أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - المجموعة الشعرية الثالثة ( أستميحكِ ورداً )















المزيد.....



المجموعة الشعرية الثالثة ( أستميحكِ ورداً )


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2689 - 2009 / 6 / 26 - 08:14
المحور: الادب والفن
    




قصائد ونصوص
-----------------

كولونيا- 2009

سامي العامري
[email protected]
· ولد في بغداد عام 1960 في شهر نيسان .
* درس في معهد الإدارة والإقتصاد ولم يتمَّ دراستهُ بسبب ظروف الحرب .
* عبر الحدود الى إيران عام 1984
* مقيم في المانيا منذ عام 1986
* له : السكسفون المُجَنَّح . مجموعة شعرية . دار سنابل - القاهرة - 2004
* العالَم يحتفل بافتتاح جروحي . إصدار عِبْر شبكة الإنترنيت .
* له مجموعة شعرية يزمع إصدارها في فرصة مناسبة بعنوان :
: الإصطلاء بالنجوم !
وله أيضاً من المؤلفات التي تنتظر الطبع :
· كتابان أدبيان هما : حديث مع ربة الشفاء , و : النهر الأول قبل الميلاد !
وكتاب في النقد الأدبي والسياسي والإجتماعي وعدد من قضايا الفكر يحمل عنوان : الأحلام بوصفها هاوية !
* كتاب شعري باللغة الألمانية يحمل عنوان : قلادة مِن جُزُر .
* خلال السنوات الماضية نشر الشعر والمقال في مجلات وصحف عراقية وعربية وينشر منذ سنوات في شبكة الإنترنيت .












العزفُ بالمخالب !
*-*-*-*-*-*-*-*-*

عيد
-----
يا أيها العيدُ نعمْ
نعمْ كما يجبْ
أهديكَ مِثلَ كلِّ مرةٍ
بسمةَ أشعاري
وأنتَحِبْ !

تنفُّس
-------
بعد أن عزفتُ صمت الدقائق
ظللتُ أدهنُ جِلدََ الهواء بالخدوش
ذلك لأني أريد النفاذ , المرور كنحلةٍ
أو شمعةٍ أو قطارٍ بطول غيمة أطلسية
أو حتى بطول سمكة!


أحداق
--------
كم قد تمنَّيتُ لو لاحت أغاني صِباً
فهل يُبيحُ الذي قد فاتني الآتي ؟
هذا سِراجي الى الأرضينَ أدفَعُهُ
دفْعَ الخُزامى مَشوقاً مثل صرخاتِ !
إنْ ضقتُ ذرعاً فما لي ما يُطَبِّبني
إلاّكِ يا نبعَ أحداقٍ مريضاتِ !

رصد
-----
لكي تُعَدَّ ناقداً مُبَرِّزاً
او كي يَعدّوكَ أديباً مَرجِعاً او مدرسهْ
بادِرْ لمَدْحِ شاعرِ المؤسَّسهْ !

مراكز
-------
يا مراكزُ يقتتلون عليها
طَمَعاً بالوجاههْ
لِمَ أنتِ مُتَبَّلَةٌ بالتفاههْ !؟

بلا جدال
---------
ما دُمْتَ صديقاً لتفاصيلَ صغيرهْ
وهمومٍ في الروحِ أثيرهْ
فستُضْطَرُّ لأن تَقْبلَ ما تعرضُهُ الأيامُ عليكَ
بدونِ مُجادلةٍ : اليأسَ المتواصلْ
ذاكَ جديدُ بضاعتِها
وهو عتيقٌ يا ابنَ الناسِ فَفيمَ تُجادلْ !؟

نخبك
------
عَناءٌ ... ثناءٌ
هَوانٌ ... جُمانٌ
فِراقٌ ... دِهاقٌ
وأموتْ
على مَذْبحٍ مِن نَبيذٍ وتوتْ !

تجاورٌ
-------
هل ثَمَّةَ مَن يطرقُ رايةً ؟
صدىً :
لكنَّ الدربَ خالٍ ...
بَكيا زُهاءَ غابتَين :
روحٌ تتَصَدَّعُ جَرَّةَ نسائم
وأُخرى تُخرِجُ من أعماقها حريقاً ,
تتملّى فيهِ فتَذوب !

حلقة
------
أيها الحُبُّ أنتَ الذي بكَ أعتصمُ
وإلاّ فمَن مُبعِدي عن زماني
وضيقِ كياني ؟
ولأيِّ النبؤاتِ يُنتَدَبُ القلمُ !؟




سماؤك المبلَّلة بالنجوم
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

سبب
------

أُحبُّني لأني أحبُّك
ورُبَّ أثَرةٍ وراءَها إيثار !


رُقى
------

كنتُ رضيعاً
إذْ تَنَبَّأتُ بما يأتي بهِ الشبابْ !
كانتْ أصابعي
بحجم أعوادِ الثِقابْ
كانتْ قلائدي
مِسْبَحَةً كرُقيةٍ من والِدي
كنتُ رضيعاً ما لَهُ إلاّ الفراشاتُ نِقابْ
ورَنَّةُ الخلاخيلِ
تَليها رَنَّةُ الخِضابْ !
وخاتَمي مُطَعَّمٌ بالأنجُمِ
وأحْرُفٍ من مُعجَمِ
أرنو اليها خَزَراً
وواحِدٌ من الصعاليكِ أجابْ :
لا تَدَعوهُ وحْدَهُ
فإنَّما مَقْصَدُهُ الكِتابْ
وموعِدٌ مع المنافي والعذابْ !


كيفما شِئتُ
------------

كأني تَرَهْبَنْتُ جيلاً
وما عاد في باحتي غيرُ هذا الصليبْ
وبعضِ صغارِ الخنازيرِ تتبعني ثمَّ أتبعها
وألوِّنُها كيفما شئتُ مُستأنِساً
فهي صفراءُ حيناً وزرقاءُ حيناً
وحمراءُ داكنةٌ كالزبيبْ !

تلوين
-------

تبتلُّ سماؤكِ بالنجم ,
أُلقِمُ بحرَكِ أصدافاً
من شرفة وهمي
وأضعضعكِ
بأنسامي
فمُخّي مِن مخِّ الكَرْمِ !



أوزِّعُ الأكوانَ بالدِّلاء !
*-*-*-*-*-*-*-*-*

حالات
------
شَجَرٌ تتساقطُ مِنهُ فصولُ السنةِ ,
خريفٌ يختطِفُ الأضواءْ
قاماتٌ مُنْتصِبَهْ
بِظلالٍ حدباءْ
موجةُ أنهارٍ تجتاحُ الأعتابَ
مِياهاً ملتهبهْ
وصياحُ ديوكٍ فوقَ شِراعْ
وغُرابٌ ورديُّ اللَّونِ
سَنيٌّ لَمّاعْ !

فيض
------
يا وطناً ,
قِوامُهُ خريرْ
لقاؤنا المُبرَم فَخٌّ وثيرْ !
وها أنا أوزِّع الأكوانَ بالدلاءِ ,
إذْ أقتطفُ المَدى
بَدءاً من الشوقِ فصاعدا !

أبو غريب
----------
عند اليمين تَلوحُ الإذاعهْ
وكُنّا نراها فَحَسْبُ !
فلا صوتَ غيرَ صياحِ اللقالقِ ,
ظلَّتْ لقالقُها مَعْلَماً
فهي عند الظهيرةِ ظلٌّ الينا
وفي الفجرِ تأتي مَزارِعَنا صادحاتٍ
ومنها تغارُ الديوكُ
لأنَّ مناقيرَها ما تزالُ تَتِكُّ كساعهْ !
ومن ثمَّ تعلو بنا صوبَ أعشاشِها الباسقاتِ
فيا لَلفظاعهْ !

قناطير
--------
حُبُّك رحلةٌ من اللئاليء الى اللئاليء وبالعكس !
ولأنَّ حبَّك ثروةٌ لا تنضب
فسأفرِّقُ قناطير من فرحي
مَعونةً
او شيئاً كالزكاة !

مِن بين الأصابع
----------------
مَهما اختنَقْتَ او تنَفَّستَ بلا رئهْ
مهما تكنْ محطّاتُ رؤاكَ هادئهْ
مهما كتَبتَ او أضربتَ ,
مهما تكنِ العِبارةُ البادئهْ
لا بُدَّ أنْ تُطِلَّ مِن بين الأصابعِ امرأهْ !

خطوات
--------
للآنِ ما بَرِحَتْ مَداراتي سِجالاً
يا سؤالاً كالمَباخرِ إذْ تَدورْ
مَن يدهسُ الأعشابَ مِن بَعدي
بِخُطوات النهورْ !؟

يقين
-------
دافعُ تحنيطِ اليقينِ فاجرٌ
يُطري لَذاذاتٍ
مَراسيها الضَّغينهْ
شوارعُ التَفَّتْ على الأعناقِ هكذا
كحَبْلِ سُرَّةِ المدينهْ !

إستمرار
----------
ما أدرى الواهمَ ما الغربهْ
هي في الخاطر منذ صبايَ ,
تلقَّفَها – إنْ شئتَ – كأيةِ لُعبهْ !


نَزْوَةٌ فَغَرَقٌ
----------
مُتَحَفِّزَةٌ للنُعاسِ الهُمومُ
وبَرْقٌ خَطَرْ
كوكباً شَتَوياً أُلاحِقُهُ
حيث قارِبُهُ مَنْجَمٌ للسَّفَرْ
والفَناراتُ راعِشةٌ كالسنابِلْ ...
صدى نَزْوَةٍ أين
منه الصدى ؟ ...
كوكبٌ سارَ بيْ وسْطَ موجٍ وليلٍ
ورَفْرَفَ مُبْتَعِدا !

مأوى
------
أنا تمثالٌ مصنوعٌ من حَجَرِ النيازك
آوي إليكِ أَبَداً
لأنني لسْتُ كبَعضِ الطيور
أُحسِنُ التنَبُّؤ بأوقاتِ الزلازل !

