أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاطمه قاسم - خالي ابو معاوية رحل مع زهر البرتقال














المزيد.....

خالي ابو معاوية رحل مع زهر البرتقال


فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2700 - 2009 / 7 / 7 - 08:17
المحور: كتابات ساخرة
    


وهكذا تتجدد مأساة الإنسان الفلسطيني ،التي تظل تدور وتدور إلى ما لا نهاية ،دون حل ،دون مجرد أفق للحل ،وحتى عندما يحاول الفلسطيني أن ينسى ،فان جاذبية ماساته تشده من جديد إلى دورة العذاب بلا نهاية .
أريد أن أحدثكم اليوم عن خالي الأكبر ،شقيق أمي ،الذي ارتسمت صورته على صفحة ذاكرتي ،حين كانت بيضاء كاليقين ،ونقية مثل حبات الندى ،انه خالي ابو معاوية ،عبد العزيز ابن الحاج يونس مقدداي ،حيث المقدادي هي إحدى اكبر عائلات قرية العباسية القريبة من مدينة يافا ،وهي تعود في نسبها وجذورها إلى المقداد ابن اسود الدؤلي ،وقد فجعت بخبر انتقال خالي ابو معاوية إلى جوار ربه ،لم افجع بسبب الموت لان الموت هو الحقيقة الكبرى التي يواجهها الإنسان صغيرا كان أم كبيرا ،ملكا كان أم راعي ابل في أطراف الصحراء ، ولكن السبب وراء حزني إنني لم أرى خالي منذ سنوات ،وإنني لا استطيع حتى أن لطبع على جبينه قبلة الوداع وهو يستعد للرحيل الأخير ،وهو الذي شكل ذاكرتي في بداياتها الأولى وغمرني بحنانه وحبه وأنا طفلة صغيرة لا اعرف من هذه الدنيا سوى المحبة والأمان ،
خالي ابو معاوية اقترب من المائة سنه ،عمر طويل ،وعمر ثري ،ليس فقط بعدد السنوات ،وإنما في ما حدث في تلك السنوات من حنان ووجد ،من أمل وخيبة ،من فرح وجراح ،من انكسارات وانبثقات ، فقد عاصر خالي ابو معاوية الثورة الكبرى في فلسطين ضد البريطانيين والصهاينة معا ،وكان احد أفراد مجموعة الشيخ حسن سلامة المناضل الفلسطيني الذي كان يقود الثورة في منطقة الوسط ،وكان الحاج يونس والدة احد المراكز التي احتضنت الثورة ومناضليها ،وأعطاها هو وعائلته ،بلا حدود ،وفي هذه البيئة الوطنية نشا خالي ابو معاوية ،وكان حبه لفلسطين هو حبه الأول ،وكان حبه للأرض هو حبه الأقدس ،الأرض التي ترعرع في خيرها الكبير حيث كانت العباسية أشبه بغابة من بساتين البرتقال ،وكان عشقه لشجرة البرتقال لا يقاوم ،حتى انه عندما اضطر إلى الخروج الكبير على إيقاع النكبة الفلسطينية عام 1948 فان عشقه لشجرة البرتقال قاده في الطريق الطويل إلى الأغوار الشمالية في الأردن ،في منطقة المشارع ،حيث كان الماء وفيرا وقت ذاك فزرع أول بساتين البرتقال .
خالي ابو معاوية .
جمع إخوته من حوله، وأنجب بنين وبنات كثيرين، حاول أن يجعل السرب يتألف ويحلق في سماء واحدة،
ولكن الأكسودس الفلسطيني كان هو الأقوى والأعنف والأكثر اتساعا في المدى والعذاب ،وهكذا توزع الإخوة الأبناء والأحفاد على امتداد الأكسودس الفلسطيني من عمان إلى البرازيل ،ومن اربد الى فنزويلا ،ومن بير زيت إلى ألمانيا ،من أول الأرض إلى أخر الأرض ،
خالي ابو معاوية
ظل دائما ،جذع زيتوني العتيقة ،نكتب عليها أسماءنا ،وتواريخ ميلادنا ،ونوقع عليها برسوم القلب والمحبة ،وحين يأذن زماننا لنا، فإننا نلتقي كلنا مرة أو بعضنا مرات تحت ظلها الظليل ،نأكل من زيتونها ،ونمسح بزيتها وجع الأيام .
ربما يتاح لي وأنا الواقعة في سجنين في غزة ،سجن الحصار وسجن الانقسام ،ربما أتمكن من الخروج والوصول إلى المشارع بالأغوار الشمالية في الأردن ،لا اعرف وقتها كيف ستكون الدنيا بدون خالي ابو معاوية الذي كلما كنت أراه بعد أن كبرت وتزوجت وأنجبت وأصبحت جدة ،كنت اشعر في حضوره أنني الطفلة الصغيرة ،التي تتطاير جدائلها مع الريح ،وتتناثر ضحكاتها على أجنحة البراءة .
ولكني رغم كل ذلك سأحاول أن أكون هناك، سأتحدث معك يا خالي، سأروي لك بعضا من دعابات الأيام وجراحات الأيام وسوف أضع على ضريحك غصنا مليئا بالزهر الأبيض، زهر البرتقال.
لك المحبة ،ولروحك السلام .



#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هو..وهي وانتصار البوح
- اقتحام روح الأنسانية
- إيران من شريط التسجيل الى الهاتف النقال
- الثورة الايرانية من الخارج الى الداخل
- أطفال العالم أمل للمستقبل وضحية للطغيان
- الخامس من حزيران استنهاض للديمقراطية والارادة الوطنية
- الفقر ودروبه الخطرة
- غزة الان تحت الضغط أو تحت الخطر من جديد
- بسرى البربري مشوار طويل وقدرة مذهلة
- ذاكرة لا تنسى وحق لايموت
- حل الدولتين مفتاح السلم ام مفتاح الحرب؟
- حب على الطريقة الفلسطينية
- أقبل الليل
- وكالة الغوث وتعويضات أضرار الحرب على غزة
- لحظات للبكاء
- ريحانة
- سراب
- هجرة الشباب بحثا جماعياعن حياة،أم طردا من الحياة
- تمرد القلوب
- أغنيةٌ للحب


المزيد.....




- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاطمه قاسم - خالي ابو معاوية رحل مع زهر البرتقال