عينة من نساء العرب

ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2699 - 2009 / 7 / 6 - 09:55
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

ليس مهما كم يكون عمرها ، او كم ولدا لها او كم مضى من سنين على زواجها او الى اي طبقة تنتمي او من اي دين كانت، او مستوى جمالها او ثقافتها او مستواها التعليمي، المهم انها امرأة من هذا الوطن الذي يصفونه بالكبير المسكون بكل ما هو مشوه ومتخلف ورديء، حتى يبتلاها الله بزوج لا يفقه من دينه شيئا سوى ان له الحق باخضاع زوجته باي طريقة شاء وباي اسلوب كان.
فاطمة سيدة عربية في نهاية العشرينات من عمرها من بلد عربي .. تنتمي الى الطبقة الشعبية شبه المسحوقة .. وتقطن في بيت من غرفة ومطبخ وممر لا يتسع اثنان على حد وصفها .. بكت عيناها السوداوتان بمرارة وهي تكشف عن ساعداها اللذان اصطبغا باللون الازرق المائل للاحمرار، نتيجة الضرب المبرح من زوجها المدمن على الخمر.
وحتى تنجلي الامور ولا يحيط بها اي نوع من اللبس فما سوف اخطه لاحقا هو مقتطفات من تقرير طويل مفصل لوكالة الانباء العربية وزع على المشتركين الاسبوع الماضي، واستغرق اجراؤه حوالي ثلاثة اشهر في عدد من الدول العربية، بهدف الوقوف على حالة العنف المنزلي الذي تتعرض له المرأة في بلاد العرب.
تقول فاطمة ان زوجها يمتلك مطعما وضيعا في نفس الحي الذي يسكن فيه، وانه يجبرها ليليا على منادمته الخمر حتى يذوي عقله، ويطلب منها ان ترقص له عارية، ويجبرها على الاستمرار بالرقص الى ان ينهكها التعب، واذا ما توقفت عن الرقص او تذمرت حتى ولو باشارة من عينيها ينهال عليها ضربا حتى يغمى عليها.
واحيانا من شدة الضرب تهرب من المنزل وتهيم على وجهها لتعود بعد ساعة او اثنتين لتجده نائما، فتلقي بنفسها على مقعد متهالك في ما يسمى صالون المنزل حتى الصباح حين يصحو زوجها فيبدأ البكاء ويعتذر عن فعلته ويعدها بالا يكررها .. لكن كل وعوده تذهب هباء منثورا لدى عودته الى المنزل مساء.
واضافت انها هي التي تعد له ما اسمته ب (السفرة) العامرة بالشراب مع انها على يقين بانه لن يفي بوعده، ولدى سؤالها عن سبب تحملها العيش مع زوج متوحش تقول " اين اذهب ..؟ فوالدي متوفيان ، واخوتي متزوجون، والحياة مع زوجي على وحشيته ارحم من العيش في بيت اي من اخوتي وارحم من معاملة نسائهم لي، ولن يتحملن أبنائي الخمسة الذين ما زالوا اطفالا".
وتستجدي الست فاطمة وترجو الله ان يدلها على مشعوذ يحل لها مشكلتها
ولدى سؤالها عن كيف يستطيع مشعوذ ان يحقق ما ترجوه تقول : ان زوجي مسحورا، وقد سحرته خطيبته السابقة لأنه لم يتزوجها، وتزوجني بدلا منها، وخطيبته السابقة هي ابنة عمي، وما زالت دون زواج تنتظر زوجي ان يطلقني كي يتزوجها، وهي لا تكف عن استخدام الاعمال والسحر للسيطرة عليه، ودفعه لأن يكرهني. وانا متحملة كل هذا العذاب حتى لا احقق حلمها.
وفي اجابتها عن سؤال اخر حول ما هي الدلائل التي تجعلها على يقين بان زوجها مسحور وان ابنة عمها هي من سحرته؟ تقول فاطمة : انا ذهبت عند "بصارة" وقالت لي ان زوجها "معمول له عمل" وان التي عملت له "العمل" هي احدى قريباته.
وهل صدقتي ما قالته لك "البصارة او الفتاحة" على حد قولك ؟
نعم ولماذا لا اصدقها ان السحر موجود بالقرآن والرسول عليه الصلاة والسلام سحره اليهود.
اذن انت تبحثين عمن يفك لك السحر.؟؟
نعم نعم وياريت تساعدوني
واذا لم تجدي مشعوذا يستطيع القيام بذلك .؟
ساتحمل الوضع وامري الى الله
وهل يعرف زوجك انه مسحور..؟
