|
مديح الى عوض دوخي ..وصوت السهارى..!
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 2703 - 2009 / 7 / 10 - 10:31
المحور:
الادب والفن
( صوت الأغنية من حنجرة الرجل .تشعر المرأة إن الغرام أكتمل ) اديث بياف هذا صوت أرق من مشية النعامة ، صوتٌ لايترك من غبار الموسيقى سوى ارصفة للذكريات وغرام رسائل اقلام الرصاص ، وبعض شهقة التمني لوطن تاه بين نعاس البلدية وظلال ماتبقى من طلل حدائقه التي زرع فيها نبوخذنصر كل شهوة الملوك وجعلها من عجائب الدنيا السبع. هذا الصوت الأرجواني الذي ولد في الكويت ، وتثقف بفطرة العود لينسج من موهبته ثوب جنون الأغنية بعاطفتها التي ارتدت الثوب الابيض و( الغترة ) ، وسبحت مع خيال البحر والنجوم والرمل لتسجد له مسامع عشق المراهقة اللذيذة التي خفقت بين خوذة الحرب وخصر النخلة فتهنا في مدن اساطيرها عطر النساء وخال على الخد ورمش لايشبه ظل الخيمة كيلو 101 التي خسرنا فيها طيش دولة وفيالق وفرق هرشت بمعدتها كل صمون الجيش وشوربة حروب طروادة واجبان فرنسا الحرة وشواجير مصانع الروس الحربية ، واكتسبنا بطاقة تموين وحزن طفولة الحليب وضياع بغداد ، ورجل تعلم ان يصنع من العبث وهما وقصورا عباسية ، هي اليوم ملعب كولف للسفير الايطالي والبنغالي وغينيا الجديدة. هذا الصوت الذي عمق جرح الفقر وشهوة الرغبة في طربية قد لاتتكر بعد ان طغى على ذوقنا الحداثوي صوت ( حليمة بولند )، ظل وعلى مدى زرقة حلم جيل القصيدة صناعا ماهرا لخيال الامنيات والذهاب بعيدا مع طيف سيأتي الينا بزورق القصب والورد محملاً بألف اميرة وجواز سفر والنجاة من موس الشظية ، وبعض ( بصاروة ) العراق ، يرون في صوت الرجل غيب المتصوف عن لحظته ، حتى انهم كلما يمر تحت اجفانهم ( دلع غزال )يكررون تلك الجملة الاسطورية ( مر ظبي سباني ..سباني ..حين النظرتوا عشية ). نحن مع عوض دوخي وحنجرته المشعة بكل خواطر السرياليين وخطابات جيفارا ، لمحنا عمرنا الذي ساح كما دموع المطر على خدود بيوت الطين وانتظار سهرة منتصف الليل ونكسات حروبنا مع اسرائيل وانقلابات العسكر ، وجلطة قلب عبد الناصر ، وبعضنا شهق فيه غرام الثقافة والف مع سارتر حزبا للعدم البعيد عن عاطفة الله ، ترك شعره سارحاً على اكتافه مثلما فعل جلجامش في تيه رحلته الخاسرة ، مزق بنطلونه ، ووضع على صدره شارة العبث وتاه في خمرة الليل وتفسير القرن العشرين بأنه قرن لايستحق ان يعاش مادام برجنيف ونيكسون يتبارزان بلي ذراع متفق عليه .حرب باردة .لم تشعلها في دهشة النسيان والتوهان والغرام سوى تلك الاصوات الجميلة التي كانت تبعثرنا في شوارع الخيال والشهوة مثلما تبعثر عرافات الغجر احجارها لتقرأ بختنا المتعثر بين الفصل السياسي والانتحار غرقاً بسبب الحب. الأصوات التي شكلت مع صوت عوض دوخي ( عصافير اجهزة الراديو ابو اللمبة ) الذي لايمتلك اي مذياع حديث حلاوة صوته ،فقد كان الراديو مثل الحبيبة ،اقرب الى الحضن عندما نفتقدهن ، بنات حواء اللائي كان خيالهن اشهى من البيض ( المزيت ) بالجوع والفاقة وانتظار نتائج البكلوريا . اصوات ( نجاة ، فيروز ، سليمة مراد ، عوض دوخي ، داخل حسن ، يوسف عمر ، ام كلثوم ، وديع الصافي ، وحيدة خليل ، ابو بكر سالم ، محمود الكويتي ، وردة الجزائرية ، فهد بلان ، نجاح سلام ، علية التونسية) رهط من صانعي الدهشة المفرطة التي تصبغنا بحناء اعراس بهجتنا وتغيب معنا داخل معطف الروح الخضراء لواحدة نسكن عندها متى يجتاحنا القلق الفكري والمادي ،وليس هناك سواهم بعد الله من يعالجوا همنا المبعثر مثل قطرية دولنا المعربة والمستعربة. هذا الصوت الاغريقي ( والمخيال ) ولد في الكويت ومات فيها ، حتى ان بعضهم يقول حياة الكويت رأت بهجتها ورخاءها في شيئين ( النفط وصوت عوض دوخي ). اجاد في ترسيخ تراث وطنه ، ونقل الاغنية الخليجية الى مصاف الرقي الساحر الذي عندما يقارن مع خليجي آخر اسمه ( ابو الخير ) فتكون المقارنة جائرة بين صوت وصوت ، فرق الثرى عن الثريا ، فعوض دوخي يملك شهادة في مغازلة العود والحس والذكريات ، انه عمر جميل لأجيال واجيال ، بينما ( ابو الخير ) هذا ليس له عمر سوى بربع ساعة هو كل عمر اغنيته في نواح الفديو كليب وميوعة فاترة. يحتاج صوت عوض دوخي الى ذهن صاف ليؤرشف الكاتب من خلاله عصر امتلأ بغرائبية كل شيء ، عصرٌ يحتاج منا ان نستعيد مشاهد اعمارنا دقيقة دقيقة ، وبعدها تأتي المراجعات والنتائج . ترى عندما لايكون هناك نشوة النغم بصوت كعوض دوخي او ام كلثوم كيف ستعيش القرون العربية القادمة حياتها ..؟ أنها اسئلة مشروعة لزمن تتداخل فيه غرائبية ماكروسوفت والبطيخ المعدني ، والاغاني المسطحة على الشاشات البلازما ، عصر لاطعم فيه لمشمش بعقوبة وسمك فحيحيل وبلح حلوان وتفاح الارز وتوت مراكش. والى ان نجد الاجوبة يغرق الحالم بغرام صوت السهارى وحيرة قلبي معاك وانت عمري.كما تغرق غيمة الراتب في اكياس الخبز والسلف وملابس العيد. غرق هو انقاذ من غرابة ورتابة مايحدث. لكن مثل اولئك المدهشين كما النظرة الاولى على اللؤلؤة المكتشفة يتكفلون ليكونوا علاج شعورنا بوحدة العيش مع القصيدة ودبابة المحتل . كفيلون بفتح بوابات العالم الخيال لسعادة طافية على شفاه الورد كما يطفوا العطر على وسائد العاشقين. وسيكون صوت الخالد عوض دوخي في مقدمة الصفوف ، صوت يشعرنا مع اغنية ( صوت السهارى ) ، انه يمكن صناعة الحلم الأخضر مهما هجمت علينا عولمة الجنرالات واختراعات الشركات اليابانية.
زولنكن في 8تموز 2009
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نعش مايكل جاكسون ..نعش هويدي* ...
-
في يوم وليلة ...
-
النوم تحت أجفان هند رستم ...!
-
قصيدة إلى الشهيد مايكل جاكسون ...
-
طنجة ..والقصائد وعيون البحر والنساء
-
معزوفات تحت أجفان المطر
-
خواطر طارق بن زياد في طنجة
-
قصص قصيرة لجدتي الخطيرة ...
-
المرأة ، الرجل ( المسافة بينهما )...!
-
طنجة ...وصناعة فردوس متخيل كقصيدة
-
رائحة المكان الأول ...
-
وردة الكاريبي بموسيقى معسكر التاجي()
-
الروحاني الذاهب إلى عينيك
-
داخل الوردة... خارج الشكل
-
قصائد إلى نساء الهنود الخضر ..
-
قصيدة حب إلى شيخ المندائيين...
-
طنجة وغرباؤها ، جان جينيه وبول بوولز أنموذجان
-
صوفية المكان السومري ..
-
دع الوردة تنبت بين شفتيك...
-
شيء عن مدينة العمارة العراقية...
المزيد.....
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|