|
أين تذهب عائدات البترول السوداني ... ؟
ايليا ارومي كوكو
الحوار المتمدن-العدد: 2690 - 2009 / 6 / 27 - 08:03
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
قبل نحو عامين كتبت المقال ادناه بعنوان (النخبة و الصفوة السودانية تحتفل بالذكري الثامنة لتصدير النفط السوداني ) وعامين مرت علي الاحتفال لكن و في قرأتي للمشهد السوداني الاقتصادي الاجتماعي اجده في ذات حاله .. سيقول البعض ما الذي تريده ان يحدث للاقتصاد السوداني في ظل الانهيار الاقتصادي العالمي .. او ماذا تنتظر من عائدات البترول التي تراجعت اسعاره عالمياً الي ما دون الاربعين دولار للبرميل الواحد .. فأقول في وقت من الاوقات قبيل الانهيار المالي العالمي قفزت اسعار البترول الي اسعار قيلت بأنها قياسية او أرقام فلكية غير مشهودة .. و العجب هو ان المواطن السوداني العادي لم يحس لا ذاق طعم هذه الزيادات .. و الأونة الاخيرة سمعنا بأن السودان قد ثأثر كثيراً بأنخفاض سعر البترول في الاسواق العالمية .. و لان الذاكرة السودانية ضعيفة فقد سمعنا في بدء الازمة المالية العالمية .. سمعنا من غير مسئول سوداني يقول بأن الاقتصاد السوداني في مأمن لانه اقتصاد يقوم علي النظام الاسلامي الشرعي بينما الاقتصاد الغربي يقوم علي النظام التقليدي الربوي .. مع العالم بأن سعر البترول السوداني المرصود في ميزانية الدولة قبيل ارتفاع الاسعار كان أقل من ثلاثين دولار للبرميل .. فقز السعر فقزة واحدة الي خمسة اضعاف .. و هبط هبوطاً متوالياً الي اربعين دولار دون ان يمس شعرة من السعر المرصود له اصلاً في الميزانية وقتذاك .. و ها هو بترول السرور بصعد بمتوالية حسابية تسر المضاربين و تفتح شهيتهم .. اما الشعب الشعب السوداني فسيظل دائماً يردد ( أين تذهب اموال البترول .. ؟ و بالطبع لن ينتظر المواطن أي أجابة من أي جهة ما .. لآ بأس سادتي من متابعة ما حدث قبل عامين تحت العنوان ادناه عسانا ان نجد أجابة للسؤال الذي لا يزال يأرق معظمنا .. ! >النخبة و الصفوة السودانية تحتفل< بالذكري الثامنة لتصدير النفط السوداني الصدفة وحدها هي التي قادتني بالامس الي فتح القناة السودانية في الفترة المسائية ... و قد جذب انتباهي تلك العروض الراقصة التي قدمتها أحدي الفرق الشعبية السودانية و ها هي ذاكرتي الضعيفة تخونني علي حفظ اسم الفرقة و لكنها هي الفرقة التي انشق مؤسسها استيفن عن فرقة كواتو الشهيرة و رئيسها ديرك الفرد .. و قد اعجبني الطريقة المختلفة التي ابتدعها استيفن في العرض و الظهور و استعراضه الغنائي الراقص بوجه مغاير حتي لا تتكرر كواتو .. لست هنا بصدد الكتابة عن الفرقة الراقصة او الفرق الاخري الي شاركت في تلك الاحتفالات الختامية بمرور ثمانية اعوام علي تصدير النفط السوداني... فقد امتعونا بعروضهم التي ابهرت النخبة فاستبانت الابسامات و الضحكات علي الوجوه المنعمة و المترفة بعائدات البترول السوداني .... كان اليوم هو اليوم المخصص للبرنامج الختامي لاحتفاالات السودان بالاعوام الثمانية من عمر تصديره للنفط . و قد خيل لي بأن القائمين علي هذه الاحتفالات باستخراج و تصدير البترول السوداني كانوا علي عجالة و تسرع للاحتفال بتصدير البترول السوداني ... فلو كنت في موقعهم لفضلت تأجيل هذه الاحتفلات البذخية عامين علي أقل تقدير لاسميه احتفالات السودان بمرور عشرة اعوام او عقد من الزمان لانتاج و تصدير البترول السوداني ... و مبرري في ذلك ليس فقط حتي تنقضي عشره اعوام من تاريخ تصدير النفط السوداني ، كأن المسألة مترتبطة بالسنين و التورايخ فقط . و لكن لا قنع الشعب السوداني بأن بلده و دولته تصدر البترول و ذلك من خلال تنمية تنتظم كل البلاد و حياة معيشية يشبع فيه كل السودانين من رغيف الخبز المملح جيداً .. ان يتم الاحتفال و كل السودان ينعم بالسلام و الامن والاستقرار و التنمية المتوازنة تنتظم كل اجاء الوطن.. نعم فقد تمكن قادة الانقاذ من استخراج البترول السوداني و تصديره بفضل ما بذلوه من جهود يحسب لهم في زمن الحصار السياسي و الاقتصادي الذي فرض علي السودان و شعبه من امريكا و الدول الغربية .. فاتجه السودان شرقاً ليستعين بالصين و ماليزيا و الهند و قد استطاعت هذه الدول الاسيوية من جعل حلم السودان باستخراج البترول و تصديره واقعا و حقيقة معاشه ... و ثورة الانقاذ الوطني المحاصر اقتصاديا من كل ناحية و صوب الزمت كل الشعب السوداني بالصبر و ربط الاحزمة علي البطون و اعطائها الفرصة حتي تتمكن من تخطي الصعاب و هدم اسوار و جدر ان الحصار و دك حصونها.. و قد كان الشعب عونا لاهل الانقاذ حتي تمكنوا من الصمود في وجه الحصار و أستخراج البترول و تصديره .. و ها هم اليوم يحتفلون بالعيد الثامن للتصدير ببذخ يحسدهم عليه كل قطاع الشعب السوداني الصابر الذي لا يزال يربط الحزام علي بطنه و لا يدري متي يفك هذا الحزام الذي سيفصله الوسطه الي شطرين او جزئين ليس المهم ان يكونا متساويين..