نعم يعرف ويقول ان الشر ..طه هي التي سحرته.
ولماذا لا يبحث زوجك عمن يفك له سحره .؟
انه لا يعرف احدا
وانت ايضا لا تعرفي احدا
نعم حتى الان لم اعرف احدا يعرف فك "العمل" ذهبت للكثيرين ولكن كلهم كذابين، ياخذوا "المصاري" وبعدين ما يتعرفوا عليك. ولكن ليس لدي خيار سوى ان اظل ابحث حتى اجد احدا يخلصني مما انا فيه.
وفي لقاء مع سيدة اخرى في منتصف الثلاثينات من عمرها وتعمل مدرسة وقد وصفتها بعض زميلاتها بانها على درجة عالية من الذكاء، ومن البارعات في مجال تدريس مادة العلوم قالت السيدة ان زوجها سحرته امرأة تعيش في مدينة اخرى وانه هجر المنزل واقام عندها دون زواج حتى تلك الفترة (فترة اجراء اللقاء) وانه على وشك الزواج منها وانه توقف عن الانفاق على المنزل علما بان لديه ثلاثة بنات وولد والبنت الكبرى في المرحلة الثانوية.
وقالت السيدة مها ان حياتها كانت عادية جدا وكان زوجها يحبها ويحب ابنائه ولكنه فجأة تغير ولم يعد يكترث ببناته وولده الوحيد واهملني ولم يعد يطيق رؤيتي ثم بدأ يتغيب عن البيت الى انت اصبح لا يعود اليه وبحثت عن السبب فوجدته مولع بسيدة لا تناسبه سيئة الخلق وذميمة الشكل "وانا اجمل منها الف مرة" .
فنصتني صديقاتي بان اذهب الى عراف فاخبرني ان زوجي مسحور وان هناك سيدة تسيطر عليه، وابلغني انه يستطيع فك السحر وابطال مفعوله ودفعت له مبلغا كبيرا من المال لكن دون جدوى.
وقد حاولت معه بشتى الطرق كي اعيده للمنزل دون جدوى، وانا مصممة على عودته وسوف اجد من يستطيع فك السحر واعادة زوجي الى طبيعته.
وفي ردها على سؤال كيف تؤمنين بالسحر والشعوذة وانت قد شهد لك من صديقاتك بالتفوق والذكاء
فقالت : وهل تنكري وجود السحر اليس موجودا في القران الكريم ..
لكن يا سيدتي انت متعلمة ومثقفة ويفترض ان تبحثي عن حلول اخرى غير طرق الشعوذة والسحر
بكت السيدة وقالت والله عجزت وانهارت قواي ولا اجد سبيلا غير هذا فهل لديك طريقا اخرى تدليني عليها .
قلت نعم .. اذا كان زوجك لا يرغب بك فليذهب كل في طريقه .. فانت ما زلت شابة وجميلة ومثقفة وما زال الطريق امامك بالاضافة الى انك لست بحاجة احد لينفق عليك وتستطيعي ان تعيشي بكرامتك دون اذلال زوجك.
قالت .. لا لا لن اتركه تخطفه تلك العاهرة .. وسوف اعيده للبيت بكل الطرق حتى لو "بعمل له سحر".
التقرير مليء بما يصف حالة المرأة العربية .. اوضاعها اقل ما يقال بشانها انها مؤسفة .. فالجهل طاغ لدى غالبيتها والخرافة متسربلة في ثنايا دماغها .. والقصف الفكري المتخلف لا ينفك يطارها اينما حلت، وتزداد اوضاعها بؤسا كلما استفحلت حالات فقرها .. ومن يدعون بانهم علماء الامة حريصون اشد الحرص على توسيع هوة الجهل بنشر المزيد من الخرافة والهرطقة والدجل .. ودعوتها لتسليم امرها الى الله .. والصبر على البلوى لانها امتحان من الله .. وكان الله يحتاج لاختبار عباده وخصوصا الفقراء منهم ..
باعتقادي ان المرأة العربية والمسلمة منها على وجه الخصوص بحاجة لان تتبوأ قضيتها سلم اهتمامات القوى الديمقراطية، وفي هذا السياق اذكر ما قالته لي احدى السيدات السعوديات في حوار معها قبل عام تقريبا .. قالت : هل تعلم لماذا يركز رجال الدين كل جهدهم على المرأة ؟؟ واضافت لانهم حريصون على ان يبقى المجتمع جاهلا .. ولما كانت المرأة هي المسؤول المباشر عن تربية الاجيال .. فاذا ما استمرت جاهلة فذاك يؤدي الى تجهيل المجتمع وبقاء رجال الدين سادة عليه.

#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات