أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مختار ملساوي - أيهما أكثر شقاء: المرأة أم الرجل؟















المزيد.....

أيهما أكثر شقاء: المرأة أم الرجل؟


مختار ملساوي

الحوار المتمدن-العدد: 2713 - 2009 / 7 / 20 - 10:23
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أقرأ بمتعة كبيرة هذه الأيام المقالات التي ينشرها السيد رياض الحبيب تحت عنوان تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي لأنه لم يسبق لي أن رأيت الكتاب ولا سمعت عنه شيئا، وتأسفت لهذا النقص في قراءاتي، والواقع أن الكتاب ظل مجهولا لدي ولدى الكثيرين بسبب الحصار المفروض في بلداننا على الكتب التي تتناول الطابوهات العصية على الاختراق خاصة تلك التي تتعرض للدين بالنقد والشك فيما اعتبر من المسلمات التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها مثل إعجاز القرآن. ولهذا ظلت هذه المسائل تحصر في باب المسكوت عنه أو الممنوع من التداول واللامفكر فيه كما يعبر عن ذلك المفكر محمد أركون.
لكن لفت نظري في إحدى المقالات
http: //www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=178532
مقطع من آية ذكرتني بدروس الشيخ عبد الحميد كشك في السبعينات التي كانت تلقى رواجا منقطع النظير بين الشباب اخترقت أشرطته كل الحدود، وساهم بقسط وافر في انتشار وباء الأصولية وقد شرح هذا الشيخ هذه الآية شرحا ذهب به بعيدا جدا في مهاتراته ضد المرأة وكيف كان يحمل المرأة والاختلاط وخروجها للعمل وكل النداءات الداعية إلى تحررها وزر كل مشاكلنا (حتى أنه كان يقول في حق النساء: أدخلوا بيوتكن أيتها النمل)، وقد لقيت خطبه نجاحا منقطع النظير في أوساط الشباب لأنه كان يحسن العزف على أوتارهم الحساسة خاصة المطالب الجنسية القوية لدى هذه الفئات الهشة، والتي يحمل المرأة أسبابها بما في ذلك بعض المناصب الشحيحة الهامشية التي شغلتها المرأة في الإدارات والمؤسسات والتي اعتبرها تعديا على حقوق الرجل.
قبل ذلك لا بد أن أورد هذه الآية ضمن السياق العام الذي وردت فيه في القرآن إلى جانب عشر آيات ليتضح حرص مؤلف القرآن على احترام السجع ولو على حساب اللغة والمضمون حتى تنتهي كل الآيات نهايات موسيقية مؤثرة وجذابة:
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى (116 (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117( إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118( وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى (120( فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125(
جاء هذا المقطع في هذه الآية (فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) على هذه الصورة حسب قراءة معروف الرصافي، استجابة للفاصلة، أو بمعنى أوضح لمطالب السجع، مع أن البلاغيين يتجنبون الحديث عن السجع القرآني إمعانا في إبعاد القرآن عما وصف به من قبل خصومه، يومئذ، على أنه لا يختلف عن سجع الكهان.
معروف الرصافي اعتبر ورود تعبير (فتشقى) وليس (فتشقيا) كما كان يجب أن يكون بسبب "مراعاة مؤلِّف القرآن الفواصلَ ما بين الآيات القرآنية، مؤكِّداً على أنّ مؤلِّف القرآن كان يراعي الفواصل كلّ المراعاة ويعتني بها كلّ الاعتناء، لأنها هي الطابع الذي يمتاز بها أسلوبه. ولا يُنكَر أنّ عنايته بالفواصل قد جاءت بكثير من المحاسن، ولكنها مع ذلك لم تخل أحياناً ممّا يُعاب. فضرب الرصافي أمثلة متنوّعة على وسائل مراعاة الفواصل منها:
الاستغناء بالإفراد عن التثنية: كقوله في سورة طه: 117 (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) ولم يقل: فتشقيا، والخطاب للاثنين مراعاة للفاصلة! والاستغناء بالإفراد عن الجمع كقوله في سورة الفرقان: 74 (واجعلنا للمتقين إماماً) ولم يقل: أئمّة يهدون- مراعاة للفاصلة!" انتهى الاقتباس من مقال رياض الحبيب.
لكن المفسرين على مر العصور وقد كان الشيخ كشك وفيا لهم، لم ينتبهوا إلى هذه الحقيقة، أو انتبهوا إليها ولكنهم لم يصدقوها أو تعمدوا دسها في التراب كما هي العادة عندما يتعارض النص مع الواقع، فيجري التعامل مع النص على حساب الحقيقة والواقع.