لَطائف نعناعية
---------------

أيّها القمر المُعَشَّق
مُدَّ بساطَكَ الأرجوانيَّ
في سَمْتِ فؤادي
وتَفَجَّرْ كنافورةٍ
وإلاّ فبأيِّ اللَّطائفِ النعناعيَّةِ
سأستقبِلُ الزائرين غَداً
وأُحْسِنُ وِفادَتَهُم
وهُمْ ثَلاثَةٌ :
هيَ
وهيَ
وهيَ !؟


نَزْوَةٌ فَغَرَقٌ
------------
مُتَحَفِّزَةٌ للنُعاسِ الهُمومُ
وبَرْقٌ خَطَرْ
كوكباً شَتَوياً أُلاحِقُهُ
حيث قارِبُهُ مَنْجَمٌ للسَّفَرْ
والفَناراتُ راعِشةٌ كالسنابِلْ ...
صدى نَزْوَةٍ أين
منه الصدى ؟ ...
كوكبٌ سارَ بيْ وسْطَ موجٍ وليلٍ
ورَفْرَفَ مُبْتَعِدا !

مأوى
------
أنا تمثالٌ مصنوعٌ من حَجَرِ النيازك
آوي إليكِ أَبَداً
لأنني لسْتُ كبَعضِ الطيور
أُحسِنُ التنَبُّؤ بأوقاتِ الزلازل !

أرخبيلات
---------
تمَّ هنالك تتويجُكِ
في روحي ,
في إيوانِ رحيقْ !
أشجاني أنَّ على جيدكِ
عِقداً من جُزُرٍ
وتحلِّقُ فوقكِ نجماتٌ
كالجزُرِ الحمراء
فما للجزُرِ وللتحليقْ !؟


رأسُ الفتنةِ أنا !
************

هدايا
------

أنا المَلاّحُ
مَركبيَ الجراحُ
أموُجُ فوقَ شوارعِ الدنيا
مَجاديفي الضلوعُ
وفوق الجانبينِ ترى هدايايَ التي انتثرتْ
فحازَتْها الجموعُ
ومن أُولى هدايايَ المِدادُ
ولكنْ وهْمُ سكرانَ الحصادُ !
وها أنا مرّةً أُخرى هنا ألقاهُمُ في البابِ
أعرفُ مُبتغاهم دونما اسطُرْلاب !

سفينة
-------
ليلاً
او فجراً ...
يبقى وطني دائرةً
في الحالَينْ
وسفينةَ ملحٍ
تحملُ مِن كلِّ بدَويَينِ اثنينْ !

راية
------
إرجُموني
فأنا رأسُ الفتنةِ
لأنني آمنتُ بالمحبةِ
نهجاً وغايةً
وأحرقتُ ورائي كلَّ الخطوط !
إرجموني
او أعيدوا اليَّ رايتي القديمةَ :
حَنَقي
وغَضَبي
وصريرَ أسنان قلبي !

يأسي
-------
يأسي لا يبرحُني
والأنكى من هذا ليس يحاورني
فهو كما المَلِك الممسوسْ
يتخَطَّرُ في زهو الطاووسْ
يأسي مَلِكٌ
أدري
لكنْ قد يتعقَّّلُ يوماً
فهو الأقربُ للصدقِ
لم يُؤذِ سِوايَ مِن الخَلْقِ
مَلِكٌ لكنْ
لم يتَلَوَّثْ بسياسات الشرقِ !

ليلةٌ ذات ليالٍ
--------------
أُمي
ها هو إبنُكِ البار
يرفضُ مُغادَرةَ البار !
قُصاراهُ
أنْ يشمَّ الياسمين
ويلويَ أُذُنَ السنين ...!

صيف
-------
مُروجٌ ...
مَراعٍ ...
وصيفٌ بلهفةِ قلبَينِ وافى
وقطاري طويلٌ
كجرحٍ يمرُّ بحقلٍ مُعافى !



أهوارٌ على الدانوب !
*-*-*-*-*-*-*-*-*


وحوش !
---------

أنا الشفقُ المُضاءُ بِحُمرةِ الزَّهَرِ
نشأتُ مع الوحوشِ الضارياتِ
جميعِها بعرينِها وبنابِها النَّضِرِ !
فأيَّاً مِن أحاديثي الكِثارِ
تُرى اليها سوفَ أختارُ ؟
انتبهتُ ,
فليس مأمولاً عن الشكوى هُروبُ
وعن مَرِّ النسيمِ به ترفُّ رموشُها
فإذا دمائي تنثني
ورمادُها ناراً يؤوبُ !
لها سأقولُ : إني قد أضعتُ هنا اليقينْ
وإني خالدٌ في غربتي كالعاشقينْ !


أجدادي
---------

أجدادي
يا شعراءَ الخمرةِ الميامين !
هَلمّوا
فقد هيَّأتُ لكم كؤوساً لا تعرف الصحو
وموسيقىً لا تستقرُّ في أعماقٍ
إلاّ لتسكنَ أخرى
وهيَّأتُ لكم من الأحزان أنبَلها
ومن المغترَبات أطولَها .
هلمّوا
وارثوا لزعانفَ تدَّعي الشِّعرَ والريحَ ,
تتميَّزُ كآبةً
كلَّما أزهرتْ أغاني عصفور !


لَمعة
------

مُتْرَعٌ بالوقاحةِ هذا الفُضولُ
كُنْ فارغاً وستعرفُ بأيِّ شيءٍ تمتليءُ جَعبتي
وكُنْ غزيراً وستعرفُ بأيِّ شيءٍ
يمتليءُ قلبي !


السقم
--------

القاكَ تَفتَرُّ
بَلَهاً
ودونَكَ صارِمٌ حُرُّ
القاكَ تسخرُ مِن سواكَ ومَن
يسعى على الأرضِين فيما أنت – يا مُتسلِّقاً – فُطْرُ
في كلِّ باديةٍ أراكَ
وكلِّ سانحةٍ
فَقُلْ
أفذاكمُ ما علَّمَ المتسابقينَ اليومَ مِن أمثالِكَ الشِّعرُ ؟
لو عشتَ قبلَ العصرِ هذا شاعراً او بعدَهُ
لرأيتَ مَن ليسوا يرونكَ ( فَلتَةً )
لكنْ بحيث تكون أسقامُ الكبارِ
تكون عافيةُ الصغارِ
وهكذا
عُوفيتَ لَمّا أُسْقِمَ العَصْرُ !


رؤية
------

ليس لأحلامي نظيرْ
الى بيوتِ النحلِ في الليلِ
أرى
أسألُ : هل لي يا تُرى فيها سريرْ !؟
وشمعةٌ مِن ضوئِها أُعرَفُ ؟
او
طَبَقٌ من عَسَلٍ
بهِ يدي تَهتُفُ !؟


بؤس
------

لا الى اللُّقيا سبيلٌ
لا ولا للهجرِ داعْ
قصبُ السبقِ لبؤسي
وبراءةُ اختراعْ !

قواربي
---------

تمهَّلْ لستَ عَلاّمَ
الغيوبْ
صنعتُ قواربي – كي ألتقيكَ -
من القروح , من الندوبْ
ومن نجوى
الخيالِ وقد دنا
قَصَباً وأهواراً على الدانوبْ !



إليَّ بكِ !
*-*-*-*-*


رِقَّةُ عفريت !
------------

وفيتُ
وهكذا أزدادُ غَيّا !
فمِثلُكِ يخطفُ الأسرارَ عفريتاً
ويبعثُها مع السارينِ
ثمَّ يصفُّ مقعدَهُ
وقد حَيّا وبَيّا !
ومِثلُكِ يوهمُ الأحبابَ أنْ لا ريبَ في إخلاصهِ
لكنما كلماتُهُ بالأمسِ قد حلَّتْ قياماتٍ من الأقداحِ
ينهلُها الذي يهوى
فيهوي فوقَها بالاً خَليّا !

كشف
-------
ها هو صَدري
مسكونٌ بالأدعية
منذُ الأزلِ
كما كَشفَتْ الحَفْريّات
وأسمعُ المُدُنَ والقُرى تُرَدِّدُ :
عَصْرُ الأوهامِ انتهى
لَعَلَّكَ آخِرُ أعلامهِ !
وجاري ؟
جاري المُحاذِرُ
والمُلَفَّعُ بالأسوَد والأبيَضِ هذا
أهوَ بطريركٌ أم بطريق ؟!

دفعةً واحِدة
-------------
كثيرةٌ هي الأشياءُ المُتْقَنةُ
في مَدينتي هذا اليوم :
الشتاءُ لَم يعُد يخشى نزْلَةَ بَرْدٍ هنا
والجداولُ تتدفق قريبةً كالأغاني البعيدةِ
وحَنينُ أشجارِ الحَوَرِ
الى ما لا أدري يزداد
ودموعُ الحيارى تجري بِحُسبان
و ... و ... و ...
لماذا كلُّ هذهِ الدَعَةِ والسلامِ دُفعةً واحدةً ؟
هل لأنني قَرَّرتُ تَركَ هذهِ المدينةِ
الى الأبد !؟

لمسة
--------
أنأى ,
أتعهَّدُ رأسي بالخمرةِ
والعالَمَ بالهجرةِ ,
أعوي :
لستُ بليداً فأغامرُ ثانيةً بالصحو !

بشرى
-------
يا بُشرى
ها هوَ العمرُ
يُحَنّي شَعري بالشيب !
ومِن دون جميع الأحياء
يرثيني جميعُ الأحياء
يا بُشرى
ها هي هاويتي أخيراً تتنَفَّسُ الصُعَداء !

عن العذاب
-----------
في الكتابة ...
تحويل العذابِ
الى بسمةٍ
عذابٌ آخر !

فضيلة
-------
لو لم يكن أحدٌ في طريقي
فأُرخي العنانْ
لأغنيةٍ
قد تليقُ بلهفةِ هذا الأوانْ
لأُطلقَها ضحكةً من شرارٍ ,
عواصفَ ,
قَوماً من الهذيانْ !

وجنات
-------

أيتها الآتيةُ أخيراً
إليَّ بكِ !
ولقُبلاتي أنْ تستقرَّ على وجنتيك كالشامات !
كلُّ شيءٍ منذ البدء تقاطرَ كأنهُ النَفَسِ
وكما تشتهين
فأوصدي الستائرَ
واسدلي الأبواب !
وفيما النجوم في الخارج تصخب ,
أُغافل مزاجَ سيجارتي
وأسبقُهُ الى حريقي !



إمتصاص المطر بأفواه الأساور
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

نكهة
------
في عتمة الليلِ انثنيتُ ,
فتحتُ نافذتي أناجيكْ
فأضاءَ ليلي ريشُ ديكْ !
والصمتُ أغنيةٌ ويكملُها النبيذُ معتَّقاً
فرفعتُ نخبَكَ قائلاً : أفديكْ !
لا تُبْقِهِ في الكأسِ لا ,
لا تُبقِهِ في الأسرِ !
إني بالأناملِ ذقتُ نكهتَهُ
فَحَنَّ فمي
وجُنَّ دمي
وما من حاجةٍ لامستُها
إلاّ غدتْ عَبَقاً
وهذا كلُّهُ حَسَناتُ حُبِّكَ يا مَليكْ !

شذا
-------
كيف أبني – كما أريدُ – حياتي
وشذا الغِيدِ رائحٌ ثُم آتِ ؟!
قَنَصَتْني غزالةٌ ثُم قالت
صرتَ قَنصاً إذنْ لِقَنصِ الرُّماةِ !

أحباب
-------
حينما أخطرتِني أنْ دجلةُ المَولدِ يصغي لمَقامْ

مَرَّ مِن بين ضلوعي ساجعاً رفُّ حمامْ !

إمتصاص المطر
-----------------
سحائبُ تطفو
ومِن عن يميني حدائقُ ترعى
ومِن عن شمالي أساورُ تهفو
وحمائمُ تندى فتَختَضُّ من لَهَفٍ وانتشاءٍ
وليست تساءلني عن سمائي : متى سوف تصفو .
فيا غيثُ أدريكَ
حدَّ العناقْ !
وقطْراتُكَ الخضرُ تهوي على وَرَق الحقل أوراقْ !
وساقيتي ؟
تمتصُّ ساقيتي ثَمَلَ الشرفاتِ ؟
وتسقي أزاهرَها من بعيدْ !
حيث يفتَرُّ جيدْ
وحيث السنون حكايا
عن الحُبِّ ناياً فنايا !


الى مَن يُهمُّهُ الخمر !
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

أوراق
--------
كان الصِّبا وطناً
رَحْباً كما الشمسِ
واليومَ لي وطنٌ
حدودُهُ كأسي !

الكرخ
-------
أنتِ حلمي
أوليسَ الحلمُ من طبعِ السُّلافهْ ؟
أنا كرخيُّ الهوى
ثَمِلٌ حدَّ الرصافهْ !

شُهُب
-------
هُويَّتي ,
قَلَقي المُتَسامي تَساميَ اللَّبلاب
قَطَفْتُها قَطْفَ العناقيد ,
قَطْفَ الشُهُبِ النابِضة
وهل هي إلاّ هذا البَلاءُ المُفَدّى ,
هذا النبيذْ ؟!

صبر
------
كأسي مِن الوجد تسقي فاكِ بالقُبَلِ
فكيف صبري على الصهباءِ والعَسَلِ !؟

صحو
------
وطني هُمُ أهلوكا
هجروكَ حين صحوتَ من خمر الهوى
لو كنتَ سكراناً لَما هجروكا !

مديح
--------
هو التعصُّبُ للنبيذ !
بمُختَلَََفِ سُلالاتهِ
وهل أعدُّ أعوامي السكرى
بأصابعي التسعين ؟
كلاّ ...
فلا أنا أُحسِنُ العَدَّ
ولا الآخرُ تستهويهِ
طَلْعَةُ الأرقام !

ريشةُ عاشق
---------------
هي لوحةٌ ,
الوانُها وهماً بدَتْ
لولا انا مُضْفيها
هي أبحُرٌ وبلا مَراسٍ
يا لهُ راسيها !
هي مَن أحبُّ على المَدى
وهي امتزاجُ الراحِ
أعنيها ولا أعنيها !

زهور
-------
في حقلي الرافل كالغيمةِ
حشدُ خُزامى ,
حشدُ ندامى
من شادين وغيدْ
وزهورٌ لامعة النسماتِ
كما الطفلة
تعبرُ أسوارَ العيدْ !



دخلتُ حقيبتي كي أستريح !
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

في أرضها
-----------
في أرضها مشهودةِ الخيلاءِ
أبكي ثُمَّ أمضي
لأغيثَ
بعضي !

حقيبتي
---------
وها أنا ذا دخلتُ حقيبتي كي أستريحَ
فليس وقتُ الناسِ وقتي
هنا قلبي حليقٌ
لا سلامَ ولا خصامَ
وإنما
تُخفي الحقيبةُ كلَّ بيتي !


غصة
------
أبْرقتُ للغيمِ الأسيلِ كما الخدودِ ,
وحوليَ الدانوبُ رَفَّ مُلَوِّحاً بِعَصا المايسترو
آمِلاً أنْ أُحْتَذى في غَصَّتي !

الشاهد
--------
يا أيُّها الدانوبْ
يا ضحكةً وطيوبْ
يا غيمةً خضراءْ
كُنْ شَأنَ عينيَ
مُلْفِتاً بالدَمعِ
أنظارَ الدلاءْ !
يا أيُّها الدانوبْ
يا شاهداً كندوبْ
لا خطوَ يسألنا المسيرَ !
ولا قطارَ غداً لموعدِنا يطيرُ !


شذاها الحار كالتنّور !
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

رسائل
--------
سأتركُ مُهجتي عن مُهجتي تروي
وعُذري أنني قَرَويْ !
ففي عُبّي اختفى شرْقُ
وفي قلبي تكوَّرَ جالساً بَرْقُ !
أُبلِّلُ بالرسائل أدمعَ العُشّاقِ
أُسمِعُهم بأني ليس لي من مهربٍ إلاّ اليراعُ
يدورُ آيا
أُضلِّلُ بالنبيذ كآبةً وسطَ الحنايا !
ومعنىً كالشرورْ !
زنابقُ
غيرُ مسموعٍ بها
وكذا شذاها الحار كالتنّورْ !

مُشَرَّدٌ من ميونخ
-----------------
-1-
في هذه المدينة مساءً
أفتحُ عُلْبةَ سردين
وأتَمَدَّدُ مع أسماكها
راضياً بالزحمةِ الخانقة !
-2-
وعلى البلاج صباحاً
تدعوني مَحارةٌ الى باحةِ صَدَفَتها فأستجيب ,
ولمَ لا .... ؟
فهي عاريةٌ
وقبلَ هذا غارقةٌ بِغَدٍ من اللؤلؤ
وأنا أوّلُ المُفلِسين !

صوت
-------
هاتفتِني
وكأني أهاتفُ
سِرِّي وغَيبي
وحدثتِني فتلعثمَ قلبي
وصوتكِ
سربُ قطا
زارني
ليناشدَ روحي الغيابَ , الرحيلَ , الغيومَ
فخافت غياباً
وقد كان أحرى بها أن تُلَبّي !

شتاء
-------
هطلتْ دموعي - يا فتاةُ - بلا حدودِ
لا بأسَ , إني قانعٌ
ما دامَ لي حُبٌّ كعينيكِ اتساعاً والوجودِ !

إستدراك
---------
قال هنري باربوس {*} :
( إذا کانت الأحلام جميلة ً
جرحتْ نهاراتِنا
وإنْ کانت حزينة ً
جرحتْ ليالينا .)
أمّا أنا فحين احتسيتُها صِرفاً
وجدتُني أقول :
والعکسُ صحيح أيضاً
فإذا کانت الأحلام حزينة ً
أسعدتْ نهارتنا
وإنْ کانت جميلة ً
أسعدتْ ليالينا !

رهان
--------
يهوي البَرَدْ
كالشراراتِ عند اكتشافِ الجَسَدْ
حينَها لم أُوافِ سِواها
فساءَلتُ :
هَلاّ أعرتِ حنيني سماعاً ؟
فجاءتْ إجابتُها : قد وقد !
فكان السَّحَرْ
شهيَّ الجَنى كرهاني
لا كرهان البَشَرْ !

تَمادٍ
-------
تتمادى الدنيا ,
تصبحُ رُعْباً
نَهْباً
جَدْباً
لكن ْ هل أتشاءَمْ ؟
قلتُ : بحُبي ,
بجنوني سأُعقِّلُ هذا العالَمْ !

--------
{*} هنري باربوس : الكاتب الفرنسي صاحب الرواية المُهمَّة : الجحيم



لا أنيسَ عَدا كُلَّ شيءٍ !
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*


قطاف
-------

وحدي حيثُ لا أنيسَ
عَدا كُلَّ شيءٍ !
وحيثُ لا مُحزِنَ
عدا كُلَّ شيءٍ !
أَتَذَكَّرُ فيما أتذَكَّرُ
نَهْراً ألقى بي في عُبابهِ وغاب
إنَّهُ يتراءى لي الآن
بِكُلِّ قِطافِهِ
وتَمايُسِ أعطافهِ
تارةً يأتيني راجلاً
وتارةً قاطِعاً نهراً
وتارةً مُسَقَّفاً بأجنِِحةِ الخطاطيف
وها أنا أسمعُ وأرى
كُلَّما اجْتَرَحَ لنَفسهِ خلاصاً
أعادوهُ أنيناً الى مَساربِ الثَرى
ولكنْ لا عليكَ
أيُّها السرمَديُّ كحُمْرةِ الشَفَقِ ,
كدمائي !
يقيناً أنَّهم ذاهبون الى العَدم
ولكنَّهم أجهلُ مِن أنْ يكونوا
عَدَميِّينْ !


الإختباء وراء ناي !
------------------

أيها الكون الوردي
صار جسمي الهزيلُ
قادراً على الإختباء وراءَ نايٍ
وشيخوختي هرعَتْ نحوي
بكلِّ ما في الشبابِ من فُتُوَّةٍ !


من ذنوبي
------------

أعترفُ بأني كثيراً ما أذنبتُ ,
لوثةُ انسانٍ
يسبح كالموجة في صحراءَ بلا حَدٍّ ,
يرثي الأحياءَ هو الميْتُ !
أشهدُ أني عَصيتُ
ولم يكنِ الشيطانُ سوى نُطفةِ نارٍ
فإذا بالعالم يَتفتَّتُ فوق الماءْ
أجساداً مُرتَعِبهْ
تتلاشى كنداءْ !

