|
الحزب الشيوعي والجبهة الوطنية وحكومة سليمان النابلسي
عناد أبو وندي
الحوار المتمدن-العدد: 2694 - 2009 / 7 / 1 - 08:18
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الحزب الشيوعي والجبهة الوطنية وحكومة سليمان النابلسي (الحكم الائتلافي الحزبي من خريف 1956 إلى ربيع 1957) “بالرغم من قصر مدة هذا الحكم الحزبي الائتلافي الـذي قام في الأردن بتاريخ 29/10/1956-10/4/1957 ألا أن إنجازاته فاقت كل إنجازات أخرى”(كتاب حكومة سليمان النابلسي 1956-1957/ أعمال ندوة، إصدار مركز الأردن الجديد للدراسات، سهيلة الريماوي ص108) “ألا أن الظروف والعوامل التي أثرت على الأردن في النصف الأول من الخمسينات والتي أنتجت حكومة النابلسي وتجربتها الغنية، هذه الظروف والعوامل نفسها التي حكمت وحددت علاقة اليسار آنذاك (الحزب الشيوعي والجبهة الوطنية) بحكومة النابلسي(كتاب حكومة سليمان النابلسي 1956-1957/ أعمال ندوة، إصدار مركز الأردن الجديد للدراسات، سهيلة الريماوي ص 108) وسادت في أوائل الخمسينات ظروف دولية تأثر الأردن بها،”حيث الصراع والمواجهة بين الدولتين العظميين اللتين سعتا للسيطرة والهيمنة على هذه المنطقة من العالم. في هذه المرحلة كان نهوض حركة التحرر على الصعيد العالمي عاملا هاما في الصراع الدائر في المنطقة بين شعوبها وقواها التحررية من جهة وبين الاستعمار بشكله القديم. وبسبب الدعم الذي كان يقدمه الاتحاد السوفيتي لحركة التحرر وجد الفكر الاشتراكي إمكانيات واسعة للدخول والتأثير في صفوف المناضلين للتخلص من الاستعمار خاصة في منطقة كانت ولا تزال تعاني من نتائج الهيمنة الغربية المتمثلة بإقامة إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني وباقي الشعوب العربية”(المقاومة الشعبية / لسان حال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني – العدد السادس حزيران 1951 – السنة الثالثة). وفي هذا الوقت نشطت الحركات التحررية والاستقلالية فيها، وبدأت تحقق إنجازات هامة على صعيد التخلص من السيطرة الاستعمارية، وتطور الوضع فحدث نهوض قومي هائل تداخلت فيه الهموم المحلية والقومية. وعلى الصعيد العربي ساعد في هذا التطور التعاون بين مصر عبد الناصر وسوريا والسعودية، حيث سعت هذه البلدان لتقويض النفوذ البريطاني في المنطقة. حيث كانت الأوضاع في هذا الوقت مهيأة في الأردن لنهوض واسع معاد للهيمنة البريطانية وللتخلص من القيادة البريطانية للجيش الأردني ولإنهاء المعاهدة الأردنية البريطانية، التي رفضها الأردنيون وسعوا للتخلص منها وبناء علاقات تعاون مع باقي الدول العربية وتلبية الطموح في الوحدة والتقدم، خاصة وان الأردن قد استقبل النسبة العظمى من اللاجئين الفلسطينيين بعد قيام دولة إسرائيل على جزء من أرض فلسطين وضم الجزء المتبقي من فلسطين (الضفة الغربية) إلى شرقي الأردن. وساعدت مجمل هذه الأوضاع على ظهور العديد من الأحزاب الوطنية التحررية والتي رفعت شعارات التحرر من الاستعمار. ومن بين هذه الأحزاب كان الحزب الشيوعي الأردني، الذي احتل مكانة مهمة في صفوف الحركة الوطنية الأردنية في تلك الفترة. ولعب تشكيل الجبهة الوطنية عام 1954، والتي ضمت الشيوعيين وأعداد من أصدقائهم والمقربين إليهم دورا مهما في توسيع نفوذ الحزب الشيوعي الأردني وزيادة قوته. وكان الدكتور عبد الرحمن شقير قد لعب دورا مميزا في تشكيل الجبهة الوطنية حيث كان عضوا في حزب البعث، واصبح داعية للجبهة الوطنية، وساهم مع آخرين في إصدار بيانها الوطني والذي شرح مفاهيمها ونادى بتبني شعاراتها”. وقد اقلق ظهور الجـبهة السلطات وأمرت باعتقال عدد من مرشحيها بمن فيهم الدكتور يعقوب زيادين ونعيم الأشهب. وعلى الرغم من الإجراءات القمعية التي مارستها السلطات ألا أن الجبهة قد تمكنت من إيصال مرشحها عن منطقة نابلس عبد القادر صالح (لم يكن شيوعيا بل كان من ملاكي الأراضي الكبار في نابلس)، فقد حصل على 26000 صوتا مقابل 12000 صوتا لمنافسة ممثل الحزب الاشتراكي الوطني حكمت المصري. وخاضت الجبهة الانتخابات البرلمانية عام 1954، وفشلت في إيصال مرشحيها إلى البرلمان بسبب التزوير الذي حدث. وتشير مختلف المصادر إلى هذا التزوير الذي ووجه باحتجـاجات جماهيـرية مستنـكرة. واستخدم جون كلوب قائد الجيش الشدة في قمع التظاهرات الشعبية مما أدى إلى استـشهاد الكثـيرين في شـوارع وطرقات الأردن. وعلى خلفية هذا التزوير قامت السلطات الأردنية في اعتقال العديد من أعضاء الجبهة الوطنية حيث امتدت الاعتقالات من مادبا حتى نابلس ونظم جميل أبو لمظي من مدينة مادبا (موسكو الأردن) هذه الأبيات قال فيها: يوم 6 نيسان وصلني خبر مشؤوم من مادبا لنابلس كان للجميع معلوم قالوا اعتقلوا الأحرار قلت هذا شيء مفهوم شباب الجبهة أبطال ما من شخص يقول مظلوم أخذوهم جماعات بالسجون زجوهم طلبوا بدهم ابراش حلفوا ما بعطوهم من بعد ما طلع النهار للتعذيب أخذوهم
وساهم الحزب الشيوعي الأردني في الانتخابات النيابية عام 1956باسم الجبـهة الوطنـية. وكانت الجبهة ومرشحوها اكثر تنظيما وانسجاما من باقي الأحزاب بالرغم من تباينات طفيفة بين الحزب الشيوعي وبعض أصدقائه في الجبهة(مصدر سابق، إبراهيم حجازين ص 123). وقد ضمت قائمة الجبهة الوطنية عددا من أعضاء الحزب الشيوعي (رشدي شاهين (نابلس)، فائق وراد (رام الله)، د. يعقوب زيادين (القدس)، فايز الروسان (اربد). وكانت البقية من الشخصيات الوطنية الديمقراطية المعروفة (د. عبد الرحمن شقير (عمان)، عبد القادر الصالح (نابلس)، المحامي إبراهيم حباشنة(الكرك) د. عبد المجيد أبو حجلة (نابلس)،المحامي جودة شهوان (بيت لحم)، فخري اسعد مومنة (الخليل). وحددت الجبهة الوطنية في برنامجها الانتخابي”الأهداف والأسس والمبادئ التي تخوض المعركة الانتخابية على أساسها ، من اجل تحقيقها،مبينه الظروف التي كانت سائدة و الظروف التي ستجرى فيها الانتخابات وأهميتها ومتطلبات خوضها من جانب القوى الوطنية. وأشارت الى ان الانتخابات النيابية تجرى في ظروف جد خطيرة. فهي تجرى في غمرة انتصارات كبرى وعظيمة الشأن حققتها حركة التحرر العربي والتي تهدف إلى تصفية النفوذ الاستعماري البغيض تصفية كاملة من ديار العرب، كما تهدف إلى تحقيق وحدة عربية شاملة على أساس التحرر والديمقراطية،كما أنها تجرى في ظروف انفراج ملموس في العلاقات الدولية وتعزيز مبدأ التعايش السلمي بين الدول. ثم انتقلت إلى القول بان”قوى الاستعمار العالمي، الإنجليزي والأمريكي والفرنسي، تشاركها الصهيونية المجرمة تجهد نفسها لإبقاء السيطرة الاستعمارية على ديار العرب ولإعادة سيطرتها على قناة السويس، فتحيك المؤامرات وتحشد الجيوش الجرارة والأساطيل الحربية للضغط على مصر والعرب. وتقوم إسرائيل بأعمال الاستفزاز والعدوان ضد الدول العربية خدمة لأسيادها المستعمرين.”