مقالي هنا سوف يتجه بالآية اتجاها آخر ليس له علاقة كبيرة بدراسة معروف الرصافي التي أرى أنها حجة قوية ضد المسلمة التي ظل المسلمون يتباهون بها وهي قضية الإعجاز اللغوي في القرآن والتي بينت الدراسة أن هذه المسلمة لا قوة لها إلا كونها فرضت فرضا من طرف رجال الدين المؤيَّدين من أنظمة الاستبداد كتعويض عن كل المعجزات التي نسبت للأنبياء والتي كان محمد خلوا منها. أما أنا فسوف أتناول موضوعي حسب الكيفية التي تناول بها المفسرون هذه الآية، بطرح السؤال: أيهما يشقى أكثر في عالمنا الإسلامي التعيس: المرأة أم الرجل؟
طرحي لهذا السؤال مرده إلى أنني لست مقتنعا مثقال ذرة بما أعتبره المفسرون حقيقة مطلقة. قبل ذلك سأعرج بكم على بعض الشروح التي وجدتها للآية في مواقع الإسلاميين بإنترنت، خاصة موقع
http: //www.islamiyyat.com/kubaissi/2009-02-05-18-35-19/1716-2009-02-03-09-56-
تجمع الشروح هذه على التنكر لأي منطق أو عقلانية أو واقعية، ولعل هذا هو ديدن الفكر الديني عموما.
لهذا أورد هنا مقاطع طويلة حول الشروح التي تعرضت لهذه الآية (في الموقع المذكور آنفا، وقد أشير فيه إلى أن التفسير قيل في برنامج قناة سما دبي قبل نقله إلى الموقع):
" نتكلم من خلال خير الكلام عن شقاء الرجل في حياة الأسرة وهناء الزوجة فيها ( فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) طه. النسق يقتضي فلا يخرجنكما من الجنة فتشقيان، لكن الشقاء هو من نصيب الرجل وحده. إن الجنة التي خلق فيها آدم هي جنة أرضية وليس هناك دليل معقول على أنها هي الجنة الأخروية، وكان آدم يعلم أنه لن يكون خالدا في هذه الجنة (هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) من الخالدين والتكاليف لا تكون في الجنة الأخروية"
(وما دليلك أن آدم كان يعلم الغيب يا شيخ؟).
"لماذا يشقى آدم وحده فقط؟ لكي يوفر على حواء عدم الشقاء، يتحمل آدم الشقاء لكي يوفرها على حواء.."
"الذكورة في خدمة الأنوثة (الرجال قوامون على النساء ). واللغة العربية هي الفيصل في معرفة القرآن. قوام، قائم: يقوم على خدمة الآخر، وليس معناه الآمر والناهي وإلا لقلنا ولاه من الولاية.
ما هو الشقاء؟ ..."
" الشقاء: ... تعب دائم، نصب دائم، وصب دائم، كدح دائم، مكابرة دائمة. هي الشقاء انفردت بواحدة أو أكثر، ينبغي أن نبعد المرأة عن هذه المنظومة، لأنها لا تصلح لهذا، وتصلح لأمر لا يصلح له الرجل، الحمل والولادة، سهر ورضاعة وغسل ومسح وكنس وطبخ... وهي في غاية الفرح".
"صراخ المرأة عند الوضع كصراخ المنتصر في الحرب فيها لذة شريطة أن يحسن الرجل معاملتها." (عظيم !!!)
"كل الشقاء من نصيب الرجل ويؤثر في عقله وبدنه ونفسيته " فتشقى " وحدك يا آدم."
"البشرية في خطأ وخطل اليوم باستغلال المرأة في شقاء قرون الجاهلية المعاصرة، استدرجت المرأة زورا وبهتانا وباسماء المساواة ولاينبغي أن تشقى المرأة".
"الصائغ تجد أنامله جميلة رقيقة لأن مهنته تقتضي ذلك على خلاف الرجل الذي يتعامل مع الصخر... هكذا تكون المرأة كالصائع والرجل كالمتعامل مع الصخر والحديد."
" بعض شقاء الرجل:
جميع أنواع العمل العسكري صناعة وتسليحا وحربا وتدريبا.. كل هذا مطلوب من الرجل دون المرأة.
جميع أنواع كسب الرجل (بما فضل الله وبما أنفقوا ) ورزق المرأة على الله عن طريق الرجل.
نظام ألاسرة... بر الوالدين وتربية الأولاد ودراستهم... ومقاومة اللصوص كلها على الرجل.
أنواع القضايا ألاجتماعية: الانفاق والجيران والضيوف، زيارة المرضى... الحالة ألاجتماعية.
(رفقا بالقوارير ) !!!
كسر المرأة: خيانتها أو إهانتها أو البخل عليها أو ضربها، وواجبها ( أن تحفظه في نفسها و ماله ) حتى إذا خانتك في مالك فلا يجوز لك أن تكسرها.
القوارير يبعث البهجة في النفوس..لا تخدشها الأمة الوحيدة التي فيها يتزوج الرجل عذراء هي المسلمون حصرا.
الشقاء الأعظم: الخيانة، ظلم الوالدين، وظلم الأولاد وتجويع ألاسرة واختطاف الولد كل هذا يسبب الشقاء للرجل، وكذلك مرض مزمن، موت الزوجة، ظلم الحاكم، رد الاحتلال، عدو سلبك عرضك وأرضك وحياتك ويتاجر بك وتعذيب في السجون.
طوفان، إعصار، غدر صدر من قريب أو صديق، الغرق والافتراس.
الخوف من عذاب الله عند الرجال أعظم لأن كثير من الجرائم يقوم بها الرجل. فتن وحروب والأمراض الفتاكة والطاعون أفنت مدنا وبلدانا" انتهى