موالفة
-------

أجتازُ حقولاً مُشمِسةً
ورياحاً تنبضُ كالسيلْ
وتحلِّقُ فوقي سبعةُ غربانٍ
او سبعُ دقائقَ من زمن الليلْ !


رقة
------

آهِ يا حُبي الذي رَقَّ
كما رَقَّ الأثيرْ
أنتِ كوني جالساً
في منزلي الحاني الصغيرْ !


عينان
-------

في البحرِ القاها
في البحرِ ,
زرقاوانِ عيناها
ولِزُرقةِ العينينِ ما تفديهِ أوهامُ المدينهْ
عينانِ ام بحرٌ على مَتنِ السفينهْ !؟

مهرجاناتٌ سِريّة !
- وخطوط ٌذات صلة -
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
يا ثلاثينَ ربيعاً (*)
من قَوافٍ ومَشافٍ ومَنافٍ وإباءْ
أنا لم أكتبْكِ كي أُصبحَ عضواً
في اتحاد الأدباءْ !
او لكي يَسألَ عني مهرجانٌ
هو أدعى للرثاءْ
أنا سامٍ
وكفى باسمي سُمُوَّاً وعلاءْ
فرحُ الدنيا أنا , أعماقُهُ
وعَدا ذاكَ هباءٌ في هباءْ !!

بالمِثْل
----------
أصفارٌ , أرقامٌ ,
وأنا بالمِثْل غداً أَمضي
كالزهرِ الذابلْ
لكنْ ما سيُجَدِّدني أبداً
أشعاري الباقيةُ
وإنْ غَضِبَتْ بابلْ !

أوراقي
---------
لو تُسقيني تِيهَ الدربِ على جرعاتٍ !
سبحانكَ ,
لكنَّ ملاذي مَهما قيلْ :
أوراقي المغمورةُ بالسِّلمِ
ونوباتِ التقبيلْ !

تَيَمُّن
------
إنْ هو إلاّ مَداري الأوَّل
وسمواتي الأخْضَل
هَتَفْتُ : أُهيبُ بهِ فأكونُ شاعِراً ,
فأكونُ شيئاً ما .
على أنَّكم سَخَرْتُم منّي
فَجَمَّعْتُ صَبواتي وخَرْبشاتي
وقَفَلْتُ مُهاجِراً
خلاصاً من اعتسافِكُم
وتَيَمُّناً بالحزانى وأبناء السبيل !
ونكايةً بالمُتَفَيقِهين
وبإحداثيّاتِ العسكرْ !

قيامة
-------
وأنا أسيرُ قيامتي ,
التأريخُ يومَ يرفُّ كالتابوت حولي داعياً
فبأيِّ ميراثٍ سأُقْنِعُهُ
بأني حفنةٌ من تُربةٍ لكنما من أصلِ نايْ
وهويَّتي شِعرٌ إذا ما متُّ تعكسُهُ عيونُ سِوايْ ؟

مَزامير
--------
أيها الوطن ,
يا ابنَ الشرق المسحور ,
أيّها الآمِنُ من الأمان
سأبقى أجازيكَ
ولكن ليس كما جازيتني
فَبعدما طَلَّقْتَ أحلامي ثلاثاً
سأُغَنِّيكَ , أُغَنّي أنهارَكَ ثلاثاً
فَعَليكَ بأوراقي ,
والحَذَرَ , الحَذَر
فقد تُفاجِئُكَ أفعىً نهريَّةٌ
تطلُّ برأسِها عليك
ولكنْ لا .....
فَمِثْلُكَ يا حاوي الأفاعي
لا يُغَنّي الأفاعي فَحَسْب
بل ويُقَبِّلُها كالمَزامير !

ذكرياتي مع الآتي
-------------------
غاباتٌ تَتَسَكَّعُ في الحدائق ,
شمسٌ أنانيَّةٌ تستحوذُ
على كُلِّ حقلٍ ومُفتَرَق ,
زوارقُ تقطَعُ ( الراين ) كما السواقي
ولكنْ ......
أيُّها الراينُ
هل جرَّبتَ يوماً
فشربتَ مِن فَيضِ الفراتِ كأساً ؟
الفراتِ المُمْتَدِّ واحاتٍ مِن قَصَبٍ ,
واحاتٍ مِن تَشابُكِ ناياتٍ ؟
او هل رأيتَ قصائدي حمائمَ تحملُ بمناقيرِها نسائمَهُ ؟
حالمٌ أنا ؟
نَعَم ,
نوافذي لا تَندمِلُ !

أرصفة
---------
كنْ حرَّاً وجميلاً في آنْ
تكنِ الأرصفةُ الأوطانْ
ما أعجبَني ,
ما أعجبَ هذا الديوانْ !

غالباً ما
---------
لا فرصةٌ كي أقلِّبَ ما قُلْتُهُ
فأُعيدَهْ .
حالمٌ , لا أُجيدُ الحديثَ
بغيرِ لسانِ القصيدهْ !

-----------------------------------------
(*) تدعو هذه اللمحة - مِن بين ما تدعو - الى تنقية الإتحاد والمُمَثِّليات الثقافية الأخرى وإعطاء فرص متكافئة للجميع .


مِن طِباعكِ يشهقُ الكمان !
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

هجرة
------
حريةٌ هيَ ...
لا تَخَفْ ما لونُها
هي فوقَ لونِكَ , فوقَ لوني
هي لونُها ,
هي لونُ آلهةٍ وكونِ
وطني المُكَفكَفَ نبعُهُ
يا أنتَ يا جرحاً
بأصلِ الروحِ ما أغمضْتُهُ !
حريتي قيدٌ إذا احتاجتْ لِعَونِ !

جواز سفر
------------
القمرُ عُشْبةٌ تدخلُ المُحاق
وقد نَزَحَ مَن نَزَح
بعيداً بعيداً
لأسألَ حِبالَ عُنُقٍ صاعِدةً :
تُرى أيُّ جوازِ سَفَرٍ
في جيوب العصافير ؟
والى مَتى تظلُّ زعانفُ العصافير
تضربُ السُحُبَ هذهِ !؟

الصالحيّة
---------
لو سرتُ في ( الصالحيّةِ ) هذا المساءَ
إذاً لأَطَلَّ الحُصَيريْ
ولم أرَ إلاّهُ كأساً وأُنساً
ولم يرَ غَيري !

إستدراك آخر
----------------

وطني ...
كم مرةٍ حاولتُ
أنْ أخلقَ نهريكَ
مِن العشق الذي يستوطنُ الخلدَ
وأنْ أستبقَ الناياتِ بالآخِ وبالآهِ
وطني ...
لكنني أتعبني العشقُ ,
ومَن كان كمِثلي
كيف يستولي على موهبةِ اللهِ ؟!


إصغاء
--------
سمعتُهم
يقولون لبعضهم :
نحن اخترعنا الكهرباء
فما حاجتُنا لضوء القمر بَعد ؟
قالوا هذا
ونسوا ما يُضيءُ القلوب !

نادل
-------
تأمَّلتُ هذا
فقُلْتُ : ولكنْ أيُطوى شقائي ؟
فقالتْ يدُ النادلِ الواضعِ الكأسَ :
من دونِ كأسٍ ؟
مَعاذَ الشقاءِ , مَعاذا !

عزف
-------
قَفَصي الصدريُّ كمانٌ
وطِباعُكِ تحكي طِباعَ القوسِ ,
طِباعُك قاربُكِ البرمائيُّ السائرُ فيكِ اليَّ
مِن الماءِ , من الخضراء , من الغبراء , من الأجبالِ
من الهورْ
ودمائي تُضيءُ طريقَكِ كالفُسفورْ !


القَصر !
---------
كَمَنْ يَشْرَئِبُّ من السجنِ , سجنِ أبي غريبْ
أُشيرُ كذا بيدي
وأقول : هناك ترعرَعتُ حيث الحُبارى
كنتُ أعرفُ نهراً يُقالُ لهُ الشَّطُّ
رُحْنا نُطلُّ عليهِ
ونسبحُ في دمعتَيْ ضِفَتَيهِ !
وهنالك بيتٌ وحيدٌ من الخَرَسانةِ
كانوا يُسمّونهُ القصرَ
ياطالما فوق أعتابهِ في خوالي السنينْ
صَنَعتُ ولَمّا أزلْ كائناتٍ من الطينْ !
والناسُ أرغفةٌ لا تُجارى حرارتُهم
وكذلك أسماكُهم
فهيَ وقتَ الحَميَّةِ
كُلٌّ لِكُلٍّ حبيبٌ
وكلٌّ لكلٍّ خَدينْ !

لحن
-------
جسدٌ اليك هفا بلا حَسَدِ
أسدَلْتِهِ موجاً على جَسَدي
وفَمٌ تَعابَقَ فاستفاقَ فمي
من غفوةٍ
كادت تغادرني ولم تَكَدِ !
وكذلك الأبوابُ موصدةُ الصريرِ
وكلُّ نافذةٍ تُشَرِّعُ أختَها
بأناملَ اعتادت على توزيع أنفاس الكمانِ ,
رأيتُ - حين ترنحتْ قِطَعُ الغيومِ من الحبورِ-
كؤوسَ أمسي قد لمعنَ بديلَ شاراتِ المرورِ !
سلاَمُ جسمِكِ إذْ مضى يتوسَّطُ الغدَ
والغديرَ ,
فهالني بضفافهِ وفَراشِهِ الغَرِدِ !

كتمان
--------
سُحُبٌ أدنى الى اللون الرماديِّ الخجولْ
والى البحر وكم يُشبهُهُ جلدُ الفُيولْ !
قلتُ : يا قلبيَ خُذْ غيماً وسافرْ
قال لي قلبيَ همساً :
أنا سافرتُ الى الجنةِ
محمولاً على صهوةِ نارٍ
غير أني لا أقولْ !


والهواءُ عُشُّ السُّنونو !
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*


قطعةُ نقد
-----------
قِطعةُ نَقْدٍ على رصيف الشارع
وقمرٌ على رصيف الغيم .
قِطعةُ النقد سَقَطَتْ من جيبي
والقمر من جيب إلهٍ
ومن أعماق الغابة حيث أرجع أدراجَ حَنيني
شيءٌ ما يحدث ,
الغابةُ ,
أكاد أسمعُ حتى حفيفَ عروقها
كاشفاً خبايا القبَّرات !

السُّنونوات
-----------
السنونواتُ يتقاطعنَ في هواءٍ عالٍ أزواجاً مُتراصَّةً
كأنها تطير يداً بيدٍ
من أين تأتي كلُّ هذه الأفواجِ بل الأمواجِ من السنونوات ؟
أَمِنْ هنا ؟ من وطني الحائر الحزين ؟
سألتْ ,
ثم سألتْ ثانيةً :
وهل ستبقى وهذا الموسمُ موسمُ رحيلها ؟
فأحسَّ أنها تنسى أسئلتَها
وتنظر فوقها مرةً أخرى فتستدرك :
ولكنها هنا على أية حال ,
هنا لا تبارحُ الهواء !


تيار
------
تُلاحِقُني الثواني ,
أتَّقيها حامِلاً آثارَ أقدامي على ظَهري .


شموع
--------
الليالي الصغيرةُ مثل الجِداءْ !
إنها بعضُ ذاكرةِ الطفلِ
أسكبُها كاللحونِ انتظاراً
وإذّاكَ أَغفلُ أمري
وأهمسُ في أُذنِ صدري
هنيئاً لقلبي شذا لا يدومْ
لعمرٍ وجيزِ الغيومْ !
شموعٌ أمامي تميسُ بمُتعهْ
وسربُ بلابلَ من آخر الأرضِ يُقبلُ ,
يَفتحُ نافذتي ليحطَّ على عِذْقِ شمعهْ !


غدائر
--------
ليس سواكِ ...
وأعشَبَت الريحُ رحيلاً
والغيومُ كقطاراتِ الفجر
ودمائي
تقطرَ , تصطفقَ كالغدائر
وبَدءاً من هنا ستتقنين
العَوم !


محض حُلم
-------------
أتيتُ إليكِ فَعانقتِني قائلهْ :
ليلةٌ هائلهْ
ثُمَّ قلتِ : الوثوقُ ابتَدا
سِرُّنا بيننا
ولْيَكُنْ دَمعُنا شاهِدا !
فاتَّفَقْنا ,
وحينَ صَحَوْتُ
إذا بيدي سَبَقَتْني
وقد دوَّنتْ ما بَدا !
دوَّنَتْ ما عليها
حِفاظاً عليكِ
فَوَيلي ووَيكِ
ليسَ لي غير أنْ أستغيثَ
وقد صادرَ الصحْوُ لي مَوعِدا !


أستميحك ورداً
*-*-*-*-*-*-*

في البَدء
----------
إنه النهار
وهناكَ أشياء كثيرةٌ
تناديني في شوارع الغَرْب
ولكنْ كِلانا يخجل :
أنا والبعير !
----------
برلين
1986


بالتفصيل المُمِلّ
-----------------
- 1-

دربي في الحُبِّ
مُعتلُّ الآخِر
لأنَّ تاء التأنيث ساكنة !

- 2-

مقفرٌ طريقُ قلبي
فلا بلبلٌ أجادلهُ
ولا وردةٌ أتبادلُ معها
وُجهاتِ الشَمّ !


إرهاب
-------
قُلتُ :
لساني وطرْفُكِ صارمانِ كِلاهُما (*)
فَلَكَزَني ابنُ ثابتَ بِعَصاه ,
قال : تَعَفَّفْ
قُلْتُ :
ولكنْ لا رُهبانيَّةَ في الإسلام !


إتحاد
-------
هل أؤذيكِ ؟
فإذنْ كم أنا مازوكيّ !


دموع
-------
الدموعُ على ضفاف الراين
أكثرُ أُلْفَةً
وأَقلُّ كُلفةً
وعصيَّةٌ على إقطاعاتِ بسمارك !
ودموعي ...
دموعي الموزَّعةُ على الخارطةِ
لن يوَحِّدَها مَلِكٌ او جنرال !


في الطريق الى الورشة
--------------------------

باكراً أستقلُّ الرصيفَ ...
مَشيتُ أمامي ,
مشيتُ ورائي ,
وصلتُ الى عملي مُنْهَكاً مثْلَ عِلْكْ !
عازلاً في خياليَ هذا وذاك وهذي وتلكْ
فكرةٌ طرأتْ
ما عهدتُ مساراتِهِِِا قَطُّ من قبلْ
كأنيَ رحتُ أسيرُ على عجلٍ
والحياةُ تسير على حَبْلْ !

وفادة
------
أيّها القمر المُعَشَّق
أستميحُكَ قُبَلاً وورداً
فَمُدَّ بساطَكَ الأُرجوانيَّ
في سَمْتِ فؤادي
وتَفَجَّرْ كنافورةٍ
وإلاّ فبأيِّ اللَّطائفِ النعناعيَّةِ
سأستقبلُ الزائرين غَداً
وأُحْسِنُ وِفادَتَهُم
وهُمْ ثلاثةٌ :
هيَ
وهيَ
وهيَ !؟


قيل وقال
----------
أسرارُنا تتوالى
والدربُ قِيلَ وقالا !
فالحبُّ أينعَ كَرْمةً
في الخافِقَينِ فمالا
وَزَها كسُنبُلِ دجلةٍ
وكبرتقالِ ديالى !
ما ضَرَّني او ضَرَّها
وقضى الإلهُ وِصالا ؟
وإذا قضى أمراً وَفى
سبحانَهُ وتعالى !!
----------------------------------
(*) لحسّان بن ثابت :
لساني وسيفي صارمانِ كلاهما
ويبلغُ ما لا يبلغُ السيفُ مِذودي .


كُلُّها رَهْنُ الخِلاف
*-*-*-*-*-*-*-*

ذكرى لديَّ لصيقةُ القمرِ
أنا ما مشيتُ فكيفَ كيفَ ستقتفي أَثَري ؟!
وفواكهي حمراءُ
يا لَمشاعلِ الشَّجَرِ !
هذا كتابي في يميني
والمدامعُ في شمالي ,
كلُّها رَهْنُ الخلافِ
ورهنُ قلبي وهو يسعى
للهطولِ على الضفافِ
بحيثُ فيها تنبضُ الأمواجُ كالوَتَرِ
ويجيءُ فصلُ المَغرِبِ
يا صاحبي ...
ويمرُّ بيْ
قمرٌ ضَحوكْ
قمرٌ هوى
ولِفِتْنَتي
حَمَلَتْهُ أعرافُ الديوكْ !
وأنا هنا ناعورةً أبلوكْ
لتصيخَ لي بَصَراً وسَمعا
أنا نغمةٌ
أنا - يا رعاكَ الله - مَرعى
والغيثُ يحرثُ موطني
يسقيهِ أسماكاً بلونِ السَّوسنِ
ويكادني
كالساحراتْ
حتى مضيتُ ومِلءُ جيبي ماءُ نافوراتْ !
وعَلَتْ دروبيَ شهقةٌ
او قُلْ
نسيمُ شظيَّةٍ !
فرجعتُ شأنَ المُحْرَجِ
ويئِستُ لا خِلاًّ أرومُ
ولا شباباً أرتجي !


وعود
*-*-*-*

واحدٌ أنا
تُراسِلنُي الزواحفُ مِن سنين
واحةٌ أنا ,
واحةٌ تذبُلُ , تستكين
فلا تأتوا اليَّ
يا كلَّ ثَقيلي الأحمال
فقد أقصيتُ استغاثاتِكُم
ووعودَ قطرات المطر
ولم يَعُد أمامي إلاّ الأَوبةُ للنبيذ
وأغلقُ أبوابي بوجه الطارقين
وبوجهي !




نشيدٌ آخر
*-*-*-*-*

كأني لم أُعوِّلْ في الحقولِ
على ندى عودٍ وقِشِّ
كأني لم أُشاركْ بُلبُلاً ببناءِ عُشِّ
بلى , لكنما واهٍ هو الخيطُ
الذي يمتَدُّ ما بين الجدارِ وظلِّهِ ,
ما بين فكري وارتعاشِ يدي
فأكتبُ حين تبزغُ أوَّلُ البسماتِ ,
أوَّلُ خَلْجةٍ في المُتعَباتِ من القلوبِ ,
الصافياتِ من الندوبِ ,
الصاعداتِ كما البخارِ
الى أقانيمِ الغروبِ
وإنَّ لي شمساً أقاسِمُها أفانينَ الزوالِ
إذا ارتمَتْ مَخمورةً خلفَ التلالِ
وإنني مازلتُ مَيّالاً لحكمةِ عُقدتي
من سَيلِ أرقامِ
فما أنا بالرياضيِّ الذي دانتْ لهُ الدنيا
أُوافيكم وعقلي بين أقدامي !
وما أنا بالذي يُعْلي الكفافَ
وإنما جوعٌ أنا ,
جوعُ الحياةِ الى الحياةِ ,
نشيدُها ,
تمجيدُ موكبِها الجليلِ
وإنْ بدا في لحنِ آثامِ !
وفي ظنّي الغِنى يعني الترقُّبِ ,
يعني أنكَ كالمدى المفتوحِ مدفوعٌ بإلهامِ


ثُريّا
*-*-*

رَحَلْتِ إِذَنْ الى الابد
وتَرَكْتِني شَقِيَّاً الى الابد !
ولكِنّي لن أنسى غَضارةَ جنوني
وأنا في صُحبةِ خَجلكِ الغَضير
حيث كانت جروحي سِلالاً
مِلْئُها مُدُنٌ عاشِقةٌ
وفَسائلُ وبِطاقاتِ تَهان
وضلوعي ثَرَّةً بالنهارات
وما أشْفَقَ مِنهُ القِرطاس
وفَرَحي مالئ الدُنيا وشاغِل الناس !