وأردفت قائلة”غير أن حركة التحرر العربي والتضامن العربي، أقوى واعظم من أن تستطيع قوى الاستعمار والصهيونية أن تنال منها او تضعفها ويجد العرب دائما إلى جانبهم، في نضالهم، قوى السلم والحرية والاشتراكية ، وفي مقدمتها الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية وأكثرية دول مؤتمر باندونغ، تشد أزرهم وتمد لهم يد المساعدة والمساندة”. وتطرقت إلى أهمية انتخابات 1956 فقالت أن”قضايا بالغة الأهمية في بلادنا يتوقف مصيرها إلى حد كبير على نتائج هذه الانتخابات”، فاليوم، تواجهنا في الأردن معركة انتخاب مجلس نيابي وطني، مجلس من طراز جديد، يتلاءم مع الظروف التي يمر فيها الأردن، تنبثق عنه حكومة وطنية قوية تقف بحزم وثبات في وجه الاستعمار وضغطة ومؤامراته وتعمل، بالاستناد الى قوى الشعب، على تحقيق أهدافه في التحرر والديمقراطية والعيش الكريم.. وتعمل على توثيق عرى الإخوة والتضامن الذي لأحد لهما مع البلدان العربية المتحررة، وفي مقدمتها مصر وسوريا. واختتمت الجبهة الوطنية بالقول :”وغني عن القول بان وحدة الصف الوطني واتحاد كافة القوى والأحزاب والهيئات الوطنية في جبهة متحدة شرط أساسي لنجاح معركتنا ضد الاستعمار”. وخلصت بدعوة المواطن الناخب إلى إعطاء معركة الانتخابات كل ما تستحقه من جد واهتمام. واحتوى البرنامج الانتخابي للجبهة الوطنية جوانب سياسة داخلية وخارجية والعلاقة بالدول الأخرى، اضافة الى المطالب والقضايا الداخلية (كالحريات الديمقراطية والمطالب الخاصة بالحقوق السياسية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتعليم، الثقافة والصحة والدفاع). كما أكد البرنامج على المساواة بين البدو وباقي المواطنين، داعية إلى سن قانون انتخاب ديمقراطي يلغي العشائرية والطائفية، ويكفل نزاهة الانتخابات وعدم التدخل فيها، وداعيا إلى ضرورة إنهاض الاقتصاد الوطني وتحريره من النفوذ الاستعماري، وإقـامة المـشاريع والمصانع التي تـزيد من فرص العـمل وحماية الإنتاج الوطني من المنافسة الأجنبية. وأكدت الجبهة على أهمية مكافحة الغلاء والاحتكار، وأبدت اهتماما كبيرا بمصالح العـمال والفلاحين”وإلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية، والنقطة الرابعة، ومحاربة المشاريع الاستعمارية، واعتبار إسرائيل التي أقامها الاستعمار بأساليب البطش والعدوان لتخدم مصالحه دولة غير شرعية،لذلك فلا صلح معها.ودعا البرنامج إلى العمل على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم واسترداد حقوقهم كاملة في فلسطين. وفي هذا المجال يشير البرنامج إلى أهمية مقاومة مشاريع التوطين والإسكان سواء كانت فردية او جماعية”(مصدر سابق، إبراهيم حجازين ، ص 125)، داعية إلى ضرورة التعاون مع الشعوب العربية لتحرير العالم العربي من الاستعمار وفي سبيل استكمال سيادة العرب ووحدتهم. وكان الحزب الشيوعي قد دعا في اكثر من بيان إلى الوحدة الوطنية وضرورة الدخول إلى الانتخابات بصفوف موحدة، كما حذر في الوقت نفسه من الحيل والمكائد الاستعمارية، التي تحاك ضد الأردن، مشددا على ضرورة وقوف الجميع يقظين وحازمين وموحدي الصفوف في وجهها. (الدكتور عبد الرحمن شقير، من قاسيون إلى ربة عمون رحلة العمر، ص 97، سلسلة أحياء الذاكرة التاريخية، مركز الأردن الجديد للدراسات، عمان، 1991). ودخلت الأحزاب الانتخابات بقوائم منفصلة، فتقدم الحزب الوطني الاشتراكي بخمسة عشر مرشحا. وتقدم حزب البعث بستة عشر مرشحا (من الضفة الشرقية : سليمان الحديدي وإبراهـيم العابد وفـرح اسـحق ومصطفى الخصاونة وفايز مبيضين ومرضي قطامين وسالم صقر، وعن الضـفة الغربية : عبد الله الريماوي وكمال ناصر وحمدي التاجي الفاروقي وعبد الله نعواس وبهجت أبو غربية وحمدي عبد المجيد، حسني الخفش ومصطفى عودة وفريد غنام)، والجبهة الوطنية بعشرة مرشحين من أبرزهم (سليمان النابلسي وعبد القادر طاش (عمان)، عبد الحليم النمر وصالح المعشر (السلط)، شفيق ارشيدات (اربد)، الشراري داو ود الرواحنة (مادبا)، نعيم القسوس (الكرك)، حكمت المصري (نابلس)، أنور الخطيب (القدس)، سعيد العزة (الخليل)، محمد سالم الذويب (بيت لحم)، نعيم عبد الهادي ونجيب الاحمد (جنين)، حافظ الحمد الله (طولكرم). كما تقدمت حركة القوميين العرب بأربعة مرشحين. وجرت الانتخابات النيابية يوم 21 تشرين الأول. ويقول بعض المؤرخين أن الجميع اعترفوا بنزاهتها ووقوف السلطات الرسمية منها موقف الحياد (منيب ماضي وسليمان الموسى، تاريخ الأردن في القرن العشرين، 1959)، ألا أن هناك من يؤكد أن الانتخابات، خاصة في عمان لو تكن كذلك (مصدر سابق، عبد الرحمن شقير).كانت الانتخابات انتصارا كبيرا للأحزاب الوطنية، فقد حصل الحزب الاشتراكي على 72,467 صوتا، وحصل حزب البعث على 34,000 صوت. كما حصد الشيوعيون وأصدقاؤهم عل 51,398 صوت أي انهم كانوا في الموقع الثاني من حيث عدد الأصوات بعد الحزب الوطني الاشتراكي.حصل العربي الدستوري على 32,083 صوت، حزب التحرير حصل على 6,130 صوت، أما الإخوان فقد حصلوا على 22,518 صوت. (عقل حيدر عابدي،الأردن الجديد، العدد 17/18، خريف 1990، ص87). وضمت الحكومة الجديدة ستة أعضاء من الحزب الوطني الاشتراكي وثلاثة من المستقلين ووزير عن حزب البعث وهو عبد الله الريماوي. كما دخل الحكومة نائب نابلس عن الجبهة الوطنية السيد عبد القادر الصالح القريب من الشيوعيين. ولعل اختيار الصالح للمشاركة في الحكومة كان اكثر انسجاما مع معطيات الوضع آنذاك. فهو، من جهة، يرضي الشيوعيين والجبهة الوطنية، وهو، من جهة أخرى يتجنب إشراك أي من النواب الشيوعيين في الوزارة، حيث لم تكن الأوضاع مهيأة لذلك، خاصة وأن قانون مكافحة الشيوعية كان لا يزال نافذا. ورحبت الأوساط الرسمية والشعبية العربية بتشكيل الحكومة وخاصة بعد إعلان النابلسي في 27 تشرين الثاني 1956 عن عزم الحكومة على إلغاء المعاهدة مع بريطانيا وإجلاء القوات البريطانية وقبول الأردن من حيث المبدأ بالمعونة العربية المعروضة من مصر وسوريا والسعودية. كما رحبت الأوساط الشعبية في الأردن بالحكومة الائتلافية الجديدة وأعلنت عن الدعم لسياستها. ولكن كان هناك بعض القوى الداخلية حتى من داخل الحكومة نفسها لها موقف منها مما اثر لاحقا على مصـير الحكومة وعلى العلاقة بين الشيوعيين- الجبهة الوطنية وحكومة النابلسي. وبدأت الحكومة عملها في جو من الحماس بسبب الروح التي سادت خاصة بعد الانتصار الذي حققته تلك القوى بمجموعها وفي ظل الأوضاع التي تشكلت والنهوض القومي، ولا بد أن قيام إسرائيل وبريطانيا وفرنسا بشن عدوانها على مصر في يوم تشكيل الوزارة قد أضفى مزيدا من الالتفاف الجماهيري حول الحكومة. (منيب ماضي وسليمان الموسى، مصدر سابق، ص 663). لا بد أن موقف السوفيتي الدعم للعرب وخاصة ضد العدوان