أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - باسط اليد وباسط الخد في الجنة ...!














المزيد.....

باسط اليد وباسط الخد في الجنة ...!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 2715 - 2009 / 7 / 22 - 10:13
المحور: الادب والفن
    


تقول أمي ( 80 عاماً ) وستبقى حية معافاة حتى ينجلي أمر هذه العولمة : إن الكرامة في ذكر الله تساوي ألف بيدر قمح .
وعندما أسالها بمزاح غرام الأبن لأمه : وكم تكون مساحة كل بيدر ..؟
ترد : بمساحة جفن من تعشق ياولدي ..!
الفقراء ممن ينتسبون الى آدم العاري إلا من دمعة حزن خسارة الفردوس ، هم أكثر كائنات الأرض من تخفق قلوبهم في انتظام ، ولايجزعون من شيء في هذا العالم سوى شوقهم لديمومة الرغيف ، فهو بالنسبة لهم البقاء جالسين على دكة الحلم ، كما بوذي امام سطوع الضوء ينتظر كشوفات القادم من ايامه ، ولهذا كان الفقراء منذ عهد حضارة القرى وحتى اليوم ينظرون في الاتي شابعٌ للبطون وقاتل لوساوس الليل والظنون.فيما أغنياء وساسة وملوك الأرض تكون جلطتهم الدماغية والقلبية وداء النقرس والهلع من ظل القاتل والحاسد ، اسرع من طلقة مسدس الاغتيال ، فتراهم ينظرون الى هدوء الفقير بحسد وغيرة ، ونتاج هذا الحسد ظهر الاعلان الدولي لحقوق النسان ، وكان الأجدى أن يظهر قبله الأعلان الدولي لحقوق الفقراء.
يقول مختصو التصوف : إن الفقر هو الوحيد القادر على صناعة زرقة الروح لمن يعاني من تخبط الألوان في حياته ، فهو أي الفقر ( شحة المال و ودوام الحال ، ودمع العيال ، وبريق الأمال ، ومحنة الرجال ، ولبس الخشن والأسمال ، وصانع الحسرة والسؤال ، ومحنن الصحارى والجبال ) وهذه من اوصاف الفقر ، يمثل قدرا كتبته لحظة الولادة ،فما يتغير إلا بقناعة الركون الى الأمل الالهي. ولأني من الذين شملتهم سحابة الفقر ، كنت ارى فيه دائما منجما لصناعة الخيال والوصول الى المنى الجميل حتى من خلال اختراع حكاية وهمية وتصديقها.
يصنع الفقراء اوهامهم من خلال رغبة في صباح جديد يأتي معه اليوم الآخر المحمل بالوعود والأمال والتوكل على الله ، وظل هذا التوكل قائما بذاته ولم تغيره اي شموليه إذ لازم الفقر الاكثرية الساحقة من البشر ليشكلوا وجدان الارض ولاجلهم ظهرت الفلسفات ومذاهب الادب والقوانين ومسلات الحكمة والموسيقى والفنون. فالفقر بضاعة الأبداع ، وهو اكثر هواجس النفس البشرية من يركن الى القناعة على أساس :ان الله كتب علي هذا ، وما يكتبه الله الخضوع اليه عبادة ، فربما ينتظرني خلود الابد وهو خير من خلود الدنيا المرهون بعمر تحكمه البطاقة المدنية ومراحل نمو الجسد ( طفولة ، صبا ، شباب ،شيخوخة ،كهولة ) ثم يأتيك هذا القول الحكيم : كل ابن انثى وإن طالت سلامتهُ ...........يوما على آلة الحدباء محمولُ .
وعلى الحدباء تتساوى قدرية البشر ، وتبدا مطافات العدم تلج فينا ذهنية ما قد يكون بعد ذلك...!
وأي كان ذلك التكوين ، فأن الفقراء يرون من الحياة التي نعيشها اليوم حديقة متسعة لنزهة النفس وبهجتها ، انهم يدركون فيها صناعة الأحلام ، ومن يحلم جيدا تمدد السماء حياته الى ابد التيه في صفاء اليوم ودورته ،فلا يشعر بأيقاع دقات ساعة بك بن وهي تحسب عمره ، فقد وقع مع قناعته بخلود بهجته في خانة الأبد ، ان الأبد في خلق سعادة الروح ،وليس الدرهم سوى من آواني قمامة البيت.
ومثلي ، يعيش المليارات من البشر مع أيقاع يومهم المتجدد فيما يعيش اباطرة المال مع ايقاعات شاشات البورصة وذلك ما يجعلهم اجف من يباب الصحراء على افواه قافلة بخيل حمل ذهب الدنيا كله في سفره ،وما حمل جرة ماء ،فداهمه العطش ،ومات ،فيما دفنت الرمال كل ثروته الطائلة ،وكان يشعر قبل موته ان قطرة الماء تساوي طنا من الذهب.لكن القطرة ابت ان تقترب لشفتيه ، فشرب ذهبه ومات من لحظتها متحجرا من جسده ومشاعره.
الفقراء صورة مدهشة للخلق الجمالي لوجودنا الأرضي ، وحدهم من يستطيعون أدراك هاجس الروح بنظرة الأمل ، ولهذا كان الحلاج ( المتصوف ) يرى في متسولة بغداد ممن يبسطون للمارة ( يد الحاجة ) في طقوس الأستجداء والتسول، انهم وحدهم من يصنعون بهجة الروح في ضوء النظرة التي يطلقونها لمن يتوسلون اليهم بعطاء ، وكان يقول : اياديهم في امتدادها طريق جنة لمن يريد ان يجعل من ماله وسيطا للوصول الى الكفاف والعفاف.اشربوا نظرات العطف في مآقيهم تشربون ماء زمزم وسلسبيل جنائن آدم.
أولئك هم من يسمونهم في العرف الشيوعي ( زهور الأرض ).
يبسطون يد الحاجة فتأتيهم دراهم العطف مشفوعة بطلب مغفرة ورحمة والغاء ذنب.
بين باسط اليد وباسط الخد خيط من الضوء ، فالأول يبغي خبزا لقتل الجوع ، والثاني يبغي قبلة او صفعة .
وكلاهما ( اليد والخد ) هم ارق مساحات الجسد بعد القلب، والخد الذي ارتهن برؤى يسوع ان تعطي الخد الثاني لصافع الخد الاول هو ايضا كما راحة اليد منطقة للشعور الجمالي بقناعة مافينا من وجدان وحلم واماني.
رؤية ادركتها من سحر طفولة الأمس ، عندما كان ابي يحرث الدنيا شمالا وجنوبا من اجل عشر ارغفة وقنطار تمر ، وكانت صفعات ابناء الاغنياء تطبع على خدودنا مزاحهم الثقيل ، لأننا اضعف من ان نكون نرد الصاع صاعين .
كان ابي يقول :قصر جارنا ،ان نظرت ايه شزرا يكون دمارنا ، فرزقنا عنده ،وخبزنا من حمده ، ودورة يومنا لاتدور إلا مع دورة حماره ،ومزاج ليله ونهاره.
وعليه كنت اتلقى تلك الصفعات بطيب خاطر ، وعندما كبرت ادركت جيدا لماذا كان يسوع ينطقها ، ربما لأن اثرياء اورشليم من الاطفال اليهود كانوا يقسون بها على العبراني الطيب وابن مريم.
وهكذا هي ازمنتنا ، واقعةٌ اصلاً تحت تأثير هذين الهاجسين ( بساط اليد وصفعة الخد ) ، وحدهما من يبقيا ملازمين لنشاط الذاكرة ودمعة العين ورسالة الحب.
وربما بهما يكمل اليوم دورته ويعاود الربيع علينا مرة اخرى.
وربما معكم سأهمس لكم كما تهمس قطرة المطر لنافذة الدمية النائمة: طوبى للرحماء فانهم يرحمون..



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أشراقات الروح المندائية..!
- السماء والموبايل.. وغرام صوتكِ
- موسيقى أنت عمري وخصر شاكيرا ...
- من اسرار الديانة المندائية
- عندما تعشق المرأة القصيدة واحمر الشفاه...!
- بوذية الجسد .عري القصيدة . دمعة آدم
- مديح الى عوض دوخي ..وصوت السهارى..!
- نعش مايكل جاكسون ..نعش هويدي* ...
- في يوم وليلة ...
- النوم تحت أجفان هند رستم ...!
- قصيدة إلى الشهيد مايكل جاكسون ...
- طنجة ..والقصائد وعيون البحر والنساء
- معزوفات تحت أجفان المطر
- خواطر طارق بن زياد في طنجة
- قصص قصيرة لجدتي الخطيرة ...
- المرأة ، الرجل ( المسافة بينهما )...!
- طنجة ...وصناعة فردوس متخيل كقصيدة
- رائحة المكان الأول ...
- وردة الكاريبي بموسيقى معسكر التاجي()
- الروحاني الذاهب إلى عينيك


المزيد.....




- -الزمن الهش- للإيطالية دوناتيلا دي بيتريانتونيو تفوز بأرفع ا ...
- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - باسط اليد وباسط الخد في الجنة ...!