أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ريما كتانة نزال - المرأة الفلسطينية بين المشاركة السياسية الحقيقية والإشراك التجميلي















المزيد.....



المرأة الفلسطينية بين المشاركة السياسية الحقيقية والإشراك التجميلي


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 827 - 2004 / 5 / 7 - 06:55
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


مدخل
قليلة هي المرات التي مارس بها الشعب الفلسطيني حقوقه السياسية الدستورية ، فلم يكن له يوما دولة ، ففي إعقاب سقوط الإمبراطورية العثمانية ، حُكمت فلسطين بالانتداب البريطاني ، وفي عام 1948 أقيمت دولة إسرائيل على أكثر من نصف الأراضي الفلسطينية ، وألحق القسم الباقي إلى مصر والأردن ، وفي عام 1967 احتلت إسرائيل باقي الأراضي الفلسطينية ، وبالنسبة للمرأة فلم تكن الظروف السياسية وحدها التي وقفت بوجهها أمام ممارسة حقوقها السياسية كمواطنة ، فقد ميزت القوانين ضدها عندما جاءت لتقصر حق الانتخاب والترشيح على الذكور ، في القوانين السارية في غزة المنظمة لانتخابات المجلس التشريعي ولعضوية البلديات ، ووصل الأمر إلى حرمانها بنصوص أيضا من التعيين لعضوية المجلس التشريعي والمجلس التنفيذي ، أما في الضفة الغربية التي تبعت الأردن منذ عام 1950 فقد حرم قانون الانتخاب رقم (14) لسنة 1960 المرأة من ممارسة حقها السياسي في انتخاب اعضاء مجلس النواب كما حرمها من الترشيح الذي عدل في عام 1974 ولم يكن بالامكان سريانه في الأراضي الفلسطينية بسبب وقوعها تحت الاحتلال ، وقد حُرمت المرأة ايضا من حق الترشيح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية والقروية بموجب قانون البلديات الأردني لعام 1950 ، ومن مفارقات القدر الساخرة أن تنال المرأة الفلسطينية لأول مرة حقها في الانتخاب والترشيح على يد الاحتلال بموجب الامر العسكري رقم 627 لعام 1975 الذي منحها الحق في الترشيح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية ، اعتقادا منه أن المرأة ستصب باصواتها للقوى التقليدية المناوئة لقوى التغيير والثورة من رجال منظمة التحرير الفلسطينية ، الا ان هذا لم يتحقق حيث صّبت المرأة اصواتها لقوائم منظمة التحرير الفلسطينية كجزء أصيل من قوى التغيير في المجتمع.

وفي كانون الثاني عام 1996 ، مارست المرأة الفلسطينية لأول مرة حقها في الترشيح وفي انتخاب أول مجلس تشريعي منتخب من الشعب الفلسطيني بموجب القانون رقم (13) لعام 1995 ، أحد الترتيبات المنبثقة عن اتفاق اعلان المبادئ ( اتفاق اسلو) الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل وترشحت امرأة لمنصب الرئيس ولم يحالفها الحظ في الوصول ، وترشحت 25 امرأة لعضوية المجلس التشريعي فازت منهن خمس نساء .
المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية
عبر التاريخ لا نجد اجراءات قانونية واضحة المعالم لوصول المرأة إلى مراكز صنع القرار في الدول الاسلامية والعربية ، وكنا امام دخول خاص لمساحات عمل الذكور المحرمة على المرأة وتحديدا تلك المتعلقة بالعمل السياسي وبالقيادة ، وربما ما يعلق بالذاكرة الجمعية ان الاقدار والعناية الالهية كانت تتدخل لتصل بالمرأة إلى الحكم ، فكانت بلقيس وزنوبيا وشجرة الدر وغيرهن من النساء العربيات ، اللواتي قدن بلادهن بكفاءة وتمايز يذكره التاريخ ، لكن بقي الرجل يحتكر الثقة والأهلية ، ولم تكسر فيما بعد نساء قياديات وكفؤات القاعدة يستشهد بتجاربهن، بل كان في معظمها تجارب فردية عكست ايجابياتها على صاحباتها ولم يكن لها ان تغير الصورة النمطية للمرأة .

المرأة الفلسطينية ورغم خروجها عن القاعدة العربية بسبب ظروف بلادها السياسية الخاصة ، التي وفرت لها مناخات ايجابية للمشاركة الواسعة فمن وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطاني بعد سقوط الامبراطورية العثمانية التي ساهمت بتراجع المفاهيم الاجتماعية وانتشار وترسخ المفاهيم التقليدية البالية واشاعة جو محافظ يحيط بعمل المرأة ، ومن ثم وقوع فلسطين تحت الاحتلال الاسرائيلي والصراع الضاري الذي ما زال مستمراً منذ حوالي قرن من الزمان ، كل هذا جعل الحركة النسائية الفلسطينية تنشأ في ظل ظروف وطنية معروفة لتكون جزء عضويا اصيلا من معركة التحرر الوطني التي يخوضها الشعب الفلسطيني ، وعليه فلم تكن فكرة المشاركة مستوردة من المجتمعات الغربية ، فقد جاءت كمشاركة في العمل العام أي خارج البيت لخدمة اهداف مجتمعية عامة ، مما ساعدها في ربط التحرر الاجتماعي بمشاركتها الوطنية والنضال الوطني ، وهكذا اصبحت قضيتها الاجتماعية محورا من محاور القضية الوطنية على عكس التجارب العربية التي خاضت المرأة فيها المعترك العام, فعلى سبيل المثال بدأت المرأة المصرية والتونسية بقضاياها الاجتماعية الخاصة كقوانين الاحوال الشخصية في الوقت الذي كانت المرأة الفلسطينية تتظاهر ضد الانتداب البريطاني ووعد بلفور ، وعلى الرغم من أن طرق باب المشاركة السياسية جاء من باب العمل الخيري لمواجهة اعباء الهجرة ، إلا أن هذه المشاركة كانت تطرق بيوت المرأة من الطبقات الفقيرة لتنخرط بمهمات اغاثية تطورت إلى مهمات اخرى سياسية وتنظيمية وجماهيرية ، وتبلورت فيما بعد لتشارك في هيئات قيادية في منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها ، وعلى الرغم من محد ودية هذه المشاركة إلا أنها مقارنة بتجارب الدول العربية المجاورة وضمن الظروف الوطنية والاجتماعية المعقدة نجد أن المرأة الفلسطينية كانت من مكونات مركب المجلس الوطني الفلسطيني المبني على مفهوم الكوتات والحصص حيث أتت من خلال الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ومن خلال كوتات الفصائل والمنظمات الشعبية الأخرى كاتحاد المعلمين بشكل اقل ، الا أنها لم تصل إلى عضوية الهيئات التنفيذية للمنظمة ، كاللجنة التنفيذية المغلقة على تنافس الرجال من التنظيمات الأمر الذي يعد تقصيرا من قبل قيادة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ومن قبل المرأة في الفصائل والاحزاب التقدمية التي توانت عن التقدم بمطالب المشاركة السياسية في هيئات صنع القرار السياسي ، كما يعد تمريرا من القوى التقدمية في منظمة التحرير الفلسطينية التي تتبنى مفاهيم تحررية وديمقراطية وردت في برامجها متحدثة عن القمع الثلاثي الابعاد الذي تتعرض له المرأة ( القومي ، الطبقي ، والجنسي ) دون أن تترجمه عمليا في البنى التنظيمية للمنظمة .

