أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رتيبة عجالى - مرافئ القصيد نحو القدس















المزيد.....

مرافئ القصيد نحو القدس


رتيبة عجالى

الحوار المتمدن-العدد: 2713 - 2009 / 7 / 20 - 04:00
المحور: الادب والفن
    



الشاعرة زهرة برياح طبعت حضورها منذ عقد ونصف على صفحات يومية الجمهورية. ورغم أنها أعطت لكل التغطيات الاعلامية والصفحات الثقافية وقتها ومنحت للجريدة الثقافية نكهتها. لكنها آثرت الكتابة عن الآخرين على حساب تناسي كتاباتها وإسهاماتها الشعرية. نشرت كثيرا وشاركت في الاماسي والملتقيات الشعرية الوطنية قبل إصدارها مجموعتها (مرافئ العشق البارد) الصادرة عن دار الغرب 2003 ثم مجموعتها ( بوتفليقة فخر الجزائر 2004) ، وبعدها أصدرت مجموعتها الأخيرة (عيون العشاق) عن دار مصر الدولية للدعاية والنشر والتوريدات2006 .
في أمسية الخميس الماضي، غاب عادل صياد، عن الحضور بوهران، وعوضته أصوات وهرانية وعربية انحازت بها القرائح الشعرية للقدس. لم تقرأ زهرة برياح شيئا من نصوصها وبوحها لرمال الشاطئ الوهراني أو لمرجاجو. إبتعدت في ملكوت الامسية المقدسية عن همسة الاعتراف، أو بوح العشق الذي إستأثر عنوانين من عناوين مجموعاتها الشعرية. وما ميز كثير من نصوصها ، فقد أرادت أن تمنح أمسية القدس الشعرية الأخيرة التي قدمت في رواق مسرح عبد القادر علولة جميل صبرها الشعري مكابدة ولوعة. هي القائلة بشيء من دمعها الحزين قصيدتها المعنونة صحراء الورقة، زاوجت فيها بين معاناة الذات وقطرة الماء في صحراء الورق، ولامست الأرصفة المهجورة وقراءات الإعلانات وصخب المدن، والصمت القتيل في رواق الذاكرة. عندها قالت زهرة لجمهورها ولقدسها:
وفي لحظة/ تذكرت نفسي/ على أرصفة مهجورة/ فمزج الخوف بالأمل / وتأرجحت صورتك/ ولم أدرك أن جدران العالم/ تؤرخ المتاهات/ وان البحر كان شاهدا على ميلاد طفلي/ وحين أفقت من الألم / ثمة منديل أزرق/ وشاح يتلوى في الموج/ ويغرق/ والقدس تغرق/ ودمعتي كانت تخنق/ فيا ويلي من المسافات/ ويا ويل المسافر/ من كثرة المحطات/ وقد ضاقت الممرات/ من التسكع فوق أرصفة الحضارات/ فكم محطة/ عبرتها في التعب العميق/ حتى جاء استقرارك في صدري/ واختصرت كل المسافات/ التي أبادت كل المحطات.
في قصيدتها هاته شكت زهرة برياح متعبة، ضجيج الموج، وكأن المتوسط بركان ماء مالح من حولها، ودفنت بنحيبها ثرثرة الأسئلة، وقالت أنها بحثت عن البحر وتساءلت عن العمر الذي أضناه الأنين، وبات يقبل بالدم والمع أطلال الأولين.
زهرة برياح، شاعرة، لا تعترف بعد، أنها إمرأة يؤرقها وجد؛ طالما أنها تأتي حاملة بغرس البذور والجذور للأرض الموشمة بالشيح الاخضر، وهي شاعرة محملة بالأماني، رغم أنها تسترق الصمت، وتحلم بالحلم. هي امرأة يؤرقها وجدها على طاولة جرح لم تلمح بلسمه بعد .
