|
رحلة الكون عبر الزمان(30) الاحساس فى الكائنات الحية
سامح سعيد عبود
الحوار المتمدن-العدد: 2711 - 2009 / 7 / 18 - 09:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كما أن هناك تطوراً فى أشكال الحركة يتناسب مع أنماط الكائنات المادية المتطورة من البسيط إلى المعقد، فإن هناك أشكالاً للانعكاس تتناسب مع هذه الأنماط، و قد عرفنا مما سبق أشكال الانعكاس الميكانيكية والطبيعية والكيميائية والمتناسبة أيضا مع أشكال الحركة، و آن لنا أن نعرف أشكال الانعكاس فى المادة الحية، والتى تتناسب مع حركتها الحيوية، و الذى يتخذ أشكالاً مختلفة تتناسب مع درجة تطور الكائن الحى ففى الكائنات الحية البسيطة وحيدة الخلية يتواجد الانعكاس فى شكل القابلية للإثارة، و فى الكائنات المتعددة الخلية الأكثر تطوراً يظهر الانعكاس فى شكل الاهتياجية، وفى الحيوانات الفقارية يظهر فى شكل الأنعكاس النفسى، والذى يصل لقمة رقيه فى الإنسان فى صورة وعى . حساسية الأجسام البروتينيه:ـ تتمتع الأجسام البروتينية وهى أساس تكوين الكائنات الحية بليونة عظيمة وبالاستجابة الواسعة للمؤثرات الخارجية، حيث تستجيب لهذه المؤثرات بتغير خواصها الطبيعية والكيميائية عند انخفاض أو ارتفاع درجة الحرارة أو الرطوبة و الضوء، وتحدث تأثيرات فى البنية الجزيئية والذرية لهذه الأجسام، فتبطىء أو تسرع التفاعلات الكيميائية والطبيعية، حتى تستطيع التكيف مع المؤثرات الخارجية، وهى بذلك تستطيع تغير حجمها وشكلها، وهذه القدرة مرتبطة بوجود أجزاء خاصة فى بنية الجسم البروتينى، وهذه الأجزاء هى جزيئات كيميائية ذات وظائف محددة، وهى تؤدى وظائفها من خلال عمليات التفاعل الكيميائى معتمدة على أشكال الفراغات بين الجزيئات. القابلية للإثارة لدى لكائنات الحية:ـ القابلية للإثارة هى رد فعل الحيوان أو النبات البسيط عند التأثير عليه بمؤثرات خارجية والتى هى إما مؤثرات طبيعية أو كيميائية أو مؤثرات كائن حى آخر فيستجيب لها استجابات معينة تتناسب مع نوع المؤثر، فارتفاع درجة حرارة الجو أو انخفاضها، يكون لها تأثيرات معينة على الجزيئات البروتينية أو الحيوية التى تكون هذا الكائن مما يحدث فيها تغيرات معينة نتيجة هذا التأثر، والتى هى فى النهاية تفاعلات كيميائية وطبيعية تشكل رد فعل هذا الحيوان على المؤثرات الخارجية، الا أن حساسية الجسم البروتينى فيما يتعلق بالقابلية للتأثر ليست سوى الشكل الكيميائى من أشكال الانعكاس، والذى بتطوره أدى لشكل آخر أكثر تعقداً هو القابلية للإثارة ، وهو يساعد الكائن الحى على التكيف مع ظروف البيئة المتغيرة، فنجد الكائن الحى يغير من مكانه أو ينشط أو يتوقف أو يغير من سرعة النمو، أو يتكاثر أو يتحكم فى تبادل المواد مع البيئة،بتغير مؤثرات البيئة من حوله.. فأننا نجده إما يتقوقع حول نفسه عند تواجده فى بيئة غير مواتية مثلاً و عندما تنتهى فترة التقوقع عند توافر البيئة المواتية، تزداد قابليته للتكاثر بالانقسام حول نفسه عند توافر الطعام، و مما يعنيه ذلك من زيادة قدرته على امتصاص مواد البيئة الخارجية من خلال فتحات جدار الخلايا، و تحليل هذه المواد إلى عناصر أبسط من خلال عمليات الهدم التى تديرها الإنزيمات ، و إستخدام هذه العناصر فى عمليات البناء والتى تؤدى إلى تضخم الكائن الوحيد الخلية فينقسم حول نفسه.. كما نستطيع أن نلاحظ هذه الاستجابة فى كائنات متعددة الخلايا كنبات عباد الشمس وهو نبات زهرى متطور حيث نجده أن زهوره تدور تجاه الشمس ليستفيد بأكبر كمية من ضوء الشمس،أو نبات الست المستحية الذى يطوى أوراقه عند اقتراب اليد منها، والتى سرعان ما تنفرد بمجرد ابتعاد اليد. والمسألة