أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وضاح كاظم فرهود الياسري - العشاء الذي لم يكن الاخير














المزيد.....

العشاء الذي لم يكن الاخير


وضاح كاظم فرهود الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 2707 - 2009 / 7 / 14 - 04:44
المحور: الادب والفن
    


في ذلك الزمن ادركت كم هو الليل مولع بالصمت.حين ابصرت دموعه ترسم حدود مدينه لم ترحمها يد الحرب التي اعلنت عليها منذ ليالا عده.مدن الحرب التي ارتني ..اطفالا ..نساء ..شيوخا يجتمعون في حجرة واحده ليكون الموت واحد والامل بالحياة واحد...وانتظارهم واحد لشيئا لايعرفون كنهه.ربما يدا تقرع الباب لاحد ابنائهم العائدين من الجبهه او ربما رجلا تاه في عتمة الظلام ,او ربما رائحة الموت المحمله بعبير التفاح او هدية حربا تهشم سطح الحجره....اوربما فجرا يلج عليهم نوافذ الحجرة التي تابى ان تنتظر الا الحياة.
في حجرة المطبخ كان الاب جالسا قرب المذياع يحاول التقاط اي موجه فيها اخبار عما يحدث في العراق فرحلات الموت الليليه نسفت الجسور وقطعت كل وسائل الحياه...قتلت ودمرت.... واحرقت حتى تعالت خيوط الدخان وصرخات الابرياء في الملاجئ .
الناس يتحدثون عن حجم الدماربشكل لايتصوره العقل كل هذه الاخبار كانت تاتي عبر المذياع الذي كلما خفت صوته حاول الاب شحن بطارياته على المدفئه كما تعود الناس في ذلك الوقت الذي انعدمت فيه الكهرباء واغلقت كل المحلات ابوابها وكانت محاولات الشحن لاتمنح البطاريات سوى دقائق من الحياه.
دخلت الام وهمست بصوت مرتجف .....ياحاج لقد اوشك الطعام على النفاد.سئلها وقد ارتسمت على وجهه ايات الخوف ...اصحيح ماتقولين؟ قالت:- نعم لم يتبقى سوى حفنة دقيق وقليل من الرز لايكفي لعشاء الليله.
ترك الحاج المذياع وتسائل في شرود...ماذا سنفعل ياحاجه حتى المال اوشك على النفاد هو الاخر والاعمال كلها متوقفه والمحلات مغلقه منذ اول ايام الحرب لكنني لم اكن اتوقع اننا سنحاصر في بيوتنا بهذا الشكل....قالت الام:- لاادري غدا ساحاول تدبير الدقيق من جارتنا .
قال الاب:-لا غدا ساذهب الى المدينه وارى ما يمكنني عمله وساشتري بما تبقى من المال بعض الدقيق ومايمكن ان يسد الرمق حتى يحلها الحلال ....لااريد ان اتصور بعد ان كبرنا واصبحنا اجدادا فيراق ماء وجوهنا باخر العمر.
قالت الام:-الله كريم ياحاج تمتم هو الاخر الله كريم الله كريم....وراح في تامله ناسيا المذياع الذي كان قبل قليل كل همه وشغله الشاغل .ادرك ان رحى الحرب صارت تلوك باضراسها اطراف بيته .وان يد الجوع هي الاخرى اعلنت الحرب على ال بيته.
نهضت الام لتجهز الخبز على الطريقه الجديده التي فرضتها ظروف الحرب بوضع اناء معدني على المدفئه وفرش العجين عليه حتى ينضج على نار هادئه .كانت حصيلة ذاك اليوم ثلاث ارغفه وصحن صغير من الرزالذي كان اخر مدخرات زمن السلم.
تجمع اهل البيت على صوت الام حين نادتهم لتناول العشاء بينما كان الاب لازال سارحا على كرسيه والام جلست مع ابنائها وبناتها وهي تقول:-اليوم عشائنا بسيط غدا ساجهز لكم احسن الطعام.
نظروا الى وجه الاب المكتئب وحين ابصرهم يحدقون في وجهه حاول ان يبتسم ابتسامه تطمئنهم نوعا ما .......اي ان الاوضاع على خير مايرام....وان لاتقلقوا.ثم قال بسم الله كلوا لكنهم شاهدوا ان يده لم تمتد الى الطعام وان كل ما فعله هي هي حركه تمويهيه وكآنه سيمدها لكنه لم يفعل بينما كانت يد الام اسيرة في مكانها وعيونها مغرورقه بالدموع.
ادرك الابناء ماوصل اليه الحال وادركوا ان ابويهما قد قررا ان لاياكلا من هذا الطعام القليل الذي لم يعد يكفي لابنائهم .نهضوا الواحد تلو الاخر عن الطعام الذي لم تلمسه يد احدآ منهم ...ومنذ ذلك اليوم لم يكن العشاء بهذا الشكل هو الاخير.....1991كانون الثاني.....بغداد



#وضاح_كاظم_فرهود_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل ...
- ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية ...
- حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
- عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار ...
- قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح ...
- الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه ...
- تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
- مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة ...
- دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
- وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وضاح كاظم فرهود الياسري - العشاء الذي لم يكن الاخير