الانتفاضة الأولى محطة لتوسيع المشاركة السياسية للمرأة
*بعد عقدين من الزمن على بداية الاحتلال ، عقدين من المصادرة الدائمة للاراضي وبناء المستوطنات وتوطين اليهود القادمين من بقاع الأرض عليها ، عقدين من نهب اقتصاد الشعب واستغلاله ، عقدين من القمع العسكري للشعب بالاعتقال والابعاد والقتل بالاضافة إلى الغارات المتواصلة على الشعب الفلسطيني في الخارج ، المستهدفة لرأس الثورة الفلسطينية ومخيمات لبنان وتهجير قيادة المنظمة منها إلى تونس والبلدان العربية الأخرى ، كانت احد نتائجها أن تم توجيه الاهتمام إلى الأراضي المحتلة التي كانت جاهزة للانتفاض على الاحتلال وسياساته بفعل مقاوم شامل شاركت فيه كافة القطاعات محولة الانتفاضة إلى نمط حياة يقوم على رفض الاحتلال والعمل على خلق واقع حياتي بديل بمسؤولية وطنية لتعبئة الفراغ الناجم عن رفض الاحتلال وإدارته لحياة الشعب ، فاعتبر تشكيل اللجان الشعبية التخصصية المتنوعة الاهداف والوظائف والمرأة أحد مكوناتها الرئيسية من خلال أطرها وفصائلها نقطة تحول هامة على صعيد مشاركة المرأة السياسي والوطني باعتبار ان اللجان الشعبية كانت مركزا للقرار في حدود مهامها ووظائفها المنتشرة في الضفة الغربية وقطاع غزة لسنوات .

* وقد شكلت الانتفاضة فرصة هامة النسائية التي انطلقت ما بين عام 1978 – 1983 منبثقة عن الأحزاب والفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية ، لتقوية وتوسيع أطرهن ومدّ نفوذها وكان لطبيعة قيادة الأطر المتشكلة من مختلف الشرائح الاجتماعية دورا هاما في طرح مفاهيم جديدة تلامس الواقع الاجتماعي للمرأة وفي تبنى مفاهيم المساواة والتحرر وفي المطالبة بالمشاركة السياسية وإلغاء التمييز القانوني القائم على أساس الجنس . وقد ترجمت برامجها عمليا في الميدان من خلال المشاركة في المظاهرات والاشتباك مع جنود الاحتلال بالإضافة إلى بناء أشكال اقتصادية وتنموية بديلة تعمل بها النساء( مشاريع تنموية صغيرة ، التطريز ، حفظ الأغذية، مشاغل النسيج والخياطة ) لمساعدتهن في تحسين دخلهن وتقوية وضعهن ضمن نطاق الأسرة ، هكذا خدمت الأطر النسوية الانتفاضة التي ساهمت باختبار ميداني لأهمية تأسيسها ، وقدمت الانتفاضة الانعطافة السياسية الهامة التي دخلتها المرأة من خلال أطرها المنظمة وهي أكثر وعيا وخصوصية واستقلالية, مما كان له الأثر في إثارة الجدل المؤجل حول العلاقة ما بين قضايا التحرير الوطني والتحرير الاجتماعي حيث أثيرت نقاشات جادة حول حقوق المرأة السياسية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية ، وكان أن صدرت وثيقة المطالب النسوية في عام 1994 تتويجا لجهد قدمته المرأة بالانتفاضة تم الاعتراف به مجتمعياً إلى حد لا يمكن التقليل من شأنه كنتيجة لحدوث نقلة نوعية بالوعي الذي مكن من صياغة معادلة أكثر منطقية لأولويات المرأة الفلسطينية .

*واستمر عمل الجمعيات الخيرية في القيام بمهامها المنطلقة من برامجها وانظمتها الداخلية والمتمحورة حول تقديم الخدمات الانسانية والاغاثية, واستمرت بتغييب البعد السياسي و الاجتماعي عن برامجها واقتصر جمهورها اصلا على اعداد محدودة منتسبة لجمعياتها العمومية تقتصر مهماته على الانتخاب والمشاركة ببعض الانشطة ، ويعود السبب في عدم تقدم البعد الاجتماعي التحرري في برامجها وادائها لانحدار قيادات هذه الجمعيات من الطبقات الغنية المحافظة التي تنظر بشكل تقليدي إلى مشاركة المرأة السياسي والجماهيري وإلى الادوار المؤهلة للعبها, والمنطلقة من مفاهيم التقسيم الاجتماعي للادوار , وبسبب نظرتهن إلى المرأة تنطلق من تقسيمها إلى فئات محتاجة واخرى تقدم المساعدة ولا تنظر لها باعتبارها عاملة ومعلمة وطالبة ومهنية ولاتنراها برنامجيا في الريف والمخيم والمدينة .

*وكان أن افرزت الانتفاضة وساهمت في الاعلان عن تشكيل حركة حماس كاطار يعبر عن الاسلام السياسي في الحركة الوطنية الفلسطينية وعن وجود التيار في المجتمع الفلسطينية بما يمتلك من مفاهيم اجتماعية متعارضة مع المفاهيم الاجتماعية المتبناه من احزاب وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية واطرها النسوية ,على اعتبار أن حماس وفيما بعد أطرها وجمعياتها النسوية التي تتبنى مفاهيم تقليدية محافظة تعترض على المشاركة السياسية للمرأة ، وتعترض على تبؤ المرأة لمواقع قيادية سياسية أولى على الرغم أن حركة حماس تراجع باستمرار سياساتها الجماهيرية والتنظيمية كما السياسية ، كما كان لظهور حماس كقوة سياسية عقائدية الأثر على جماهيرية الأطر النسوية الأخرى حيث اكلت من رصيدها لأنها طرحت نفسها ممثلة سياسيا للدين والمتدينين في المجتمع ، وقد نشأ ايضا تيار اصولي سلفي يقف بوجه نشر المفاهيم الاجتماعية الديمقراطية ويقف حائلا وبعنف دون تطوير القوانين التي على تماس بقضية المرأة, وهذا ما ظهر لدى طرح مشروع البرلمان الفلسطيني الصوري المطالب بمشاركة المرأة بوضع التشريعات المرتبطة بحياتها .

