|
استفتاء الليكود : غير الشرعي يستفتى ...على غير المشروع
سليم يونس الزريعي
الحوار المتمدن-العدد: 828 - 2004 / 5 / 8 - 06:30
المحور:
القضية الفلسطينية
كما كان متوقعاً قال حزب رئيس وزراء العدو الصهيوني كلمته ، أن لا للانسحاب من القطاع ، ولا لإخلاء بعض المستوطنات من الضفة والقطاع ، مع أنه لا يوجد ما يمكن اعتباره بالمعنى السياسي انسحاباً من غزة ، لأن خطة الفصل لا تعدو أن تكون إعادة لانتشار قوات الاحتلال مع إخلاء لبعض المستوطنات ، ورغم كل ذلك رفضها حزب الليكود بأغلبية معتبرة. والمفارقة هنا أن الكيان الصهيوني الذي أدار الظهر لكل القرارات الدولية التي تؤكد عدم مشروعية الاحتلال والاستيطان ، والمطالبة بانسحاب القوات الصهيونية من الأراضي التي احتلت عام 1967 . بل وتعمد المؤسسة السياسية الصهيونية ، تجاهل كل الاتفاقيات التي سبق أن وقعتها مع السلطة الوطنية الفلسطينية وأولها اتفاقية أوسلو المشؤومة يريد باستفتائه ذاك أن يختلق شرعية خاصة به محكومة بذهنية المحتل ، وشرط العلاقة العضوية بين الكيان الصهيوني وأمريكا . وهذا ما تم القيام به قبل أن يتوجه رئيس وزراء الدولة العبرية إلى حزبه لاستفتائه على خطته ، فقد عمد إلى تأمين مباركة الإدارة الأمريكية ودعمها لتلك الخطة ، بل وذهب الرئيس الأمريكي أبعد من ذلك بأن شطب حق عودة اللاجئين في فاتورة مدفوعة مسبقاً لمكفأة شارون على استمرار عدوانه على الشعب الفلسطيني في سياق استمرار نفس المواقف العدوانية للمجمع السياسي العسكري والاقتصادي الأمريكي تجاه قضيتنا. لتكون بذلك بطاقة تصويت إضافية لصالح مشروعه ، عند طرح تلك الخطة للتصويب داخل حزب الليكود . وإخضاع "عملية الانسحاب" لمثل هذا الاستفتاء الحزبي ، أي لجزء من مكونات المشهد السياسي الصهيوني إضافة إلى كونها غير مشروعة فإنها تمثل تعد حقوقي وقانوني على إرادة الشعب الفلسطيني ، الذي وحده يملك حق التقرير في مصيره وفق ما كفلته له قرارات الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي ، والعرف الدولي المستقر ، وإرادة الأغلبية الساحقة من شعوب ودول العالم . فالقانون الداخلي لأي كيان ، لا يمكن أن يعلو على قواعد القانون الدولي و القرارات الدولية ، ومع ذلك فإن رئيس وزراء العدو الصهيوني ،أراد من عملية الاستفتاء تلك أن يجعل من إرادة حزب الليكود بما يخص إعادة الانتشار وإخلاء بعض المستوطنات من القطاع والضفة قراراً يعلو قرار المؤسسة السياسية الصهيونية ، التي سبق أن صادقت على مجمل الاتفاقات التي عقدتها مع السلطة الفلسطينية ، وقرارات ا لشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ، فهو والحال هذه قرار الأقلية في مواجهة بقية المجموعة السكانية الاستيطانية في فلسطين التاريخية ، بصرف النظر من عدم مشروعية الوجود الصهيوني برمته في الأساس ، إنما يضع المؤسسة السياسية الصهيونية رهن غلاة اليمين الصهيوني الذي يجسد في الواقع ، كتلة المستوطنين الأساسية المكونة لعشرات المستوطنات المنتشرة في الضفة والقطاع ، ويرهن بالكامل عملية ما يسمى بالسلام لدى تلك الفئة . ولعل أولى المفارقات هنا هو أن يتم وضع قرار إعادة الانتشار وإزالة بعض المستوطنات في يد أولئك المستوطنين ، فإذا كان المستوطنون يعتقدون لأسباب أيديولوجية خرافية أن الاستيطان حقهم الطبيعي في فلسطين ، وأن المؤسسة السياسية والعسكرية الصهيونية فوق ذلك ملزمة أن تؤمن لهم مقومات الحياة الاقتصادية ، وأن توفر لهم أعلى درجة من الحماية والأمن فيما يشبه "الكيانات الصغيرة المعلبة " ، التي بدورها تحاول رسم خريطة الواقع الفلسطيني وفق هذا "الفكر الغيتوي " الموغل في انعزاليته وتطرفه . ووفق مقولة الأسباب والنتائج فإن من العبث حتى مجرد الاعتقاد بجدية شارون في الانسحاب وفق خطته وما يجري ترويجه ، لأن جل خطته إنما تشكل في الواقع " تحويراً " للوجود العسكري الاستيطاني في الضفة والقطاع ، بما يؤمن السيطرة على الموارد المائية في الأراضي الفلسطينية . وتعزيز الاستيطان والمستوطنات الباقية . فتضحية شارون ببضعة مستوطنات شبة خالية من المستوطنين ، أو لصعوبات عملية في توفير الأمن المستقر لبعضها ، إنما يأتي في سياق هدف أكبر ، وهو الحصول على مغانم استراتيجية ، وذلك بإحكامه السيطرة على أكبر مساحة من الأرض بأقل قدر من التكاليف الأمنية ، وفي الوقت نفسه امتصاص بعض من الممانعة الدولية ، بتجنب الاحتكاك المباشر بين المستوطنات والكتل السكانية الفلسطينية ذات الكثافة العالية المحيطة ، وبما يمكن من رسم خريطة الوضع النهائي ، بشكل يستحيل معه لأي كيان فلسطيني قادم أن يحقق التواصل الجغرافي والسكاني أو التمكن من السيطرة على موارده . وعلى ضـوء ما جرى ، فلعل أول الخــيارات المتاحـــــة هو اللجــــوء إلى " الكنيست " في ظل استمرار دعم الإدارة الأمريكية الحالية له ، وكذلك دخول مرشح الحزب الديمقراطي ميدان المزايدة بالتبرع بدعم خطة شارون ، لأهداف للأسف رخيصة ولكنها جزء من مكونات ذهنية المؤسسة السياسية الأمريكية ، الذي قد يشجع العديد من أطراف المنظومة السياسية الحزبية الإسرائيلية على تعويم خطته ، رغم انقسام كتلة الليكود بين مؤيد ومعارض ، وهو ما يمكن قراءته بدقة قبل اللجوء إلى ذلك الخيار ، الذي يعني الفشل فيه انتهاء حياته السياسية ، وأيضاً رغم دعوة شيمون بيريز رئيس حزب العمل الصهيوني ، شارون إلى الاستقالة لفشله في تحقيق الأمن والسلام . فيما يبقى خيار الاستفتاء العام خياراً أخيراً قائماً ، يمكن اللجوء إليه إذا ما أعوزته السبل في تحقيق مخططه . وفي المقابل ، ومع استمرار العدوان الصهيوني اليومي على كل مظاهر الحياة ، فإن الوضع الفلسطيني لازال يعاني من خلل وقصور في إدارة معركته السياسية سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي ، فمع أن جميع القوى السياسية الفاعلة ،تتحدث عن أهمية مواجهة والتصدي لغطرسة القوة الصهيونية التي لا تسندها أي شرعية سوى الدعم الأمريكي ، ناهيك ‘ عن أنها إرادة شعب ، فإن الجميع قد عجز حتى اللحظة عن بلورة موقف سياسي كفاحي تنظيمي في مواجهة كل هذا "التجبر الإسرائيلي" ، ومن ثم فإن على الجميع أن يغادر مواقع الفعل السلبي إلى الفعل الإيجابي بأبعاده السياسية والتنظيمية والكفاحية ، فقد حان الوقت ليرتقي الجميع إلى مستوى ما يقدمه هذا الشعب . إن القانون الطبيعي الذي تحدده شروط المواجهة وواقع الاحتلال وصمود ومقاومة ونضال الشعب الفلسطيني ، هو وحدة أداة الفعل الفلسطيني في مواجهة ظروف دولية وإقليمية هي الأسوأ بالنسبة للقضية الفلسطينية منذ أن كان الصراع العربي الصهيوني . إن التوجه نحو تشكيل قيادة وطنية موحدة ببرنامج مجتمعي شامل يعالج هموم المجتمع الفلسطيني الداخلية ، وفي الوقت نفسه يأخذ على عاتقه مخاطبة العالم ،وتحميله المسئولية عن جريمة العصر المتمثلة في استمرار الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، وبموازاة ذلك الارتقاء بالبرنامج الكفاحي وفق تكتيك يخدم استمرار المقاومة والانتفاضة ، وذلك بتقرير الوسائل والأساليب الكفاحية المناسبة ، وفق شروط ومحددات الزمان والمكان ومفهوم أن الصراع مع العدو هو صراع تاريخي مفتوح وممتد ، ينتهي فقط بانتهاء أسبابه . إن اجتراح الحلول يأتي من الذات الفلسطينية الواعية والقادرة والمؤمنة بإمكانياتها، ومن الثابت والمستقر في العقل الفلسطيني الجمعي ، من أن أي حل لا يقبله الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يكون له أي نصيب من النجاح ، سواء تم استفتاء الليكود أو كل صهاينة ومتصهيني العالم ، لأن الكلمة الفصل هي كلمة الشعب الفلسطيني صاحب الحق والقضية ، المهم أن يتوافق الفلسطينيون على برنامج إجماع وطني ، وليقرأ شارون مزاميره في مكان آخر غير فلسطين ، وهنا فقط تكمن كلمة السر ... وهنا نبدأ .. وهنا يكون المستقبل .
* كاتب فلسطيني ـ ليبيا
#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|