تغريد فيصل القره غولي
الحوار المتمدن-العدد: 824 - 2004 / 5 / 4 - 09:08
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
قبل أن نتطرق لما يحدث في المجتمعات كافة من هفوات وأخطاء في المفاهيم ولاسيما المجتمعات العربية التي باتت تتضح فيها العيوب والأخطاء بشكلٍ جَلي وذلك لسذاجة الشخص العربي وعفويته التي تربّى عليها مما جعل منه أضحوكة ومستودع لرمي الأخطاء والعيوب فيه وعلى كاهله رغم وجود أفضع الأخطاء في المجتمعات الغربية, ولكنها مجتمعات تصرفت بحذاقة وأخذت كل ماهو جيد في الإنسان العربي وبدأت تحذو حذوه حتى وصلت لدرجة المجتمعات الممدوح خلقها وصنعها, والتي أصبح الشخص العربي ينظر إليها وكأنها شيء صعب المنال رغم أن الوصول إليها سهل جدا" لأنه مستمد أصلا" من أساس جذور أخلاق العرب الذين سمحوا للآخرين السبر في أغوارها وإستلهام كل ماهو مفيد منها, وعليه ليست هذه المشكلة فإننا يجب أن نفخر كل الفخر بذلك لإننا كنا ومازلنا أول السبل لإصلاح المجتمعات ونعيد النظر في دواخلنا التي مازلت متأكدة من إنها دواخل نظيفة وطيبة وذات عراقة جذرية منذ الخليقة ولكنها تحتاج للصقل فقط.
إن من أول المشاكل التي واجهت المجتمعات العربية هي عدم تفرقة شعوبها مابين النقص والعلة, ودعونا نبدأ من أول السلم لمناقشة مسألة النقص والعلة والتي عليها سنصل لآخر السلم ونكتشف ماصنعنا بأنفسنا من خطأ فضيع أوقع كلا الجنسين في الهاوية ومنها أصبح المجتمع ينظر نظرة ذات محدودية ضيقة جدا" لدور المرأة في المجتمع.
إن مسألتي الثقة بالنفس وإرادة التصميم هما من أروع مامنحته الخليقة للبشر ككل, وهاتين المسألتين لايمكن الأخذ بهما والتصرف بحذافيرهما ونطاقهما إلا إذا مافرق البشر مابين النقص والعلة. فلما يكون هناك شخص يتمتع بعينيين زرقاويتيين وآخر بخضراويتيين وآخر بسوداويتيين وآخر ..... فإن كل ماعلى الشخص هو ثقته بجمال لون عينيه فقط وليس تفضيل اللون الآخر على لون عينيه فكل لون له جمالية خاصة به ولإن حتى القبح وإن كان نسبيا" فإنه يتمتع بجمال معين أيضا" هو نسبي ومسألة النسبي هي أيضا" نعمة أطفحت على البشر والتي من خلالها ستكون أشكال المخلوقات كلها جميلة من جمال نسبي إلى آخر. ومن هنا أود التطرق لباقي الهفوات التي وقع بها البشر عندما لم يفرقوا مابين جمال الأشياء وبالتالي إستمر عدم التفريق هذا ليتطاول على مامنحه الله للمرأة التي أصبحت يُنظر إليها وكأنها كائن فيه من العيوب والنواقص لما يؤهلها بإن تكون شخص أقل درجة من الرجل وتركن على الرف دون إزالة الغبار عنها.
من أكثر ماهو متداول بين المجتمعات العربية هو أن النساء ناقصات عقلٍ ودين ٍ وميراث, ولم يمكنهم القول أن من عيوب النساء هو قلة العقل والدين والميراث, وإنما قالوا ناقصات. إذن بهذا الصدد ستكون المرأة أوفر حظا" من الرجل بما نـُسب إليها, فلما كانت ناقصة عقل فهذا معناه أنها شخص مليء بالعاطفة وليس للرجل حظ من ذلك حيث إنه يفتقر للعاطفة وفقا" لهذا القول... وعليه منح الله الأمومة ورحمة الأمومة للمرأة وليس للرجل وذكر في كتابه تعالى (الجنة تحت أقدام الإمهات)!! أيُ نقص ٍ هذا جعلها تحظى بالجنة لكونها أم وليست أب. ولما وفرت لنا الخليقة التزاوج مابين الجنسين لتكاثر البشر فكان هذا من جرّاء تلقيح بويضة المرأة التي لولا وجود هذه البويضة لما إكتملت العملية التكاثرية لجنس البشر, وهذا مايطلقونه بناقصات دين لإنها لاتصلي ولاتصوم شهرٍ بأكمله, ولماذا؟ لإنها تتوقف خلال الشهر الواحد عن الصلاة بسبب شيء خلقه فيها الله من أجل تكاثر البشر, أيٌ تناقض ٍ هذا؟!! أينسبون ماأوزعته الخليقة على المرأة للنقص, وحسنا" إن كان ذلك نقصا" فيها فهو ليس عيبا" فيها لإنها لم ينقصها شيء من إنوثتها سوى إنها لاتكمل صلاة الشهر بسبب شيء طبيعي الخليقة فيها وهو شيء يزيد من كمال إنوثتها لإن لولاها لما تمكن الرجال من إكمال عملية الإنجاب لإبناء من أصلابهم ومن أصلاب أرحام نسائهم, ولما تحمله كلمة أرحام من معاني كثيرة مَنّ بها الله على المرأة لتكون بمنزلة أرفع بكثير لما يشوّب من حقائق تجاهها. أما بالنسبة للميراث فإنها من أروع الإضحوكات التي تمّ ممارستها على الرجال الذين لو فكروا للحظة لوجدوا أنفسهم خاسرين رغم حصولهم لميراث ضعف ميراث إخته المرأة, لإنه بحصوله على هذا الميراث مطلوب منه إعالة بيته وعائلته وزوجته وأبنائه, وبهذا سيكون مالديه بالكاد يكفيه أو قد لايكفيه وفقا" لنوع ظرفه المعاشي, بينما أخته المرأة ستأخذ حصة النصف دون أن يُطلب منها الإنفاق على أحد سوى نفسها, فمن الرابح الآن؟؟!!
لم أتطرق لكل ذلك إلا لتصحيح المفاهيم الخاطئة تجاه ماينقص ومالاينقص المرأة رغم أن هذه النواقص وإن كانت مغلوطة التعبير أصبحت سلاحا" لها. وبالحقيقة لو أننا أمعنا النظر قليلا" لوجدنا الكم الهائل من النساء اللواتي يتمتعن بعقلٍ رزين ونظرة ثاقبة لإمور حياتهن وحياة الآخرين من حولها, بينما هناك الكثير الكثير من الرجال الذين لم يستغلوا التفكير بعقولهم ولو للحظة ولم يوظفوا عقولهم إلا لمهاجمة الجنس الآخر وبالتالي هؤلاء الرجال (البعض) نراهم يمثلون شريحة متدنية من المجتمع ولايمكنهم خلق عوائل متماسكة ورصينة المبادىء بسسب إلتزامهم بتوافه الأمور وترك الحقيقة, فأين نقص العقل الذي ينسبوه للمرأة التي ساندت أباها وأخاها وأمها وزوجها وأبنائها في سراءٍ وضرّاء وفي تقويم مجتمع بأسره وخاصة" في الحروب التي أدمت كل شرائح العرب والتي لولا مساندة المرأة في بيتها للرجل الذي يقاتل بعيدا" عنها وعن أبنائها لما قامت المجتمعات ونهضت بانفسها من جديد ولما تحررت بلاد من أي متهجم ٍ عليها. فلماذا لايهمنا إلا مهاجمة الآخر للآخر رغم إن تآصر الجميع بمختلف الجنسين سيولد قوة للمجتمع الذي يروم إلى حياةٍ أفضل تسودها الأجواء الثقافية وترتكز على مبادىء لاتتزعزع بأحرج الضروف, فكيف لاتتشتت العائلة تجاه أول موجة مضادة مادامت أواصر دواخلها غير مرتكزة ؟ وبالتالي كيف لايتشتت المجتمع العربي بسهولة مادام يتخلله مثل هذه التوافه التي جعلت منه يعتقد بأنها أمور جمّة ؟ ولكنها بالفعل أصبحت جمّة لإنها أدت إلى إنهيار الكثير من المعايير والمقاييس التي تؤدي لبناء مجتمع ٍ قويم.
وبالله عليكم لو حاولنا التفكير جليا" والنظر للمجتمع العربي ككل, فماذا سنجد؟ هل الرجل وحده من يعمل ويكسب لقمة العيش؟ وهل قادر وحده على تربية أبناء وبناء عائلة ذات أساس قويم ؟ لو كان الجواب نعم فلنجرب ونمنع النساء من ممارسة أي عمل خارج بيوتهن ولنرى ماسيحدث؟ كفانا ذلك, ودعونا نطور دواخلنا ليتطور مجتمعنا, إن الشخص القوّام على الآخرين هو الشخص الذي يُعيلهم ماديا" فقط, ولو بحثنا في كل معاجم وتفاسير العالم لعرفنا أن كلمة القوّام لاتحمل إلا هذا المعنى حصرا" , وعليه يكون ربّ العمل هو القوّام على موظفيه لإنه يصرف لهم رواتب معاشية, وكذلك الرجل في بيته مسؤول عن توفير فرص العيش المناسبة للعائلة, فمن الآن هو الرابح ؟ المرأة التي تعيش مكرّمة بظل رجل واجبه توفير فرص عيش ملائمة ووضعه المعاشي لها, أم الرجل الذي بذلك عُلقت عليه هذه المسؤولية؟ هذا هو معنى القوّام وليس القوّام هو مَن أعلى منا درجة, فلو كان كذلك لسمح أي موظف بتسلط وسخط الموظف الأكبر منه درجة وظيفية, ولسمحت المرأة بتجرّع وتحمل الرجل (إن كان ظالما") بممارسة السخط عليها. وهناك سؤال آخر يطرح نفسه الآن, وهو وفقا" لتطور الحياة السريع وماتمليه التكنولوجيا المعاصرة علينا ككل ولتزايد الحروب على المجتمعات العربية مّما أدى إلى صعوبة الأوضاع الإقتصادية, هل أصبح الرجل وحده قادرا" على توفير فرص العيش الكافية بما يناسب وضعه المادي لعائلته؟ إذن مَن أصبح الآن القوّام معه أيضا" مادام هو وزوجته يعملون ويحاولون جاهدا" للحصول على وضع معاشي يتماشى ومتطالباتهم وحسب وضعهم المعاشي ؟؟!! كفانا نكران الحقائق ودعونا نلتفت لإمورٍ أهم باتت تودي بنا إلى أحقر المنازل المجتمعية دون شعورنا بإن هذا هو الكفر الأكبر بعينه, لإننا واقفين وكأننا نقول لرب الخليقة أنك خلقت شيئا" فيه نواقص وعيوب, رغم إن كل الكتب السماوية لمختلف الأديان أكدت على أن الخليقة بكل مرافئها إنتهاءً بالبشر لم تكتنف على أنولة خطأٍ في خلقها, فكيف الآن أهداكم الله إلى أنه خلق النساء وفيهن نواقص وأخطاء ؟ لو أمعنا النظر بالتفاسير الصحيحة لآيات القرآن الكريم لوجدنا أنها أعطت منزلة أرفع للمرأة وليس أقل, فحتى آية (... كيدهنّ عظيم...) هي كانت لصالح المرأة التي علم سبحانه وتعالى إنها ستستضعف لإستغلال إنوثتها وشكلها ليجعلوا منها كائن ضعيف يلبي رغباتهم, فقام بتحذيرهم من كيد النساء الذي لو قمن بإستغلاله سيصلن إلى مايرمين إليه, حسنا" هل الكيد من قلة العقل ؟ أم من الذكاء ؟ أجيبوا أنفسكم بنزاهة لو سمحتم. كيف تستقلون من شخص تم تحذيركم من كيده ؟!
وعلى كل ماذكر أعلاه, فأنا لاأريد مهاجمة الرجل ولاأريد خلط الأمور, ولاأقصد بهذا الكلام الرجال فقط, فهناك الكثير من النساء وللأسف تم تشبيعهم بمثل هذه المغالطات وأصبحن يفكرن تفكير الجهلة بالمرأة رضوخا" لواقع المجتمعات العربية بحكمها القاسي وغير المنصف تجاه المرأة, فلكل شخص ٍ سواءً إمرأة أو رجل عيوبه ونواقصه التي لابد أن يقتنع بها قناعة تامة على أنها صفات من صفاته كإنسان وليست عللا" فيه فالفرق بين النقص والعلة كبير جدا" ومنه سيتحلى كلا الجنسين بالثقة بنفسه والإصرار والتصميم على إكمال ماتتحلى به شخصيته, وهذه الحياة فتحت المجال للنقص والكمال أن يُستثمرا على نطاقٍ واسع وبأنجح السبل. وكل ماأود أن أؤكد عليه أنه لافرق بين أسمر وأشقر وسيدٍ وعبد فكلها مقاييس جمالية نسبية ولاتكتمل ولاتعار لها الأهمية من قبل الآخرين إلا بالخلق الحسن والأمانة بالعمل والأمانة والنزاهة بالحكم على الآخرين ونصرة المظلومين والضعفاء والإبتعاد عن كل أشكال النفاق والرياء والوشاية بالآخرين, كلها أشياء حتمت عليها الأديان السماوية ولم تحتم على قبر الكفاءآت الكامنة في النساء. وعلى فكرة أود أن أشير إلى العصور القديمة التي سبقت ظهور الأديان السماوية على الأرض, حيث كانوا في مصر قديما" يجعلون من ملوك القبائل نساءً لإعتقادهم بإنها هي مَن تهب الحياة لإنها تحمل الأبناء في أحشائها ثم تلدهم وهي من تمتلك الثديين لإرضاع أبنائها بينما هذين الصفتين لايمتلكها الرجل فتكون هي من تستحق الملوكية, ماذا حدث لنا؟ هل كان الجهلة منصفين أكثر منّا الآن؟ نحن المتعلمون وأصحاب دين!! ولماذا كانت الآلهة لدى الوثنيين من النساء (اللات ومناة وعزى) ؟ لماذا ؟ أليس لإعتقادهم بإن لها من المواصفات الجسدية والروحية مايستحق أن يُعبد؟ حسنا" نحن الآن مجتمعات ذات دين وعقيدة وعلم ولانريد أن يستعبد أحدنا الآخر سواءً إمرأة أو رجل, فقط مانروم إليه هو نبذ الأفكار السخيفة التي تؤدي إلى تحطيم مجتمعاتنا وأن نحترم الشخص رجلا" أو إمرأة لذات شخصه وأخلاقه وكفائته بما نسب إليه من عمل في حياته سواءً داخل أو خارج البيت, فلا يكون هناك خلق لمجتمع واعي ومتطور إلا ببدأ خلق مجتمع متكامل داخل ذاته وبيته أولا" وبالتالي عكس ذلك على الآخرين في المجتمع.
كانت الكاتبة الكبيرة (آندرييف) قد كتبت كتابا" لاقى نجاحا" واسعا" وتم تمثيله فيما بعد على شكل مسرحية في إنكَلترا, وكان عرض هذه المسرحية لتجسيد معالم القصة قد نفذ بحذاقة وذكاء واسعين, حيث أظهرت خشبة المسرح أرض واسعة المساحة نوعا" ما وحول هذه الأرض أبواب تقع إحداها جنب الأخرى, وكل باب كان مكتوب عليها عنوان معين مثل (باب الحقد, باب الطموح, باب الغيرة, باب الثائرين, باب المتذمرين, باب الكمال, باب القبح, باب الطيبة .....) وغيرها من أسماء الصفات التي يتحلى بها البشر, وبعد ذلك يظهر من كل باب شخص يقرأ على الناس بإسلوب الترتيل مادفعه لإن يحمل تلك المواصفة, والطريف مافي الأمر أن الكاتبة كانت قد أوضحت لكل صفة الأسباب والظروف التي خلقتها, وبالتالي لم يتمكن المشاهدين أو الناقدين من إيجاد خطأ" لأي من هذه الصفات وبات الناس يرون أن كل صفة تخلق لها ضروفها وأسبابها وخلفيتها وعليهم المعالجة وليس الرفض وذم تلك الصفة, ماعدا باب الطيبة فلم ينبس الشخص الخارج منها ولو بحرف واحد, فأدرك الحاضرين مالهذه الصفة من شيء كامن وسامي في النفس يسمو فوق كل باقي صفات البشر الأخرى, وأجهش بعض الحاضرين بكاء الشخص صاحب باب الطيبة وأخذوا يبكون معه, وكأنهم أدركوا في دواخلهم مالهذه الصفة من سخط وإستبداد عليها دون مقدرتها أن تتغير وفقا" للظروف والخلفيات التي تؤثر فيها, وأدرك الجميع أنها الخلاص الوحيد للبشرية كي يتجاوزا أحقادهم وظلمهم ونسيان ماألمّ بهم من مواجع بسبب حقد الآخرين عليهم وأنها الصفة الوحيدة التي تستحق أن يكون إتجاهها غيرة حقيقة, على الأقل للمحاولة بالتحلي بها وليس دفنها.
نحن بشر خلق فينا الله سبحانه العقل الذي نفكر فيه دونا" عن باقي المخلوقات, وأوهبنا خطيّ الخير والشر في حياتنا وترك لنا إختيار أحدهما لإن لنا عقل نفرزن فيه الأمور (وأهديناه النجدين, إما شاكرا" وإما كفورا), آلا يجب أن نأخذ ماهو جميل فينا وفي أدياننا؟ ألا يجب أن لانحرف المعنى الحقيقي للآيات ونفسرها على هوانا وأزاء مصالحنا؟ أين الدين الذي تتكلمون عنه بهذه اللاإنسانية؟ آلا يجب أن نعتمد على جمال الأشياء الكامن وليس قبحها الظاهري والذي بحد ذاته قد يكون جميلا" أيضا" دون درايتنا بذلك لعدم تمييزه بالشكل الصحيح ؟ ألا يجب أن ننبذ الأفكار القبلية الجاهلة التي تودي بنا إلى التهلكة ؟ ألا يجب أن نحاول مرة أخرى النظر للأمور من جوانبها الجيدة وبالتالي فنحن جيدون؟ فالإنسان يرى الأشياء وفقا" لما يُمليه عليه داخله وتركيبة شخصيته, ولايرى عيوب الآخرين إلا لإنه مليء بتلك العيوب التي يراها بالآخرين.....
ومن هنا أود الإشارة إلى باقي مؤشرات الحياة الأخرى ومجالاتها التي حُرمت منها المرأة بسبب الخوف الكامن داخل الجهلة من إطلاق عنان كفاءآت المرأة خوفا" من التغلب عليهم, رغم إن المرأة وبكل تأكيد سوف لن تفكر بنفس درجة الأنانية التي يتصف بها الجهلة الناكرين للحقيقة الواضحة وضوح الشمس, ولاأتحيز بهذا الحكم لكوني إمرأة ولكن مالمسته خلال تجربتي مع الآخرين هو إن المرأة تريد أولا" إثبات كمال شخصيتها وعقلها أمام أعين ودراية الجميع على حدٍ سواء وليس بتنحية الآخرين لإستلام مناصبهم والبقاء وحدها في الساحة, ولو كان كذلك فستكون هي أيضا" من الجاهلين ولاتنظر إلا للعيوب التي قد تكون مشوّبة بذهنها من جرّاء مامورس عليها من ضغوط نفسية وإجتماعية قلبت لديها موازين الأمور. ولاأعلم لماذا هذا الخوف منها مادامت مليئة بالضعف والعيوب!!! أنظروا كيف تناقضون أنفسكم رأي العين. وعليه فهي دعوة للنساء والرجال لتنظيف أحقادهم تجاه بعضهم البعض والتفكير بإن مَن أمامنا هو إنسان وليس رجلا" أو إمرأة ومايؤلم الرجل يؤلم المرأة لكونهما هما الإثنين عبارة عن إنسان لديه نفس الجسد والروح والمشاعر الحسيّة والمناطق الحساسة التي تستجيب للألم والفرح ويمكن أن تخدش ولو بكلمة وتسبب الألم نفسه للطرفين, ويستحق هذا الإنسان أن يمنح كل الحقوق ليظهر كوامن طاقاته وليتخلص من تراكيب النقص التي حتما" سيكتشفها في نفسه شيئا" فشيئا" وبالتالي سيكون هذا هو مفتاح الحل الأمثل والرائد لتجاوز الأخطاء والأساليب الملتوية التي بات بعض الناس يستخدمها وصولا" لمآربهم, وحتما" ستبتعد النساء عن إستخدام كيدهن لإنه سوف لايمثل الضرورة لإثبات مالديهن.
مانعيشه الآن هي فرصة كبيرة لفسح المجال لكلا الجنسين بالعلم والتثقيف وتبوء المناصب والمراكز الإجتماعية والثقافية والسياسية المرموقة, وبالتالي فإن الشخص غير الكفوء هو مَن سيتم إبعاده وتقصيّه بغض النظر لكونه إمرأة أو رجل, فكلنا بشر وكلنا قادرين على إظهار الخير والشر على حدٍ سواء, وسوف لن يفوز بإحلامه إلا مَن كان نزيها" في عمله وتصرفاته مهما نام الغبار عليه, فمشكلة مجتمعاتنا لحد الآن إنها لاترى إلا الأشياء غير السوية دون السوية منها, ولكن هذا الكفاح بحد ذاته سيكون نجاحه مثمرا" ومبهجا" للنفس بشكل كبير لإنه جاء عن تعب وجهد وليس عن تشويب وتحريف وصولا" لأهداف هي في الحقيقة غير نزيهة مع سبق الإصرار والترصد, ولو لم تكن كذلك لما وُلِدَ هذا الخرق الكبير بين جنسي البشر وبالتالي التأثير المباشر لخلق مجتمع ركيك.
حتى عصرنا الحالي لم تظهر أي دراسة علمية أو دينية تثبت أن مامخلوق في الرجل يختلف عمّا مخلوق في المرأة, وإنما كل الدراسات على مّر العصور حتى وقتنا الراهن تؤيد أن كلا الجنسين لديهما نفس الأساسيات الخلقية في الجسدين وإن الأحاسيس ذاتها لدى الإثنين, فكفانا جهلا" ودعونا نهتم بالأهم قبل المهم لمحاولة تحقيق مجتمع واعي جديد يحث على خلق أجيال جديدة نقية لاتفكر إلا بتطوير ذاتها ومجتمعاتها بعيدا" عن التنافس غير النزيه والمقالب التي لو إستمرينا عليها سوف نقرأ السلام على هذا البلد الذي طالما رام إلى حياة تتنفس هواءً نقي دون غيرة وحسدٍ وحقد وحروب ودماء والعيش تحت أجواء أطر أسرية يظللها السلام ومن ثم سلام المجتمع بأسره, ولاأعتقد أن هناك مَن يخالفني الرأي على إن العيش بمحبة وتآزر أسمى وأطهر بكثير من محاربة الإنسان للآخر. لقد خلقت هذه الطبيعة وفيها الاجواء الجميلة بفصولها الأربعة وفيها الجبال والأودية والبحار والأنهار والأشجار والزهور والسماء الزرقاء والأرض الخضراء..., ولم تسخط علينا هذه الطبيعة بمرافىء جمالها إلا لإننا بدأنا الإعتداء عليها بإجتثاث أشجارها وزهورها وبتشويب جمال أجوائها بقنابلنا وصواريخنا ومراكبنا القتالية, يال هذا البشر مايصنع بنفسه!!! وجعل من التطور حضارة مشوهة وكأنها ليست سبلا" لرفاهيته, يكفي آلاما" وتطرفا" وتفرقة عمياء مظلمة والنظر للسيء فقط, ولنجعل النقاوة هاجسنا الأول لتنقية بلادنا ومجتمعنا من أفضل لأفضل في ظل قلوب وأيادي متآزرة ونوايا صافية يتعامل فيها الإنسان للإنسان وكأنهما شخص واحد ويفكر كلّ منا بأن مايؤلمه سيؤلم الإنسان الآخر عسى أن تكون أول السبل للإبتعاد عن أذية النفس والآخرين وخلق مجتمع سليم للعراق الجديد.
تغريد فيصل القره غولي
التـجمـع النسـائـي العـراقـي المسـتـقـل
#تغريد_فيصل_القره_غولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