|
هذا الحزب ارتفعت شعبيته في قطاع غزة ؟!!
طلال الشريف
الحوار المتمدن-العدد: 2692 - 2009 / 6 / 29 - 08:54
المحور:
القضية الفلسطينية
سألني صديقي المقيم في كندا، هل ارتفعت شعبية حماس بعد حرب غزة ؟ فأجبت عليه التالي: بعد العدوان، وقبله بقليل، بدأت شعبية حماس في الهبوط، نتيجة لعوامل ذاتية، تتعلق بحماس نفسها، وعوامل موضوعية، تتعلق بالشأن العام، وتطورات القضية الفلسطينية، ومن العوامل الذاتية المتعلقة بحماس ما يلي: 1- بدأت حماس، وبعد الانقلاب مباشرة، تتصرف بصلف القوة المنتصرة على العالم كله، وهنا كان مكمن الخطر على مسيرتها. 2- ذهبت إلي أبعد مما كان حقيقة باستيلائها على السلطة في قطاع غزة، والتي كانت ضربة عشوائية حقيقة، ولم تكن خطوة اضطرارية، كما قال خالد مشعل، وقياداتها في أول الانقلاب وفي آخره،أما ما بين أول الانقلاب ووقتنا الحاضر، فكانت تصريحات كثيرة قد جرت في النهر، وأكاد أجزم، بأنه، لم تكن، لدى حماس، خطة للانقلاب، هنا، أو، في الضفة الغربية في ذلك الوقت، بل كانت شطحة عقل يغلب عليه الثأر فقط، أوصلتنا إلي ما نحن فيه. أما التصريحات، والتصرفات الحمساوية، ما بين البداية والظرف الآني، الذي يوحي على الانتهاء ( وهذا الانتهاء ليس مصطلح دقيق وهو حمال لأوجه كثيرة يمكن مناقشتها وتحليلها )، أقول: ذهبت إلى أبعد من ذلك، بأن لجأت حماس إلي مداخلة العام (الخارجي)، بالخاص ( الداخلي الفلسطيني وخاصة المحلي في غزة)، بفتحها أبواب الخارج للاختلاط بالداخل والمحلي، وهذا في تقديري، كان خطأ، لم تدركه حماس حتى الآن، أو، لم يتمكن العقلاء فيها من أخذ زمام المبادرة، حيث كانت في تلك الفترة السابقة للانقسام، والي أن بدأت الهدنة الأولي، التي انتهت بهجوم اسرائلي، بعد أن صرحت حماس، بأنها، لا تريد تمديد تلك الهدنة، بناء على انتهاكات إسرائيل المتواصلة لها، وكان تصرف حماس هذا، غير دقيق، ولكن يبدو أنه كان له علاقة بمصدر القرار في داخلها، ومحاولة منها للخروج من المأزق، الذي وضعت نفسها فيه نتيجة خطوتها في الانقسام.
3- وحيث قيل في النصف الأول من العام الثاني للانقلاب،وقبل حرب غزة، بأن تفرد، أو طغيان العسكر على قرارها، وهنا مكمن الخطر، إن كان كذلك، في حركة، أو، حزب، يجبر فيه السياسيون على ما لا يقتنعوا به تماما، وأن انقلابا عسكريا قد حدث في داخل حماس نفسها، وقد تكون حماس قد أدركت خطأها،بعد الانقلاب، ولكنها أصبحت، بمجموعها تريد الحماية، والهروب من تحمل مسئولية كبيرة فيما صنعت من انقسام في الصف الفلسطيني، ولها من الخصوصية الشخصانية على رموز الانقلاب الشيء الكثير، فتصوروا أن خلط الأوراق يمكنهم من الإفلات من المسئولية، وهكذا سارت الأمور حتى حرب غزة، حين دمرت إمكانيات القوة العسكرية الحمساوية، وضعف نفوذ العسكر،فاغتنم السياسيون الفرصة، أو، قد سنحت لهم الفرصة للرجوع للعقل، وما يحدث الآن من بوادر انفراج حذر هو نتيجة ذلك.
4- على صعيد إدارة غزة أمنياً، ما بعد الانقلاب، حاولت حماس فرض الأمن الداخلي بالقوة ، وهذا من حق أي سلطة، أن تفرض الأمن للمواطنين، ولتأمين نفسها، ونجحت في ذلك، ولكن كان هناك مساوئ في الإدارة بشكل عام ألخصها فيما يلي:
5- استمر الانفلات السابق على مستويات غير الأمن، فعلى صعيد الاقتصاد، واحتكار تجار حماس لكل مدخلان، ومخرجات الدورة الاقتصادية بالقطاع، وعلى رأسها تجارة الأنفاق بحجة الحصار، والذي أخل بالتوازن الاقتصادي المجتمعي، مما عصف بعلاقات المواطنين، وظهور شريحة منتفعة بشكل واضح أمام الجمهور من حماس، أو، مناصريها، أو، مستغلي سلطتها، وهذا شيء طبيعي، كما حدث في سلطة فتح قبلها ، وكان أتعسها، وأكثرها فضيحة، هي شركات توظيف الأموال، إن جازت التسمية، والتعبير، حتى تذمر من ضياع الأموال حتى عناصر من حماس نفسها.