الدارُ لو كلَّمَتْنا
*-*-*-*-*-*-*

يا قلبُ هل لليأسِ قلبُ ؟
اليأسُ أهدى ما دعاني أنْ أصيحَ : الحُبُّ
والحُبُّ أهدى ما دعا أنْ أكتُمَهْ
فهل عرفتَ اللازِمهْ ؟
نادِ على النادلِ واعطِهِ شيكاً من الضحكِ
وقلْ لهُ : ما أنتَ إلاّ شاعرٌ مثليَ
تمتصَّ هموماً من حياة البعضِ بالأوهامِ
والفارقُ أنَّ الشِّعر عندي أضيقُ الأوهام بابا
وأنهُ الأعزُّ – إنْ شئتَ – طِلابا
ألا ترى الطائرَ ذلكْ ؟
ما أنْ أحسَّ أنْ لهُ جناحان ولهفةٌ
حتى استبدَّ في المدى
تراه إلاّ أنه من زهوهِ لا يراكْ ؟
أَرِدْتُها أرضاً هنا
فيها الذي بنيتُ من حُلمٍ وما تَمّا
عيشاً بلا موقعةِ الحُمّى !
كلهفةٍ كدمعةٍ كفكرةٍ كنهرِ أوتارِ
والحانةُ الخرساءُ لو قد كلَّمَتْ فَذاتُ أخبارِ !



أيتها الكآبة !
*-*-*-*-*

أيتها الكآبةُ
يا ابنةَ الشرقِ المُشَرَّدِ بين ضلوعي
لا أبغي لنفسي شيئاً
إلاَّ صَكَّ اعترافٍ منكِ
بأنكِ لولاي عملةٌ مزيَّفةٌ
او قطارٌ يخبُّ على أربعةٍ !
كلُّ الناس تَخَلَّوا عنكِ سواي
فإني جعلتُكِ
فناراً تستهدي بهِ دروبي المبعثرةُ كالقطعان
وما هي إلاّ مسيرةُ أربعِ حروبٍ مُغْبَرَّةٍ
فاذا بالمدينة استقبلتْ صحرائي استقبالَ الفاتحين !
حتى أنَّ عاطليها ,
وهُمْ يرون الأهرامَ مِن حولِهم تتعالى ,
نَسَبوا لسواعدِهِم عَرَقَ جبيني !
ولكني حينما ذَكَّرتُهم بهذا ندموا
بل تَجَمَّدوا كنبضِ أبي الهول
مَن مثلي رَشَقَ الفلاةَ بالخدورَ ؟
او مَن مثلي راح يَنْأَى عن مائدة الأهل
ناظراً الى ناقتِهِ وهي تلوكُ الصحراء ؟
وناظراً اليهم وَهُمْ يلوكون بعضَهم البعض !
أيتها الكآبةُ
أيتها الزهرةُ المتقدِّمةُ في السنِّ
كلُّ حمامةٍ
تُتَمْتِمُ باغاني الثناء ,
وأعمدةُ الكهرباء ربّما شاركَتْني الرغيفَ !
والإذاعاتُ تصخبُ
إلاّ فمكِ الذي ما عرفَ إلاَّ العقوق ,
المواسمُ تعلَّمَتْ مني الغرسَ
أمّا أنتِ فَلَم تتعلَّمي مني إلاّ الحصادَ !
وبرغم هذا , سأُسدلُ أجفاني على أَحداقِ حقولٍ وهمية
هاذياً : لا بأسَ ,
إنْ خَسرْتُ هذه الجولةَ
فالرزايا مُستمرَّةٌ
والحظوظُ سِجال !



تشريح
*-*-*-*
إستَلقيتُ تحتَ مِبْضعِ الجَرّاح
قُلتُ لهُ : إشرَحْ لي صدري !
فَرَدَّ : ما أنا بإلهٍ
ولا أنتَ بِنَبيٍّ
قُلْتُ : أعني ساعِدْني في العُثورِ على قلبي
وهَوِّنْ عليك
فَلَسْتُ إلاّ مَشروعَ عاشِق !


لا خَفْقَ للحِدَأة
*-*-*-*-*-*-*

وأيُّ الأنهُرِ الخضراءِ تغفرُ لي
إذا صاحبتُ نحو صباحها الظلماتْ ؟
وأيُّ الأحرفِ البيضاءِ
تغفر لي إذا حدَّثْتُها سهواً بشيءٍ
عن تواريخ القُساةْ ؟
ومَن منهم يغالطني
ويصعدُ في الهواء رِئهْ ؟
كما الحِدَأهْ !؟
ومَن منهم يشاركني حريقي
وطعمَ الإعتذارِ الى الرحيقِ !؟


عُزلةٌ مُحدَثة
*-*-*-*-*-*

-1-

عُلبةُ كبريتٍ أنا
والناسُ عيدانُ ثِقابٍ
مَن يحتكَّ منهُم بي
لا بُدَّ أنْ يحتَرق !

- 2 -

كلُّ الناس يعيشونَ يومِيَّاً
ليموتوا غَداً
إلاّ أنا .....
أموتُ يوميّاً
لأَعيشَ غَدا !



رأي
*-*-*

تقولُ لي :
ماذا ترى والشمس قد صَبَّتْ سيولاً من شَرارِ ؟
قد لا أرى حلاًّ سوى أنْ أملأََ الجرَّةَ بالفيءِ
لكي أقوى على قَطْعِ البراري !


حلم
*-*-*

حلمٌ , حنينْ
حلمٌ تفاءلتُ في أنْ يهدِّئني
ولكنه عاد مُنعكِساً كالجنينْ !


ولَمّا أصبح الصباح
*-*-*-*-*-*-*-*

أُناسٌ مُتْرَفون يَضطجعون
على أرائكَ طويلةٍ كَصَبْر أيّوب
ما أنْ حصَلَتْ غارةٌ جويَّةٌ
حتى كُرِّسَ لحمايَتِهم خمسون مَلجأ
ولمّا أصبح الصباح
وسكَتَتْ شهرزادُ عن الكلام المُباح
كان نِصفُ المدينةِ
حُطاماً يُنْعِشُ فُتوّةَ الصُحُفْ !
-------
هامبورغ
1991



تَداعيات مازوكيَّة
*-*-*-*-*-*-*-*

من الطابق الخامس
لبنايةٍ مُتَصدِّعةٍ كحياتي
أكتبُ اليك:
لا يبدو لساني أمام المِرآةِ
إلاّ قلباً مُشَقَّقاً
وأقداحي على الطاولةِ
تمْتَدُّ جذورُها حتى البحر
ومن هذا الإحتدام أكتبُ إليك .
كانتْ لي يوماً
رحلةٌ سياحيَّةٌ الى داخل بيوت النمل
وها أنا اليومَ أحنُّ الى ما يُماثِلُها
ولكنْ بمنطادٍ هذهِ المَرَّةَ !
وهل النمل إلاّ هؤلاء ,
تعساءُ الأرض التعيسةِ ,
مِن مُشَرَّدينَ ومُتْرَفين ؟
ها انا مُقَلِّبٌ مُثُلَ المُتْرَفين
وباصِقٌ عليها كحيوانِ اللاّما !
ولعلَّكَ تسَتْدُرك :
ولكنْ ماذا عن العمل ؟
العمل هو اللاعمل ,
هو الإصغاءُ , كما صَرَّح إبليس
واجتراحُ مَزيدٍ من الجروح
مِن أجل مَزيدٍ من النبيذ !




على أحَرِّ مِن الجُمّار
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

يا بُشرى
ها هوَ العمرُ
يُحَنّي شَعري بالشَيب !
ومِن دونِ جميع الأحياء
يرثيني جميعُ الأحياء
يا بُشرى
ها هيَ هاويتي أخيراً تتنَفَّسُ الصُعَداء !



ثمار السرّ
*-*-*-*-*

إني ولأجلكِ أوقدتُ
قناديلَ الماضي المنسيّهْ
إني أسترجع ضحكاتٍ
هربتْ من مَعقِل شفتيَّهْ
لترَي جهراً
مَن منا يصدر أحكاماً حين يَسودُ
ومَن منا بالتالي ضحيهْ !
لَكأني اشتقتُ الى نزفي
والى قلقي والى ضعفي
دمعي شتاءٌ يهمي في فصلِ شتاءٍ
وشتاءٌ في فصل الصيفِ !
لكني
لا طائرَ أطغى غبطاتٍ مني
لا بارقَ يَبلغُ غاياتي
رهنُ الحاضر أمسي
وأمسي رهنٌ للآتي !
فأنا من قبلُ بحثتُ طويلاً عني , عنكِ ,
طويتُ الآفاقَ
وأتعبتُ الأحداقَ
يحرِّضني نبضي , شكي , جمري
تسبقني كلُّ مساماتي
وقّعتُ شبابي لحناً عُشبياً
ليرفَّ رفيفَ الأوتارْ
فاستعذبهُ العالَمُ والناسُ
وأغصانٌ كضلوعٍ
ثمرتُها السرُّ
وبعضُ السرِّ له حسنُ ملايين الأسرارْ
ما أغناني عن طلب المجدِ
وحبُّكِ ما زال يضيف الى عمري
الأعمار !؟



حقائقُ صغيرة كحِذاء طفل
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

ما مِن شاعرٍ يوصِدُ نافِذتَهُ ألآن
وقد تَبَرَّجَ اللَّيل
وما من لَحْنٍ نَديٍّ بعيدٍ
إلاّ ويتَلَفَّتُ
وما مِن قِطٍّ
إلاّ ويحفُرُ تحتَ أقدامِ الأُمَّهات
بَحْثاً عن جَنَّةٍ يَسرُقها !
------
كَوتنكَن
1988


ذلك الصيف
*-*-*-*-*-*-*

مِن عالَم المشفى تغادرُني حروفي
والحقلُ من خَلَلِ النوافذِ محضُ بَرّاجٍ وصوفي
هو ذلك الصيفُ البعيدُ ,
إذا تأوَّدَ
تَسجَعُ الرؤيا حماماتٍ
كما سَجَعَتْ
ظلالي
او قُطوفي
النجمُ عالٍ مثل أعذاق النخيلِ !
والعودُ والقيثار مالا عن بساتيني
وسارا في السبيلِ !
أنا مُذْ وعيتُ – وما وعيتُ –
إذا وَهبتُ من السرورِ فَجُلَّهُ
فَخُذي الذي تهوين قِنطاراً
وأرضى بالقليلِ !