هنا مثل مسألة المغناطيس الذى لو علق حراً لتحرك بحيث يشير قطبه الشمالى للقطب الجنوبى للأرض، دونما أن يكون لقطعة المغناطيس عقلاً أو روحا، ما داخلها أو من خارجها، تدفعها لتلك الحركة، و لكن عقلها إن جاز التعبير، يكمن فى اتجاه لفوف إلكترونات ذرات الحديد فى اتجاه واحد، و هذا الاتجاه هو الذى يسبب خاصيته المغناطيسية، كما أن قطعة حديد ليست مغناطيسية عند إمرار تيار كهربى فى سلك ملفوف عليها يحولها إلى مغناطيس لأن المجال الكهربى يؤثر على اتجاه لفوف إلكترونيات ذرات قطعة الحديد، و يجعل لفوف إلكتروناتها فى اتجاه واحد، و بمجرد زوال التيار الكهربى تزول مغناطيسية قطعة الحديد .. فالظواهر السابق ظواهر طبيعية كامنة فى طبيعة عباد الشمس والست المستحية وقطعة الحديد والمعناطيس، شأنها فى ذلك شأن سقوط الحجر على الأرض بفعل الجاذبية المتبادلة فيما بين الأرض والحجر، الا أن هذا الشكل من الاستجابه يرتبط بخصائص الجزيئات الحيوية المعقدة المكونة للكائن الحى، وتفاعلها مع عناصر البيئة الخارجية سواء أكانت مؤثرات طبيعية أو كيميائية أو ميكانيكية. إهتياجية الكائنات الحية الأكثر تطوراً :ـ أن تطور الحياة و تعقدها ، أدى لتطور شكل الانعكاس إلى شكل أرقى هو الاهتياجية، وذلك عند الكائنات الحية متعددة الخلية التى تخصصت خلاياها لأداء وظائف محددة للكائن الحى من حركة وهضم وتنفس وخلافه، واصبحت عملية الانعكاس الكيميائية وظيفة عدد معين من تلك الخلايا ، و يتناسب تركيبها مع قدرتها على الاستجابة للمؤثرات الخارجية، و هى الخلايا العصبية المكونة للجهاز العصبى المسئول عن إدارة رد فعل الكائن الحى، تجاه المؤثرات الخارجية التى تحيط به، وهذا الشكل الأرقى من الانعكاس يقوم فيه الجهاز العصبى بادراك المؤثرات الخارجية، ونقل الإثارة إلى أجزاء الكائن الحى، والتى تستجيب لهذه الإثارة برد فعل مناسب لها، ونحن نلاحظ هذا النوع من الاهتياجية فى شتى الكائنات الحية متعددة الخلايا، و التى توجد بها خلايا عصبية، وهذه العملية تعتمد على تفاعلات كيميائية كهربية،فى الكائن الحى، وذلك على النحو التالى. يتم تخليق المادة الناقلة للمعلومات المنقولة عبر الجهاز العصبى ، فى الخلية الحية من أقرب المواد شبها بها، و يتم ذلك عادة بواسطة أنزيمات خاصة، كما يحدث هذا التخليق على خطوة واحدة أو على خطوات، و يتم نقل جزيئات المادة الناقلة للمعلومات من الجسم إلى نهائيات الأعصاب حيث تختزن هناك داخل حويصلات خاصة عند نقطة الإتصال بين الخلايا ، و تقوم الحويصلات بحماية جزيئات المادة الناقلة من فعل الانزيمات المختلفة التى تسبح فى سوائل الخلية والتى قد تدمر هذه الجزيئات، و تحتوى كل حويصلة من هذه الحويصلات على نحو 100000 جزىء من هذه الجزيئات، وعند وصول نبضة عصبية على هيئة إشارة كهربية إلى نهايات الأعصاب تقوم هذه باطلاق عدد هائل من أيونات الكالسيوم، و تؤدى هذه بدورها إلى إطلاق جزيئات المادة الناقلة فى الفراغ الواقع بين نقط إتصال الخلايا، وتندفع هذه الجزيئات سابحة فى الفضاء الخلوى المملوء بالسوائل، والذى يقع بين طرف العصب، وبين غشاء الخلية العصبية التى ستتلقى النبضة أو الاشارة، و تتفاعل جزيئات المادة الناقلة مع بعض مواقع الاستقبال الموجودة بغشاء الخلية المستقبلة للنبضة، و بذلك تصل الرسالة من خلية الأخرى إذا فعملية الاحساس فى الكائن الحى ونقل الرسائل و إختزانها هى عملية إنعكاس للكائنات الحية الأرقى فى مواجهة مؤثرات البيئة الخارجية، و ظواهرها المادية، و تعتمد فى النهاية على تفاعلات كهروكيميائية داخل الكائن الحى نفسه، و بمزيد من التطور تطورت الخلايا العصبية فى