أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر مصري - السِّيرك















المزيد.....

السِّيرك


منذر مصري

الحوار المتمدن-العدد: 822 - 2004 / 5 / 2 - 10:34
المحور: الادب والفن
    


( التباسات السياسة والأدب )
( نحن نعلم أن الأسد أقوى من مروض الأسود، وكذا يعلم مروض الأسود، والمشكلة أن الأسد لا يعلم ذلك. ومن الوارد أن يساعد موت الأدب الأسد على الاستيقاظ ) تيري إيغلتون.

لم أستطع، أبداً، فهم هذه السطور الثلاثة الأخيرة التي تقبع في نهاية كتاب تيري إيغلتون ( نظرية الأدب- ترجمة ثائر ديب – إصدار وزارة الثقافة السورية ) رغم تقليبي لها على العديد من الأوجه، ورغم اضطراري، مرةً ثالثة، لقراءة الفصل الأخير من الكتاب. الذي بدا لي وكأنه ما يسمى زبدة الكلام، أو قول الفصل، للكتاب بأجمعه، وهو ما قد تنبه إليه مؤلفه، وربما قصده من تسميته ب ( خاتمة : النقد السياسي ) والذي يظهر فيه، بقدر زائد، مقارنةً بكل الفصول السابقة، انحيازه ( الماركسي ) في الحكم على النظرية الأدبية وفهم الأدب عموماً...
جاء عدم فهمي هذا أساساً من عدم قدرتي على تقديم إجابات قريبة للقبول على عدة أسئلة مباشرة وغير مباشرة عما حاول إيغلتون تشبيهه لنا، بالأسد خاصة وبمروض الأسود بالدرجة الثانية. أو ربما، بترتيب معاكس، بمروض الأسود خاصة وبالأسد بالدرجة الثانية ! وترددي هذا يأتي بسبب عدم قدرتي على تحديد ماذا يقصد إيغلتون بأي منهما، وكذلك التباس الأسد بمروضه كما سأبين.
وعلى أية حال، ها أنذا أبدأ في محاولة كشف لغزَي ( الأسد ومروض الأسود ) دون استباق لأحدهما، مع قبولي فرضاً، كي لا أزيد الأمور تعقيداُ، بأن الأسد أقوى من مروض الأسود. وكما نرى تسمح لنا فكرة إيغلتون بتقسيمها إلى معادلتين ذات مجهولين ( الأسد و مروض الأسود ) المعادلة الأولى : ( نحن نعلم أن الأسد أقوى من مروض الأسود، وكذا يعلم مروض الأسود، والمشكلة أن الأسد لا يعلم ذلك ) والثانية : ( ومن الوارد أن يساعد موت الأدب الأسد على الاستيقاظ ) وبهذه المعادلة الثانية التي يفترض بها المساعدة على إيجاد قيمة العنصرين المجهولين، نجد أنها اقتصرت على إبدال الأدب ب( مروض الأسد )، رغم التباس هذا بدوره، أما الأسد ذاته الذي يروضه الأدب فقد بقي هو نفسه عنصراً مجهولاً في المعادلتين. وإذا رغبنا بالعودة للسياق لنفهم ماذا يعني المؤلف بالأسد، فإننا نستطيع أن نعتبر هذه السطور الثلاثة، كنتيجة، أو كمتابعة مباشرة لقوله السابق : ( ولعل تحرير شكسبير وبروست من ضروب التحكم والسيطرة هذه، يستلزم موت الأدب ) حيث تواجهنا بلبلة أخرى لأننا لا يمكننا أن نفهم كيف يمكن تحرير شكسبير وبروست من ضروب التحكم والسيطرة يستلزم موت الأدب إلا بنفي أن بروست وشكسبير هما الأدب، إلا أنه بذات طريقة الإبدال نرى أن شكسبير وبروست هما الأسد الذي لا يعرف مقدار قوته لأنه ليس مستيقظاً بعد. أما إذا، احترمنا الفراغ الذي ترك قبل السطور الثلاثة، واعتبرنا فكرة إيغلتون كنتيجة أو كخلاصة لكامل الفصل الأخير ( الخاتمة : النقد السياسي ) فنجد أنه يقول قبل صفحات معدودة : ( المفارقة بين الأدب المرتبط بصورة حيوية بأوضاع البشر الحياتية، فهو ملموس وليس مجرداً، يظهر الحياة بكل تنوعها الخصب، وينبذ البحث المفهومي العقيم مقابل الشعور بما هو حي وتذوقه. والنظرية التي هي سرد للفرار من هذه الوقائع إلى سلسلة لا نهاية لها من البدائل ) وبهذا التعريف والتوصيف للأدب والنظرية الأدبية ، نعود ونفقد القدرة على فهم كيف يمكنه بعد ذلك القول إن موت الأدب ( الذي يظهر الحياة بكل تنوعها الخصب ) يحرر شكسبير وبروست، أو يساعد الأسد على الاستيقاظ ومعرفة أنه الأقوى. ذلك أنه من المفترض تبعاً لهذه المفارقة بين الأدب والنظرية الأدبية، النقدية، التي يصفها بالشكلانية والعقيمة والمقمطة على نحو زائف، أن نصل إلى نتيجة تقول إن موت النظرية النقدية مهما تكن يحرر الأدب ( شكسبير وبروست )! أي أن موت مروض الأسود يساعد الأسد على الاستيقاظ ومعرفة أنه الأقوى.
لا يأتي تيري إيغلتون في خاتمة كتابه هذا على أية فكرة جديدة، حتى أنه يقر : ( إن موقفي، شأن كل المواقف الجذرية الأفضل، هو موقف تقليدي بكل ما في الكلمة من معنى، وإعادته من الشكلانية والبنيوية والسيميائية.. أي الاهتمام بالصنعات الشكلية في اللغة.. إلى السبل القديمة التي هجرها، قضية رجعية ) فهو منذ البداية يؤكد بأن السياسة ليست سوى جزء أصيل في النظرية الأدبية، التي تاريخها جزء من التاريخ السياسي والأيدلوجي لحقبتنا. وقد أسهمت بدراية أو بغير دراية، في إسناد وتعزيز افتراضات هذا النظام السياسي.متابعاً : ( إن أقسام الأدب في التعليم العالي هي إذن، جزء من الجهاز الأيديولوجي للدولة الرأسمالية الحديثة ) ومن هذا، حسبما أرى، نستطيع أن نتبين موقف الفكر الماركسي المحافظ من مدارس النقد الأدبي الحديثة بأنواعها . وتأكيداً على هذا الموقف، يأتي بصورة رمزية أخرى، هي على طرافتها، تظهر لنا عكس ما يمكن أن نكون قد فهمناه من خاتمته : ( يكاد النقد الأدبي أن يكون مخبراً جلس فيه بعض هيئة الأساتذة بمعاطفهم البيضاء إلى لوحات التحكم، بينما راح الآخرون يقذفون الطباشير في الهواء أو يلعبون النقش والطغراء !! ) أي أن الآخرين، ولابد أن يكونوا هنا، الأدباء، يقومون بما يقومون به دون أن يبالوا بما يفعله الأساتذة، أي أنهم بمعنى ما أحرار منهم. إلا أنه وبعد النظر مرة ثانية للمشهد، نرى أن عدم توجيه الطباشير إلى الأساتذة، وجلوس أولئك على لوحات التحكم يتصرفون كما يشاؤون بمفاتيحها. يعيد الصورة على نحو ما إلى إطارها القديم.
ربما جملة ( والمشكلة أن الأسد لا يعلم ذلك ) التي لم أولها أي اهتمام في ما سبق، هي التي ذكرتني بتلك النكتة التي كان يمكن أن يأتي بوعلي ياسين على ذكرها في واحدٍ من كتبه الثلاثة ( النكتة – عين الزهور سيرة ضاحكة – شمسات شباطية ) وذلك لعلاقتها، بالريف من جهة، والعلم - الطب النفسي من جهة ثانية، وهي : ( شاب في القرية مصاب بعقدة الخوف من الدجاج، فكلما يرى دجاجة يتوهم بأنه حبة قمح وبأنها ستهجم عليه وتأكله. وبعد أن جرب ذووه كل طبيب ومشعوذ في البلد، أخذوه إلى ألمانيا لمعالجته في مصح مشهور مختص بالأمراض النفسية. وبعد سنتين من العلاج ذي التكاليف الباهظة عاد الشاب بنفسه من ألمانيا، واستقبله أهله سعداء بشفائه وعودته، وفي الطريق أخبرهم بأنه قد شفي شفاء تاماً من جنونه، وما عاد ذلك الأهبل الذي يتوهم بأنه حبة قمح على الإطلاق، فكيف ذلك وهو يرى حجمه وشكله الذي لا يشبه لا من قريب ولا من بعيد أي حبة قمح أو ذرة أو عدس !! معتذراً منهم على كل ما سببه لهم من حزن ومن خسارة مادية. ولكن ما أن وصلوا إلى القرية ولمح الشاب إحدى الدجاجات حتى ركض لا يلوي على شيء واختبأ داخل البيت كما كان يفعل سابقاً قبل سفره. ولما سألوه، كيف خاف من الدجاجة وهو يقول إنه قد شفي؟ أجاب هلعاً: ( نعم أنا شفيت..ولكن كيف للدجاجة أن تصدق بأني ما عدت حبة قمح )
وبالتأكيد تساعدنا فكرة إيغلتون بتركيبها ومفرداتها، لا بالمعنى الضائع بين دلالاتها، على توليد العديد من الاحتمالات، لكني سأكتفي بالتباس آخر من خارج السياق، وأعتذر هنا عن مجرد الظن من قبلي على أن هناك عربياً واحداً لا يخطر هذا على باله، وهو مقاربتها، أو ربما مطابقتها بالسياسة والسلطة، وذلك بما يمكن أن تعنيه كلمة ترويض في كل الاعتبارات .. حيث يكون الأسد هنا، وهذه مفارقة أخرى، هو الشعب الذي نعلم أنه الأقوى، ومروضه هو النظام السياسي الذي يعلم هذا أيضاً.. ولكن المشكلة، هي هي... أن الشعب لا يعلم.
ــــــــــــــــــــــــ اللاذقية / ‏السبت‏/ 24‏ نيسان‏/ 2004



