إلى متى تظلُّ فتياتنا قرابين على مذبح جرائم الشرف..؟ مشروع القانون الجديد يُدَعّم المذبح.

إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 2704 - 2009 / 7 / 11 - 09:35
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    

لا تزال العقلية الذكورية التقليدية تفعل فعلها في المجتمع السوري وبازدياد في الآونة الأخيرة رغم كل حملات مناهضة القتل بذريعة الشرف، وبرغم كل الندوات والمحاضرات التوعوية التي أقيمت لهذا الغرض، ورغم اعتراف رجال الدين كافة على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم رفضهم ورفض الدين لمثل هذه الجرائم باعتبارها اعتداء صارخ على حق الحياة للإنسان والذي لا يملكه سوى الله.
واليوم بين أيدينا قصة جريمة جديدة قامت تحت مسمى الشرف ، حيث أقدم المدعو(خ. م) على قتل شقيقته(ف) المتزوجة من(خ.خ) من محافظة دير الزور بواسطة بندقية- يومبكشين- في مشروع زراعي بين قريتي الدارة وصما الهنيدات في محافظة السويداء.
إذ تغيبت الفتاة(ف) عن منزل أهلها فترة زمنية، اتصل بهم بعدها شخص يطلب منهم الموافقة على عقد زواجه بابنتهم حتى يكون بمقدورها العودة لمنزلهم.
وفعلاً تمّ أخذ موافقة الفتاة من قبل الأهل عبر الموبايل وتمّ تنظيم عقد زواج عرفي بموافقتهم خارج المحكمة.
غير أنه وفي الساعة الواحدة من صباح يوم 25/5/2009 قام شقيق الفتاة وعمره/16 عاماً/ بعد أن تعرّف مكان شقيقته من خلال التحري والمتابعة، أحضر البندقية وعندما رأى شقيقته وزوجها يستقلان دراجة نارية في درعا، حيث قام يرافقه ابن عمه/23 عاماً/ بضرب الزوج بالعصا على كافة أنحاء جسده بينما أطلق الأخ على شقيقته ثلاث أعيرة نارية، ثم غادرا المكان بعد أن قاما بتوثيق الزوج وسلبه جوّاله، ولمّا تيقن الزوج من مغادرتهما أسعف نفسه إلى أحد الجيران الذي قام بنقله إلى مشفى الحراك حيث قام مخفر الثعله بتنظيم ضبط بالحادث.
وبتاريخ 28/5/2009 تمّ إلقاء القبض على القاتل(خ.م) في محافظة الرقة وتولى فرع الأمن الجنائي بالسويداء التحقيق مع القاتل الذي اعترف بما نُسب إليه، كما اعترف على مكان شريكه المتواري عن الأنظار. وقد تمّ إصدار مذكرة توقيف بحق منفذ الجريمة وإيداعه بالسجن كما تمّ العثور على البندقية أداة الجريمة بالقرب من المشروع الزراعي مكان الجريمة.
أجل ما زالت فتياتنا ونساءنا تُقَدّمن قرابين على مذبح جرائم الشرف، والمتتبع للموضوع يجد أن هذه الظاهرة إلى ازدياد.
باعتقادي إن من يساعد على استمرار هذه الجرائم ليس فقط الذهنية الذكورية التقليدية، وليس فقط هذا الموروث الاجتماعي البالي، وإنما ما يُسَن من قوانين وتشريعات تدفع بشكل غير مباشر إلى تعزيز هذه الظاهرة- جرائم الشرف- كما هو الحال في المواد/ 548- 239- 240- 241- 242 / من قانون العقوبات السوري هذه المواد التي تفسح المجال واسعاً أمام استمرار هذه الجرائم والممارسات المشينة والشنيعة بحق الإنسانية عامة, وبحق المرأة خاصة على وجه الخصوص
ونذكر جميعاً الحملات المتعددة والمناهضة لجرائم الشرف والتي تمّت بجهود ناشطين ومثقفين وتنظيمات نسائية وأهلية، دعوا جميعهم لتعديل هذه المواد في القانون المذكور.
وكان الأمل كبيراً وعظيماً قدر الانتظار الذي طال لأجل الوصول إلى الأهداف المرجوّة من التعديل المنشود والأماني الكبيرة المعلّقة على تعديل يطال أيضاً قانون الأحوال الشخصية ليبعد عن نساء سورية شبح الذبح في مسلخ جرائم الشرف. لكن وللأسف فإن المشروع الجديد عزز وأكد على تدعيم وترميم ذلك المذبح وبشكل موارب من خلال المادة/63/ والتي تنص:
لا ينعقد:
1-زواج المسلمة بغير المسلم باطل.
2-زواج المسلم بغير المسلمة ما لم تكن كتابية.
3-زواج المرتد عن الإسلام أو المرتدة ولو كان الطرف الآخر غير مسلم.
فبالنظر لهذه المادة بفقراتها الثلاث نجد أنها تعزز ارتكاب جرائم الشرف من خلال تحريمها وإبطالها للزواج المختلط البعيد عن موروث وتقاليد طائفية عشائرية أكل الدهر عليها وشرب( ومعروف أن الكثير من جرائم الشرف قامت على خلفية زواج مختلط)، وبالتالي جاء هذا المشروع ليس فقط مخيّباً للآمال، وإنما رافداً قوياً لتلك الذهنية الذكورية التقليدية الداعية لتقديم المرأة قرباناً في معبد الشرف المزيف إذا ما اختارت شريك حياتها بإرادة منفردة بعيدة عن وصاية القبيلة والطائفة والعشيرة.
وكذلك جاء هذا المشروع ليدعّم الزيف والانتهازية لدى البشر- وهذا مخالف لكل القيم الدينية والأخلاقية- حيث يوافق على زواج مختلط بعد أن يشهر الزوجان( أحدهما أو كلاهما) إسلامهما، ومعروف كم من الناس يقدمون على هذا الفعل لغاية إتمام الزواج مثلاً.
وواضح هذا الوضع في المادة/232/ (في جميع الأحوال التي يسلم فيها أحد الزوجين أو كلاھما أمام المحكمة الشرعية لا يجوز البحث في صدقه في إسلامه ولا في الباعث على الإسلام)
فبعد كلّ هذا هل يمكننا التعامل مع هذا المشروع بغير الرفض لكل ما جاء فيه جملة وتفصيلاً.

#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات