الجينوم 3 و- السوسيوبيولوجي- .

صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein‏)

الحوار المتمدن-العدد: 2698 - 2009 / 7 / 5 - 10:25
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

الجينوم 3 و" السوسيوبيولوجي" .
بقلم : صلاح الدين محسن
ربما يكون حديثنا عن الجينوم وعن استخدام الجينوم كعلاج للمشاكل المعقدة – الدين والجنس والسياسة - . هو حديث في غير ميعاده ..

رغم رد الفعل الايجابي من قراء نعتز بهم حول مقالاتنا عن الجينوم . الا أن تعليقات قراء آخرين . ذكرتني بواقعة حدثت مع كاتب كبير . منذ ربع قرن أو اكثر .. انه الصحفي الراحل الكبير " أحمد بهاء الدين " :

تعرفون أن الكمبيوتر الآن قد دخل كل قرية وكل نجع وتعلمه الأطفال الصغار . وها أنت عزيزي القاريء تقرأ كلامنا هذا من خلال جهاز كمبيوتر ...
فهل تعرفون أن الصحفي الراحل الكبير احمد بهاء الدين . عندما كتب لاول مرة بعاموده اليومي بجريدة الاهرام – المصرية – في اوائل الثمانينات من القرن الماضي . يطالب بادخال الكمبيوتر بالمدارس لتعليمه للتلاميذ . أصيب الغالبية بالدهشة من ذاك المطلب الذي اعتبروه غريبا وقتذاك . لوجود اشياء أخري كثيرة جدا . الناس في امس الحاجة اليها وهي أحوج بأن يكلمنا عنها الصحفي الكبير ... ؟!
و كان من ضمن المندهشين أيضا والمستنكرين لذاك المطلب . الشاعر والفنان الرائع الراحل صلاح جاهين ..! الذي رسم كاريكاتيرا ساخرا يستهزيء فيه بفكرة ومطلب " أحمد بهاء الدين " . لمطالبته بادخال تدريس الكمبيوتر للتلاميذ بالمدارس .... !

وبعد سنوات مما كتبه أحمد بهاء الدين . في عام 1995 اقر الكونجرس الامريكي الغاء التعامل الورقي . وابداله بالتعامل الالكتروني – الكمبيوتر ... !! . و ها نحن نري الآن كم تسيد الكمبيوتر أغلب شؤون حياتنا ، وكل شيء يتجه للكمبيوتر ...

تذكرت ما حدث مع الراحل الكبير " احمد بهاء الدين " فكان ذلك عزاءا . يدعوني للمضي في الكتابة عن الجينوم . الذي سيكون العلاج الناجع الأكيد لأصعب مشاكل الانسان . الكامنة في الجينات الموروثة .
-------
ما يقضي به علم السوسيوبيولوجي . من أن السلوكيات والأخلاقيات تنتقل بالوراثة - مسجلة في الجينوم - . من الممكن أن يثير اسئلة تسبب الهلع للكثيرين . مثل :
1 – ان كانت السلوكيات والأخلاقيات تنتقل بالوراثة . فلماذا يحاسب الله المجرم ؟! وهل هذا من العدل ؟
هذا بالنسبة لاهل العقائد ، ولاسيما رجال العقائد .

2 – هل يصح تغيير نصوص القوانين بحيث يعفي من العقوبة المجرم الذي ورث سلوك الجريمة ؟! والا يفتح
ذلك الباب لتفشي الجرائم بحجة أن مرتكبيها مخلوقين بها ، وانهم ضحايا مثلهم مثل ضحاياهم ؟!
3 - الا يوجد ذلك ذريعة لبعض الناس العنصريين للقول بأن العبد خلق ليكون عبدا ومهيئا لقبول العبودية ؟ ، وكذلك المستكين ، والخانع .. ، الخ .، وهذا يتبعه تبرير الظالم لظلمه ، والمستبد لاستبداده .. وفيه مصادرة لشرعية الخروج علي الظلم أو الانتفاض في وجه الظالمين ؟!