* طويت مرحلة الانتفاضة الأولى في عام 1994 مع توقيع وبدء نفاذ اتفاق اوسلو مخلفة انقساما سياسيا في الحركة النسائية الفلسطينية وفي المجتمع على خلفية الاتفاق المذكور ، ولكنها خلقت أو بلورت بوضوح أكبر لخطاب نسوي يلخص مرحلة الانتفاضة بانها لم تكن مقتصرة على الانتقاض بوجه الاحتلال فقط ، بل أنها ايضا ضد القمع الداخلي الذي يمارسه المجتمع على بعضه البعض وعلى المرأة ، وكان لدرس المرأة الجزائرية العبرة الكافية لاستخلاص الدروس في مرحلة كانت هناك آمال كبيرة معلقة على الكيان السياسي الفلسطيني الوليد لأول مرة على الأرض الفلسطينية بالرغم من الانقسام السياسي المعروف .

معوقات المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية
خصوصية الوضع السياسي والوطني الفلسطيني بوجود الاحتلال على الأرض الفلسطينية لعقود طويلة من ازأمن صبغ تجربة المرأة الفلسطينية بخاصية معينة مكنتها من حرق مراحل زمنية ساهمت بانضاج تجربتها السياسية والوطنية والتنظيمية ، الأمر الذي ولّد القناعة لديها بان الوصول إلى المساواة لا يتأتى الا من خلال تفعيل مشاركتها السياسية والعمل في المساحات المحتكرة تقليديا للرجال ، لذالك عبرت عن رغبتها مبكرا في أن يسمع صوتها السياسي عندما شكلت منظماتها الخيرية التي أدّت دورا هاما في المشاركة بالمظاهرات المعادية للانتداب البريطاني في عامي 1920 – 1921 ، كما شاركت في ثورة البراق عام 1929 وشكلت الاتحاد النسائي الفلسطيني في القدس عام 1924 بالتوازي مع تقديم الجهد الاغاثي للأسر المحتاجة ، وكان لها دورا بارزا في اضراب عام 1936 بتوفير مقومات الصمود ، ومعالجة الاعباء الناتجة عن الاضراب الطويل ، وفي عام 1965 وفي اعقاب تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 أسست الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية كأحد قواعدها واذرعها السياسية في قطاع المرأة ، إذن المرأة الفلسطينية لم تتأخر عن الركب ولكن هذا لا يعني أن الأرض والطريق كانت ممهدة امامها لتحتل مواقع هامة في مراكز صنع القرار حيث تشكل مساهمتها في المجلس التشريعي 5.6% من حجم المجلس, وفي عضوية المجلس الوطني الفلسطيني تدرجت ما بين 2% عام 1964 إلى 7.5 % في اخر دوره عقدت في غزة عام 1996 ، وخلت عضوية اللجنة التنفيذية من النساء بينما يوجد (5) نساء في المجلس المركزي الفلسطيني ، أما مجلس وزراء السلطة فكان لدينا وزيرتان في أحسن الأحوال .

و يتضح مما تقدم أن مفهوم المشاركة بما يعني اتاحة الفرص أمام المرأة للمساهمة في اتخاذ القرار أو المساهمة بصناعته ليس ميكانيكياً أو تلقائياً ، وليس منصفا تبعا للدور الوطني المشهود له للمرأة عبر مراحل النضال وهي التي قدمت في الانتفاضتين الأولى والثانية (345) شهيدة وأكثر من (700) أسيرة و 9% من الجرحى ، بالاضافة إلى التبعات الأخرى الناتجة عن الهجمة الاسرائيلية الشرسة والعدوان الشامل من سوء احوال اقتصادية وارتفاع معدلات البطالة والفقر وزيادة عدد الاسر التي تعيلها النساء ، وكونه غير منصف لأن القضية ترتبط بمفاهيم اجتماعية تقليدية فليس بجديد أن نقول بأن المجتمع الفلسطيني ما زال مجتمعا ذكوريا ، فالاطار المفاهمي التقليدي الذي يعتقد بافضلية الرجل في القيادة والعمل السياسي والاقتصادي يقف بوجه المرأة مقيداً حصولها على كامل حقوقها السياسية دون وجود نصوص قانونية تحمي هذا الحق ، فبحكم تركيبة المجتمع الذكورية والعشائرية نجد أن الذكور يتحكمون بقرار المرأة وهم اصحاب الكلمة النهائية في تقرير مشاركتها في العمل العام ويصل الأمر إلى التحكم بصوتها الانتخابي وفي أي اتجاه يذهب .

كما يقف الوضع الهش الذي آلت إليه الحركة النسائية منذ عقد من الزمن والذي انعكس باشكال من العنف والشرذمة وعدم التوحد على الاولويات وعدم القدرة على تحول الحركة النسائية إلى قوة اجتماعية تفرض نفوذها ويحسب لها حساب من قبل القوى السياسية والمجتمعية لا سيما أن وضع المرأة في الاحزاب والفصائل ليس بأحسن من حالها في المجتمع حيث تشكو الأحزاب من ضمور عضوية النساء في صفوفها .
كذلك ما يقف حائلاً وعائقا في وجه التقدم باتجاه المشاركة الواسعة وعي المرأة لحقوقها ولذاتها ولقضيتها ولدورها ولانسايتها الذي لا زال يشوبه النواقص ، وهنا نشير إلى وعيها لحقها في اختيار نمط حياتها ووعيها بان حريتها هي حق وان الوعي بانسانيتها مناط بها وبالرجل وبوعيهما ، فهنا تكمن الخطوة الأولى ، كما أن ثقة المرأة بقدرتها وبقدرة غيرها من النساء على القيام بادوار قيادية في المجتمع محدودة ومهزوزة ، وهذا له علاقة بتأثرها بالثقافة السائدة والفكر الذكوري وتبنيها للمفاهيم السائدة حول تقسيم العمل والادوار الاجتماعية لكلا الجنسين حتى لو كانت ضد مصالحها ، وهذا ليس له علاقة بثقافة الافراد وانما بالمنظومة الثقافية للمجتمع, وله علاقة بتبعية المرأة التقليدي للرجل المقرر في الاسرة ، وبالتالي فان ارادتها وصوتها الانتخابي في اغلب الاحيان يذهب إلى المرشحين وليس إلى المرشحات ، وجدير بالذكر أنه وفي الانتخابات التشريعية التي جرت في عام 1996 انتخبت 54% من النساء المرشحين من الرجال .

ويرتبط تدني مشاركة المرأة في العمل ليس فقط باسباب تتعلق بمنظومة الوعي والبعد الثقافي السائد ، وأن كان لهما دورا مؤثرا وكابحاً ولكنه ليس وحده المؤثر في المعادلة الفلسطينية، بل ان لتخلف الاقتصاد الفلسطيني وتشوهه بحكم تبعيته للاحتلال الاسرائيلي بخطط منهجية موضوعة من قبله لاعاقة حدوث تنمية مستقلة بعيدة عن القروض وشروط الدول المانحة وسياسة الهبات التي لا تنتج فرص عمل دائمة سببا مفصليا في تبعية المرأة الاقتصادي للرجل ، فسياسة الاحتلال ولّدت ازمة بطالة متفاقمة وفي صفوف النساء على وجه الخصوص بالانتفاضة الثانية ، مما دفع النساء إلى العمل بقطاعات تحصرهم في امتدادات العمل المنزلي على أهميتها وحيويتها ، لذلك نجد أن 1/3 القوة العاملة النسائية تعمل في مجال رياض الاطفال ، و ¼ في الصناعات التحويلية و 1/5 القوة في مجالي الصحة والخدمات الاجتماعية ، كما تلعب الخصوبة العالية في المجتمع الفلسطيني والاعباء المنزلية ( متوسط الاسرة الفلسطينية 5-6 افراد ) المرتبطة بمفاهيم تسند المهام الخارجية الى الرجل والمهام الداخلي الىة المرأة بالاضافة إلى سن الزواج المبكر معيقات مقيدة للمشاركة الواسعة للمرأة وبطاقة تقترب على الأقل من حجمها في المجتمع ، وهي معيقات موضوعية لا تحل الا بسياسات وخطط يتم تبنيها بجهد حكومي وغير حكومي لوضع الحلول المناسبة لها المنسجمة مع سياسة الدول التنموية .

ويضاف إلى كل ما سبق معيقات النظام الانتخابي المعمول والمرتبط بطبيعة النظام السياسي من حيث استهدافاته لارساء دعائم الديمقراطية وتسهيله لعملية المشاركة لجميع القوى السياسية والاجتماعية بشكل اما مسهلا او كابحا للمرأة ومدى اتساع حجم مشاركتها كناخبة ومرشحة وهذا ايضا يحدده نفوذ الاحزاب ومدى وحيويتها في التعاطي مع النظام الانتخابي لجهة انفتاحه ومرونته والضغوط التي تستطيع ممارستها لوضع قانون انتخابي يتفق مع توجهات المجتمع ويستجيب للرأي العام .

تجربة المرأة في انتخابات 1996
ترشحت خمسة وعشرون امراة في الانتخابات التشريعية الاولى في فلسطين مقابل 672 مرشحاً ، احدى عشرة مرشحةَ من الضفة الفلسطينية ، واربعة عشرة من قطاع غزة ، ويلاحظ ان مرشحات غزة جئن من دوائر القطاع الخمسة ، اما في الضفة فقد جئن فقط من خمسة دوائر من اصل احدى عشرة دائرة ، وتنتمي (9) من المرشحات إلى الاحزاب والفصائل ، أما والباقي وعددهن (16) مرشحة من المستقلات ، وقد حصلت النساء المرشحات على (194089) صوتا ، بينما حصلت الناجحات على (106374) صوتا ، وبهذا يكون قد تم هدر (88715) صوتاً ، أي ان من نجحن حصلن على 55% من الاصوات وتم هدر 45% من الاصوات الممنوحة بسبب النظام الانتخابي الذي يعتمد على نظام الاغلبية والاقلية ، أي أن 45% من الاصوات لم تتحول إلى مقاعد انتخابية وكأنها لم تكن اصلا ولم يتم أخذ الاعتبار لارادة الناخبين وطموحاتهم ، الامر الذي يمس باحد ركائز الديمقراطية .
أسلفنا ان المرشحات أتوا من 10 دوائر انتخابية من أصل 16 دائرة ، أي أن ستة دوائر لم تترشح بها أي امرأة ، وهي دوائر اريحا وبيت لحم وسلفيت وطوباس وقلقيلية وطولكرم رغم أن عدد المرشحين بهذه الدوائر قد بلغ (109 ) مرشحاً ،والذي خصص لها (13) معقداً ، لكن لم تجرؤ أي امرأة أن تتقدم لترشح نفسها, ويعود السبب إلى كونها دوائر صغيرة حيث تشتد المنافسة وترتفع حرارة الصراع فتأنى النساء بأنفسهن عنها في مجتمع أحد سماته أنه محافظ وعشائري .