5- على مستوي الوظيفة العمومية، أصبح واضحا للأعيان، ولعناصر حماس أيضاً، أن هناك أجندة حمساوية معينة، تشكل قاعدة للتوظيف، منها الحكومي، والجامعي، ومؤسسات المجتمع المدني، الدولي منها لتأمين الحصول على المشاريع والأموال، والمحلي منها للسيطرة على الأغلبية والمنفعة الحزبية والاختراق الأمني لها وتوظيف الكادر الحمساوي، وان كان توظيف من هم غير حماس أو غير مناصرين لها على الصعيد الحكومي، قد حدث، ولكن ليس في المواقع المتقدمة، أو الجيدة والمؤثرة دون ولاء لحماس، وبعد أن تستكفي حماس بوظائف تابعيها.
6- على مستوى القطاع الأهلي، اتخذت حماس خطوات تتعلق بفرض السيطرة، أو، الإغلاق ولكنها، تركت جزئيات هامة، مثل، المراقبة، والمحاسبة، وحماية المال العام الذي في مضمونه يكمن المال الذي تعمل من خلاله تلك المؤسسات الأهلية، بل تعاطت حماس مع معظمهم، لكسب التأييد، أو، السكوت عنهم مقابل سكوتهم سياسيا عنها،وهذا سر الضعف الذي برز في العمل وشبكة المنظمات غير الحكومية في معارضة حماس، فاستمر الفساد بأشكاله المتعددة داخل هذه المؤسسات، وظهر الثراء على قطاع واسع من العاملين بهذه المؤسسات، كما ظهر على شريحة تجار الأنفاق، ومنتسبي حماس ومناصريهم، ولم تسأل حماس عن ذلك، أو من أين لهم ذلك، بل قدرت جهود الكثيرين منهم بعد حرب غزة.
6- على مستويات الحياة الأخرى، مثل السفر، وتسهيلاته، أو، إدارة تلك العملية الإجرائية، فاختلطت هنا الحاجة للجميع، أهلي، وحكومي، ومتنفذين، في تبادل المصلحة، مما أخل بالعلاقة بينهم جميعا،ً وبين الجمهور. وقد تبادلت حماس، والتنظيمات الفلسطينية، ومؤسسات حقوق الإنسان، وشبكة المنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الأهلية، بدرجات متفاوتة، المصالح، على حساب المصلحة العامة للجمهور، في تواطؤ واضح، لتبادل المنفعة، والسكوت كل عن الآخر، فأصبحت الأموال لكل منهم محظور الاقتراب، أو، الحديث عنها، كما كان في العهد السابق، وفي عهد حماس، اكتمل مثلث الرعب، والفساد، بضلعه الأول، السلطة - حماس: بالهيمنة، والسيطرة، وبغياب دورها في المراقبة والمحاسبة، كسلطة، تفرض القانون في غياب التشريعي وفقدان دوره، ومصالح متواطئة من الأحزاب الضلع الثاني، لضعفها السياسي، واستغلال فرص الكسب لتنظيماتها، في غياب المراقبة والمحاسبة، والضلع الثالث: مؤسسات المجتمع المدني، الأهلي، والدولي، والذي شكل مبكراً أباطرة الفساد في فلسطين، دون تدخل، من السلطة السابقة، والحالية، هنا، وفي الضفة الغربية، وفقط، على قاعدة تبادل المنفعة على حساب الجمهور، لأنه، لمن لا يعرف، كل المؤسسات الأهلية إلا ما ندر، هي ملك خاص للأحزاب، من أقصي الإسلامية، ومرورا بفتح، وانتهاء باليسارية، ولا يوجد بينهم أغراب، وهذه نقطة ميتة، ممنوع الاقتراب منها، منهم جميعا، لما بها من فضائح، إذا، ما فتح ملفها، وسوف تطال الجميع، لكنها ستفتح في وقت ما ، عندما يفيق الفلسطينيون من نومهم. هذا ما لم ينتبه الجمهور الفلسطيني له، حيث يقدم الجميع له خدمات، ومساعدات، لا تشكل في مجملها ربع ما استفادت منه الحكومات، والأحزاب، وأباطرة القطاع الأهلي، الذين هم أباطرة السياسة في فلسطين، في الأحزاب، والمجالس التمثيلية، من الإسلاميين، والوطنيين، واليساريين.
7- تدهور واضح في الخدمات العامة، مما صعب على الجمهور الحياة، وزاد معاناته، بحجة الحصار.
8- بدأت شؤون القضية الفلسطينية في تراجع على المستوى العربي، والدولي على خلفية الانقسام، وكان أخطرها، إعاقة وصول الأموال للإعمار، مما زاد من معاناة الجمهور
9- تحول القرار الفلسطيني المستقل إلي وصاية عربية، ودولية، تقرر بطريقتها حل القضية الفلسطينية، مما شجع إسرائيل من التجرؤ على طرح مبادرة نتنياهو، التي تلغي حق العودة، وتصادر كل القدس، والطلب بالاعتراف بالدولة اليهودية الخالصة.