رغم خطورة تلك الاسئلة وغيرها مما يمكن ان يثار أيضا . الا أننا يمكننا القول ببساطة :
هي لا تعدو عن كونها اسئلة تقليدية كتلك الاسئلة التي تظهر دائما كلما ظهر علم جديد . اذ يقف العامة امامه يحتجون منذرين بخطره علي الدنيا والدين ..! ثم لا يلبث كل الناس أن يدركوا نعمة العلم الجديد عليهم . وتتصاعد ضروريته التي لا يمكن الاستغناء عنها مطلقا ، ولنضرب مثلا لذلك بانه عندما قدم العلم اختراع القطار . قامت الدنيا ، و قتلوا مخترعه ، اذ ظنوا القطار شيطانا – بل والدراجة العادية سميت ببعض البلاد – حمار الشيطان - . ! ولعلها قد ثارت اسئلة عند بدء تشغيل القطار . بالفعل في نقل الناس :
1 – اوليس في هذا الاختراع الشرير قطعا لأرزاق العاملين في مجال النقل او الانتقال باستخدام الدواب ؟!وكذلك فيه قطع لارزاق الذين يزرعون ما تأكله الدواب ؟ ، وكذلك العاملين في صناعة ما يوضع فوق ظهور بعض الدواب ، والعاملين فيما يثبت في اقدام بعض الدواب – صناعة وتركيب الحدوة للبغال والحمير والخيل - ؟!
وبالطبع سأل الناس حينها : هل نعدم الخيول والحمير والبغال والجمال . التي يستخدمها الانسان في الانتقال ونقل المتاع ؟ والا فالي اين ستذهلب هذه الحيوانات ؟ ولماذا خلقها الله ان كان الانسان سبيصنع قطارات تحمل وتسير بسرعة كبيرة الناس والبضائع بما لا تقدر عليه تلك الحيونات ؟
كل هذه الأسئلة اثيرت وقتها حول القطار في بداية تشغيله .. ولكن :
هل يوجد من بين العقلاء الآن بالدنيا كلها . من يطالب بالغاء القطارات ؟ بالطبع لا ..


لكي ينعم الانسان بخيرات الجينوم الذي سوف يطلق البشر من أسر مرير وينطلق بهم الي آفاق عالية من الرقي الخيالي . يحتاج الأمر الي عشرات من السنين . ولكن الذي يمكن أن يعجل بهذا البر العلمي الرحيم العظيم . هو - ما يجب أن - يكتبه الكتاب والأدباء والمفكرون – ولاسيما كتاب قصص الخيال لعلمي - . يدعون لذلك ، مبشرين بالغد المشرق القادم تحت نور الجينوم ..هذا أولا ..

وثانيا : تفهم المشرعين ورجال القضاء لعلم السوسيوبيولوجي . وادراكهم لأبعاد وراثة السلوكيات والاخلاقيات . وحث الحكومات علي الاسراع بادخال نظام بطاقة جينوم لكل عائلة . ، والسعي لوضع التشريع القانوني المتوائم مع عصر الجينوم .
ونشر العلاج والتقويم والتجميل السلوكي والأخلاقي الوراثي باستخدام الجينوم .. خدمة للعدالة التي يجب الا تدين الجاني المجني علي جينيا الا بايداعه بمصحة للعلاج الجيني . بعد الاطلاع و التأكد من وجود العامل الوراثي وراء الحالة .

عند الشروع في تطبيق علم الجينوم لتغيير( جوهر لانسان ) لأجل الارتقاء به ..سوف تكون هناك اعتراضات كثيرة . ولكن في النهاية . مثلما انتصر العلم في معركة القطار . سوف ينتصر في معركة الجينوم – المرتقبة وعن قريب - .
والي حلقة أخري ...
** * **

#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات