|
قراءاة لواقع العلاقات الكوردية - العربية و مستقبلها
ميرآل بروردا
الحوار المتمدن-العدد: 2700 - 2009 / 7 / 7 - 07:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يخفى على أحد أن التجربة الأمريكية من حيث قدوم المستوطنين الأوربيين إليها و القضاء على حضاراتها ( الأنكا و المايا ) و الصراعات التي مرت بها تلك المنطقة ما بين البيض و السود على مدى قرونٍ خلت, كم ألقت بأعباء أخرت من تطورها و تقدمها إلى أن سادت الديمقراطيات و تمتع الجميع بتساوٍ في الحقوق و الواجبات مستفيدين من التنوع العرقي و وضع الفسيفساء الأمريكية في خدمة تقدم تلك المكونات و تطورها , هذه التجربة مشابهةٌ بشكل أو بآخر للتجربة الشرقية لكن باختلاف النهاية ... !!؟ فقد انطلق المد العربي إلى المشرق و تعايشوا مع السكان الأصليين بسلام كما يقول مينورسكي المستشرق الروسي الشهير ( إن الموطن الأصلي للعرب هو شبه الجزيرة العربية و انطلقت الهجرة العربية باتجاه الشمال و الشمال الغربي و الشرقي ليصطدموا بأقوام نصف حضر , هؤلاء كانوا الكورد .. ) و لربما الشرخ الأول في العلاقة الكوردية العربية بدأ بالفتح الإسلامي لكوردستان و ما مارسه الخليفة عمر بن الخطاب بحق الزاردشتيين و حضارتهم بفتوى أنهم مجوس و عباد نار و أوثان و هي مغالطة كبرى بحق الإسلام قبل أي أحد آخر و كلنا يعلم حقيقة الزاردشتيين و توحيدهم لله . لكننا نعزي أنفسنا بواعز الدين و الشراكة و خير دليل على تعميق العلاقة الكوردية العربية و العمل الجاد على التئام الجرح هو الموقف الكوردي من الغزو الخارجي للمشرق من مغول و تتر و توضحت بشكل أكبر إبان الحملات الصليبية و من ثم تحرير بيت المقدس على يد صلاح الدين الأيوبي . إذا أردنا التحدث بموضعية عن هذه العلاقة التي تمتد في عمق التاريخ علينا التجرد من أية ذاتية أو انتماء قومي و هو ما يطرح وقائع و حيثيات لا بد من الإشادة ببعضها و إدانة أكثرها فالموقف الكوردي اتسم بالوضوح و الإخلاص حتى النهاية , فمن التصدي جنباً على جنب شركاءهم العرب ضد براثن الاحتلال العثماني و إلى النضال و بقوة ضد الاستعمار الكولونيالي العسكري سواءً الإنكليزي منه و كمثال على ذلك موقف الشيخ محمود الحفيد و الذي كان ثمنه ضرب السليمانية بالمدافع و الطائرات و ضحايا بالمئات أو في الجانب الفرنسي حيث لم يكن الموقف بأقل من الموقف السابق كما في معركة بياندور الشهيرة في الجزيرة السورية و التي يتجنب التاريخ العربي ذكرها و كأنها لم تكن في سبيل تحرير و استقال سورية ...!!؟ في الجانب الآخر من العلاقة الكوردية العربية نرى سياسة نفي الشريك الكوردي و إقصاءه لا بل معاملته بأقسى الوسائل من أنفلة و تغيير ديمغرافي و خروقات سافرة لحقوق الكورد كبشر قبل أي شيء آخر و كما ذكرت لنبقى موضوعيين هناك بعض المواقف الواهية و الواهنة و لربما المتقلقلة في الاعتراف بالكورد كشركاء من جانب بعض القوى السياسية العربية , منها موقف ( حزب العمل الشيوعي السوري و قيادته فاتح جاموس ) لكن الموقف الأكثر اتزاناً و فاعلية كان موقف منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات في إطار تطوير العلاقة الكوردية العربية و ترسيخها من حيث الدعم المعنوي و المادي و ما جمعية الصداقة الكوردية الفلسطينية إلا خير شاهد على ذلك في وقت كانت الحكومات العربية بكامل مؤسساتها تنظر بعين العداء إلى الشريك التاريخي و وصمهم بتهمة العمالة لإسرائيل في تزامنٍ لا منطقي مع إقامة علاقات اقتصادية و غيرها مع إسرائيل المعادية و على الملء و ما السفارات الإسرائيلية في العواصم العربية إلى خير شاهد على ذلك و لا ننسى العلاقات و الصفقات الممررة من تحت الطاولة في إطار دول أخرى ( سورية مثلاً .. ) ..!!؟ و للمفارقة البائسة نجد موقف القيادة الكوردستانية و رفضها القاطع من حل قضيتها عبر تل أبيب و هو ما صرح به و فعله البارزاني الخالد و حتى تصريحات القيادة الإسرائيلية كانت محط عدم المبالاة من قبل الكورد لأنها رأت في تلك التصريحات ( رابين مثلاً ) محاولة للضغط بالورقة الكوردية على الشريك العربي و أكدت لهذا الشريك أن لا تحالف مع إسرائيل مهما كانت مواقفهم ( و الطريق كانت و لازالت سالكة لفتح مثل هكذا تعاون ) . و كرد للجميل ربط الشريك العربي كعادته الكورد بالعمالة لأجهزة الموساد إلى درجة الخيانة العظمى كما فعل وزير الدفاع السوري مؤخراً في تعميمه زوراً و بهتاناً حول تسريب بعض أطراف الحركة التحررية الكوردية لأجهزة تجسس إلى الجيش السوري علماً أن إسرائيل تدخل الأراضي السورية و تقصف مواقعها العسكرية وقتما تشاء و تأخذ ما تشاء ..!!؟؟ و في اتهام صارخ مبطن لهذا التعميم اتهام للقيادة الكوردية في إقليم كوردستان العراق بالتعامل مع تلك الاستخبارات المذكورة ...!!!!
إن التغيرات العالمية و المصالح الدولية خلال المراحل التي مضت منذ الحرب العالمية الأولى و الثانية و خلال الحرب الباردة لم تسمح لتكوينات الشرق الأوسط عموماً و كوردستان خصوصاً بأن تأخذ العلاقات الكوردية مع باقي القوميات التي تشاركها أرضها مجراها الطبيعي وحقها الكامل في خدمة هذه الشعوب و تطورها بل فرضت حالة عدائية واستبدادية بحق الشعب الكوردي . لكن ومع انهيار المنظمة الاشتراكية و سيادة القطب الأوحد الأمريكي على مناحي الحياة الشرقية ( السياسية و الاقتصادية و حتى الاجتماعية منها ) بدأت الموجة الاستبدادية بحق الكورد بالانحسار التدريجي خاصة لما لهذا الشعب من دور أساسي في قيام أنظمة ديمقراطية في المنطقة كونه يمثل الرقعة السياسية الأوسع بامتداده الجغرافي و القومي و لما له من وثوقية أكثر و طبيعة مخلصة للأرض و الشريك و الصديق و لما تفرضه السياسة الأمريكية الجديدة في التعامل و الاعتذار العملي للشعوب التي أجهضت حقوقها فيما مضى ( الكورد و الفلسطينيين ) و الشعوب التي دفعت وتدفع ثمن استبداد حكوماتها و سياساتها المجحفة بحق الإنسان ( سورية و إيران و العراق ) إن العلاقة الكوردية العربية المبنية على الشراكة التاريخية و على أساس الاعتراف بالآخر و العمل جنباً إلى جنب لخدمة هاتين القوميتين لم تظهر و لم تفعل بشكلها الصحيح و الكامل و الواجب و ذلك يعود بطبيعة الحال : 1- شدة ما تتعرض له هاتان القوميتان من استبداد الأنظمة الحاكمة 2- العقلية التطرفية وليدة التربية البعثية و النظرة الشوفينية العربية . 