أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى العوزي - جنون و حرائق و سهول














المزيد.....

جنون و حرائق و سهول


مصطفى العوزي

الحوار المتمدن-العدد: 2717 - 2009 / 7 / 24 - 07:28
المحور: الادب والفن
    



من منا يصدق أن المجانين بدورهم يكتبون ، كما يكتب العاقل رواية أو قصة أو قصيدة شعر؟ ، من منا يصدق أن للمجنون أيضا حسا أدبيا و روحا فنية يستطيع بها التعبير عن حياته اليومية بماضيها و حاضرها في رواية أو سلسلة مذكرات ؟ . تامورا بطل رواية حرائق في السهول للكاتب الياباني شوهي أؤكا استطع أن يحقق هذا ، و ذلك عندما يبدأ كتابة مذكراته في المستشفى بناءا على نصيحة الطبيب المعالج الذي رأى أن الكتابة هي إحدى الدعامات الأساسية التي ستساعد تامورا في العلاج من مرضه العقلي و لنفسي الذي أصيب به نتيجة للحرب التي كان جنديا مشاركا فيها .
يبدأ تامورا بطل هذه الرواية بسرد مذكراته من اللحظة التي لطمه فيها قائد سريته ، فقد كان تامورا مجندا في الجيش الياباني في الفيليبين ، و أصيب بمرض السل ، فقرر قائد السرية تسريحه من الخدمة العسكرية على اعتبار أن الجيش لا يقبل بجندي مريض في صفوفه ، فراح تامورا على المستشفى الذي بدوره رفض استقبله بحكم ضعف الطاقة الاستيعابية و كثرة الجرحى و المرضى الذين يتقاطرون عليه يوميا ، فعاد تامورا إلى الثكنة راغبا في العودة إلى صفوف الجيش ، غير أن قائد السرية رفض عودته هذه و طلب منه الرحيل على الفور حتى لا يعدي باقي أفراد السرية ، ثم نصحه بالانغراس أمام باب المستشفى حتى تعثر له الإدارة على غرفة يعالج فيها ، بعدها يروح تامورا في رحلة طويلة و شاقة مملوءة بالكثير من المخاطر و الصعوبات ، يجوب فيها جبال و هضاب و غابات و سهول الفيليبين ، بحثا عن الأكل من اجل البقاء على قيد الحياة ، حتى باقي الجنود اليابانيين هناك لم يكون لهم من هدف سوى الخروج من مستنقع الفيليبين أحياء ، و أصبح البحث عن وجبة أكل اكبر هاجس يتحكم في حركاتهم و انتقالاتهم ، تامورا أيضا ظل يتنقل من مكان لأخر بحثا عن بعض الأكل ينقذه من الموت ، و ينتهي به المطاف أمام جثث زملائه في السرية العسكرية ، فيتردد في أخد قرار أكل إحدى هذه الجثث كما فعل الكثير من الجنود هناك بعدما استحال عليهم العثور على حبات البطاطس التي كانت الوجبة الوحيدة المتوفرة في تلك السهول . تتوقف رحلة تامورا عندما تتوقف ذاكرته فجأة و هو يمسح بندقيته التي قتل بها زميله ناغاماتسو .
في هذه الرواية تحضر معالم الدين المسيحي خصوصا تجربة التجلي عند المسيح ، و هو ما يعكس تجربة الكاتب الذي كان متأثرا في شبابه بمبادئ الدين المسيحي ، و يتجسد ذلك في الرواية من خلال رصده للصراع الذي دار بين يده اليمنى و يده اليسرى حينما جلس يرقب الجثث و يتردد بين خيار أكلها من عدمه ، فلم يكون ليستسلم لغريزة الجوع الفطرية و فضل بدلا منها الصبر و الترفع بنفسه عن هذه الغرائز المادية ، معتنقا بذلك قيمة الشهادة في سبيل الوطن الذي ظل يحارب من اجله إلى أخر رمق من حياته . بعدما كتب تامورا مذكراته في المستشفى و هو يتابع جلسات التحليل النفسي ، قرر ختماها بعبارة يتمظهر فيها إيمانه بالله ، و ذلك حينما يقول في حديثه عن الخلاص الذي يأتي به المسيح : إذن فالمجد لله .



#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم الثالث و فن الانتقام
- العربية ... اللغة و العصر
- لماذا تقدم الغرب و تاخر الشرق
- سيجارة مارلبورو
- الحلوة دي في قفص العولمة
- هل نحن مجتمع قارئ ؟
- المرأة : الضحية الاولى للعولمة
- ستظل الخطيبي في الذاكرة موشوما
- لصوص دون كيشوت و انتهاكات حقوق الانسان
- رحلة
- كسكس شبابي
- التسول فيه و فيه
- في مفهوم السلطة
- نصف قرن على مرور الثورة الكوبية ... فمتى تأتي الثورة العربية
- معبر مسدود
- غارة و مات الحراس
- احتفالات بألوان الدم و الجزن
- هبة من أصيلة
- يا الرايح
- يوميات مهاجر سري : الهجرة بعيون من عاشوها


المزيد.....




- السوق الأسبوعي في المغرب.. ملتقى الثقافة والذاكرة والإنسان
- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى العوزي - جنون و حرائق و سهول