الثلاثي كان له آثره الإيجابي في اتخاذ قرار إقامة علاقات مع الاتحاد السوفيتي. وكان الشيوعيون في الأردن داعمين لهذا التوجه. لقد باشرت حكومة النابلسي خطوات عملية في تنفيذ سياستها لإقامة علاقات مع الاتحاد السوفيتي، وسافر المرحوم شفيق ارشيدات سرا إلى دمشق للقاء السفير السوفيتي وبحث هذه المسألة. وهنا برز دور الحزب الشيوعي الذي أوفد أحد قيادييه إلى هناك لتسهيل مهمة الوزير الأردني مما يدل أن الشيوعيين قد بذلوا جهودا في دعم هذا التوجه الحكومي. وهنا لا بد من الإشارة أن خطوة الحكومة هذه أثارت ردود فعل عنيفة على الصعيد الداخلي، خاصة وأنها تمت دون التشاور مع القصر، كما عكست نفسها على الصعيد الخارجي، حيث بدأـ الغيوم تتلبد في سماء الأردن لتنذر بمحاولات تقييده خوفا من خروجه نهائيا من نفوذ السيطرة الغربية (انظر مصدر سابق، إبراهيم حجازين، ص 130). ودعم الشيوعيون الحكومة الجديدة بكل وسائلهم البرلمانية والصحفية والجماهيرية. وقامت الجبهة رغم نشاطها المحصور بدعم الحكومة وسياساتها بتشكيل لجان في المدن والقرى والمخيمات أبان العدوان على مصر للدفاع عن المكتسبات الداخلية ومؤازرة النظام المصري. كما دعمت الجبهة الحكومة في خطوتها لا استبدال المعونة البريطانية بالمعونة العربية، ودعمت اتفاقية التضامن العربي تمهيدا لإلغاء المعاهدة مع بريطانيا، ودافعت عن الحكومة أمام الهجمات التي تعرضت لها في الداخل، فكانت تنظم التظاهرات الجماهيرية التي تتوجه إلى رئاسة الوزراء. في تلك الأيام عمل الشيوعيون بشكل شبه علني، وكانوا يرفعون شعارات الحزب على اليافطات في التظاهرات الجماهيرية. وسعى الحزب حيينها إلى فرض علانيته كأمر واقع مما كان يثير خصوم الحكومة ويدفعهم للعمل نحو الخلاص منها. ففي أوائل عام 1957 (د. عبد الرحمن شقير، مصدر سابق، ص 123)، طالب الحزب بإصـدار جريدة باسـم”الجماهير”وكان قد اصدر عددين منها، وتقدم بمذكرة للحكومة بهذا المعنى، وبدا الأمر محرجا لها خاصة وأنها قد تلقت رسالة من رأس الدولة تطالبها بوضع حد لنشاط الحزب الشيوعي وصحافته ومحاربة النشاط الشيوعي في البلاد، لذلك طلب رئيس الحكومة أحد قياديي الحزب الشيوعي ليضعه في صورة الوضع. ويقول عيسى مدانات : ذهبت هناك وكان في تلك اللحظة اجتماع لمجلس الوزراء، وانتظرت في مكتب الرئيس الذي حضر ومعه ارشيدات وعبد الحليم النمر، أبلغوني انه مطلوب إيقاف الجريدة، لان الحكم يريد ذلك ونحن لا نستطيع أن نحمي جريدتكم لذلك ننصح بإيقافها. أجبتهم إن هذه بادرة خطيرة لان البداية قد تكون فينا لكنها الخطوة الأولى نحو الحكومة وتغير الوضع، مبينا لهم ان الهدف الحكومة نفسها. ورفض مدانات إيقاف الجريدة مؤكدا أن الحزب سيقوم بحمايتها، وأضاف رئيس الحكومة : نحن لسنا قادرين على حمايتها، حيث تمارس علينا ضغوط. وبعد ذلك التقى الدكتور عبد الرحمن شقير والأستاذ يحيي حمودة رئيس الوزراء لبحث الموضوع نفسه ألا أن الرئيس أكد انه لا يمانع مطلقا من الاستجابة والتعاون الكلي مع اليسار لكن الضغوط عليه لا يستهان بها. ويقول الدكتور عبد الرحمن شقير أننا نصحنا الشيوعيين بالتريث لعدم إحراج الحكومة (د. عبد الرحمن شقير، مصدر سابق،ص 124). ولم يستجب الحزب الشيوعي وأصر على إصدار صحيفته ألا أن الشرطة حاصرت المطبعة، بأمر من حكمت مهيار وتم سحب الجريدة. ويضيف عيسى مدانات : وعدنا في المساء لمطبعة السمان في شارع سينما الزهراء لنجد أن الشرطة، بقيادة مدير شرطة عمان حكمت مهيار، تطوق المكان ولا تسمح بنقل أعداد الجريدة إلى خارج المطبعة، وفي الوقت نفسه رفضنا السماح بمصادرة عدد الجريدة المطبوع، وجلسنا، هم ونحن، حتى ساعة متأخرة من الليل، وقد أعيانا وأعياهم التعب، وإذا بقائد الشرطة يقترح مغادرة المكان من الجانبين، وإغلاق باب المطبعة بالشمع الأحمر حتى صباح الغد، ونترك للحكومة أن تتصرف. وتم الاتفاق على ذلك، وعاد كل طرف إلى منزله او وظيفته بعد إغلاق المطبعة بالشمع الأحمر لنعرف في صباح اليوم الثاني أن قائد الشرطة أخل بالاتفاق وعاد بعد نصف ساعة من مغادرتنا لفتح المطبعة ومصادرة أعداد الجريدة كاملة تنفيذا لأمر بهجت طبارة قائد الأمن العام. لاحقا انتقد النابلسي إصرار الشيوعيين على إصدار الصحيفة. وفي مرحلة لاحقة وبعد تصفية الحكومة قال عبد الحليم النمر :”أن الحزب الشيوعي كان على حق، لقد ترددنا، وهذا سبب إضعافنا لقد كان مطلوب في البداية رأس الشيوعيين ثم الحكومة”. فبعد إلغاء المعاهدة مع بريطانيا أعدت الحكومة برنامجا للاحتفالات بهذه المناسبة وقررت تعطيل الدوائر الرسمية ثلاثة أيام، ودعت إلى مسيرات جماهيرية، بالتـعاون مع الحـزب الاشتـراكي والبـعث والقوميـين، وتجاهلت الشيوعيين للمشاركة في الفعاليات، ويبدو أن الحكومة أقدمت على هذه الخطوة تجنبا لتعقيد الأوضاع اكثر، ألا أن الشيوعيين قاموا بتنظيم مسيرة ضخمة بهذه المناسبة، وقيل حينها أنها كانت تمثل ثلاثة أضعاف مسيرة الحكومة. ويرجح أن الشيوعيين دعوا لهذه المسيرة ونظموها تنظيما دقيقا استعراضا لقوتهم، مما فاقم الضغوط على الحكومة لتصفية النشاط الشيوعي، واشتد الخلاف حول هذه النقطة بين الحكم والوزارة، حيث أعلن سليمان النابلسي”بأنه لا يوجد أي خطر شيوعي في الأردن”، في الوقت نفسه، كانت الولايات المتحدة تعلن عن عزمها على تقديم المساعدة إلى جميع دول الشرق الأوسط التي تواجه الخطر الشيوعي (علي محافظة، العلاقات الأردنية البريطانية، ص 272-273). ونشب خلاف شديد في أوساط السلطة حول دور الحزب الشيوعي، وحاولت الحكومة من جهتها الابتعاد عن الحزب الشيوعي حرصا على تقليل المزيد من الخلافات حول هذه النقطة، ورغب البعض أن يتوقف النشاط الشيوعي الأمر الذي عبر عنه بعض الوزراء من حكومة النابلسي، حيث قدموا الشكاوى من نقائص الحكومة التي قربت الحزبيين وأبعدت المخلصين، وسمحت للشيوعيين باستغلال الموقف ونشر مبادئهم في المدارس (انظر منيب ماضي وسليمان الموسى مصدر سابق، ص 678). وأعلنت الحكومة أنها ضد مبدأ إيزنهاور، وعبر عن ذلك رئيس الحكومة في لقاء له مع السفير الأمريكي، بينما وعد السفير بتقديم مبلغ 100مليون دولار كمساعدة للأردن مقابل العمل ضمن مبدأ إيزنهاور، الا أن رئيس الوزراء رفض ذلك قائلا أن استقلالنا لا يزال طفلا نحضنه بما فيه الكفاية (مصدر سابق، إبراهيم حجازين، ص 133). ويقيم الدكتور يعقوب زيادين هذا الوضع، فيقول كانت عناصر الردة داخل البلاد قد أخذت تتجمع على أثر إنجازات الحكومة، وبدأت السحب تتكاثف في سمائها، وراحت المؤامرات تزداد في الداخل والخارج، وأخذ تنافر القوى الوطنية يتزايد. ويضيف أن فترة عام 1957 كانت عاصفة وتنذر بخطر جسيم يهدد المنطقة بأسرها لدرجة أن كل مواطن بدأ يتحسسه ألا أن القوى الوطنية لم تستجب لهذه المستجدات وبقيت متفرقة (الدكتور يعقوب زيادين يتذكر، الدستور 6/3/ 1997). وتطورت الأمور بسرعة في ظل أحداث تشير إلى محاولات انقلابية قد تجري، وتم إقالة الحكومة في 10 نيسان 1957. لكن المؤكد أن الشيوعيين رفضوا إقالة الحكومة، حيث ساهموا بنشاط في المؤتمر الذي عقد في نابلس ورفضوا دعم حكومة الخالدي التي أطلق عليها في تلك الفترة الجسر الذي ستعبر عليه حكومة أخرى. وأعلن الشيوعيون والجبهة الوطنية بوضوح عن دعمهم الكامل لسياسة حكومة المرحوم سليمان النابلسي عند تشكيلها رغم التحفظات التي لديهم على طابع الحزب الوطني الاشتراكي وعلى مواقف بعض وزراء الحكومة، ألا أن ثقتهم برئيس الحكومة وبعض الوزراء الأخريين قد ساهمت إلى حد كبير في تجاوز هذه التحفظات خاصة خلال العدوان الثلاثي على مصر وقيام الحكومة بإجراءات بناء علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السيوفياتي والاعتراف بالصين الشعبية، كما تلقت الحكومة دعم اليسار عند اتخاذها قرارات لها علاقة بالحريات الديمقراطية او تلك التي لها علاقة بالأوضاع المعيشية والاجتماعية. وطلب القصر من الحكومة تطبيق قانون مكافحة الشيوعية ومنع نشاط الشيوعيين، وعدم قدرة الحكومة على مواجهة هذه الضغوط، بدأت ظلال من الشك تلف العلاقة بين اليسار والحكومة خاصة في ظل التباينات في الرأي في اوساط الوزراء حول هذه القضية. وعكست هذه التطورات نفسها على العلاقة بين الشيوعيين وحكومة النابلسي من خلال عدة مواقف منها قضية إصدار صحيفة الحزب او المشاركة في الاحتفالات بمناسبة إلغاء المعاهدة الأردنية-البريطانية، حيث سعت الحكومة، تجنبا للاحتكاك والصراع على الصعيد الوطني، نحو التمايز والابتعاد عن الشيوعيين. وأكد الحزب على ان اتحاد القوى الوطنية في النضال هو الطريق الوحيد لإحباط المـؤامرات الاستعمارية وإقامة حكم وطني ديمقراطي. وان الطابع المميز لتطور الأوضاع في الأردن، هو هذا الصراع البارز، المشتد، المتزيد، بين قوى السلم والحرية وقوى الحرب والاستعمار والرجعية، صراع يتنامي فيه نضال الجماهير الشعبية والقوى الوطنية، في سبيل السيادة الوطنية والسلم والحريات الديمقراطية والمطالب الحيوية، بينما تزداد عزلة وضعف قوى الاستعمار والرجعية بحيث لم تعد في حالة تمكنها من تنفيذ مؤامراتها الحربية والاستعبادية، بيسر وسهولة، ودون أن تجابه، وتصطدم، بمقاومة شعبية شديدة الاتساع (المقاومة الشعبية / العدد الثامن / او اسط آبار 1954). فمن جهة، أصبح هناك إجماع شعبي على أن ما تعانيه بلادنا من فقر مدقع، وعبودية مذلة، وتأخر فاجع، هو النتيجة الطبيعية لوجود السيطرة الانكلو-أمريكية، وللمؤامرات الحربية التي يحيكها المستعمرون بغية جر بلادنا الى مشـاريع الحرب (الحلف التركي – الباكستاني)، ولسياسة الخيانة الوطنية التي تسير عليها طغمة الإقطاعيين والاحتكاريين في الأردن. ولذلك تميزت الفترة الأخيرة بنهوض شعبي شامل، عم مختلف الفئات والقوى الوطنية، ضد السيطرة الاستعمارية وضد المشاريع الحربية وفي سبيل الحريات الديمقراطية. وقد تجلى ذلك في حملة الاستنكار الواسعة للحلف الاستعماري الحربي التركي الباكستاني الأميركي، وفي الإجماع الهائل على ضرورة إلغاء المعاهدة الاستعبادية الإنكليزية – الأردنية، والتخلص من النفوذ الاستعماري من النفوذ الاستعماري الانكلو- أمريكي، كما تجلى ذلك في النضال الشديد في سبيل الحريات الديمقراطية،وتمكنت القوى الشعبية، بنضالها وتضحياتها وصمودها، من الحصول على بعض الحريات البسيطة، رغم جميع العراقيل، سواء في مجال الصحافة او التنظيم النقابي او وقف العمل بالقوانين الاستثنائية. وقد قاموا بتحد سافر لارادة الشعب ، وفرضوا حكم توفيق أبو الهدى ، أملا في أن تستطيع ،ان تنفذ لهم ما عجزت عن تنفيذه، أمام ضغط الشعب، زمرة فوزي الملقي – ارشيدات – الخطيب- المجـالي، سواء بخصوص الدخـول في أحـلاف عسكرية (الحلف التركي – الباكستاني) او في عقد اتفاق استعماري مع حكام إسرائيل، او في قمع الحريات العامة وإشهار سيف الإرهاب في وجه الشعب بشكل سافر. فتاريخ أبو الهدى، حافل بأعمال الخيانة، والتواطـؤ مع المستعمرين ضد الشـعب وحقوقه وسيادته. فجميع المعاهدات الاستعبادية الإنكليزية-الأردنية، وأخرها معاهدة 1948، وقعها أبو الهدى، وفي عهده الأسود تمت مؤامرة الحرب الفلسطينية ومؤامرة اتفاقية رودس الإجرامية وتسليم أخصب أراضي المثلث الى حكام إسرائيل عام 1949، وجميع عهوده تتميز بالعداء المجنون لحريات الشعب والأحرار الوطنيين البواسل، وتصبح الشرطة وجواسيس كلوب هم الحكام الحقيقيون في البلاد، على المكشوف. ان اتحاد كافة القوى الوطنية في النضال، هو الشرط الرئيسي لانتصارها، هو الشرط الرئيسي لإحباط المؤامرات الاستعمارية، هو الشرط الرئيسي لإنقاذ بلادنا من الأخطار التي تهـددها وهذا ما يدركه المستـعمرون وأعوانهم. فهم يرون في اتحاد القوى الوطنية الشريفة ضـربة قاضية، ساحـقة ماحقة، لخطـطهم ومؤامراتهم ولمراكزهم وامتيازاتهم، ولذلك فأنهم، الى جانب استعمال البطش والإرهاب والاعتقالات والسجن ضـد الشعب والقوى الوطنية، يجهدون في بث التفرقة والدس، وزرع الحذر والريبة، بين صفوفها، لمنع اتحادها، ومنع تشكيل جبهة قوية جبارة ضدهم، فيسهل عليهم تنفيذ أغراضهم العدوانية، وضرب القوى الوطـنية والشعبـية، واحدة بعد الأخرى.وهذا الاتجاه في التفرقة والدس بين القوى الوطنية قد كشفت عنة، وحملت لواءه، جريدة ”الصريح” المأجورة، والمعروفة، منذ أمد طويل، بأنها لسان دائرة الاستخبارات والتجسس الانكلو-أميركية. وأجمعت القوى الوطنية على ضرورة:
1.تجنيب البلاد أخطار الحرب. 2.وعدم الدخول في أحلاف عسكرية استعمارية عدوانية كالحلف التركي – الباكستاني. 3.عدم عقد اتفاق استعماري مع حكام إسرائيل يخدم مشاريع المستعمرين الحربية وأهدافهم الاستغلالية. 4. إطلاق الحريات الديمقراطية، بأوسع مدى : حرية الصحافة والكتابة، وتشكيل الأحزاب والنقابات والجمعيات..الخ، 5.وعلى ضرورة العمل الجدي لإنقاذ بلادنا من الـدمار الاقتصادي الذي تعانـيه وإنعاشـها، وتخليصها من سيطرة الاستعمار ومعاهداته واتفاقياته وامتيازاته وجيوشا احتلاله. وناشد الحزب الشيوعي كافة القوى الوطنية على اختلاف أحزابهم ومنظماتهم (البعثيين والقوميين والأخوان المسلمين والمستقلين) الى ضرورة توحيد الجهود والنضال، في جبهة وطنية شاملة،لإنقاذ بلادنا وشعبنا من الأخطار والمؤامرات الاستعمارية في سبيل : 1.) مـنع زج البلاد في الأحلاف الاستـعمارية الحربـية كالحـلف التـركي – الباكستاني العدواني. 2.) عدم عقد اتفاق استعماري مع حكام إسرائيل يخدم مشاريع المستعمرين الحربية وأهدافهم الاستغلالية. 3.) إطلاق الحريات الديمقراطية على اوسع مدى. 4.) العمل لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية بتشجيع الصناعة الوطنية وتشجيع التجارة وتحسين الزراعة ورفع مستوى حياة الجماهير الشعبية من جميع النواحي ومحاربة البطالة المتفشية في البلاد. 5.) تخليص البلاد من النفوذ الاستعماري بمختلف أشكاله وألوانه. 6.) التعاون المطلق مع الشعوب العربية الشقيقة في النضال المشترك ضد المستعمرين ومؤامراتهم وفي سبيل التحرر الوطني والسيادة القومية. 7.) إقامة حكومة وطنية ديمقراطية لتحقيق هذه الأهداف. ونضال الحزب في سبيل قانون عمل ديمقراطي لافتا الى انه بنضال العمال وتضامنهم ومثابرتهم استطاعوا أن يرغموا السلطات على السماح لهم بتشكيل نقابات لهم تدافع عن حقوقهم وترعى مصالحهم.وبمواصلة النضال والتضامن يستطيع العمال، الذين لم يؤلفوا نقابات لهم حتى الان، ان يؤلفوا هذه النقابات، وان يواصل جميع عمال البلاد كفاحهم في سبيل توطيد التنظيم النقابي وإيجاد اتحاد للنقابات على نطاق البلاد، وتأمين الحريات النقابية بصورة كاملة. ويدرك عمال الاردن، بتجربتهم الخاصة، أن حصولهم على حق، مهما كان بسيطا، لا يتم الا بالعمل المتواصل والتعاون والتآزر بين العمال في المهنة الواحدة وعلى النطاق العام واليوم، اذ يعرض على مجلس النواب مشروع قانون للعمل والعمال، من واجب العمال والنقابات العمالية التي تشكلت ، والعمل على رفع مطالبهم للمجلس النيابي وأن يطالبوا بأن يكون هذا القانون ديمقراطيا بحيث يضمن للطبقة العاملة حقوقها التالية : اولا – حقها في العمل، أي أن تكون الحكومة مسؤولة عن تدبير العمل للعاطلين من العمال الذين يكونون الغالبة العظمى من مجموع الطبقة العاملة في بلادنا، وأن تكون مسؤولة عن معيشة العاطلين عن العمل. ثانيا – تحديد ساعات العمل بثماني ساعات في اليوم، وأن يكون الأجر مضاعفا عن الساعات التي يعملها العامل زيادة عن الثماني ساعات. ثالثا- تعويض العمال في حالات التشويه والمرض والشيخوخة وباقي الحالات التي يصبح فيها العامل غير قادر على العمل. رابعا - إعطاء العمال عطلة أسبوعية وسنوية مدفوعة الأجر. خامسا - منع تشغيل الأحداث منعا باتا. سادسا - التطبيب المجاني للعمال وعائلاتهم، والتعليم المجاني لأبنائهم. سابعا – حق العمال في تنظيم أنفسهم في نقابات وجمعيات تدافع عن حقوقهم ومصالحهم، وإلغاء القيود المفروضة على التنظيم النقابي في قانون النقابات القديم. ثامنا - حق العمال في الدفاع عن مطالبهم والتعبير عن رأيهم بالإضراب والتظاهر والنشر والدعاية والخطابة وعقد الاجتماعات والمؤتمرات. تاسعا - منع طرد العمال من عملهم. عاشرا-تشكيل محاكم لحل المنازعات بين العمال وأصحاب العمل والاعتراف بالنقابات كهيئات رسمية لها الحق في تمثيل العمال والدفاع عن حقوقهم ان الطبقة العاملة يمكنها، بتضامنها وتنظيم نفسها، ان تحصل على هذه الحقوق جميعها. ونحن ندعو جميع العمال ونقاباتهم الى العمل السريع وتقديم مطالبهم لمجلس النواب أثناء بحث القانون المعروض علية. ودعا الحزب الى قيام حكومة قومية تبيح الحريات بعد طرد كلوب وتقف بحزم في وجه ضـغط الاستعمار وتقاوم أحلاف الإنكليز الأميركيان وتقبل المعونة العربية وتعمل لإنهاض الاقتصاد الوطني. وأشارت المقاومة الشعبية / السنة الثامنة – العدد 2 – آذار 1956 الى ان طرد كلوب جاء كنتيجة طبيعية لتراكم الاستياء والغضب الشعبي ضد الاحتلال والاستبداد الاستعماري الفظيع لبـلادنا، ولتـتابع النضال والمعارك ضد هذا الاستبداد والسيطرة الاستعمارية لاسيما خلال السنوات الأخيرة، حيث تحول هذا الغضب الشعبي وهذه المعارك الوطنية المتفرقة الى وثبة شعبية جبارة شملت البلاد كلها ضد الاستعمار ومحاولته جر الأردن للحلف التركي العراقي الإنكليزي العدواني. فأراد كلوب قمع هذه الوثبة الشعبية والقضاء على الحركة الوطنية بالحديد والنار والتقتيل والتنكيل والاعتقال، مستخدما في ذلك قـوات الجـيش والشـرطة والحرس الوطني، فشمل الاستياء والغضب جماهير الجنود والضباط الوطنيين الشرفاء، اذ تبين لهم بما لا داع مجالا للشك ان المستعمرين وكلوب يطلبون منهم ان يكون في حالة حرب دائمة ضد شعبهم لتثبيت سيطرة الاستعمار واحتلاله للأردن، وان يكونوا قوة بوليسية مسلطة على اهل بلادهم واخوتهم في الوطن لإرغامهم على قبول بالمشاريع والأحلاف الاستعمارية العدوانية التي تعرض البلاد والشعب ولا سيما جنود الجيش لكوارث الدمار والموت والهلاك في مغامرات الاستعماريين العدوانية. فانضمت جماهير الجنود والضباط الوطنيين الشرفاء للشعب في نضاله ضد الاستعمار وحلف بغداد وضد استبداد كلوب وأرهابة الدموي الوحشي. وجرت مظاهرات ومهرجانات شعبية في جميع المدن والقرى والمخيمات ومعسكرات الجيش والحرس الوطني ابتهاجا بطرد كلوب، والتي اشترك فيها مئات الألوف من ابناء الشعب، على اختلاف اتجاهاتهم السياسية وميولهم الحزبية، وتآخت فيها جماهير الشعب مع جماهير الجنود والضباط الوطنيين الشرفاء. ان هذه المظاهرات والمواكب والمهرجانات كانت شعاراتها السائدة : إطـلاق سراح المعتقـلين وإباحة الحريات العامة، وتطهير الجيش والحكومة من جميع الضباط الإنكليز واتباع كلوب ، والاستغناء عن ”المساعدة ”البريطانية واستبدالها بالمعونة العربية، وتعزيز التضامن العربي الى أقصى الحدود ضد جميع مشاريع وأحلاف الإنكليز والأميركيان ولاسيما حلف بغداد البريطاني ومشروع جونستون الأميركي الاستعبادي. وطالب الشعب الاردني بأسرة بتشكيل حكومة وطنية تحوز على تأييد ومسـاندة كل الشعب وكافة القوى والأحزاب والهيئات الشعبية والوطنية والسياسية في البلاد. حكومة تسير قدما بحزم وثبات في انتهاج سياسة أردنية عربية استقلالية قوامها إباحة الحريات النقابية والديمقراطية والصحفية، ومقاومة المشاريع والأحلاف الاستعمارية ولا سيما حلف بغداد البريطاني، والوقوف بحزم وثبات في وجه الضغط والتهديدات الاستعمارية الإنكليزية-الأميركية، وتتخذ تدابير سريعة لتصفية عهد كلوب البغيض وتطهير الجيش والشرطة والحكومة من جميع الضباط الإنكليز واتباع كلوب وجواسيس الاستعمار، واستبدال ”المعونة ”الإنكليزية بالمعونة العربية من مصر والعربية السعودية وسوريا،وتعمل لإنهاض الاقتصاد والإنتاج الوطني، وتكافح البطالة والغلاء، وتقيم علاقات اقتصادية وتجارية على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة مع جميع الأقطار ولاسيما مع بلدان المعسكر الاشتراكي، حكومة تعبر في سياستها الداخلية والخارجية عن إرادة الشعب في التحرر نهائيا من كل سيطرة للاستعمار على الأردن وإلغاء معاهدة الاحتلال الإنكليزية وجمـيع الاتفاقـيات الإنكليزية والأميركية الجـائرة وجلاء القوات الإنكليزية عن ارض الوطن بدون قيد ولا شرط. ودعا الحزب الشيوعي الى الاتحاد الوطني الشامل لإحباط المؤامرة وسد الطريق على الخونة وعملا الاستعمار. ولتنفيذ هذه الخطة عطلت حكومة أبو الهدى الصحف الوطنية، وفرضت الرقابة الشديدة على