إنها وان كتبت لكل القضايا تعترف لوسادتها أن الورد قد يُهدى في الحلم أو في اليقظة، كما يتجمع على الوسائد المكتظة بالوساوس والهموم، لكنها كشاعرة لا تغتوي به طالما أنها مجنونة حرف عربي الضاد، كما تعشق به الحل والترحال، وتعشق به الوطن من أقصاه الى أقصاه أيضا. وهي في مرافئ عشقها البارد [عنوان ديوانها] يجمعها حنين لأرض لا تدوس عليها الا بسمرة وجودها وخطو فرحها ورجز ألمها. وهي تخشى لأجل هذه الأرض خيانة المطر. وتسأل الرياح الغاديات من كل صوب، في كل المساءات: كيف تجيء جرائد الصباح تحمل الأخبار تخبرها أن البارحة شهدت على ناصية الطريق صلب رجل، ودفن وطن وموت قضية. تتهم الوقت بخيانة المطر وهي هي تسترق السمع والخطى، وتعرف سر الظنون، طالما أن الوطن لازال معبئا بالأنين؛ لذا لا تتردد زهرة برياح من الوقوف على مرافئ العشق البارد كل مساء وتخاطبة بقرابة 27 نصا متدفقا في شعرية أنثى خطبت ود قراح الماء في جرتها العذبة.
زهرة تبحث عن بقايا المنطق في الشعر ولا تفلسفه، ماهيتها التلقائية والعفوية التي عرفناها بها إنسانة مهذبة التفاعيل والانفعالات. كيف تسأل زهرة برياح عن بلد ينام على الرصيف، وأبناءه يحلمون بالرغيف وببلابل الصباح التي تغرد للرحيل، لا شك انه بلد نقرأ حضوره من حدود الماء الى الماء ومن التاء الى التاء. وهذه حروفها التي باحت بالاصيل الشعري لها. تقول: ( أنا أقرأ جرائدك التي حبلت بأنباء الجراح/ أدعو لفؤادك السماح/ فلم تبيع الشهد بسم الزعاف/ وتقايض الفيروز بالجفاف).
لا يمكن منح هذه الشاعرة صفة نقدية في مقال صحفي هي التي تبدع فيه قبل غيرها. لكنها موصوفة ككاتبة تردد صدى أغوارها بصدق. وطالما أنها اكتفت بالافتتان بالسفر واللامكان، وبالغجر وانسانيتهم المعذبة، فلها مبرراتها، لكني أجد في ترسبها كقطرات الندى بترب الارض التي تمشي فوقها جذلة تارة وحزينة تارة أخرى. فهي إرتضت بالكحل والحناء ورائحة النعناع والشيح الأخضر ألوانها وشذى عطرها. وظلت مفتونة بالسفر من دون جواز سفر. هي التي أتعبها الحنين إلى وطن لم تغادره حتى في حلمها، وهي التي تكلمت عن زمن القحط والموت والركض في المتاهات، ورفقة الطرائد عن الجنة لم تكفر به وطنا؛ بل ظلت مفتونة بزهر نخيله وعمق إمتداده، وبلحظة من زمن لا ينتهي بمواقيت الساعة.
زهرة تجلس على سفح مرجاجو، ذاكرة لأيام إسوده وتجليات سيدي الهواري في رحاب الباهية، هي قارئة لماض تحبه مضغة حب في رحيق الفناجين. هي زهرة الرمل والأغنيات يغدو صوتها لوهران نافذة، وقلبها بابا لرأس العين وزهر الرمان، ومفترق الطرق، وهي التي تناشد خلوتها ولا تبوح عن سر جراحاتها الا عند غصن الزيتون في قصيدها.
زهرة يعرفها الشعراء والشاعرات، هي تميل إلى الصمت المقرف على حد تعبير الاستاذ العبودي، لكنها تمنح كما نراه جميعا تدفق أنفاسها ورياحها صوتها الرخيم كصوت ناي وهراني أتعبه الغناء في جوق نشاز من حوله. إنها تختم مرافئ العشق البارد بلحظة حب لكل البلاد وأهلها، وتقول :
(لأجل عينيك سيدي/ تركت الكتابة وبلادي/ ونسيت الألف والباء/ لأن الكتابة عندنا مثل الأعادي/ ... ولأن الإبداع يعني ... عندنا/ قوافل من الشهداء/ أمواتا وأحياء/ ولأننا نمشي كل عام/ ألف عام إلى الوراء).