لقد بلغ عدد النساء المسجلات للانتخابات 49% من اجمالي المسجلين الذي بلغ عددهم أكثر من مليون ناخب ، وقد زادت نسبة المسجلات في ثلاث دوائر هي رام الله وطولكرم ووسط غزة ، أما بالنسبة للانتخاب فقد شاركت 42% من النساء المسجلات في الانتخابات وشارك الرجال بواقع 58% من المسجلين ، وقد انخفضت نسبة المقترعات فعلياً ب 7% لأسباب عديدة منها أولا عائد لنقص الاوراق الثبوتية التي بحوزتهن ، منها ما يعود لسياسة الاحتلال من زوجات وافدات لرجال من الضفة والقطاع دخلن بتصاريح زيارة وبقين وفي البلاد بطرق غير قانونية لامتناع سلطات الاحتلال عن منحهن هويات وفي معظمهن من الجنسية الاردنية ، وكانت اتفاقية اوسلو (ب) قد وضعت شروطا واضحة حول اهلية اصحاب الاقتراع ، لكن السلطة الفلسطينية وجدت مخارج لهذه الحالات باصدار جوازات سفر وعليه لم تكن عاملا حاسما في التسجيل للانتخابات ، أما السبب الثاني فيمكن في ان الكثير من النساء تنقصهن بطاقات هوية مناسبة وهذا امر مسّ بشكل رئيسي المقدسيات ضمن سياسة اسرائيل القاضية بتغيير التركيب الديمغرافي للمدينة المقدسة على طريق تهويدها ، كما وُثقت لدى المراكز النسوية اسباب اخرى منعت النساء من التسجيل والاقتراع بسبب منع الازواج أو الآباء لهن ، وكانت النساء ممن يسكن في القرى قد تعرضن للمنع الذكوري بنسب أعلى من المدن .
لقد دعت القوى المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات لأسباب سياسية تتعلق برفض اتفاق اوسلو التي اعتبرت الانتخابات كأحد افرازاته ، وقد اخذت الاطر النسائية المنبثقة عن الاحزاب المعارضة ذات الموقف ودعت ايضا للمقاطعة ، لذلك فقد غاب عن الانتخابات عنصر التنافس الفعلي بين القوى النسائية ، لكن معارضتها لم يقلل من حجم المشاركة التي اعتبرت عالية وذلك لانشدادها إلى ممارسة الحق الذي طالما حرمت منه ، ولكن المقاطعة النسائية أفرز غيابا هاما لعدد من الشخصيات النسائية الكفؤة من قوى المعارضة العلمانية والاسلامية المقاطعة، وبدوره أثرت المقاطعة على القاء ظلال من الضباب على الانتخابات وشوش القاعدة النسائية وعلى وحدة القرار والهدف ، لذلك وجدنا أن الإطار الموحد للحركة النسائية الممثل بالاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والمعبر عن ائتلاف الاطر والجمعيات لم يستطع ان يتخذ موقفا واضحا منذ البداية ، وقرر فيما بعد عندما قررت رئيسته المرحومة سميحة خليل ترشيح نفسها لمنصب الرئاسة مما اضعف امكانية وقدرة الاتحاد على تنظيم أموره ومخاطبة قاعدته بوضوح حول التوجه لانتخاب النساء المؤهلات .

ان غالبية المرشحات كن من كوادر الاحزاب والفصائل السياسية وبواقع 65% من المرشحات ، ويلاحظ أن 42% من المرشحات المتنميات لفصائل كن من حركة فتح التنظيم السياسي الأكبر ، ومن الفائزات الخمس كانت ثلاث من حركة فتح والفائزتان الاخريان من المستقلات ممن تمتعن بالكفاءة العلمية والسياسية ولا بد من الذكر أن مرشحات الفصائل اليسارية من حزب الشعب وفدا قد حصلن على اصوات هي الاعلى في كتلتهن الحزبية .

ايجابيات وجود المرأة في الهيئات التشريعية
* لقد حققت المرأة تطور علمي ملحوظ يمكنها من الحصول على وضع منافس أفضل فقد تراوحت نسبة الفتيات الملتحقات بالتعليم العالي ما بين 40-50% من مجموع طلبة الجامعات مما يحسن فرص وجودها ويشكل ايضا هذا ميزة ودفع للتجربة التشريعية بما لدى النساء المؤهلات من خبرات ومهارات للمشاركة في معالجة قضايا المجتمع .
* رغم أن تمثيل المرأة في المجلس التشريعي يعتبر تمثيل للشعب ولقضاياه الا أن وجود نساء سيمكن القطاع النسائي من التعبير ايضا عن قضاياه وطرح مشكلاته الخاصة ووضع حلول لها من خلال التشريعات الضامنه للمساواة والعدالة .
* وجود نساء في المجلس التشريعي وهيئات صنع القرار سيسهم في احداث تغيير تدريجي في نظرة المجتمعات المحافظة لدور المرأة في الحياة العامة من خلال تمثيل النساء ، لأن مشاركة المرأة سيتيح الفرصة لها للتعرض مباشرة للجمهور وللرأي العام وهذا سيخلق حالة الاعتياد والتقبل للمشاركة .
* وإذا ما تحققت المشاركة فأنها ستكون عاملا محفزا لدى المرأة للاهتمام بالعمل العام والاقبال عليه والانتظام في الاحزاب والعمل على تهيئة ذاتها واعدادها لمزاولة هذا العمل وعدم الركون والاتكاء على الرجل لينوب عنها من موقع المواطنة .

نحو نتائج أفضل في الانتخابات القادمة
مقارنة بين استطلاعات الرأي العام في عام 1996 وعام 2003.
لا شك بأن مشاركة المرأة في صنع القرار وعدد المقاعد التي ستحرزها في الانتخابات القادمة للمجلس التشريعية والمجالس المحلية ستعكسان مدى تطور وتقدم المجتمع، ونجاح المرأة في الانتخابات ستعتبر أداة قياس لمدى عمق الديمقراطية الفلسطينية، ولمدى احترام مبدأ المشاركة لقطاع هام في المجتمع ، ولمدى الشوط الذي قطعته قضية المرأة نحو التحرر.

ومنذ انتخابات المجلس التشريعي الأخيرة في عام 1996 جرت بعض المياه تحت جسور المعتقدات والقناعات غيرت قليلاً في ميزان القوى السياسي والاجتماعي، فقد تراجعت قوى اجتماعية وتقدمت أخرى ، انعكس أثرهما على القناعات، وحتى نقترب بشكل علمي أكثر من المعادلة نشير الى أن استطلاعاً للرأي العام أجراه برنامج دراسات التنمية التابع لجامعة بيرزيت في أيار 2003 قد أفاد بأن 70.4% من المستطلعين يعتقدوا بأن الوقت قد حان لاشراك النساء في عضوية المجالس المحلية، وأن 76.2% منهم قد رأوا بأن هناك فائدة من اشراك النساء في عضوية المجلس التشريعي ، وأن 74.9% قد رأوا بأن هناك فائدة من انتخاب النساء لعضوية المجالس المحلية, وأن 69.2% لديهم الاستعداد لانتخاب امرأة لعضوية المجالس المحلية ، وأن 71.1% لديهم الاستعداد لانتخاب إمرأة في المجلس التشريعي ، وأن 62.5% يؤيدوا تخصيص مقاعد للنساء في مقاعد المجالس المحلية ، وأن 65.1% يؤيدون تخصيص مقاعد للنساء في المجلس التشريعي ، بينما في استطلاع أجراه مركز البحوث والدراسات الفلسطينية في منتصف عام 1996 عبر 72% من المستطلعين بأن الوقت قد حان لاشراك النساء في عضوية المجالس المحلية ، وقال 77% من المستطلعين أن هناك فائدة في انتخاب النساء للمجالس المحلية, وأبدى 78% من العينة عن استعدادهم لانتخاب إمرأة مؤهلة لعضوية المجالس المحلية, وعبر 62% من المستطلعين عن تأييدهم لتخصيص مقاعد مضمونه في المجالس المحلية لتشغلها النساء ، كما عبر 67% من المستطلعه اراؤهم باستعدادهم لانتخاب إمرأة كفؤة لعضوية المجلس التشريعي ، وأبدى 60.1% دعمهم لتخصيص مقاعد للنساء في المجلس التشريعي .