هذا تفسير شيخ قناة سماء دبي لشقاء الرجل واستفراده بمخاطبة إلهه له. وأصدقكم القول أنني قاومت بشدة اشمئزازي وقرفي وعذابي وأنا اقرأ وأعيد قراءة هذا النفاق الممزوج ببلادة فائقة يشترك فيها أغلب رجال الدين عندنا، لكنني كنت مضطرا.، ومكره أخوك لا بطل.
لا بد قبل أن أجري مقارنة أن أدعو القراء مرة أخرى إلى التأمل في هذه العبارات التي تعبر عن نفوس مريضة مختلة العقول لا تزال تعيش في عصور بائدة، رغم أن الكلام قيل في قناة عصرية تستخدم أرقى أنواع التقنيات الحديثة الباهرة: يقول:
"لكن الشقاء هو من نصيب الرجل وحده. "
"لماذا يشقى آدم وحده فقط؟ لكي يوفر على حواء عدم الشقاء، يتحمل آدم الشقاء لكي يوفرها على حواء.."
"الذكورة في خدمة الأنوثة (الرجال قوامون على النساء ). "
"البشرية في خطأ وخطل اليوم باستغلال المرأة في شقاء قرون الجاهلية المعاصرة، استدرجت المرأة زورا وبهتانا وباسم المساواة ولا ينبغي أن تشقى المرأة".
"الصائغ تجد أنامله جميلة رقيقة لأن مهنته تقتضي ذلك على خلاف الرجل الذي يتعامل مع الصخر... هكذا تكون المرأة كالصائع والرجل كالمتعامل مع الصخر والحديد." (كيف كان يرى أعمى البصر والبصيرة هذا ما كان يحيط به من تكنولوجيات تسير آليا وبمجرد اللمس الخفيف؟ وكيف ينظر إلى التقنيين أمامه؟)
" بعض شقاء الرجل: جميع أنواع العمل العسكري صناعة وتسليحا وحربا وتدريبا... كل هذا مطلوب من الرجل دون المرأة. (هل كان يجهل حقا ما بلغته الصناعة العسكرية الحديثة من تقدم مذهل لا يحتاج مستعمله إلى شقاء ولا إلى صلابة وهل كان يجهل حقا أن الأسلاح التي تكدسها البلاد الإسلامية كلها غربية صنعت بمصانع وعلى أيدي عمال وعاملات على حد سواء أم أنه ما زال يفكر في الكير والدخان والمطرقة والسندان؟)
جميع أنواع كسب الرجل (بما فضل الله وبما أنفقوا ) ورزق المرأة على الله عن طريق الرجل (الله عليك).
(رفقا بالقوارير ) ... الأمة الوحيدة التي فيها يتزوج الرجل عذراء هي المسلمون حصرا ( !!!)

والآن لنقارن من هو الأشقى عندنا اليوم:
في الريف: من يعرف حياة الأرياف عندنا لا يمكن له أن يصدق هذا الكلام الأبله. المرأة الريفية عندنا تستيقظ قبل طلوع الشمس، تحلب البقرة أو البقرات والعنزة أو العنزات، تكنس مخلفات البهائم، تغسل، تخيط وترقع، تحضر الأكل، تطبخ بالتبن والحطب في غياب وسائل الطبخ الحديثة، تهتم بالأطفال وما أكثرهم إنجابا وإرضاعا وعناية، ثم تخرج لجمع الحطب أو الزبل من الحقول والغابات، تشارك في مواسم القطاف، تطحن، تعصر، ... ولا يرقى عمل الرجل إلى عشر هذا المجهود، ما عدا في مناسبات قليلة لا تدوم طويلا، بينما يتواصل شقاء المرأة الريفية سائر العام.
تصور الشيخ للحرب وويلاتها لم يتجاوز تصوراته الجاهلية لها. اليوم تعاني النساء من الحروب أكثر من الرجال، في الجزائر كان مصير نساء الأرياف والأحياء الشعبية مضايقات فضيعة من قبل الإسلاميين بلغت حد السبي والذبح وصب الحامض على السيقان بسبب الحجاب، وفقد الزوج والأخ والأب... ووضع المرأة في أفغانسان والعراق وفلسطين ومعظم بلدان أفريقيا أفدح.
خلال ثورة التحرير الجزائرية أدت بطلات جزائريات أدوارا عظيمة وحكم على الكثير منهن بالإعدام مثل جميلة بوحيرد التي هزت قضيتها العالم بفضل مرافعتها البطولية وتحديها لجلاديها وساهمت في التعريف بالقضية الجزائرية وزادت من الضغوط على فرنسا لتقبل في الأخير بالتفاوض ثم الاستقلال ولم تنج جميلة من المقصلة إلا بفضل التعاطف الهائل الذي جلبته هذه المرأة البطلة مع القضية الجزائرية في العالم أجمع. فهل يعتبر شيخنا القروسطي جميلة ضمن قواريره السهلة الانكسار.

