أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - كريم 10 - القرية 29-34














المزيد.....

كريم 10 - القرية 29-34


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 2693 - 2009 / 6 / 30 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


29
في أيِّ يوم ٍحزين
لي سوّلـَتْ نفسي الغناءْ
على حدود قريتي؟
فلقد غنيتُ مرة ً خارجَها
فهل كان حقاً غناءاً أم رغبة ًفي البكاءْ ؟
لأن الغناءَ أو البكاءَ في القرى
وخارجَها
عاداتٌ قديمة ٌ نـَمُتّ ُ لها
بما نملكُ من فراقٍ
أو مما يخامِرُ الفقراءَ من ظنون الفرح المبرقع بالعيدْ
أو حين يعزّ على الصدور هواءٌ
مُثـٌْقـَلٌ بالحديد
ومن حُبّ ٍ تسرّبَ من أصابع ِ أقدامِنا
لتربتها
فتوزَّعَ أوّلُ العمرِ في عدل ِ أزقتِها
لأن الغناءَ في أيّما قريةٍ لابُدّ مُفـْض ٍ إلى رَقص ٍ
والرقصُ دوماً في القرى يأتي والحَصادُ يغني
عند كل نافذةٍ مغلقة
(أو حين تفتقدُ الحببية ُالحبيب)
قبل أن يزنَ الحكماءُ والمسنـّونَ الحبوب
أو يجلسوا مع الأطفال حولي
ليشهدوا أن هذا هو الكيلُ الصحيح
والصراط ُالمستقيم
ولن يُقالَ في الميزان "عينٌ"
لأنهم صنعوه
فمن غش نفسَه ليس من الجميع
ولا من نفسه
فليس بيننا من يرزقُ من يشاءْ
وليسَ من كيل ٍ أو حصةٍ للملوك
ولا تجّار البهار
لأنّ الأغنياءَ قد وضعوا عيونـَهم في كلّ ميزان ٍ
سرقوا كلَّ نبيّ ٍ
وصاروا مثلـَه
يكذِبونَ مثلَ باعة المفرد؛
فكم شكتْ قريتي من الأكيال
(وكثيرٌ من قرى العالمين كذلك)
وكم كلّ ُ فردٍ بنا قد تعلقتْ عيناه بالمكيال
قبل أن نقطفَ الرطبة َالأولى
من أوّل بستان
حتى من قبل ِأن ينضجَ القمحُ على التلال
حين السنابُلُ ترسم خضرة ً شفـّافة ً
في السماءِ بأهدابها الشاحبة
فتغار الشمسُ على أشعتها؛
وكنا نشك بالميزان!
وهذا الشكّ ُهو الأبُ الشرعيُّ للكلمات
بكل أغنيةٍ
بكل القرى
في كلِّ حدٍّ
وملهِمُ الألحانْ.

30
كان الميزانُ وما زال مائلا
فكل موازين ِ الله رغم عيونها عمياءْ
بل انَّ محورَه قد تقصّف في مَيْلهِ
مذ كان الرز العنبرُ منحنياً
مفكراً بعمق ٍفي جذوره القريبة
وهو يراها تلوحُ
تحت سطوح قشرة الفضة الممتدة
من خصره ِ
حتى أفـُق ِالفرات
ناقشاً صورة ً لهُ
بأقلام الرماد وعمق ِ الأديمْ ،
فالعدلُ يمضي ولا يأتي
وإنْ يَعُدْ
فكبرق ٍ في أفق ِ باديةٍ
يمرّ ُ بليل ٍ عميق ٍ
بلا قـَطـْر ٍولا رعـْدٍ
أو نسيم.

31
قريتي بجمال نخيلها الذي يخشى صواعقَ الأنواء
(تغارُ من جـِنان ٍ ومن عسلٍ
فكما فيها الجنة أيضا
وحقائق الله وجمر الأغنياء)
لا تلوح ككل القرى
فهي تميلُ حانية ً لتضميد الحروق ِعلى كل يدٍ
ففيها النارُ كعادتِها تختبر الأصابع
لكن هذا الاختبارَ غريبٌ
فالابهامُ والسبّابة ُتـُعنيان برطبةٍ
أو فراشة
مثلما تـُعنيان بجمرةٍ؛
وقريتي هي الأرطابُ
من كل نخلةٍ رطبتان
تجئ بينهما حَشَـفة
شيصة ٌ بُـنـّيـّة ٌ يابسة ٌ صغيرة ٌ دبـِقة
كريّة ٌخفيفة ٌ، جُوَيزَة ٌ فارغة
محيية ً باحترام الصغار
مخازنَ السكـّر الذهبي في أرض مجاورةٍ
على العنقود
فكوفئتْ بإغراقها عسلا ًمن كلّ صوبٍ
فظلت أمينة ً
لصيقة ً للعهد في حُسْن الجوارْ،
وحين سبابتي وابهامي يلتقطانها
يحسان بها خاوية ً
كاوية ً
كلزوجة ِ النارْ

32
كوتـْني
وليس من جحيم بها لأصابعي
سوى "استكان ِ" حليبٍ فائرٍ
ومنه أبخرة ٌورائحة ُالحياة
حين يُحرقُ سبابتي وإبهامي
حزامُه الذهبيّ ُ في كل رشفةٍ تـُسْكِرُني
وتظل نكهتـُهُ بأنفي
بكل مكان
ففيه الريفُ حِرّيفٌ
في العشب والبرسيم
كما تمرّ خفيّة ً طرية ً
نـُفـَيْحة ٌٌمن دخان ِ خوص ٍ وجَريد
يودّع جمْرا ً سجين
علا من فم ٍ ملمّىً
لتنـّور ٍ بعيد
إذ ذاك تلوحُ مُرضعٌ حوراءْ
عند كِتـْفِ تنورِها
تدوفُ برفق ٍدائريٍّ
وتدْحو في اللـّواثِ "لـُواجاتِ" العجين
ويكوي الرغيفُ أصابعي
ببخار سمسمهِ
أو بفقاعةٍ بُنـّيةٍ
أو حافـّةٍ بيضاء

33
بليل ِقريتي مبكرة ً تبدأ ُالآلامْ
تداريني
لتجهضَ الأمل
فتزورُ منامي وتجسّ ُبؤسي
ولا يأكل الناسُ فيها ما يشتهون
بل ما يجدون من كِسَر الطعام
أو فـُتاتِ الماءْ
فكم بتُّ جائعاً مثلَ ليلٍ
أو غـَصَصْتُ بنهر الحَصى
فهل من سبيل ٍ بين نومي وصَحْوي
سوى ثورةٍ تـُعنى بيأسي
تواسيني
عند سقوط السماء

34
قدِمْنا بها ونرحلُ أشباحاً
تـُجسّدُنا سُمْكاً بعضُ أبعادِها في الضياء
ضياءِ أحلامِـنا
ويختفي كلُّ بُعدٍ لها في الظلام
ولن يظل هنا رفيفٌ لأجنحة الصدى
ولا ظلالٌ للكلام
لأنـّا وإنْ كنا نمرُّ آثاراً تـُرى
على زُرْق ِ السواحل ِ
ليس من عظة ٍ هنا في صخور العظام
فكل ما ترَكـْنا خيالٌ
لما يمرّ منـّا
على رمال ِالوهم
وكل هذا المكان ِ ظلالٌ
لما تسارعَ من غِـيام.



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كريم 10 القرية 1-28
- كريم 10 - القرية : 1-13
- رفقاً بالرعية!
- كريم 10 - القرية (14-28)
- دخيلٌ على جُزُر الوحوش ِالصغار
- في الذين ماتوا من أجل شئ ٍمن العدل، في العصر السابق للتوزيع ...
- أكاذيب من عصر الشمبانزي السادس عشر
- -أمينُ لا تغضبْ- قصيدة محمد مهدي الجواهري بعد انقلاب شباط 19 ...
- في ثقافة الاحتلال العراقية - محاولة في تشخيص بعض صفاتها الأس ...
- كريم - 9 -
- أوباما
- إبتسامة ٌ آثمة
- ألسْتَ القائل...؟
- دفاعاً عن لامية الأدب العربي للجواهري
- الخُطى -2-
- الخُطى - 1 -
- بعضُ أراءٍ في تموز (بمناسبة مرور نصف قرن على تموز1958 في الع ...
- - محاولة ٌٌبدائيّة ٌٌفي البحث عن كُلِّيِّ الحكمة -
- نسيج
- روما 3


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - كريم 10 - القرية 29-34