#منذر_مصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السِّيرة الضَّاحِكة للموت
- سوريا ليست مستعدةً بعد لأحمد عائشة
- ردٌّ على ردٍّ عمومى على رسالة خصوصية 3 من 2
- ردّ عمومي على رسالة شخصية 2 من 2
- ردّ عمومي على رسالة شخصية 1 من 2
- طراطيش حول الشراكة الأوروبية السورية
- أنا وهمنجويه ودانتي والمِقص
- قَصيدةٌ واحِدَةٌ كَتَبها محَمَّد سَيدِة عنِّي مُقابل10قَصائد ...
- مَاذا جِئتَ تَأخُذ ؟
- مكانة الشعر العربي الحديث والنموذج والانقراض
- القَصيدةُ المَجنونة ( 3 من 3) : المقاطع -11 إلى الأخير
- القَصيدَةُ المَجنونَة ( 2من 3) : الفِهرِس والمقاطِع ( 1إلى 1 ...
- القَصيدة المَجنونة (1 من 3) المقدمة
- خبر عاجل... شعبان عبود : أنا خائف
- زجاجات... لا أحد غير الله يعلم ماذا تحتوي!! بو علي ياسين – ا ...
- عراقي 6 من 5 منذر مصري : أخي كريم عبد... ابق أنت... وأنا أعو ...
- عراقي - 5 من 5 الحرب: ابق حياً- ليس سهلا إسقاط التمثال-احتفا ...
- عراقي - 4من 5- رسالة شاكر لعيبي
- عراقي 3من 5- المنفى والأرض والموت وقصيدة النثر العراقية
- عراقي 2من 5- الشعر: سعدي يوسف- مهدي محمد علي


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر مصري - السِّيرك