10- في المقابل، لم تتمكن السلطة في رام الله من النجاح في استعادة وحدة الوطن، وانشغل الفتحاويون بمؤتمرهم، وخلافاتهم، وكان بإمكانهم فعل الكثير لأبناء القطاع، ولم يفعلوا ذلك، على خلفية البيروقراطية، وانشغالهم في تقارير أمنية عمن يساند حماس، ومن له علاقات معها، وهذه قضية أثرت كثيرا عل نفوس سكان القطاع، ومنهم قطاع كبير من الفتحاويين، ومصالحهم، مما زاد من إرباكهم، وخاصة أنهم لم ينجحوا في تسهيل شئون أهل غزة لدى إسرائيل، والدوال المجاورة، والعالم الخارجي، فزاد ذلك من معاناة الناس، وظهر وكأن مواطني قطاع غزة محاصرين من الجميع بشموليتهم، وكأنهم يعاقبون حماس بالناس، وهذا خطأ كبير.
لذلك أقول لك يا صديقي، لقد انخفضت شعبية حماس، وفي المقابل، لم ترتفع شعبية فتح الكثير واستعادت فقط فتحاوييها الذين انتخبوا حماس على خلفية تصرفات حماس بحقهم، ولم تدرك، أو، لم تستطع التنظيمات الأخرى، من زيادة شعبيتها، وقد ظهرت بعض الشخصيات التي تدعى الاستقلالية، ولكن لم يلتفت إليها الجمهور كثيراً، وبقيت بعض الأقلام المعارضة، والمناوئة للوضع في قطاع غزة، تحاول تقديم نفسها، وإرشاد الجمهور بمساوئ الانقلاب ونتائجه، ولكن لا تملك القدرة اللوجستية، والمالية، التي درج عليها الجمهور، والتي شكلت محور المصلحة الذاتية للناس، وليس محور الانضمام، أو المد الحزبي لأحد.
وهكذا في منظوري، فقد خسرت كل التنظيمات الفلسطينية على الساحة في قطاع غزة، إلا من بعض المنتفعين من الوظائف والأموال التي حافظت فيها حماس على تماسكها، في مقابل ما واجهته من حصار، وتبقى النتيجة أن حماس العظم مازالت متماسكة، ولكنها فقدت تأييد الكثيرين ممن منحوها أصواتهم من خارجها في انتخابات 2006م.
هذا هو الواقع في قطاع غزة، والبيئة مفتوحة، من الآن فصاعداً على مصراعيها، لمن يريد كسب الجمهور هنا، إذا ما سارت الأمور في اتجاه الانفراج لإجراء انتخابات جديدة، وقد تنجح بعض التنظيمات في استغلال القادم لرفع شعبيتها، إذا ما كان لديها خطة مدروسة، وتقديم ما يغري للحزب الجديد في قطاع غزة المكون:قطاع واسع من مشاكل الناس، ومصالحهم الجديدة، ويقنع الجمهور الغزي، الذي تغير كثيراً، عما قبل، كما شرحنا، وأصبح أكثر ميلا للتجارة، والكسب المادي، والوظيفي، واغتنام فرص العمل للخريجين، وتشغيل الباطلين من، العمال، والحرفيين، وابتعد عن قضايا، وشعارات لم تعد لها الوقع الكبير عليه، بعد الإصابة القاتلة التي أصابه بها السياسيون، وملحقاتهم من مؤسسات. 24/6/2009م [email protected] www.dtalal.jeeran.com
#طلال_الشريف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أغنياء الحرب وأغبياء القطيع
-
هل خلط نتنياهو الأوراق وانقلب على السلطتين ؟؟!!
-
الجنون الثالث ... جن جن وجنون
-
السُرّاق
-
في الظلم الواحد والعشرين
-
المؤتمر السادس يسأل هل في فتح فتحاويون ؟
-
مات الرائي مصطفى الحمدني فأين الطريق ؟
-
سأقرأ لكم
-
هل انتهى زمن هذه الفصائل الفلسطينية ؟!!
-
إذا فشل الحوار فعلى شعبنا أن يحاكم قياداته
-
عودوا لنا
-
قولوا لها !!
-
مطلوب من الأحزاب عند العودة مجدداً للحوار !!
-
العبث الاستراتيجي الفلسطيني أخل بالتحرر الوطني !!
-
المعضلة الحضارية العربية !!
-
فرصة انتخابات - ذهبية - قادمة الي فلسطين!!
-
هل توافقت الفصائل الفلسطينية على استمرار حصار غزة ؟!!
-
تجويد المتابعة الجماهيرية في مواجهة تقوقع المحاصصة الفصائلية
-
التنطع بالشرعيات ولزوم ما يلزم للعلم بالشيء !!!
-
وقفة عز أيها الفلسطينيون من المحيط الي الخليج والمهجر !!
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|