بالامعان بالنتائج المرصودة نجد أن نتائج عام 2003 تقدمت وتطورت للأمام على صعيد عضوية النساء للمجلس التشريعي والفائدة من إشراك النساء والاستعداد لانتخاب إمرأة مؤهلة وفي مجال الدعم للكوتا ، وهذا يعود بشكل رئيسي الى وجود خمسة نساء في التشريعي إذا ما سلطنا الضوء على تجاربهم لوجدنا أنها تجارب ايجابية على صعيد الدور والكفاءة والتماسك السياسي بشكل عام ولم ترتبط أسماءهن بما علق بغيرهم من أعضاء التشريعي بإتهامات الفساد والتفريط السياسي ، مما رفع على سبيل المثال استعداد المأخوذة آراءهم من 67%- 71.1 لانتخاب إمرأة مؤهلة لعضوية المجلس التشريعي ورفع نسبة التأييد لتخصيص مقاعد مضمونة للنساء (كوتا) من 60.1 عام 1996 الى 65.1 في عام 2003.
الوضع يختلف بالنسبة لمشاركة النساء في المجالس البلدية والقروية ، إذ يلاحظ تراجع في مستوى التأييد في عام 2003 عنه في عام 1996،فقد انخفضت نسبة من يقولون بأنه قد آن الأوان لتمثيل النساء في المجالس المحلية من 72% في عام 1996 الى 70.4 في عام 2003، وفي حين كان هناك 78% من المستطلعين لديهم الاستعداد لانتخاب امرأة في عام 1996 ، أصبحنا أمام تأييد 69.2% من المستطلعين في عام 2003، ويعزى السبب بتقديري لتراجع التأييد والحماس لوجود النساء في المجالس المحلية الى تجربة النساء اللواتي تم تعيينهم في المجالس البلدية والقروية بموجب تعميم وزير الحكم المحلي في عام (1998) والقاضي بتعيين على الأقل أمراة في جميع المجالس المحلية ، وعليه فقد تم تعيين 68 سيدة استقالت منهن 7 سيدات بسبب طريقة التعامل تغييب دورهن من قبل الرجال في المجلس ، أما السبب الرئيسي الآخر فكون النساء جئن عن طريق التعيين ولم يأخذن الشرعية عن طريق الصناديق ( رغم أن هذا أيضاً ينطبق على الرجال) يقف جزئياً خلف الموقف وخلف الهروب السريع للعضوات المستقيلات من المجالس ، لأن الوصول عن طريق الانتخاب يعمل على تشريع العضوية وتقوية المرأة وتمكينها من الصمود والثبات كونها منتخبة ولن يجرؤ أحد على تغيب دورها أو تحجيمه ، كما أن عدم استكمالالتوجه من قبل وزارة الحكم المحلي منع استكمال التجربة التي لو استوفت لكنا أمام ما لا يقل عن 300 عضوة في الهيئات المحلية ،مما يساهم في تعويد المجتمع على رؤية المرأة في مراكزال مسؤولية،فهذه الهيئات يبلغ عددها (503)هيئة منها (121) بلدية كبيرة وصغيرة، و (252) مجلس قروي و (130) مشروع، الا أن عدم متابعة القرار من قبل الوزارة من جانب وعدم إلزاميته كونه جاء بصيغة تعميم ترك تنفيذه للهيئات نفسها التي تجاهلت التعميم واعتبرته لا يلزمها رغم أن جميع المجالس البلدية والقروية معينة بقرارات مماثلة . إذن كان المواطن أمام تجربة بائسة أثرت في التقييم العام ، رغم أهمية الدور الذي تلعبه هيئات الحكم المحلي كركيزة من ركائز المجتمع المدني المعنية بتقديم الخدمات والنهوض بوضع المجتمع، ولو تابعت وزارة الحكم قرارها الخاص بعضوية النساء وحمايته من تسلط الذكور لكان المواطن أمام تجارب ايجابية للنساء اللواتي يعرفن التحدي الذي يواجهنه ومعنيات بابراز تجارب مضيئة تفتح الباب امام كسر الصورة النمطية للنساء باعتبارهن غير مؤهلات وغير كفؤات كما حدث في تجربة النساء في المجلس التشريعي اللواتي ساهمن بتصحيح الصورة رغم التعقيدات والتحديات التي يواجهنها ايضاً في ميدان العمل التشريعي والقانوني والسياسي .


