|
لماذا لا تجلد فرنسا المنقبات
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2710 - 2009 / 7 / 17 - 09:36
المحور:
كتابات ساخرة
كنا في الحجاب ... ثم تطورنا الى مرحلة النقاب . كانت مشكلة السلطات الفرنسية مع الحجاب ، لكن الأن عفا الزمن عما مضى ونسيت السلطات الفرنسية موضوع الحجاب أمام هجوم النقاب الأسود العنيف . الأكثر إثارة غرائزية لإكتشاف ما تحت النقاب . ونتساءل لماذا لاتجلد فرنسا المنقبات من حملة الجنسية الفرنسية ...؟ دافعنا عن موضوع الحجاب ليس بصفته رمزاً دينيا بل من حيث كونه حق فردي بإختيار الملابس التي يقررها الفرد لنفسه . ولكونه لايحدث ضرراً قانونيا مثلما هو حق الجميع بوضع شارة الصليب في عنقه أو أي شئ آخر مما تتقلده سواء المرأة أو الرجل من باب الزينة وحب الظهور . في قضية الحجاب قامت قيامة ما يسمى بجاليات إسلامية ومعها رموزها السياسية في بلدان المنشأ ، ولم تقعد وإعتبر أنه إعتداء ومصادرة الحريات الشخصية التي يكفلها القانون الفرنسي وكذا الألماني ..الخ . لكن الأمر تطور ووصل الى درجة إرتداء المرأة كيس أسود من منبت الشعر الى أسفل القدم ؟ ولا ندري إذا كان ذلك مصحوباً بقفل العفة الشهير ؟ بيد أن العجائز من صحاري الأرض وقيادات العمل الصحوي يسمح لهم بإظهار فحولتهن وتعاطي كافة أنواع المنشطات الجنسية ، وإستعراض عضلاتهم الضامرة على القصر ، ذكر أم إنثى العذارى من عمر أحفادهم . ربما مرابع القمار في لندن وباريس وأمريكا وتايلاند وسنغابور ومانيلا وأديس أبابا ، تختزن في ذاكرتها قصص غرامية لرموز شرق أوسطية أكثر من كتب دار الحكمة ذاته وحتى من قصص ألف ليلة وليلة على طريقة هارون الرشيد . وصاحبه ابو نواس الذي إشتد به الشوق فصعد من أسفل الى فوق ؟ دخلنا الأن عصر النقاب الثوري ، الذي ألقى بكل تاريخ الغزل في الشعر العربي قبل الإسلام وبعده الى الجحيم . بل أن قيس وليلى وجميل وبثينة والنابغة الذبياني وأمرؤ القيس وعنترة العبسي وليس آخراً نزار قباني على العالم ( الإسلامي ) إصدار بيان عالمي يعلن فيه براءة العربان ( المتأسلمين ) لهذا التاريخ ؟ بل وإصدار فتوى تريح نفوسنا أن هؤلاء مصيرهم جهنم وبئس القرار . السؤال هنا لكي لا نطيل على القارئ ، لماذا لم تدافع هذه المنظمات الصحوية عن حق الصحفية السودانية بإرتداء البنطلون ، بإعتباره حق فردي ؟ كما دافعت عن الحجاب والنقاب في فرنسا ..؟ هل إرتداء البنطلون يخدش ويدمي ويجرح الحياء ؟ أما ذاك النقاب الأسود فهو لا يشكل منظر إزعاج للمواطن الغربي . ولا يحول المرأة الي ما أشبه بكيس قمامة متحرك ، مع إعتذارنا للمرأة كإنسانه ، ثم كيف تقبل على نفسها بهذا السجن ؟ . هل نساء العرب والمسلمات اللواتي قاتلن في الحملات الاسلامية ، مثل خولة بنت الأزور والخنساء وغيرهن، كن يرتدين حجاباً أسوداً مبرقعاً والسيف في يدها ؟ وهل المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد كانت ترتدي الحجاب أو النقاب ، وهل دلال المغربي الفلسطينية التي قامت بتنفيذ عمل فدائي كانت ترتدي الحجاب او النقاب .. كانت ترتدي بنطالاً ؟ رغم أن هناك فتوى ظهرت ولا داعي لذكر إسم صاحبها ، بأن الفتيات اللواتي سقطن في عمليات فدائية ضد الاحتلال الاسرائيلي لن يدخلوا الجنة . .. والسبب لأنها توجهت لتنفيذ العملية دون أن يصاحبها أو يرافقها محرم ؟ وليس محرم فؤاد المغني المصري . أصبحنا في مجتمعات أن ترتدي فيها البنطال فهي قمة الشجاعة . لكن هذه الشجاعة لاتنفي عن المرأة تهمة ما والعياذ بالله نتيجة إرتداء البنطال. ترى ماذا يختزن التجويف الدماغي لعقل من هذا النوع ؟ شخصياً لا علاقة لي بعلم البيولوجيا الوراثية ؟ مشكلة الصحفية السودانية ليست محصورة بعملية الجلد من حيث كونها عقاب على تهمة بل في دلالتها وأبعادها السياسية والإجتماعية ، ومستوى ونوعية الثقافة التي تضخها هكذا أنظمة سواء بالنسبة للسودان او كافة تلك القوى الظلامية التي تطالب بتشريع عملية الخنوع والإستسلام . ومقاومة مبدأ التغيير . ترى هل هذا هو النموذج التي تطالب قيادات العمل ( الإسلامي ) بتعميمة على العالم العربي والدولي هل هذا معنى شعار ( الاسلام هو الحل ) أي حل ؟ إنه حل المجتمعات العربية وتفكيكها عن بكرة أبيها . وتمزيقها طائفيا ً. وتصفية كافة الأقليات التي تعيش في المنطقة قبل نزول ما نزل بآلاف السنين . النقطة الخيرة التي نود الإشارة اليها وهي جوهر الموضوع ، قد لا يعلم القارئ ان خلف عملية ترويج الحجاب والنقاب إستثمارات مالية تصل الى مليارات لأن عقود الملابس الجاهزة ( الشرعية ) التي تنتظر دورها للتصدير الى الأسواق العربية والاوربية ، تغذيها عملية تسويق إعلانية ضخمة . حيث دخل الحجاب بطريقة تصنيعة وألوانه ونوع القماش المستخدم ، عالم الموضة الحجابية . حتى أنه تحول الى تحديد الموقع الإجتماعي لهذه المحجبة او المنقبة من خلال نوعية وألوان الحجاب وشكلة . عملياً وبصراحة هو نوع خاص من التجارة عابرة للقارات . بالضبط مثلما تحولت الكوفية الفلسطينية من رمز للنضال الوطني الفلسطيني الى موضة ، وأفرغت من مضمونها الوطني . ولمعلومات البعض أن أحد التنظيمات السياسية ( المتأسلمة ) قد إحتكر إنتاج إحدى البلاد العربية لهذا الصنف بهدف المتاجرة بها وتسويقها عالمياً . طبعاً لسنا ضد البزنس ، لكن ضد عمليات غسيل الدماغ الجارية بهدف تسويق المنتجات الصينية والتايلاندية بواسطة إستخدام الدين . وعندما تتحول زيارات العمرة على سبيل المثال ، من غرض ديني الى تجارة الشنطة يصبح الموضوع أكثر من مجرد نفاق رخيص بحق رمز مقدس . إنها بالضبط أيديولوجية تبرير وتسويغ إنكار الحقيقة ، على أساس غرس مبدأ الإقتناع الذاتي بأن الحجاب والنقاب ورحلة العمرة المشنططه ، هي واجب ديني ؟ بل أيضاً وصلنا الأن الى نظام ( آداء شعائر الحج ) بالتقسيط المريح وبتسهيلات بنكية مريحة من خلال بعض البنوك الإسلامية التي لاتختلف عن البنوك العادية سوى بالإسم فقط ؟ وبناء على ذلك جرى إفتتاح العديد من مكاتب السفر والحج في مختلف البلدان الاوربية ، بل وتشجيع المسلمين البسطاء على آداء مناسك الحج ، فيما يجري تكديس الملايين لصالح هذا التنظيم ( الإسلامي ) او ذاك الذي يستخدم واجهات مختلفة لتحقيق عائدات خيالية . وهذا أبشع عمليات الإستغلال إنها بزنس السياحة الدينية .وبإنتظار الحاج كافة المنتجات الصينية والبخور لطرد الارواح الخبيثة ، ودرء الحسد ، وحجب فك المحسود وربط المفكوك ، وتسهيل الزواج بالحلال ، وعلم الدخول على المسؤولين لقضاء الحاجة ، وأكل الدجاجة ؟ . ترى هل هذه مجتمعات بكهذا ثقافة قابلة للتطور الى الامام لصنع المستقبل ؟ وهل مجتمعاتنا العربية فعلاً وبدون إنكار للحقائق تقوم على مبدأ حرية الفرد وحقوق الإنسان وحق المواطنة ؟ أم أنها تقوم على أساس وصاية وحجر عقل الفرد وإمتصاص قدراتة وتحويلها بما يخدم ويكرس عقلية التسلط ومنع التطور نحو الديمقراطية. وإذا كانت الحركة ( الإسلامية ) تعاني من مأزق عدم قدرتها على تجديد خطابها السياسي من حيث الجوهر والمحتوى في مجتمع عالمي متطور ومفتوح ، فإن هذا لايعني إعادة إنتاج وتصدير الماضي بشوائبه نحو مستقبل خلف وراءه مئات الحضارات التي كانت تلائم ذاك العصر ، وبمقياس ذاك العصر كانت تعتبر إنقلاباً ثورياً . لكن ليس بزنس الحجاب والنقاب . والسياحة الدينية . مرة أخرى ، الدين شئ منفصل كعقيدة شخصية ، وإستخدامة كوسيلة شئ آخر. الدين هو للعبادة ، وليس للسيادة أو أعمال البزنس . وتحية يا زول الى المتمردة الشجاعة الصحفية السودانية لبنى الحسين .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لم يعلن الجهاد المقدس ضد الصين ؟
-
لا.. لحملات الإعدام في إيران نعم ..لحق المواطن في المعارضة
-
على هامش قمة الثمانية بين خيام المنكوبين وخيمة العقيد ومدن ا
...
-
سوريا .. والعودة المتدرجةالى مثلث القرار العربي
-
مؤتمرات تشتيت الشتات ومهرجانات لإتحادات جاليات بالجملة
-
هجرة أم فرار غير منظم من الاوطان
-
هل تعيد القاهرة بناء خارطة سياسية فلسطينية جديدة ؟
-
لماذا لا يتمسك المفاوض الفلسطيني بدولة كل الشتات ؟
-
مؤتمر حركة فتح السادس ومهمات التحول من مفهوم الحركة الى حزب
...
-
هل نتنياهو كذاب..أم ..؟
-
النرجسية في العمل السياسي والاصل الاغريقي للمصطلح
-
لماذا تراجع اليسار اليوناني في الانتخابات الاوربية
-
نحو حزب إشتراكي فلسطيني
-
حقيقة ماحصل في أثينا
المزيد.....
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|