نعم مرت ثمانية اعوام من تصدير البترول السوداني و لكن المهم هو التغيير الذي احدثه هذا التصدير للبترول في حياة و معيشة الانسان السوداني العادي ... فكاذب من يقول و يدعي بأن عامة الشعب في السوداني قد استفادوا من هذا البترول الذي صدر الي الخارج و بكميات كبيرة جداً لا يزال القائمون عليه يخفون حقيقتها حتي علي شريكهم في الحكومة و السلطة .. فالحركة الشعبية التي صارت شريكة في الحكم بموجب اتفاق نيفاشا لا تزال تتشكي لطوب الارض اخفاء شريكتها في المؤتمر الوطني الارقام الحقيقة لعدد الابار و كميات البترول المنتجة فعلياً و العائد المادي المقبوض نقداً ... فاذا كانت الحركة الشعبية الشريكة في حكومة الوحدة الوطنية تشتكي من الظلم الذي لا يزال يمارس عليها من أهل الانقاذ بشأن العائدات الحقيقة للبترول المصدر .. فما بالك بالسودا الاعظم من الشعب السوداني المغلوب علي امره .. او ما بالك بالغبش الذين يعيشون في الاطراف البعيدة من الذين لم يسمعوا قط بأن البترول السوداني قد استخرخ و صدر قبل ثامنية اعوام ...
ثمانية اعوام مضت علي تصدير البترول السوداني و الحال ياهو نفس الحال كما كان قبل العام 1998 العام الاول لتصدير البترول السوداني .. كل الاطراف السودانية لا تزال تشتكي من الظلم و من عدم المساواة و من التهميش و الاهمال و في كل يوم يبرز الي السطح حركة جديد شعارها رفع الظلم و هي تنادي بطلب العدل و المساواة ... و التنمية التي يقولون عنها لا تزال غائبة و بعيدة المنال .. يتحدثون عن سد مروي و لا غبار في هذا الانجاز طالما سيوفر الهكرباء للسودان كله و يصدر الفائض منه .. و نأمل ان لا يذهب عائداته الي حيث ذهبت عائدات البترول السوداني ... صدر البترول السوداني قبل ثمانية اعوام و طريق الانقاذ الذي يربط غرب السودان بوسطه لا يزال محلك سر ... اما عن الطريق الدائر الذي يربط ولاية جنوب كردفان فالارقام ستظل ترد في ميزانيات التنمية كل عام الي ما شاء الله ... ثمانية اعوم من التصدير للنفط السوداني و مجانية التعليم و العلاج شعارات تبث في الاجهزة الاعلامية و لا تجد طريقها الي أرض الواقع .. فالواقع السوداني اليومي لا يزال واقعاً مزرياً جداً من ناحية الحياة المعيشية اليومية لعامة الشعب في بلد المليون ميل مربع الذي يعيش في الفقر المدقع و احياناً كثيرة تصل الي ما دون حد الكفاف ...
ثمانية اعوام مرت منذ من تصدير البترول السوداني و غالبية الشعب السوداني لا يزال يردد ذات السؤال الذي قيل ان السيد مبارك الفاضل طرحه ذات مرة عندما كان في الحكومة لزميله السيد وزير الطاقة و التعدين الدكتور عوض الجاز قائلاً ( انتو قروش البترول دي قاعدين تودوها و ين ) .. و لسنا بجاجة الي رد السيد وزير الطاقة و التعدين للسيد مبارك الفاضل الذي يقبع هذه الايام خلف القطبان المظلمة بتهمة المحاوله او المؤامرة التخريبية الاخيرة ....... نسال الله السلامة و العافية للسيد الفاضل .. ان الشعب السوداني يريد اشباع فضوله فقط بمعرفة أين تذهب عائدات البترول السوداني الذي صدر قبل ثمانية اعوام ....
و لا يمكن ان نقول بأن كل الشعب السوداني محروم من ثروة البترول لان هناك من ظهرت عليهم مظاهر تلك النعمة حيث تغير سلوك البعض اقتصادياً و اجتماعياً لدرجة استيراد الخدم و الشغالين من الهند و الفلبين و بغلاديش و باقي الدول الاسيوية الفقيرة .. كما ان البعض ايضاً يسرفون في تطاول البنيان و العمارة و يتسابقون في جلب التصاميم من مليزيا و دول الخليج بينما بيوت السود الاعظم من الشعب السوداني تنهار عليهم و تدفنهم احياء .. بيوت الطين والزبالة تبيد أسر بكاملها في طرفة عين تمسح اسمائها من سجلات الاحياء ...كما ان الذين تأثرت منازلهم بسبب الفيضانات السيول و الامطار الغزيرة هذا العام يمنون انفسهم بخيمة او مشمع ليس اكثر و يعز عليهم الحصول عليها ...
أين تذهب عائدات البترول السوداني و بعض الفئات العاملة في الدولة السودانية لا تتلقي رواتبها لآشهر تصل احيانا السته شهور او يزيد ... أعرف احدي الشركات التي صفت عمالها و سرحتهم بعد سنين خدمة امتدت الي ما يزيد عن العشرين عاماً لتعطيهم ما يساوي سته الف جنيه سوداني بدون معاش او تأمين .... فيا تري ماذا ستساوي هذه السته الف جنيه سوداني لارباب اسر صاروا عطاله عن العمل فجأة بدون مكافأه مجزيه و بدون معاش تعينهم في مقبل ايامهم و حياتهم التعيسة ... و اعرف ايضاً بعض سعداء الحظ في بلادي ممن اختيروا ولاة او وزراء لمده عام او عامين او أقل .. و لكن عندما استغنت الحكومة السودانية اكرمتهم بملايين الجنيهات لم يحلموا بها من قبل و ساوت لهم معاشات لا يحتاجونها نسبة للثراء الذي حالفهم بعد ليالي القدر التي نصبتهم ولاة و وزراء علي الشعب الغلبان ....
أن الصفوة و النخبة في الخرطوم تحتفل بالعام الثامن لتصدير البترول السوداني بينما الشباب في المناطق المنتجة للبترول يجندون انفسهم لتمرد جديد لانهم لا يجدون فرصة عمل في تلك الحقول المنتجة و المصدرة للبترول ...
ان غول الغلاء يبتلع كل قرش يتحصل عليه الكادحون في السوداني بدون تسديد حقيقي لاحتياجاتهم اليومية الضرورية من مأكل و مشرب و ملبس و سكن و تعليم ... و قد عجبت جداً عندما قرأت دعوة الاستاذ حمدي التي يدعو فيها الي اعادة النظر في اسعار الاسمنت في السودان لان اسعاره مقارنة بالاسعار العالمية تصل الي اربعة اضعاف ... كأن السيد حمدي قد عادت اليه ذاكرته فجأة ، مما جعلته يراجع الفرق الشاسع في الاسعار العالمية للسلع المستوردة و المنتجة محلياً بقيمتها الشرائية في السودان ... و للذكري فان السيد حمدي هو عراب الاقتصاد السوداني في عهد الانقاد و هو من اطلق غول الاسعار باسم التحرير الاقتصادي . ان بمقدور السيد حمدي عمل ما هو اكثر ايجابية تصحيحاً للاخطاء التي صاحبت التحرير الاقتصادي ... فنظرية التحرير الاقتصادي هذا هي نظريته او بالاحري هي من بنات افكاره و بأمكانه مراجعة أثارها السالبة التي خنقت حياة الشعب السوداني اقتصادياً و اجتماعياً ... فقد حدث جراء سياسة هذا التحرير الاقتصادي شرخاً كبيراً في حياة الشعب السوداني اقتصادياً و اجتماعياً ... فمن الناحية الاقتصادية انقسم الشعب الي قسمين فئة غنية مترفة جداً و اخري فقيرة بائسة جداً .. و قد أثر هذا الفارق الاقتصادي اجتماعياً .. اما الاثأر الاجتماعية فلا مجال لها في هذه العجالة ... و كل ما نأملة ان تتسع ذاكرة السيد حمدي و رفقائه من الصفوة و النخبة السودانية و ان تتفتح قرائحهم بمعالجات لاخطائهم الفادحة التي ارتكبوها في حق الشعب السوداني اقتصادياً و اجتماعياً ... و قد يجيبون بذلك علي السؤال الملح الذي يطرحه الشعب كل يوم ( أين تذهب عائدات البترول السوداني ) .......
و كل عام و انتم بخير .........
#ايليا_ارومي_كوكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في يوم الام
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|