أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامر سليمان - إلا الاعتراف ب-يهودية- دولة إسرائيل















المزيد.....

إلا الاعتراف ب-يهودية- دولة إسرائيل


سامر سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2691 - 2009 / 6 / 28 - 10:40
المحور: القضية الفلسطينية
    


في الماضي كانت إسرائيل تطالب الفلسطينيين والعرب الاعتراف بوجودها. الآن بعد أن اعترف معظم هؤلاء بوجودها أصبحت إسرائيل تطالبهم الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، وهذا هو بيت القصيد. فالاعتراف بوجود دولة إسرائيل لا يعني في الحقيقة شيء؟ إسرائيل موجودة، يشهد على ذلك جيشها الجرار وأعلامها التي ترفرف على الأرض التي كانت تُدعي فلسطين. موضوع الصراع العربي الإسرائيلي في الحقيقة لم يكن حول وجود دولة إسرائيل وإنما على شرعيتها، على أحقية مجموعة من الصهاينة في إعلان قيام دولة لما يسمى بالشعب اليهودي. لقد أعلن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ عدة أسابيع أنه لن يكون هناك سلام مع الفلسطينيين بدون أن يعترف هؤلاء بيهودية دولة إسرائيل. كما صدق الكنيست الاسرائيلي يوم الأربعاء الماضي بشكل مبدئي على قانون تقدم به اليمين وفشل اليسار والاحزاب العربية في وقفه ينص على الحبس لمدة عام لأي شخص ينفي الطابع اليهودي لدولة إسرائيل.

عجيب جداً أمر الصهاينة.. أن يؤسسوا دولتهم على أساطير فهذا شيء مفهوم. لكن أن يفرضوا على الآخرين الاعتراف بها، فهذا هو العبث. من حقك أن تؤمن أن الأرض مسطحة وليست كروية، ولكن ليس من حقك أن تفرض علي هذه الخرافة. من حق الصهاينة أن يؤمنوا بخرافة وجود شعب يهودي واحد منذ قديم الأزل ولكن ليس لهم أن يفرضوا علينا الإيمان بهذه الأسطورة. لم يكن العديد من الآباء المؤسسين للصهيونية ولدولة إسرائيل من اليهود المؤمنين. فاليهودية بالنسبة لهم ليست ديانة ولكن قومية. هكذا كتبوا في بيان إعلان دولتهم أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي الذي نُفي من أرضه وعاد أخيراً إليها. الصهاينة إذن يؤمنون بأن هناك شعب يهودي واحد وإن كانوا لا يعتقدون بالضرورة في الديانة اليهودية. موسى بالنسبة لمعظمهم ليس نبى مرسل من السماء ولكنه قائد الشعب اليهودي في نضاله من أجل التحرر وتأسيس دولته المستقلة، والتوراة ليست بالضرورة كتاب مُنزل من الإله "يهوه" ولكنها كتاب يحتوى على تاريخ كفاح الشعب اليهودي. وهذه هي المشكلة. إسرائيل تريد من الفلسطينيين أن يعترفوا بالقصص الواردة في التوراة كوقائع تاريخية ثابتة، وهو ما يخالف كل الدلائل العلمية والتاريخية التي لابد وأن تدفع المتدينين اليهود العقلاء إن عاجلاً أو أجلاً إلى التعامل مع أحداث التوراة باعتبارها قصصاً يرويها كتابهم المقدس من أجل إعطاء الدروس والعبر، وليس لنقل وقائع تاريخية حدثت بالفعل.

إسرائيل تطلب المستحيل. هي تطلب منا الاعتراف بأنها دولة الشعب اليهودي. ولكن الاعتراف بها كدولة الشعب اليهودي يتطلب بادئ ذي بدء الاعتراف بوجود شيء في الواقع يسمى الشعب اليهودي. وهنا المعضلة. فعلم التاريخ يدحض ذلك. أنظروا على سبيل المثال لأحد أكثر الكتب مبيعاً في إسرائيل اليوم والذي ألفه شلومو ساند أستاذ التاريخ بجامعة تل أبيب بعنوان "اختراع الشعب اليهودي". يقول ساند أن اليهود لم يعودوا إلى إسرائيل، لأنهم لم يخرجوا منها أصلاً. ما يتعلمه الأطفال الإسرائيليون في المدارس عن نفي اليهود من أرض إسرائيل في القرن الأول الميلادي ليست واقعة تاريخية وإنما هي - وفقاً لساند - أسطورة اعتقد فيها المسيحيون الأوائل لكي يثبتوا عقاب الرب لليهود بسببهم قيامهم بصلب المسيح. لم يكن الرومان ينفون شعوباً بأكملها، وان كانوا قد نفوا بعض زعماء اليهود إلى بابل. يؤكد ساند أنه ليس هناك دليلاً علمياً واحداً على أنه حدثت هجرة جماعية لليهود في القرن الأول الميلادي. كيف تواجد اليهود إذن في بقاع عديدة من الأرض، من أول الجزيرة العربية، مروراً بشمال أفريقيا ووصولاً إلى أوروبا؟ يجيب المؤلف أن ذلك حدث بالتحول الديني. وإلا كيف يمكن تفسير اختلاف اليهود من الناحية العرقية والشكلية من أول البيض الشقر إلى شديدي السواد؟ السؤال الآن هو أين ذهب إذن اليهود الذين عاشوا على أرض فلسطين أو إسرائيل؟ يرد المؤلف بأن معظمهم تحول إلى المسيحية ثم إلى الإسلام وامتزجوا بالمهاجرين العرب وغيرهم. بعبارة آخرى فلسطينيو اليوم معظمهم ينحدر من يهود الأمس.

الجريمة التي وقعت فيها معظم الجامعات الإسرائيلية - وفقاً للكاتب - هي أنها خصصت أقساماً مستقلة لدراسة التاريخ اليهودي وكأنه لا يخضع لمناهج البحث التاريخي شأنه شأن أي تاريخ أخر، الأمر الذي كرس الطابع الأسطوري لهذا التاريخ وجعل الكثير من الإسرائيليين يعتقدون في خرافات مثل أن اليهود كانوا مستعبدين في مصر أو أنهم ساهموا في بناء الأهرامات. هنا يقول أستاذ التاريخ أنه ليس هناك دليل علمي واحد في المخطوطات المصرية القديمة عن ثورة وهجرة قام بها عبيد في مصر القديمة وعن فرعون غرق في البحر الأحمر وهو يطاردهم. وكاتب هذه السطور ليس متخصصاً في التاريخ لكي يقول كلمته في الموضوع. الأمر متروك لعلماء تاريخ مصر القديم. لكن إذا صحت أطروحة أستاذ التاريخ الإسرائيلي فهنا من المرجح أن تكون القبائل العبرانية قد صاغت تاريخ محاولاتها لبناء دولتها في تضاد مع الدولة المصرية القديمة باعتبار أنها كانت تمثل نموذج لأقدم دولة راسخة في الإقليم. بعبارة أخرى كان على المملكة العبرانية (يهودا) التي نشأت فيما بعد أن تؤسس نشأتها على مجد أسطوري يتمثل في الانتصار على أعرق دولة في المنطقة وإغراق جيشها وملكها في البحر الأحمر. والحقيقة أن التشكيك في الوقائع الواردة في التوراة لا يعني بالضرورة عدم احترام حق اليهود في الإيمان بقدسية كتابهم، فهم يمكنهم الاستمرار في الإيمان بقدسيته على طريقة بعض المسيحيين الذين وصلوا إلى قناعة أن القصص الواردة في العهد القديم (التوراة) ليس أحداثاً تاريخية وقعت بالفعل وإنما هي قصص أو أمثال تحمل دروساً وعبراً للمؤمنين.

ليس هناك شعب يهودي إذن نفي من إسرائيل ثم عاد إليها وإنما هناك حركة سياسية صهيونية نشأت في أوروبا في سياق نمو القوميات هناك وفي إطار الاضطهاد البشع الذي تعرض له اليهود على يد الحركات القومية خاصة النازية والفاشية، فقامت هذه الحركة بإعادة صياغة تاريخ اليهود لكي تحولهم من طوائف دينية منتشرة في بلاد كثيرة من العالم إلى شعب واحد تفرق في الشتات. لم تكن القصة التي قامت عليها دولة إسرائيل إلا أسطورة. لكن الصهاينة يتذرعون اليوم بالدول الأخرى القائمة في المنطقة ويقولون.. لماذا ترفضوا الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل؟ أليست كل دول المنطقة ومنها الدولة المصرية لها ديانة؟ وهذه في الحقيقة مغالطة كبيرة. صحيح الدولة المصرية مكتوب في دستورها أن لها دين رسمي هو الإسلام. ولكن هنا يجب أن نفرق بين دولة شعب مقيم على نفس الأرض منذ الأزل، دولة قام نظامها السياسي في لحظة تاريخية معينة بوضع ديانة على الدولة لإضفاء شرعية عليها وبين دولة أخرى قامت من الأساس على طائفة دينية أعيد اختراعها كشعب واحد. صحيح أن الدولة المصرية تدعي أنها دولة مسلمة لكنها لم تزعم أبداً أنها دولة "الشعب المسلم" في العالم ولم تعط جنسيتها لكل مسلم يمر بها، بخلاف دولة إسرائيل التي تدعي أنها دولة "الشعب اليهودي" الذي يحق لكل فرد من أفراده أن يهاجر إليها فيحصل على الفور على جنسيتها في حين يتم طرد وإزاحة السكان الأصليين. فلينتبه الصهاينة.. الدولة المبنية على طائفة أو طوائف لا تشبه في شيء الدولة المبنية على أمة. والشعب اليهودي الواحد صاحب الحق في إقامة دولة هو خرافة لن يفلحوا في فرضها على الفلسطينيين حتى ولو سجنوهم أو حتى أحرقوهم أحياء. بالضبط كما فشلت الكنيسة الكاثوليكية والقوى المحافظة في فرض أكذوبة أن الأرض مسطحة رغم كل الدماء التي سالت من شهداء نظرية كروية الأرض. ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح.



#سامر_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين مصر وإسرائيل، بين دولة الأرض ودولة الطائفة
- نعم يجب نقد حماس الآن وبدون تأخير
- رسائل إلى أولي أمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- المعارضة الديكتاتورية والمجتمع المتسلط
- الاستبداد في فكر الدكتور هلال والبابا شنودة
- اسألوا ماركس عن الأزمة المالية العالمية
- سَجل.. أنا عربي، والانبا توماس أيضاً عربي
- النبش في قبور الأقباط
- أجزخانة السلام لصاحبها مرقص أبو سيف
- الوداع يا جمال
- المقاومة انتهت.. فمتى يبدأ الهجوم؟
- هل من بديل للصراع مع إسرائيل؟
- إلى زملائي في التي كانت قلعة الحريات
- مؤتمرنا القادم ضد الطائفية والتمييز الديني
- محنة مصر بين سلطة وطنية -منبطحة- ومعارضة غير وطنية -شريفة-
- الحكمة الغائبة في حركة التحرر الفلسطينية
- الدولة ليست شركة ولا محلاً للبقالة
- الدولة الدينية دولة متطفلة
- هل يعمل -اليسار الثوري- فعلاً ضد الدولة؟
- عندما تتحدث الفاشية حديث الطبقات


المزيد.....




- إدارة بايدن تسمح للمقاولين العسكريين الأمريكيين بالانتشار في ...
- بايدن يعلق على أحداث أمستردام
- روسيا تؤكد استعدادها لنقل 80 ألف طن من وقود الديزل إلى كوبا ...
- رئيس الوزراء اليوناني يقدم مقترحات للاتحاد الأوروبي من أجل ا ...
- رويترز: البنتاغون يسمح بتواجد متعاقدين عسكريين في أوكرانيا ل ...
- الناتو يزعم أن التعاون بين روسيا وكوريا الشمالية يمس الأمن ا ...
- إيران: مقتل 4 -إرهابيين- وجندي في عملية في سيستان وبلوشستان ...
- قضيّة الوثائق السرية المسربة: مستشارة الحكومة الإسرائيلية تو ...
- تواصل التنديدات الدولية بالهجمات على مشجعين إسرائيليين في أم ...
- القضاء الأمريكي يوجه الاتهام لإيراني بالتخطيط لاغتيال ترامب ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامر سليمان - إلا الاعتراف ب-يهودية- دولة إسرائيل