المطبوعات، وحتى على البرامج الانتخابية. وقد خاض مرشحو جبهة الاتحاد الوطني على أساس البرنامج الوطني الديمقراطي الذي تضمن الشعارات التالية : - النضال في سبيل التحرر الوطني والسلم والديمقراطية. - النضال ضد المعاهدات والاتفاقيات الاستعمارية الإنكليزية والأميركية - جلاء الجيوش الأجنبية وإحباط المشاريع والأحلاف الحربية العدوانية - في سبيل الحريات الديمقراطية والإصلاح الاجتماعي الشامل. ورغم الملاحقات والاعتقالات والتصفيات عقدت الجبهة الوطنية اجتماعات جماهيرية واسعة لمرشحيها. وحضر هذه الاجتماعات عشرات الألوف وأظهرت تأييدها والتفافها حول برنامج جبهة الاتحاد الوطني. أمام هذا الوعي الجماهيري والشعبي، وخوفا من فرض الشعب لنوابه، أقدمت حكومة أبو الهدى على مجزرة بشرية يوم السبت 16 تشرين الأول، سجلت القوى الوطنية والشعب الاردني يوما مشرفا في تاريخ كفاح الشعب الاردني ضد الاستعمار الغاشم والرجعية ، يوم سألت دماء اكثر من 30 شهيدا وأكثر من 150 جريحا في شوارع عمان وأزقتها، لفضوا أنفسهم هاتفين : ليسقط الاستعمار وعملاء الاستعمار ! في ذلك اليوم المشهود تلاعبت السلطات في جداول الناخبين وتغيرها كليا، فلم يجد ألوف الناخبين، ممن سجلوا أسماءهم، لم يجدوا أسماءهم مسجلة وحرموا من حق الانتخاب. أمام هذا التزوير المفضوح، لم يعد باستطاعة المواطنين ممارسة حق الاقتراع. فانسحب جميع المرشحين غير الحكوميين احتجاجا، وأرسلوا برقيات الى حكومة أبو الهدى يحملونها فيها مسؤولية تزييف إرادة الشعب. وبعد هذه المجزرة الدامية شنت السلطات حملة اعتقالات شملت 250 مواطنا من مختلف الأحزاب والاتجاهات، فمنهم الشيوعيون والبعثيون، ومنـهم الوزراء والنواب السابـقون، والطالب والعامل والفلاح والتاجر والمثقف والمحامي والطبيب وقد اعتدي على المعتقلين بالضرب الوحشي، كما جرت حملة تفتيش واسعة وبصورة فظة أرعبت النساء والأطفال، وخلقت جوا من الإرهاب. وطاردت السـلطات المطـلوبين منهم مـرشح الاتـحاد الوطني في عمان الدكتور عبد الرحمن شقـير، والمناضل الوطني الديمقراطي الدكتور نبيه ارشيدات. ومنعت السلطات التنقل لعدة أيام بين المدن والقرى.أما الشهداء فقد منعت السلطات تسليمهم لذويهم بل دفنتهم ليلا ولم تسمح لأهاليهم وأقربائهم برؤيتهم متحدية بذلك أبسط التقاليد والمشاعر الإنسانية لم يسبق له مثيل. وفي مدينة نابلس أخذ التزوير شكلا يختلف عما جرى في عمان، التزوير مارسته السلطات أثناء عملية الفرز. واحتجت الجماهير وطالبت بان يكون الفرز علني. فاحتجزت السلطات مرشحي الجبهة ومرشحي حزب البعث وأبعدتهم عن مكان الفرز.وتظاهرت الجماهير احتـجاجا على ذلك وهـتفت الجمـاهير بسقوط الاستعمار وحكومة أبو الهدى مزورة الانتخابات. وفي اليوم التالي حدثت مصادمات عنيفة وتحدت الجماهير أوامر منع التجوال في المدينة فاستشهد العامل حسن الشنتير وجرح عشرات المواطنين. ورغم التزوير المفضوح فقد فاز بالنيابة مرشح جبهة الاتحاد الوطني الأستاذ عبد القادر الصالح. وفي جنين قامت مظاهرات استنكارا لتزوير الانتخابات، وأطلقت الشرطة الرصاص على الجماهير، فاستشهد طالب وجرح عدد كبير من المتظاهرين. وفي أربد احتشدت الجماهير حول مركز الفرز في دار البلدية مطالبة بعلنية الفرز، وتمكنت من منع التلاعب والتزوير، واوقف المتصرف حسين الكايد عملية الفرز وأحضر أكثر من 150 جنديا مسلحا هاجموا مركز الفرز واعتقلوا المرشحين : شفيق أرشيدات ومحمود المطلق وفرح اسحق. وانهالوا عليهم بالضرب. ثم هاجمت قوات الامن الجماهير المحتشدة، فاستشهد فلاح من كفر جايز وجرح كثيرون، ثم قامت السلطات بحملة كبيرة، فاعتقلت عشرات المواطنين. وفي اليوم التالي قامت مظاهرات كبيرة حاشدة احتجاجا على التزوير، فاصطدمت بالشرطة والجيش. وهاجم المتظاهرون مكتب المعلومات البريطاني ومكاتب وكالة الغوث الاستعمارية ومكاتب إدارة مدرسة الفرندز الأميركية التجسسية، أشعلوا فيها النيران. وقد استشهد في المعارك طالب وجرح عشرات. وعلى أثر هذه الحوادث شنت السلطات حملة وحشية واعتقلت أكثر من 150 شابا وطالبا بينهم : المحامي إبراهيم بكر مرشح جبهة الاتحاد الوطني وجميع المرشحين غير الحكوميين.وفرضت نظام منع التجول على المدينة ومنعت التنقل بين المدينة وقرى القضاء عدة أيام. وفي القدس عمدت الحكومة الى التزوير بمختلف الطرق والأساليب.وعندما احتج المرشحون غير الحكوميين على هذا التزوير اعتقلت السلطات مرشحي الاتحاد الوطني الدكتور يعقوب زيادين والدكتور عبد الرحيم بدر، ومرشح حزب البعث المحامي عبد الله نعواس وعشرات الشباب من عمال وفلاحين وطلاب. وجرت عملية التزوير في الخليل والسلط والكرك، وحدثت العديد من الاحتجاجات على عملية التزوير حيث اعتقلت السلطات في الخليل مرشح الجبهة محمود القاضي والمناضل الديمقراطي فخري مرقة وعددا من الشباب. وعلى اثر ذلك دعت نقابة المحامين جميع المحامين الى الإضراب لمدة ثلاثة أيام، وقدمت مذكرة احتجاجية شديدة اللهجة الى المسؤولين، طالبت فيها بمحاكمة المـسؤولين عن إطـلاق الرصاص عـلى الشعب، وبإطلاق سراح جميع المعتقلين فورا. كما أرسلت عشرات البرقيات والمذكرات والعرائض التي تعبر عن السخط الشديد على هذه الجرائم الوحشية ويطالب مرسلوها بإنزال العقاب الصارم بالقتلة والسفاحين.وتشكلت عدة وفود احتجاجية من التجار والمجالس البلدية ورجال الدين. واعلن عن الاضرابات الشاملة في مدينة عمان وجميع المدن الرئيسية في الأردن يوم الخميس 21 تشرين الأول يوم افتتاح المجلس النيابي المزيف. (المقاومة الشعبية / السنة السادسة – العدد 14 – أوائل تشرين ثاني 1954) وبينت المقاومة الشعبية بعددها الثالث نيسان 1961 / السنة الثالثة عشرة :ان هذه السياسة جلبت الخراب والدمار للشعب وللوطن. فاقتصاديات البلاد في تدهور مسـتمر، وتسيطر الأزمة الاقتصادية، وتتفشى المجاعة والأوبئة والأمـراض الخطـيرة في صـفوف جماهير الفـلاحين واللاجئـين، ويستفحل الغلاء ويزداد ارتفاع أسعار الحاجيات الضـرورية، وتستشري البطالة وتطحن جمـاهير العمال والحرفين والكادحين،ويتعرض التجار وصغار المنتجين للإفـلاس والخراب، وتخفـض الحـكومة رواتب صغار الموظفـين والجنود وتلغى علا واتهم، وتسرح من العمل مئات المستخدمين والعمال بحجة ارتفاع النفقات. وبحسب العديد من المراقبون فقد غير الحزب الشيوعي من سياسياته في أوائل تشرين الأول 1964 وتقلصت المطالب أحيانا لدرجة المطالبة بحكومة وطنية ديمقراطية وليس بحكم وطني ديمقراطي كما قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني في اجتماعها الموسع المنعقد في أوائل شهر تشرين الأول عام 1964 (شارك في الاجتماع الأعضاء المرشحون كذلك) تغير اسم الجريدة من ”المقاومة الشعبية ”الى ”التقدم ”وإلغاء شعار المنجل والمطرقة عن الرسم والذي كان