في المدن: النساء في المدن حاليا صنفان: ماكثات في البيوت، وعاملات.
بالنسبة للماكثات في البيوت، حيث تعتبرهن القوانين بدون عمل، عاطلات أو بطالات، وتمنح العامل علاوة بائسة مقابل ذلك، فإن ما تقوم به المرأة (العاطلة) في بيتها من جهود يومية لا يمكن مقارنتها بما يقوم به مختلف موظفينا في الإدارات، وأغلبهم يقضون اليوم في الثرثرة والكسل ونسج الدسائس والبحث عن الرشوة، وتعطيل مصالح الناس، بينما يعتبر شيخنا ذلك عملا وشقاء.
شؤون البيت كثيرة ومقرفة ومملة ومبلدة لأنها تتكرر يوميا مع خلوها من أية جدة أو طرافة أو متعة وهي أبعد بعد الثرى عن الثريا عما يدعيه الشيخ لها من "غاية الفرح" ومن أن "الرجولة في خدمة الأنوثة": كثرة الأولاد تتطلب يقظة دائمة وقلق دائم ومجهود لا يتوقف: السهر على العناية بالأطفال الكثيرين لسنوات لا تنتهي، تنظيف، غسل، كي، خياطة، طبخ، ... بالإضافة إلى الطوارئ وما أكثرها في عائلاتنا: مرض، نفاس، زيارة الأقارب، حوادث تصيب الأهل والأطفال، التكفل بالأب أو الأم العجوز أو كليهما معا، تحمل الأهل، شكوك حول إخلاص الزوج، صراعات يولدها ضيق السكن، خاصة مع وجود الضرائر (رغم بداية انحسار هذه الظاهرة البغيضة غير المأسوف عليها) . وفي المساء يأتي السيد بأوامره ونواهيه وتوبيخاته. كل هذا يتم عندما تكون الأمور على ما يرام، أما إذا ساءت العلاقات فهو الجحيم.
المرأة العاملة: المرأة العاملة لا تزال عندنا تحتل أسفل السلم من حيث الكم ومن حيث الكيف رغم فتوحات كبيرة. ورغم ذلك فهي، مقارنة بنظيرتها ماكثة البيت، أحسن حالا لأنها تخرج وتتمتع بقسط من الحرية والاستقلالية، لكنها ما أن تعود إلى البيت حتى تتساوى معه تلك الماكثة فيه، وتقوم بكل أشغالها، بينما يتوجه الزوج العائد من (العمل الشاق) إلى الأريكة أو السرير للاستلقاء ليتفرج أو ليتثقف وكأن الاهتمام بشؤون البيت جزء من غريزة المرأة أو أنها تأتي إلى الدنيا وهو مكتوب في جبينها.
في الأخير لا بد أن نستثني من هؤلاء النساء، نساء الطبقات الميسورة الحال قديما وحديثا حيث يتوفر الخدم والحشم (من النساء، طبعا إذا أغفلنا مصير هؤلاء وما يتعرضن له من إذلال واستغلال بشع واعتبرناهن من جنس غير جنس البشر بلا شقاء، لعل هذا هو السبب في عدم انتباه شيخنا إلى مصير آلاف الخادمات في بلدان الخليج اللواتي يعاملن بطريقة تقترب من العبودية )، لكن وجود المرأة كامرأة عندنا قديما وحديثا هو في حد ذاته شر ونقمة عليها مهما كان وضعها الاجتماعي. وقلما كانت تلقى التفهم والتعاطف بوصفها إنسان يحس ويشعر، وقد ساهم الدين في تأبيد هذا الغبن، ولا بد أن يرضع أطفالها حليبها ممزوجا بكل هذا الغبن التاريخي، ثم ننتظر بعد كل هذا أن تنجب لنا نساؤنا بشرا من الأسوياء.
والطريف في الأمر أنه عندما تثور النساء على هذا الغبن، على هذا الجحود، على هذا الحجر، على الضرات، على الهجر والضرب على هذا الشقاء الحقيقي، يقال لهن ناقصات عقل ودين، ويقال إن كيدهن عظيم. هذا الشقاء النفسي أسوأ وقعا من الشقاء المادي ولا يمكن أن تطالب المرأة باحتماله تحت أية ذريعة.
هل هناك وجه للمقارنة بين من منهما، الرجل أم المرأة، أكثر شقاء في عالمنا الإسلامي البائس؟
ومع ذلك يقول شيخنا البليد "البشرية في خطأ وخطل اليوم باستغلال المرأة في شقاء قرون الجاهلية المعاصرة، استدرجت المرأة زورا وبهتانا وبأسماء المساواة ولا ينبغي أن تشقى المرأة"
وهو يقصد بذلك المرأة في الغرب وتلك التي عندنا التي نالت قسطا من الحرية والتعليم والكرامة. ولا تخفى علينا دموع التماسيح التي يذرفها أمامنا هذا المعتوه وأمثاله وما أكثرهم.



#مختار_ملساوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (أين تكمن العلة؟ في الحاكم أم في المرؤوسين؟)
- غنائم الحرب ضد الاستعمار
- شامل عبد العزيز والاستعمار
- دفاعا عن عقول أبنائنا ضد تخلف المناهج التربية: مادة التربية ...
- قصة قصيرة من أزمنة الإرهاب: نهاية شيوعي
- دفاعا عن عقول أطفالنا ضد تخلف المناهج التربوية، التربية الإس ...
- قصة قصيرة من أزمنة الإرهاب: غسلا للعار
- دفاعا عن عقول أبنائنا ضد تخلف المناهج التربوية: مادة التربية ...
- المحاولات البائسة للتوفيق بين الإسلام والديمقراطية: ولاية ال ...
- قصة قصيرة من أزمنة الإرهاب: المجاهد يسترد بندقيته
- دفاعا عن عقول أطفالنا ضد تخلف المناهج الدراسية: مادة التربية ...
- دفاعا عن عقول أبنائنا ضد تخلف المناهج الدراسية: مادة التربية ...
- المحاولات البائسة للتوفيق بين الإسلام والديمقراطية: القرضاوي ...
- مقال تعقيبي على مقال السيد نادر قريط
- مآزق الإسلام السياسي أمام العقل المنطقي


المزيد.....




- وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع ...
- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مختار ملساوي - أيهما أكثر شقاء: المرأة أم الرجل؟