
-
افرح ولن احتفل ...
-
ظاهرة الكتبة الجيجانيين ...
-
وللديموقراطية شعب يحميها ...
-
نريد ان نصدق .. ولكن ... ؟
-
العراق الكويت : والأشكالات الصعبة ...
-
المغزى الوطني لتصدير النفط من اقليم كوردستان ...
-
مسرحيات برلمانية !!!
-
المالكي : مشروع وطني وتحديات لا وطنية ...
-
خزعبلات توافقية ...
-
العراق على قدم واحدة ...
-
افز ندمان ...
-
دعونا نصالحكم ... وامرنا لله !!!!
-
البعث على ظهر المصالحة الوطنية ...
-
مواعد طيف
المزيد.....
-
المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات
...
-
أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم.
...
-
كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك
...
-
الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق
...
-
فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ
...
-
نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
-
عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع
...
-
كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
-
آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
-
العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة
...
المزيد.....
|