تغيب المدن بعناوين قصائد زهرة برياح، فهي لا تذكر أسماء المدن بأسمائها تُرمز بكثافة المنى تواجدها. ومع هذا فقد عثرت مرة واحدة، على اسم مدينة واحدة خطتها بقلم الرصاص تصحيحا لتجاوز المطبعة. فأعطت للقدس مكانة التفرد فيها بخط يدها تصحيحا لنص القصيد.
زهرة برياح أهدت مجموعتها الكاملة (بوتفليقة فخر الجزائر)، أرادت أن تقول أن الوطن يتواجد في نسمة جرجرة، وشموع سيدي بومدين، وبركات سيدي الهواري، وأسود الجزائر لكنها منحت رجلا إسمه الرئيس بوتفليقة ديوانا كاملا لأنه يكفكف دمعه بالوئام والشجن وهو رجل السلام، وفخر الجزائر.
في مجموعتها الأخيرة(عيون العشاق) التي صدرت في القاهرة العام الماضي ظلت زهرة وفية لخطها الإبداعي، مستمرة في غنائيتها، وفي تفاعيلها تقول في قصيدتها(أغني رغم الوباء) لحنا درويشيا تردد صداه:
(للأحجار العاشقة اغني
للأرصفة الصلبة اغني
للطفلة في الصدر الغادي أغني
لأشواق المسجونين إلى شجرة الزيتون أغني
لأحباب لي في القبر أغني
لأحباء لي في المحتشد أغني
للزوبعة الحمراء أغني
للرجل العربي القتيل
بجوار النبع أغني
للقمح في حقل البترول المحروق أغني
ومن خلال هذه القصيدة رمزت لـ (آية) حضورا في مأساة الإنسان، ووصفتها:
( آية .../ كانت في قصر السلطان/ تنوح/ كانت في الجبهة طلقة/ وتبوح/ وأنا لعيونك أغني/ هناك بقايا الحضارات/ هل عرفوا شجر الزيتون /حقول القمح والذرة/ حنيني للجبل/ للعرس المؤنس بالأهل/ وقلب مدفون/ تحت حزن الأحباب/ قلبي تنقذه طلقة).
تختتم ديوانها الأخير بقصيدتها ( إني من هذا الليل أخاف):
( قالت أمي هذا جسدي فخذه/ فدية لابني/ وقلت/ ما أشبه اليوم بالبارحة/ قرأت أن المدائن الخضراء/ يسكنها المهزومون/ يبنون المدن نهارا/ ا وان عسعس الليل/ يجنون/ لبلاد تمتد من الدمار إلى الدمار/ ويهجم الغبار الأصفر/ ليسكن رؤوس المارة/ ويدقها بصحو الأرض الجرداء ).
زهرة برياح، عصفت بكلماتها، واشتعل وطن وأفق بتوهج الحرائق والجنائز والدموع، هي مستعيذة بدموع المدائن، من غدر الزمان. ولا أمان في قاموسها الشعري؛ طالما ظل الذباب يطوف بالجثث. والوطن يطل أملا من جبال يقابلنا من هناك أفقها البعيد. هي التي أمطرت قصائدها ماءات السراب، وروح من وجود، وملاذات بوحها للحبر، وللأقلام الواعدة في الكتابة في صحيفة الجمهورية. وكما رثت شهداء الوطن/ منحت جمال الدين حضوره المتفرد في أحد نصوصها، ولمحت بمكابرة الدمع الجارف لحضور وغياب بختي بن عودة، نجمة لم تكتمل ألقها في سماء الباهية وهران. وزهرة في نصها المكبوت عادت تفضح فساد النصوص، ولصوص الشعر، ورهانات النجومية في الامسيات. إنها أوشت لنا بالكثير ولم



#رتيبة_عجالى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اذكرو محاسن موتاهم
- معذبو الأرض في الحالة العراقية


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رتيبة عجالى - مرافئ القصيد نحو القدس