قانون الانتخابات السابق والمنشود :
قانون الانتخاب رقم 13 لعام 1996 الذي جرت على اساسه الانتخابات لم يميز بين الرجل والمرأة في أي من نصوصه, حيث عرف الناخب والمرشح بأنه ( كل فلسطيني أو فلسطينية ... الخ ) لقد تبنى النظام الانتخابي بحسب القانون نظام الدوائر المتعددة الذي يرتكز على الاغلبية البسيطة ضمن الدائرة الواحدة ، وقسم المناطق الانتخابية إلى ستة عشرة دائرة انتخابية غير متناسبة مع عدد السكان, فكنا امام ثلاثة دوائر حصلت على مقعد واحد لكل منها ، مما صّعد حدة التنافس والصراع ، وفي اجواء التنافس والصراع لا تجرؤ النساء على التقدم كما أن القوى والاحزاب تتردد في ترشيح نساء حيث يكون عامل النجاح هو العامل الحاسم المأخوذ بالاعتبار، كما أن هناك مثالب عديدة تؤخذ على نظام الدوائر المتعددة ، فهذا القانون يهدر الاصوات, وعمليا فقد نجح اعضاء المجلس التشريعي الثمانية والثمانون ب 40% من الاصوات المشاركة في الاقتراع ، وحاز المرشحون من غير الفائزين على 60% من الاصوات التي هدرت ولم تتحول إلى مقاعد انتخابية ، ويحرم قانون الدوائر ( الأقلية والأكثرية) قوى موجودة في المجتمع من الوصول إلى السلطة التشريعية ، لأنه يقلل فرص الاحزاب الصغيرة ويحجم المشاركة والتنمية السياسية ، كما أنه يغذي النزاعات العشائرية والجهوية والعائلية بديلا للعلاقة البرنامجية والمبدأية، ويجعل علاقة المواطن بالنائب لانها مباشرة منصبة على المصالح الفردية ، مما يعيق عملية الارتقاء بوعي المجتمع بجعله يدقق ببرامج المرشحين ، لذلك فان القانون المنشود هو الذي يعالج المشكلات الناجمة عن اعتماد نظام الدوائر المتعددة أو نظام الاقلية والاغلبية وهو النظام الذي يعتمد على قانون التمثيل النسبي أو الدائرة الواحدة ، هذا النظام إذا ما اعتمد فإنه يرتقى بالعلاقة بين المواطنين والمرشحين بجعلها تقوم على اساس التدقيق بالبرامج الانتخابية ، كما أنه يعمل على تحويل جميع الاصوات إلى مقاعد برلمانية دون هدر ، لذلك فمن الممكن باعتمادة أن تصل الاحزاب الصغيرة بحجمها إلى المجلس التشريعي لتعزيز المشاركة بالقرار والتنمية السياسية ، كما أنه يقلل من النزعات العشائرية والجهوية والعائلية على اعتبار انه سيكون امام مرشحين من كل المدن والقرى والمخيمات على الصعيد الوطني ، قانون التمثيل النسبي ايضا فيما إذا تم اعتماده سيعطي فرص للنساء لتكون ضمن القوائم العامةللاحزاب وبأولويات منصفة للوصول إلى المجلس التشريعي فيما إذا لم تعتمد ( الكوتا ) كاجراء لحماية تمثيلهن ، على أي حال ومن منطلق واقعي يتناسب ودرجة تطور المجتمع الفلسطيني وجاهزية صاحب القرار للاستجابة للمطالب التي رفعت من منظمات المجتمع المدني في مذكرة 17/10/2002 طالبت فيها باعتماد النظام المختلط الذي يجمع بين نظام الدائرة الواحدة والقائمة النسبية ونظام الدوائر المتعددة وعلى اساس المناصفة مع رفع اعضاء المجلس التشريعي إلى (120) مقعداً ، ستون منهم يجري انتخابهم على اساس الدوائر, وستون على اساس التمثيل النسبي ، كاجراء امامه فرصة اوسع للاقرار كمرحلة انتقالية ما بين النظامين .

تخصيص مقاعد للمرأة ( الكوتا )
أوصت مؤسسات المجتمع المدني ايضا بمذكرتها باعتماد تخصيص مقاعد مضمونة للنساء كتدبير مؤقت تعتمده الدولة يعطي المرأة نوعا من المساعدة المؤسسية للتعويض عن التمييز الفعلي الذي يعانين منه ، لقد حظي موضوع ( الكوتا ) بنقاش واسع في المجتمع الفلسطيني ما بين مؤيد ومعارض له ، المؤيدين ينطلقوا من أنه حتى لو تحققت المساواة التامة بقانون الانتخابات فهذا لا يعني بأن الواقع الاجتماعي الذي يميز بين المرأة والرجل قد تغير ، وان المواطن سيختار ممثليه دون تمييز بين المرشحين والمرشحات ، لذلك كانت القناعة قوية لدى المؤيدين من قوى حزبية ومجتمعية ونسوية بان الاجندة يجب أن تركز على التمييز الايجابي بشكل مؤقت للمساهمة بجسر الهوة بين الرجل والمرأة على صعيد المشاركة السياسية وصنع القرار .

أما المعارضين فكانوا من فئتين: الأولى ليست ضد وصول المرأة ومشاركتها السياسية من حيث المبدأ لكنها ترفض كل أشكال التمييز والتحيز على اعتبار أن المرأة تشكل نصف المجتمع ويجب وصولها دون منّة أو تدابير خاصة ، أما المعارضين للكوتا من حيث المبدأ فهم يضعوا اللوم على المرأة ويطلقوا العبارات التي تقول بأن المرأة عدو المرأة ، وأن المرأة لا تنتخب المرأة، وأن المراة مقصرة بحق نفسها ، وأن القانون ضمن المساواة فلماذا الضجيج .. وان الكوتا مخالفة للنظام الاساسي لأنها تميز وانها تخل بمبدأ المساواة ، ويتشعب النقاش إلى أن العمل السياسي وأخذ القرار يتعارض وتركيبة المرأة فهي عاطفية وانفعالية ، وكل هذا حقيقة يعبر عن تهرب من الاستحقاق والمسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع وافرادة في السعي لادراك متطلبات المجتمع وتنميته سياسيا التي لا تتحقق بدون مشاركة المرأة والرجل على حد سواء في قيادة المجتمع ، ولقد اخذت كثير من الدول بنظام الكوتا من الدول الغربية المتقدمة صناعيا ومن دول اسيا الوسطى وفي امريكا اللاتينية واعطت نتائج ايجابية على صعيد تسليط اضواء على تجارب ايجابية للمرأة في مراكز صنع القرار مما فتح الباب امام مشاركة أوسع للنساء وفي احداث التغير الاجتماعي ونبذ للعادات والتقاليد وانماط السلوك البالية المقيدة للمرأة باتجاه ادماجها في مختلف المحاور الحيوية الاخرى الاقتصادية والثقافية ، وإلا بقي التمثيل والمشاركة يراوحان في اطار الفردية والرموز ، وهذا لا يشكل قوة ذاتية تنقل واقع مشاركة المرأة من النوع إلى الكم، فكثيراً ما تصبح الرمزية ديكورا وزخرفة تبرران الغياب الحقيقي المرتكز للجماعية ، كما أن عكس المعادلة يعتبر صحيحاً تماما إذ أن جماعية وتوسيع المشاركة بدعم الفردية والرمزية يخرجها من التحول إلى ديكور .

في الحقيقة فإن الطريق غير ممهدة امام المطالبات بتخصيص مقاعد مضمونة للمرأة في القانون القادم ، رغم وقوف قوى نافذة هامة معها حيث تقف قوى مجتمعية تقليدية محافظة أمامها، واضعة بوجه تمريرها العقبات ذات الاصول الذكورية المعروفة أو بسبب تضارب المصالح ، فالعديد من القوى القائمة والمسيطرة سواء كانت في الحكم أو في المجتمع لا ترغب في رؤية قوى جديدة تأخذ مكانا لها في الحياة العامة لذلك ستقاوم كل ما من شأنه ان يؤدي إلى التغيير ، لذلك كان من الأهمية بمكان البدء بالتعبئة بشكل مبكر ، والاهتمام بوضع الخطط التي تعالج على المدى المباشر قضية ايصال أوسع عدد من النساء لمراكز صنع القرار عن طريق الانتخاب وكتوجهات عامة أرى ما يلي :-

التكامل بديل للتنافس
* توحيد الجهود النسائية واستبدال العلاقات التنافسية غير الصحية السائدة بين المؤسسات النسوية بالعلاقات التكاملية, التي تفسح المجال امام الجميع للعمل والجهد لتغليب مصالح قطاع المراة ووجودها وتقدمها على المصالح التنافسية الصغيرة التي تحجّم المرأة وتعيدها للوراء ، وفي هذا المجال أرى إذا ما تم اعتماد نظام الكوتا الانتخابية ان يفسح المجال امام جميع من تطمح أو ترى في نفسها القدرة والأهلية والكفاءة للترشيح ، أما إذا لم تعتمد الكوتا فمن الممكن ان يتم البحث عن توافق على مرشحات محددات يتم اختيارهن من المنظمات والشخصيات النسوية الفاعلة ، ممن يمتلكن المقدرة والكفاءة والمهنية والرصيد الكفاحي والحقوقي ، ولمن يمتلكن فرص تنافسية أوسع من غيرهن ، دون أن يشكل هذا التوافق امام من تشاء للتقدم والترشيح ، هذا التوجه سيجنب المرأة تشتيت الاصوات وبعثرتها وهو أمر ليس لأحد مصلحة به .
* حسناً فعلت المنظمات النسوية بتشكيل لجان تنسيقية على مستوى المحافظات لتطوير مشاركة المرأة في الانتخابات ، ولا يزال الوقت يسمح لأن تحذو باقي المحافظات حذوها وتشكيل لجان شبيهة فالعمل المبكر يعطي ثمار ونتائج افضل ، وهنا لا بد أن تعمل هذه اللجان على ان تتوجه إلى المجتمع ككل ، وعلى ان لا تحصر نفسها بالعمل في اوساط النساء على ضرورته واهميته ، بل ان الانفتاح على المجتمع ككل هو الاساس في توفير المناخ والجو المناسب للحملة الناجحة على اساس مفهوم المواطنة دون الوقوع في فخ تمثيل القطاع النسوي والقضايا النسائية ، بل لتمثيل الشعب وقضاياه كلها ، وهنا يجب على الراغبات بالترشيح للهيئة التشريعية على وجه الخصوص أن يولوا الاهتمام الكافي للقضايا الوطنية والسياسية وبلورة مواقف اتجاه القضايا المختلفة ، اضافة إلى الالمام بالقانون والتشريع .

دور الاعلام
بات الاعلام يلعب دورا رئيسيا ومفصليا في عملية الترويج السياسي وفي تشكيل الرأي العام ، لذلك من البداهة ان يبذل الجهد الكافي باتجاه الاعلام وضمن خطة واضحة للعمل على تعديل الصورة الاعلامية للمرأة التي تبدو نمطية, ولتجسير الفجوة القائمة الهاضمة لحق المرأة في الظهور في المنابر المختلفة كمتحدثة في قضايا الساعة السياسية وفي القضايا القانونية والاقتصادية, ومواجهة كل المحاولات والتوجهات التي تتم بقصد أو بدون قصد لحصرها بقضيتها وبادوارها المعتادة المستمدة من تقسيم العمل المنزلي باعتبارها ضلع قاصر .

العلاقة مع القوى السياسية والنقابات المهنية والعمالية
من الواضح ان مشاركة النساء في الحياة السياسية والعامة متدنية ، وهذا في جزء منه له علاقة بعزوفها عن العمل الحزبي والسياسي والعام منذ وقت من الزمن ، وفي جزئه الأخر ناجم عن سياسات تمييزية تجاه المرأة من قبل المؤسسات والنقابات المهنية والعمالية ، وهو ما يعني ان عليها بذل جهود مضاعفة مع الاحزاب والنقابات من أجل التعاون فيما بينهم للضغط باتجاه القانون المنشود كشركاء تجمعهم رؤيا واحدة في هذا المضمار وان تفاوضهم كحركة اجتماعية موحدة ذات نفوذ جماهيري, ومطالبتهم بتخصيص مقاعد للنساء في الانتخابات الداخلية للتنظيمات السياسية واعطاء مقاعد ذات أولوية في الانتخابات العامة ، وعلى ذات القاعدة وفي العلاقة مع النقابات المهنية والعمالية يجب العمل والتقدم بمبادرات منتظمة لضمان انتخاب النساء في المستويات القيادية في المدى المباشر .

وأخيرا في الظرف الفلسطيني الراهن ، وبعد أكثر من 42 شهرا على الانتفاضة وفي المساحة المخصصة للقضايا الاجتماعية نحن بحاجة دائما لخطط وبرامج تحقق الاهداف المباشرة، لكنها لن تكون كافية إذا ما اردنا تحقيق التغيير الاجتماعي و أرساء الديمقراطية ، فإلي جانب العمل على الاهداف الموضوعة على المدى المباشر ، نحن بحاجة إلى عمل متراكم وخطط استراتيجية وبرامج تصنع التغيير الاجتماعي وفي الرأي العام ، وكسر الصورة النمطية للمرأة بعيدا عن المكاسب السريعة المعرضة للتبديد ، وبعيدا عن الهّبات والمواسم على أبواب الانتخابات والمناسبات والاحداث ، خطط وبرامج تهز جذور التمييز وعدم المساواة ، خطط تفتح على نقاش المناهج المدرسية واثرها على تأسيس اجيال تؤمن بالديمقراطية والمواطنة وتخلق القناعة بينهم بان لا مكان لثقافة التمييز في المجتمع الفلسطيني ، خطط وبرامج تتصدى للمفاهيم البالية التي تغذي واقع التمييز والتهميش الذي تعاني منهما المرأة على طريق نبذها واستبدالها بقيم المساواة والعدالة .





#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة الفلسطينية والسلام والنزاعات المسلحة
- هل ستجرى الانتخابات في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية
- نحو النهوض بوضع المرأة الفلسطينية في الأنتخابات القادمة
- عن الإصلاح في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية
- المرأة الفلسطينية: أي إصلاح وأي تغيير؟؟
- في يوم الشهيد الفلسطيني -أطلب شباب يا وطن وتمنى
- وزارة المرأة : جدل التغيير
- إلى اللقاء …. فدوى طوقان
- الجدل الدائر حول قانون العقوبات
- قراءة في أعداد شهداء انتفاضة الاستقلال والأقصى


المزيد.....




- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
- فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول ...
- اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ريما كتانة نزال - المرأة الفلسطينية بين المشاركة السياسية الحقيقية والإشراك التجميلي