يوضع على المقاومة الشعبية منذ اول عدد صدر لها ليكون بحسـبهم الاسم الجديد اكثر انطـباقا وملائمة للظروف والتطورات الجديدة في الأردن والعالم العربي. لان المجتمعين لاحظوا بارتياح التطورات الإيجابية التي حدثت في السياسة الأردنية منذ توقيع الحكومة الأردنية على معاهدة موسكو لحظر التجارب النووية إضافة الى اعادة العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي وعدد من البلدان الاشتراكية ومع الجمهورية العربية المتحدة واعتراف الحكومة الأردنية بالجمهورية العربية اليمنية وتنقية الأجواء العربية وتعزيز التضامن بين الدول العربية اضافة الى أنها أيدت بعث الكيان الفلسطيني وقيام منظمة التحرير الفلسطينية واشتراكها في القيادة العربية الموحدة لمواجهة العدوان الإسرائيلي الاستعماري ”التقدم، العدد 1، تشرين او ل 1964". ورغم هذه التطورات بينت اللجنة المركزية في اجتماعها بوجود ثغرات خطيرة لا تزال في سياسة السلطات الأردنية كبقاء المساجين السياسيين والمبعدين والإرهاب وكبت الحريات الذي تمارسه المباحث ضد القوى المعادية للاستعمار وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد اضافة تغلغل النفوذ الاستعماري من خلال رؤوس الأموال الأجنبية في عدد من المؤسسات الاقتصادية والمساعدات المشروطة المقدمة من الدول الاستعمارية. وطالبت اللجنة المركزية الحكومة الأردنية اتخاذ عدد من الإجراءات بهدف استمرار هذه التطورات الإيجابية مثل إصدار عفـو عام عن جمـيع السـياسيين المسـجونين والمعتقلين والمبـعدين والملاحقين دون تميز وتمكين جمـيع القـوى الوطنـية والتقدمـية المؤيـدة للاتجاه التحـرري مـن ممـارسة حـرياتها الديمـقراطية والنقابية والصحفية واتخاذ تدابير جدية لمـعالجة الوضـع الاقتـصادي في الأردن لتطويره وتنمية وتأسيس قـطاع عام للدولة وبناء عدد من المؤسسات الصناعية وقيام الدولة بالتنقيب عن ثروات البلاد الدفينة كالبـترول والبوتاس والفوسفات والنحاس وغيرها واستخراجها وتسويقها بمساعدة الخبرة الفنية والمعونة المادية من الدول الشقيقة والصديقة. وشددت اللجنة في اجتماعها على ضرورة تطهير أجهزة الدولة من الخبراء الاستعماريين والمعادين للاتجاه الإيجابي التحرري وخاصة الموجودين منهم في الجيش والمخابرات العامة والمباحث لان بقاءهم في هذه المراكز الحساسة يشكل خطرا على الاتجاه التحرري ويعرقل سيرة ويهدد حريات المواطنين ويفسح المجال أمام الضغط والمؤامرات الاستعـمارية التي تهدد استـقلال البلاد وأمنها وتسليح الجـيش الاردني بالأسلحة الحـديثة وتدريب الجيوش العربية ورفع مستوى فعالية وكفاءة الجيش العربي الاردني وتعزيز التضامن مع جميع الدول العربية المتحررة وتنسيق السياسة الخارجية والدفاعية والثقافية معها ”نفس المصدر السابق”. وانتقدت صحيفة الحزب المركزية “التقدم” في عددها 6، أواسط آذار 1965 نظام التأمين الصحي مطالبة بضرورة معالجة عائلات المنتفعين مجانا وتوسيعها وزيادة قاعدة المستفيدين في عيادات ومستشفيات الجيش او وزارة الصحة مستهجنه خصم نصف دينار من راتب الجندي الذي لا يكاد يتجاوز راتبه الشهري 10 دنانير في المقابل يحسم من الضباط ممن هم في رتبة لواء او زعيم او عقيد الذي يتجاوز 100دينار نفس المبلغ نصف دينار مطالبة بمـعالجة الأوضاع المالية عـلاجا جذريا يؤدي الى الاستـغناء عن ”مساعدات” الاميركان والإنكليز بشروطها وقيودها المذلة والسعي لاستبدالها بمساعدات نزيهة من الدول الشقيقة والصـديقة مدافعة عن حقـوق العمـال والمستخدمين وجماهير المستهلكين وحمايتهم من الاستغلال والتعسف الذي تمارسه شركة الكهرباء”. وطالب الحزب بتوزيع أراضى قناة الغور من خلال إلغاء قانون رقم 31 صدر عام 1962 تم بموجبة تخفيض الحد الأعلى للملكية الزراعية من 500 دونم الى 200 دونم. والاستيلاء على الاراضي التي نهبها الإقطاعيون وكبار الملاكين بدون تعويض وتوزيعها على صغار الفـلاحين وفقرائهم وعلى العـمال الزراعيين وإعـفاؤهم مـن تسديد أثمـان الوحـدات التي توزع عليهم وإعفاؤهم من دفع أثمان المياه وتأجيل ديون مؤسسة الإقراض الزراعي المستحقة اضافة الى تكوين جمعيات تعاونية تـرعى مصالح وشؤون صـغار الفلاحـين وفقرائهم ومصالح العمال الزراعيين مطالبا بمحاربة الاستغلال وتأميم المطاحن والمخابز الكبيرة وتجارة الجملة بالحبوب والطحين والمواد الغذائية الضرورية للشعب مشددا على ضرورة تخفيض أسعار جميع انواع الطحين والخبز لحماية المواطنين من النهب والاستغلال وتـوفير الرغيف اليومي لـه بسـعر معـقول ونوعية جيدة ”التقدم، عدد 7،او اخر نيسان 1965”. واعتبر الحزب الشيوعي موقف المسؤولين الأردنيين من وحدة الصف والكلمة لمواجهة التحديات الداهمة في ظل تفاقم النشاط العدواني الإسرائيلي على الحدود العربية، ولاسيما الأردنية والسورية تبقى في نطاق التصريحات الكلامية، لافتا الى النشاط اليومي لأجهزة الدولة ذات العلاقة ما يزال كالسابق يسد الطريق على السير ولو خطوة واحدة نحو تحقيق الوحدة الوطنية الشاملة، على النطاقين الشعبي والرسمي، ورص صفوف الشعب وقواه الوطنية والتقدمية، مما يبقي المسؤولين في واد والشعب في واد آخر (جريدة التقدم عدد 8- أواخر حزيران 1965 ). ودعا كافة القوى الوطنية والتقدمية رص صفوفها وتلاحمها وتضافر وتوحيد جهودها المشتركة في النضال ضد الاستعمار والصهيونية والرجعية. وطالب السلطات الأردنية التجاوب دون تردد او إبطاء مع مطالب الشعب الاردني الاساسية والملحة التي يرى واجبة المباشر في العمل لتحقيقها. وأكدت التقدم على ضرورة تمكينه من ممارسة حرياته الديمقراطية وإزالة كل ما من شأنه عرقلة توحيد صفوفه وتلاحمها، والعمل على تعزيز قدرة البلاد الدفاعية، ورفع مستوى الجيش والحرس الوطني وتزويدهما بالسلاح العصري المطلوب، الذي يمكن الحصول علية من الدول الشقيقة والصديقة، وتمتين علاقاته بأشقائه الشعوب العربية وبدولها المتحررة ولا سيما الجمهورية العربية المتحدة، وتدعيم وتطوير صلاته بأصدقائه الحقيقيين وفي مقدمتهم الاتحاد السوفيتي وسائر الدول الاشتراكية.