عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 2704 - 2009 / 7 / 11 - 08:43
المحور:
الادب والفن
36
لِمَ تـُهلِك نفسَكَ في رثائي؟
أأعودُ الى الصحراءْ
وما زالَت تبحث عنـّي
بفحص ِالرمال ِالمحيطة
ذئابُ الحدود
وبقية ُ بَدْو ٍ مرّوا بآبار ٍ
قريبةٍ من الماضي العميق
وجاؤوا دجلة َ ؟
ألمْ ترَهُمْ يتفرسونَ في حدودِ السماوةِ باحثين
عن رمل ِ أقدامي
يفتـّشون عن لحظتي
بين ذرّتيْن ِمنهُ تدحرجتا تحتَ أبصارِهم ؟
ألمْ يقتفوا سِرَّ الهواءِ حتى " نكَرة السلمانْ "
حيث لا تبوحُ الحَصى بأي تلفـّـُتٍ
ولا بعمْر ِ البحيرةِ الخرساءْ
أو قلق ِالظباءِ التي وردتْ من مائها يوماً
ولم تـَبْغ ِ ارتواءْ ؟
فلم يكن كلّ ُ تلفـّـُتٍ محكوماً بالوراء
لأنّ التلفـّـُتَ بعد طول غيابٍ
عن قريتي
بصحبة السجان
يريني ملامحي ؛
ولم تكنْ هناك قـُرىً
فلا قطرة ُ بئر ٍ
ولا جُرعة ُواحةٍ
ولا خوصة ٌأستظلّ ُ بها
ولا حَصاة ٌ سَرقتْ لونَ الغيوم
فأفـْشـَتْ سرَّ جدولْ
وكنـّا غريبَيْن هناك :
أنا ونبتة ُحنظلْ؛
وكانَ الهواءُ، كالأرضِ وكالسماءِ المُقفلـَتيْن،
مُقـْفـَلْ
كذلك تبقى غريبة ًقريتي
في زمن الصحارى
فحتـّامَ تظلّ ُ قرانا بدوية ً
صَبايا أسيرة ً لغـُزاةٍ؟
فكلّ ُ ما يجري لها
من الغرباءْ ،
يجري التواءاً بها:
من كدَر ِالماءِ أو طـُهْر ِ الدماءْ
37
عند أبوابِ السجون
ستقرأ قريتي سطرا فسطراً
مما خطـَّتْ يداها على باب المعظم والسراي
وفي ظلام القرى
ودهاليز النفوس في المدن الكبيرة
ستفسّرُ كلَّ حروفِـها
وسنقرأ ُبعضَـنا
حرفا ً فحرفا ً
وسنكتبُ فينا
وتجتازُ أبجديتـُنا
حروفَ اللغاتِ القديمة
ستعلن كم من نهار ٍسيكشفُ زنزانتي
وكم سيرسم الفجرُ في جدرانها
قـُزَحا ً
فتبحثُ النوافذ ُعما خـُلِقتْ له
من ضياءٍ وعيون ٍ
وهواءْ
وأطرافِ شجيرات ٍ أشارَتْ
الى أفـُق ٍ بعيدٍ
في الخـَواءْ
فكم من قمر ٍعذ ّبَ أحلامَ صباي
وكم من سحائبِ رمل ٍ تبيدَرَتْ فيّ
وقلتُ هذا كثيبي أو نصيبي
فهذا وطني
وكم من وشـْم ٍعلى كبـِدِي كان زمانـُها
سينقشُه
فالسكارى من رُعاةِ البَدْو ِ مرّوا
وآلافُ الخرافْ
فلم يعد من عشبٍ بها
سوى سَبْخةٍ
ترنـّحَتْ بها "الطحْماءُ"؛
أو تلوى ظـَمَأ ًبها ماءُ
فاذا أجداثُ النخيل قناطرٌ
تأوّهتْ عطشاً
على تـُرَع الجفافْ
فقد أنهكتْ ظهورَها الأظلاف
وانحنت على مجرى الحَصى
تشدّ ُ أليافـَها
على الأليافْ
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