الكائنات الحية الأدنى ، إلى نشوء جهاز عصبى غير مركزى على شكل خلايا، و عقد عصبية منتشرة فى جميع أنحاء الجسم مثل الأسفنج، و بمزيد من تطور الكائنات الحية أخذت تلتحم هذه الخلايا والعقد والأنسجة تدريجيا حتى كونت عقداً عصبية مرتبطة بالعصب الرئيسى الذى كون ما يسمى بالحبل العصبى ، وفى الحشرات والمفصليات والعناكب مع الحبل العصبى تكونت تجمعات لخلايا عصبية فى رأس تلك اللافقاريات ما يسمى المخ، وهذا هو الجهاز العصبى فى الكائنات متعددة الخلية اللافقارية وغيرها، فبالتحام العقد العصبية تكونت المراكز العصبية والحبل الشوكى ثم فى مراحل أكثر تطوراً تكون الجهاز العصبى المركزى من مخ و نخاع شوكى و أعصاب وهو الجهاز الموجود فى الحيوانات الفقارية، و هى درجه أرقى من الكائنات الحية، و تتكون من خمس مجموعات هى من الأدنى للأرقى الأسماك والبرمائيات والزواحف والطيور والثدييات، وهذه الأخيرة تتكون من عدة مجموعات فرعية على رأسها الرئيسيات، و هى القرود و القردة العليا و البشر و هم أرقاهم، أما الانسان المعاصر فهو أرقى أنواع الجنس البشرى، و الذى وصل لديه هذا الجهاز لأرقى تطوره، وفى الحيوانات الفقارية فأن الحبل العصبى الرئيسى المسمى بالنخاع الشوكى تمت حمايته بوجوده فى العمود الفقرى المميز لتلك الحيوانات، كما يتواجد المخ داخل علبة الجمجمة العظمية. وبالطبع فان تحكم الجهاز العصبى وتحكمه فى الجهاز الحركى للكائن الحى من عظام وعضلات وغضاريف وأوتار وخلافه من الحقائق الثابته علميا، وان أى خلل فى هذا الجهاز يؤدى إلى عجز فى عمل الجهاز الحركى أو شلل أو فقد العضو وظيفته، وبالتالى يصبح العضو عاجزاً عن الاستجابة لمؤثرات الواقع المحيطة به. ويمكن التحكم فى الجهاز العصبى بمواد كيميائية تعطل وظائفه، كما فى التخدير فلا يشعر الإنسان الواقع تحت تأثير المخدر بمؤثرات البيئة المختلفة، ويغيب عنه الاحساس و الوعى، مما يؤكد الأساس المادى لهذا الاحساس والوعى الخاضع لتأثير المواد الكيميائية المختلفة سواء التى يفرزها الجسم، أو يتناولها من خارجه. وأن الكثير من الأدوية تؤثر فى مدى أداء الكائن الحى لوظائفه الحيوية وما هى إلا مواد كيميائية تؤثر فى هذه التفاعلات ، مما يؤكد طبيعتها المادية لا الروحية
#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحلة الكون عبر الزمان(29) الأدلة العلمية على تطور الكائنات ا
...
-
رحلة الكون عبر الزمان(28) تطور الكائنات الحية
-
رحلة الكون عبر الزمان(27) الوراثة والهندسة الوراثية
-
رحلة الكون عبر الزمان(26) التكاثر فى الكائنات الحية
-
رحلة الكون عبر الزمان(25) الانقسام الخلوي
-
رحلة الكون عبر الزمان(24) الخلية الحية
-
رحلة الكون عبر الزمان(23) أصل الحياة
-
رحلة الكون عبر الزمان(22) الحياة والموت والاستنساخ
-
رحلة الكون عبر الزمان(21) دورات عناصر الحياة فى الطبيعة
-
رحلة الكون عبر الزمان(20) ظهور الحياة على الأرض
-
رحلة الكون عبر الزمان(19) بدايات الحياة من جزيئات الحياة
-
رحلة الكون عبر الزمان(18) الانعكاس أو تأثر الأشياء ببعضها
-
رحلة الكون عبر الزمان(17) طرق تكون وتحلل الجزيئات
-
رحلة الكون عبر الزمان(16) ]داخل نواة الذرة
-
رحلة الكون عبر الزمان(15) قانون البنائية
-
رحلة الكون عبر الزمان(14) خواص العنصر تعتمد على بنية الأجزاء
...
-
رحلة الكون عبر الزمان(13) كيف نقسم الأشياء إلى أنواع
-
رحلة الكون عبر الزمان(12) الجزئيات ليست أكواما من الطوب، بل
...
-
رحلة الكون عبر الزمن(11) قوانين الحفظ والبقاء
-
رحلة الكون عبر الزمان(10) بنية الكون
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|