(نفس المصدر السابق). وأكد الحزب على مواصلة النضال لتحقيق مطالبه الوطنية، لانه يرى في تحقيقها الرادع المجرب لصد أي عدوان محتمل، وللوفاء بواجبه تجاه أشقاقه في المعركة، كما يرى في ذلك طريقه المضمون لتعزيز استقلاله الوطني، وتحقيق تقدمه وازدهاره. ودعا الحزب الى ضرورة تعزيز التضامن العربي وتوحيد جهود القوى التقدمية والثورية في العالم العربي للتصدي لقوى الاستعمارية والرجعية وإسرائيل التي تشدد هجومها المسعور، على الشعوب العربية(التقدم، العدد 9، أواسط تموز 1965). وبين ان المخططات الاستعمارية الرجعية الإسرائيلية ترمي الى تثبيت مواقع الاستعمار والرجعية في البلدان العربية وحمايتها، ومواصلة نهب بترول العرب وثرواتهم الطبيعية، واستعادة المواقع القديمة للاستعمار ، وقمع الحركة التحررية العربية، وإخماد الانتفاضات والثورات الوطنية، وتخريب التضامن العربي، وتجميد قرارات مؤتمرات القمة العربية، وتحقيق مطامع إسرائيل التوسعية، وتسعير الهجوم على الدول العربية المتحررة لضرب مكاسبها ومنجزاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحرفها عن طريق التطور اللارأسمالي، والإطاحة بأنظمة الحكم فيها (المصدر السابق). وبين ان تفتيت القوى التقدمية الثورية في البلدان العربية، وتبعثر صفوفها، وتمزق وحدتها، وتباعدها وتناحرها وتخاصمها، وتصدع جبهة الدول العربية المتحررة،وتردي العلاقات فيما بينها، وتبادلها الحملات الإذاعية والصحافية، وافتعال أسباب الخصومات، وتضخيم نقاط الخلاف الثانوية. ووقوع الانشقاقات والخلافات بين العناصر الثورية الحاكمة في البلد الواحد، كالخلافات الداخلية في الجزائر وفي صفوف الجمهوريين في اليمن. وتصدع التضامن العربي على مستوى الحكومات، كل هذه الأوضاع تهيئ تربة خصبة ومناخاً ملائماً يغري القوى الاستعمارية والرجعية وإسرائيل على التآمر والتحرك والعدوان.(التقدم،العدد 9، واسط تموز 1965). ودعا الحزب الشيوعي القوى الثورية العربية ان تقدر خطورة الموقف، وتعي تماماً مسؤولياتها التاريخية، وتضع مصلحة الشعوب العربية فوق كل اعتبار فتبادر على اختلاف هيئاتها ومنظماتها وحركاتها وفصائلها وأحزابها، الى توحيد جهودها ووضع حد لتمزق صفوفها وخلافاتها، خاصة وانه تتوفر التربة الموضوعية، والأهداف الرئيسية الكبرى التي تلتقي عليها جميع أطراف هذه القوى الثورية. وانتقد الحزب إصدار قانون تسوية ديون المزارعين رقم 13 الذي سرى مفعوله ابتداء من منتصف حزيران عام 1965، حيث صدر بدل قانون 1962، لافتاً الى ان جوهره ليس لصالح المزارعين على الإطلاق، وانما كان لصالح المرابين، يساعدهم على تحصيل ديونهم الوهمية، ويسهل لهم انتزاع ملكية أراضى الفلاحين وفاء لتلك الديون. وبين الحزب ان القانون لا يختلف عن القانون الصادر عام 1962، لانه يخلو من أي نص يحقق مطالب الفلاحين العادلة كإعادة الاراضي التي اغتصبها المرابون الى أصحابها، او إلغاء الديون الطائله والفوائد الفاحشة عليها، او فك الاراضي المرهونة تأميناً لتلك الديون. وطالب الفلاحين بضرورة إلغاء هذا القانون الجائر، وإصدار قانون جديد يحميهم من جشع واستغلال ونهب المرابين ويضمن لهم تحقيق مطالبهم التالية: 1. اعادة جميع الاراضي التي انتزعها المرابون منهم تسديداً لديون باطلة. 2. إلغاء جميع ديون المرابين المستغلين. 3. فك رهن جميع الاراضي المرهونة مقابل الديون. 4. منع بيع او رهن او امتلاك أية مساحة من أراضى الفلاحين مقابل تلك الديون. 5. أجراء إصلاح زراعي جذري يؤمن الأرض لجماهير الفلاحين.(نفس المصدر السابق). ودافع الحزب عن الجمهورية العربية المتحدة مطالباً العمل لاجل إحباط النشاط التآمري الاستعماري- الرجعي اضافة الى منع نشاط جماعة الأخوان المسلمين لانهم شاركوا في المؤامرة على المتحدة من حملة مسعورة من التهجم والافتراء وكيل الشتائم ضدها وضد نظامها الثوري، مبرهنين بذلك على تواطئهم واشتراكهم الأكيد في هذه المؤامرة الخسيسة.(التقدم، العدد 11، تشرين أول 1965). وبين الحزب ان الدين الإسلامي الحنيف، الذي هو في جوهرة وروحة تمرد على الظلم الاجتماعي وحرب على الاستعمار والاستعباد لا يمكن ان يكون رائد القتلة والمجرمين، المتواطئين مع الاستعمار ، أعداء الإسلام والعروبة، مهما تمسح هؤلاء بمسوح الدين.(المصدر السابق). وأشار الى ان تاريخ "الأخوان المسلمين" الحديث في مصر يدفعهم بالتآمر والتواطؤ اكثر من مرة مع أعداء شعب مصر وآلامه العربية، فان قادة الأخوان المسلمين في الأردن قد عرفهم شعبنا دعامة لكل ما هو رجعي وعدو له ولحرياته ولاستقلاله الوطني وتقدمه الاجتماعي، لافتاً الى انهم تآمروا ضد الحكم الوطني عام 1957 (حكومة سليمان النابلسي)، ووقفوا الى جانب الانقلاب الرجعي الأسود الذي أطاح بهذا الحكم الوطني ونكل بالشعب وبقواه الوطنية، وعرفهم مستسلمين صاغرين، بل مباركين للإرهاب المتواصل الذي فرضته الحكومات الرجعية المتعاقبة على شعبنا.(نفس المصدر السابق). وفضح الحزب أساليب المخابرات ضد المواطنين لأنها تمارس فرض المزيد من التصفيات والتحقيقات وفق خطة خبيثة، تستهدف تجنب إثارة الرأي العام، لإدراكها وتحققها من اشمئزازه ونفورة من أعمالها هذه، فتلجأ الى محاربة هذه الأساليب ضد المواطنين على نحو فردي، الواحد بعد الأخر، وفي جو من الصمت المطبق. وقال: أنها تمارس دور دولة فعلية داخل دولة لان خبراء من حلف الأطلنطي يقود نشاطها واستفحل خطرها وأذاها على المواطنين على حرياتهم، مهيباً بكل مواطن حر وشريف في هذا الوطن الانضمام الى هذه الحملة، ورفع صوته بالاحتجاج على انتهاك الحريات العامة، حتى تنتصر إرادة الشعب في هذه المعركة.(التقدم، العدد 13- كانون اول 1965). وأكد الحزب على ان حرية الصحافة في البلاد معدومة شأنها شأن سائر الحريات العامة الأخرى. فقانون المطبوعات كان ولا يزال سيفاً إرهابيا تشهره السلطات على الدوام في وجه الصحافة والصحفيين. وانتقد قانون المطبوعات رقم 16 لسنة 1955 واصفاً إياه بالرجعي والظالم لانه يتضمن نصوص غريبة جائرة ومما يجعل الصحافة دائماً وأبدا مخنوقة في قبضة السلطات وتحت رحمتها. فبموجب هذا القانون تستطيع الحكومة ان تمنع إعطاء امتياز لإصدار أية صحيفة بدون ذكر الأسباب فقد جاء في المادة 10 من القانون (على وزير الداخلية عندما يكون طلب الرخصة مستوفياً جميع الشروط القانونية ان يرفع الطلب الى مجلس الوزراء الذي له الحق اما ان يمنح الرخصة واما ان يرفض الطلب دون ان يكون قراره تابعاً لأي طريق من طرق المراجعة).
.................................. يتبع
#عناد_أبو_وندي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرارات عصبة التحرر الوطني بفلسطين وتأسيس الحزب الشيوعي الارد
...
-
الحزب الشيوعي الاردني النشأة والتطور
-
الأحزاب السياسية الأردنية نشأة وتطور الأحزاب الأردنية
-
الصحافة الحزبية في الاردن
المزيد.....
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
-
الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا
...
-
فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز
...
-
سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه
...
-
مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال
...
-
جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
-
البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة
...
-
مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
-
-الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|