3- التطرف الديني و المذهبي مؤخراً إذ يرى بعضه اعتدال الكورد المسلمين شذوذاً و بعضه الآخر يصنف الكورد في مذهب مضاد له ( الأكثرية الكوردية سنية ..!؟ ) بدأت العلاقة الكوردية العربية تتبلور و تترسخ بقدوم الظروف المناسبة إبان حرب الخليج و انتفاض الكورد في إقليم كوردستان العراق عام 1991 في تزامن مع انتفاض الشيعة في الجنوب العراقي و بعد فرض الحماية الدولية على كوردستان وجدت المعارضة العراقية الملجأ من بطش النظام البائد في الضيافة الكوردية فكانت نقطة انطلاق للعمل من أجل تحرير العراق و تم الاتفاق و التعاون بين الشريكين مع الاحتياج الأساسي للتدخل الخارجي و هو الحل الأوحد لقضية العراقيين في عهد الدكتاتور صدام حسين و بالفعل تحقق الحلم العراقي لعرب العراق و كورده و باقي أقلياته في الخلاص عبر الشراكة والتعاون على الرغم من التنصل الواضح من قبل بعض الأطراف العربية العراقية لمواثيقها و اتفاقياتها خاصة فيما يتعلق بقضية كركوك وتطبيق المادة 140 من الدستور الفدرالي لكن الإرادة الكوردية و حكمة القيادة السياسية الكوردية و وفاء بقية الشركاء العرب بالتزاماتهم ساعد و يساعد على منع حدوث أي شرخ أو تفكيك لهذه العلاقة الإستراتيجية . أما في سورية فالأمر مشابه خاصة في أعقاب انتفاضة الكورد عام 2004 و التخبط السياسي و الاقتصادي للنظام السوري في تعامله مع المعطيات الجديدة لكن التعاون و العلاقة الكوردية العربية لاقت وتلاقي العديد من المصاعب و التأخر في الترسيخ و التبلور و هو عائد بطبيعة الحال إلى : 1- التفكك الواضح في المعارضة السورية و انقسامها بين الداخل والخارج 2- الشرذمة التي تعانيها الحركة الكوردية ممثلة الشعب الكوردي على الرغم من العديد من النشاطات و التحركات الداخلية والخارجية خاصة فيما يتعلق بالتظاهر السلمي و العلني , لكن الاتفاقيات المبدئية على صياغة برامج المعارضة لم تصل إلى مستوى الطموح السوري عموماً و الكوردي خصوصاً و لم تضع الأساس الواضح في التعامل بين الشريكين التاريخيين علماً أن الحضور الكوردي في إطارات المعارضة حضور لافت ..!؟ إذاً فحل قضية السوريين سيتم عبر أحد الطريقين : - إما سلمي ديمقراطي على أساس التوافق الكوردي العربي عبر التظاهر و الاعتصام المدني - أو عسكري كما في الحالة العراقية و هو لا ينفي مطلقاً الشراكة التوافقية بين الكورد و العرب على أسس واضحة تضمن حقوق الجميع و تلزمهم بواجباتهم تجاه سورية حرة ديمقراطية .
#ميرآل_بروردا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دراسة موجزة لتاريخ الكورد وكوردستان
-
قراءة لزمن الضباب ..
-
اليتيم ..!؟
-
البلاء ..
-
مكاشفاتٌ عمياء ..
-
نسرين .. بوحٌ للريح
-
هكاري .. فردوس الإله
-
برفقةِعطر امرأة ...
-
مدنٌ مهجورة ...
-
الأبيل ...
-
النزف الأخير ...
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|