بواكير الحُمّى
*-*-*-*-*-*-*
هناك كلُّ شيءٍ على ما رَغِبَ الكِرام
شرقٌ مُرهَفُ الركام
دروبٌ تتأَسّى بالأشباح !
فيا شابَ مَن رأى
وباكورةُ الحُمَى وأرومتُها
يا ضِفَةً ثالثةً للجرح
ما زال نداءٌ في سحيق أغواري يهتف بي :
مهما تضافَرَتْ مآسي العُمْرِ هنا
ومهما افتَنَّتْ أفانينُها فلا تَعُدْ
وإنْ عُدتَ فخاطِراً او صلاةً فحسب
فاشْهَدي أيتها الغيومُ النازفِةُ كألفِ قلب
وها هو ربع قرنٍ على اندلاع منفاي
وما زالَ يهتف :
يا ذوي الكيان الضئيل
حين تَتَهَّيبون من دافع البسمةِ في الوجود
سيُفَكِّرُ أنْ يعود !


الهوية وخدودُ الأجنبية !
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

لي مهجةٌ منها سأقتَصُّ
أُلقي بها في عمقِ أعماق الهوى
لكنَّ مَن أحبَبْتُهُ بدلالهِ يجفو هواها لاهياً
فيعيدُها لي مُحْرَجاً شِصُّ
ما لِلدَّلالِ مُعرِّشٌ كالزَّعفَرانِ
على السياج , على الرتاجِ
يخافُ مِن إنشودتي وكأنَّّها لِصُّ !
عندي الغداةَ قصيدةٌ
روحي كمُفتَتَحٍ لها وكهامشٍ
أمّا لِحاظُكِ يا فَتاةُ فإنّها النَّصُّ
عَبَثاً أراكِ تُسلِّمين - إذا خرجتِ – عليَّ
أطمحُ للعناقِ وللدّهاقِ
فكيف يكفي مُغْرَماً بَصُّ !
كُلٌّ شكا للعاشقين همومَهُ
إلاّ أنا
شكوايَ أبعدُ من مُجَرَّدِ قِصَّةٍ
فإذا قَصِصْتُ أخونُها
ولطالَما أزرى بها القَصُّ
ضَحِكتْ خدودُكِ حين سالتْ أدمعي
يالي ويالكِ فاضحكي
دمعي أنا يفدي الخدودَ
وربّما يحلو بهِ الغَصُّ !
ماذا يُزيدُ جنائني لو أنني
أبني صروحاً شاهقاتٍ حولَها ؟
ستظلُّ مُهمَلَةً بدونكِ دائماً
وكمالُها نَقْصُ
هُبّي أُعلِّمْكِ الغرامَ
فلي دموعٌ راقصاتٌ
شأنُها شأنُ الغَمامِ
لِفرْطِ ما عصَفَ الشَّجا
وأتيهِ ,
بَحراً فوق بحرٍ أرتمي
والغابَ أمتَصُّ
أنا مِن بلادٍ لا يزالُ حريقُها مثلَ الجليدِ
فلا يزولُ إذا الشموس تظافرتْ
بَرْقٌ يُقَطِّرُ في دمي
ويكاد مُحي الدين يلمسُهُ رؤىً
ويُضيفُهُ لفصوصهِ فُصُّ
إنْ كنتِ في شكٍّ فآدَمُ مثلُ حوّاءٍ
هُما مِن أرضِ آسيا
فاعصي قلبَكِ واصحبيني
إنما مِن أجلِ مَجدِ الحُبِّ
شاءَ الناسُ ,
كلُّ الناسِ
أنْ يعصوا !



مِن مَرقدي الكولوني
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

يا مَن ليستْ فئةِ الأحياءِ الآنَ
كما ليستْ من فئةِ الأمواتْ
لكن أنْ أستجليَ هذا الأمرَ بـ ( كيفَ )
فَهَيهاتْ
ماذا أروي ؟
أأصيحُ :
غَرَسْتُ بأرضكِ عشرَ جنائنِ نخلٍ
وغَرَسْتِ بأرضي عشراً
من غاباتِ السروِ ؟
ماذا أروي ؟
هل في آخِرَةِ المَشْهَدِ من ضوءِ السلوى حُزْمه ْ؟
هل في هذا القلَقِ الدائبِ واللاّ مُتثائِبِ حِكْمَه ْ ؟
كان سريرُكِ محفوفاً بأَهِلَّةِ دمعٍ
وأنا كنتُ المذهولَ المبهورا
لكنَّكِ رَغْمَ مهابةِ صمتكِ
كنتِ الأكْثَرَ نبضاً منّا وحضورا
يا مَن مجنونَكِ ضيَّعتِ
أنا مَن ماتَ يقيناً لا أنتِ
هل صَدَّقتِ ؟
قد تتصادم في اللَّيلِ
النجمةُ بالنجمهْ
وتغادِرُ شفَةَ العالم للأبدِ البَسْمهْ
قد يتخلّى البحرُ عن الأمواجِ
فَتُمسي محْضَ رِشاشْ
وتضيقُ الغابةُ بالأطيارِ وبالأعشاشْ
وتُحاكي فألَ الشَّرِ النَسْمهْ
هذا سأصَدِّقُهُ ,
أمّا أنْ أرضى وأُصدِّقَ أنَّكِ مِتِّ
لا يا ريتا
فَلقد واللّهِ تَسَرَّعتِ
أنا لا أرثيكِ الآنَ
وكيفَ المائِتُ يرثي نَفْسهْ ؟
فحياتي كانتْ - إلاّ في ظِلِّكِ -
دَوّاماتِ شقاءٍ تَعْسهْ
لكنْ خَطَفَتْني الأقدارُ بخَطفِكِ خُلْسهْ .



أسرفتَ , قالوا
*-*-*-*-*-*-*-*

أسرفتَ , قالوا
ثمَّ قالوا : قد حَقِدتَ , وما أصابوا
فإذا حقدتُ فذاك إعجابُ !
إني غرستُكِ في تراب الروح نبعاً دافقاً
من بعدما أثرى اليبابُ
قد كنتُ دوماً سالِكاً دربَ التريُّثِ
حاصداً منهُ الأذى
قد كنتُ دوماً هكذا
أنْ أستضيفَ البائسينَ
فذاك حقٌّ قد رعيتُهْ
أنْ أمنحَ الأعمى ضياءاً
يعني أني قد هديتُهْ
أنْ لا أرى إلاّ انتفاعاً من مصاحبة الصديقِ
فيعني أني قد خسِرتُهْ
أنْ أستعيدَ الآن شيئاً
يعني أني كنتُ قَبلاً قد ملكتُهْ
هذا الذي أدري
وشيءٌ مؤلمٌ أنْ كنتُ أدري !
وتلكَ أيسَرُها معانْ
وأرى الهوانَ
يعلِّمُ الحَجَرَ الطِعانْ !
ويثيرني فأنا المُخَيَّرُ
والغيابُ هو الخيارْ !
فرميتُ أحقابي ورائي
مثلَ أكوازٍ من الفَخّارْ
وأتيتُ حُورَ مدينتي
ومرَرَتُ من خَلَلِ السِّوارْ !
قد أرتجي قنصَ الهواءْ
او أشتهي من يائسٍ بعضَ الغناءْ
هو ذا فؤادي لا يبارحُ وهمَهُ
لكنهُ ذو حُجَّةٍ
فلطالما في وهمهِ قاد الحَيارى
كالأسارى
نحو أوكار الضياءْ !


حَوّاءُ يا دجلةً , فراتُ يا آدم !
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

توضَّأتْ بِدَمي
ثُمَّ ادَّعتْ عَطَشا
غَيداءُ ما رَمَقتْ
يوماً وما مَحَقَتْ
إلاّ لِتنتَعِشا
أنّى يكونُ لمِثْلِ الغِيدِ مَسغَبةٌ
او حاجةٌ طالما الأرواحُ سانِحَةٌ
والقَصْدُ ظلَّ جَليَّاً مثلَ صاريةٍ
والسيفُ مُرْتَعِشا ؟!
يا ويحَهُ قَدَحاً سكرانَ عن قَصْدِ
قد زارني دون خطوٍ
والرياحُ سعتْ مَوّارةً ضدّي
في حانةٍ بذُرى بغدادَ وسطَ دمي
تحتَ الأراجيحِ
خَلْفَ الشطِّ والوردِ !
والأنجُمُ اجتَمَعتْ
والناسُ ما اجتمعوا
في كلِّ يومٍ لنا وَصْلٌ ومُنْتَجَعُ
لكنْ مع الشكوى
والصَّبُّ لا يقوى
كلا ولا يَدَعُ
بِعْ لي وِصالاً وخُذْ مني مَداراتي
واستقبلِ الأمسَ في عينيكَ باخرةً
واستَمهلِ الآتي
لا لستُ أعرفُ كنزاً كي أجيء به
لكم على عجلٍ
ولا غداً لؤلؤيَّاً لا ولا سَعَةً ...
عندي كآباتي !
عمري
جوىً
او صدىً
من ساطعِ الثَمَرِ
او يانعِ الحَجَرِ
فعامليهِ شتاءً رهْنَ أدمُعِهِ
او فاصحَبيهِ الى ساحاتهِ نُدَفاً
وبينَ أضلُعِهِ كالنبضِ فانتَثري !
حَوّاءُ يا دجلةً
فراتُ يا آدمْ
مَن في جراحيَ القى السِّرَّ كالخاتَمْ ؟
فَصُرتُ من طينِ
أُلَقِّنُ الطيرَ إنشادي فيرويني
مِن آخرِ الصينِ حتى آخرِ الصينِ !


جدوى
*-*-*-*

أنا يا زيدُ ويا عَمْرُ
إبتكرتْني الخمرُ
لكنْ لو يُجْدِي أمرُ
فيُعزِّيني ويُلهمُني
أنْ لا أحدَ بتاتاً يُشبهني
لا أحدَ ولا شيءَ
وذاكَ رِهاني مع الزَمنِ !


شراع
*-*-*-*

أجتاز النهر ,
تُصفِّقُ أوراقُ الشَجَر
على مَقربةٍ من أذنِ الرملِ ؟
شراعٌ
حطَّ على صهوةِ دَيناصورٍ !
أمطارٌ , ريحٌ
فرحٌ آخرُ ,
سُنبلةٌ
كم تحتاجُ اليها المَدَنيّاتُ !
كحلمٍ لا كطعامْ
الأرضُ ككرّاساتٍ تبدو
وسنابلها أقلامْ !


تقابُل
*-*-*-*
سيلُ مشاهدَ من قلب الحربِ
كاسات الخمر المتتابعةُ كسربِ
فكأني هنا
ودمي منفيٌّ في القطبِ !



قَبسة
*-*-*-*
يَجنحُ للخَمرةِ أحياناً
نوعٌ من أنواع بني الإنسانْ
حتى يتسامى كالحيوانْ !
فوق فضائحهِ ,
فوق لوائحهِ ,
فوق الكفر وفوق الإيمانْ .



غبطة
*-*-*-*
أحياناً تغمرني الغبطةُ ولَهاً بالمجهولْ
أهو الأوحدُ مِن بين المعقولات المعقولْ ؟



طرف ولسان
*-*-*-*-*-*

الغايةُ أنْ تصمتَ
فالقلبُ هنا يحظى بنداءْ !
أنْ تتوقَّفَ انتَ للحظاتٍ
وتُشيحَ بأوجهها عنك الأشياءْ
فهناك تُحدّثُ عنكَ الوديانْ
فإذا ما كنتَ الغافلَ عنهُ
يفاجئك بطرفٍ ولسانْ
ما هذا شأنُ العاجز
لكنَّ المعنى حتى في حضن الديمومة
مسدولٌ ككيانْ !



الأصل
*-*-*-*
لا أوصل أفكاراً
لكنْ أُلقي بمفاتيحْ
أمّا ما خلفَ الأبواب
فأفقٌ تدفعهُ الريحْ !



إصغاء
*-*-*-*

عيونٌ تَتَوادَعُ لِتؤَمِّنَ لها
مُستقبَلاً يُبَشِّرُها بالإنكسار
خُطىً تَتَدافَعُ لِتصلَ أفُقاً
يَضمُن لها الإنهيار
وهناك ........
هناكَ وقتٌ تَندَمِلُ فيهِ كلُّ جِراح العالمِ
إلاّ نافِذَتي ,
هناكَ وقتٌ تُغلَقُ فيهِ كلُّ نوافِذ العالمِ
إلاّ جِراحي
إلاّ خمرتي ,
بوّابتي الحُرَّةُ لتَقَصّي جذورِ الزمنِ الضالّةِ !
فَبِها وحدِها بَرَّأتُ ذِمَّتي :
أعطيتُ ما لِقيصرَ لكُم
وما للّهِ للّه
وعُدْتُ كما هو شأني دائماً :
خاليَ الوِفاض ,
مُستَوحِدا ً, مُتَّحِداً , أُحادِيَّاً , وحدَويَّاً ,
مُتَوحِّداً , وحدانيَّاً , إستيحاديَّاً, تَوحُّديَّاً , إتِّحاديَّاً ,
تَوحيديَّاً , أوحَدَ , واحِداً , أحَدَاً ...........
.................................................
.................................................
وحيدْ !



باقٍ على لَحني
************
نفَّرتُ نبضَ القلبِ تَلاًّ من فراشاتٍ
صداحاً يا هوى عُشِّ البريدِ
وليس سِرَّاً ما أريدُ ,
أريدُ عمراً للضَّلالِ ,
ضَلالِنا مثل الجناحِ
يمرُّ مُختَرِقاً بكلِّ صداهُ أضلاعَ الرياحِ
فهذهِ الأيامُ ما وفَّتْ وقد عبرتْ سنونْ
كلماتُها كلماتُ صاحٍ
فالسكارى لا أراهم يكذبونْ !
ما بالُها الأشواقُ ماثلةٌ أمامي
والكواكبُ هاربهْ ؟
ويدي نداءاتٌ
وأحلامي كنجوى صاخبهْ ؟!
أرفو قناطرَ نحو نبعكِ ,
ترحلُ الأطيارُ
وهي تجرُّ أسرابَ الغيوم وراءَها ؟
ظمآنُ غيرُ مُكذِّبٍ ما لاحَ
لكني كما تدرين
لا أجري إذا ماءٌ جرى
حتى أرى شَفَتي ترى !
جُزُرٌ من الغد والرمادِ
من الكروم من الهمومِ
هي التي رفعتْ اليها خاطري كالبيرقِ المثلومِ
إني هكذا مستأثرٌ بمتاهتي ,
الزفراتُ تلمعُ في عُلى الأسحارِ ,
يسري القَطْرُ صَفَّاً
والغصونُ غفتْ
لأبدو تحتها مُتعدِّداً مثلَ النذور ,
يلمُّني منكِ الخيالُ
وكنتُ أنظرُ في الطريق
فكانَ شِعري مُبعِداً
والصمتُ يحمِلُهُ
وإنْ تأتي فشاعرةٌ
وهل إلاّ قَوامُك ما يُرتِّلُهُ ؟
ويأتيني سؤالُكِ : كيف أنتَ ؟
إجابتي :
باقٍ على لَحني أنا
غيماً تؤطِّرهُ البروقُ تَوَلُّهاً
او غابةً
فَقِفي على مَسرى مدائحها
وميسمِها العنيدِ وكيف يفتنُهُ الخريفْ
وخطاي يفتنُها الرصيفْ !
ظمآنُ لكنْ فاعلَمي
ياعذبةً كطبائعِ الصهباءْ
إني شربتكِ ديدناً
حتى جهلتُ الماءْ !


خلاخِل الريح
*-*-*-*-*-*-*

ماشٍ أنا والغيثُ يجرف خطوتي
ولقد شعرتُ بوحشةِ المَسرى
وبَرْدِ مَظَلَّتي !
مَن ذا يجيءُ لكي أُخَبِّرَهُ
بأني خاطرٌ
والقلبَ جَمْرُ ؟
وبأنني حريَّةٌ والأرضَ قَهْرُ ؟
ووراءَها ناسٌ هُمُ في الأصلِ بُورُ ؟
وضَلالةٌ في القاعِ
فكَّرتُ أنْ سأُزيدُهُم سَقَماً وسوءَ طِباعِ !
وأرى السماءَ
وتهَلَّلَت لضياعي !
شَبَحٌ بلا نَفْسٍ ولا نَفَسٍ
أُشيحُ بقلبيَ المهمومِ عنهُ ,
هي البلادُ بها مرَرْتُ مُسَلِّماً
يا نفْسُ مُرّي في سلامٍ
إنني مُستَرسِلٌ
والمَشهَدُ استولى فلا تنصاعي
ماذا سيبقى لي إذا عاندْتِني
ماذا سيبقى لي
سوى عَدَميّةٍ
ودُجىً تطاردُني بكلِّ بُقاعِ !؟
ألَقاً
وذهنَ يَراعِ !
ولطالما كان الخرابُ مُحلِّقاً
والدارُ دارَ أفاعِ !


بحاركِ المديدة
*-*-*-*-*-*-*

نهرٌ أو مِرْبَضُ مَعازِف
أو قولي نهرٌ صغيرٌ كزورقٍ
تَرَجَّلتُ عنهُ لأَعومَ في بحارِكِ المديدَةِ المُتَلامِضة
حيثُ أغنياتُ البَحَّارَةِ وهيَ تُبحِرُ
والأمواجُ تَشرَبُها فِيَلةٌ مِن الضباب .
سنوات مضت
مُنذُ أنْ تَعَمَّدَ قَلْبانا بِآثام الحُبِّ !؟
لقد تُبْتُ عن الأحلام الكبيرة
هي وأقوامها البائدة !
وكان دعائي على المُنَجِّمينَ بسوءِ الطالع !
أسير معك الآن
لأفعلَ أشياء بسيطةً
ولكن بإصرارٍ
كإصرارِ الوردة على الرحيق ؟
أشياء بسيطةً
كأنْ أغترفَ الحيتانَ بقُبّعَتي !



كالقَدَر
*-*-*-*-*
هل ستَعودُ لترميمِ شعائر
التَشَرُّدِ
مَرَّةً أُخرى ؟
نعم .
وإذا وافاكَ الشتاء ؟
سأَلتَحِفُ الحيطان !
كانَ ذلكَ يومَ كنتُ عنيداً كالقَدَر
مُنَغِّصاً هَدأةَ اوروبا
ومُتَوَعِّداً عواصفَ ألأَطلسيِّ
فلا تَتَفَوَّهُ بِغيمةٍ الى حين !
----------
بايرن
1987



إنْ كنتُ أُسيءُ فأنتَ تُضيءُ !
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

ما أنْ أبكي
حتى تبني عُشّاً في صدري
نغماتُ البَجَعِ
ما أن أبكي
حتى تبكي لغةُ الضادِ معي !
فَلأيٍّ مِن أسراري يطيبُ الهَرَبُ ؟
أيُّ الظُلُماتِ سيخضوضرُ فيها الحُبُّ ؟!
إنْ كنتُ أسيءُ فأنتَ تُضيءُ !
فَعَدْلَكَ يا مَن كإلهٍ مِن بلّورٍ
او نخلاً ممشوقَ القامةِ يبدو
أرجِعْ لي جُزءاً من شَجَني
ولتجعَلْ أشواطَ عذابي
حقلَ ورودٍ ترتدُّ
كُلّي وَلّى
حتى يأسي ,
ولاشَيئيَّتي أمستْ لا يُحصيها العَدُّ !


الدالية
*-*-*-*-*



* المُتشائم هو الروث الوحيد
الذي لا ينبت عليه شيء .
-----------------------------
مثل الماني




كفاكِ تدَلُّلاً أيَّتها السعادة ,
إنحني أَكْثَرَ
أيَّتها الداليةُ المَيلاء
لأعبُرَ الى الضفةِ الأخرى
دونَ إيابٍ أو نَدَم ٍ
فقد آنَ للحرّاسِ أنْ يناموا
وآنَ لي الإنطلاقُ
خارجَ سجونِ ذاتي الباستيليَّة
وأهمسُ للمَساء :
لَعَلَّهم يتوادعون الآن :
أضواء مُتَثاقِلَةٌ هنا , هناك ,
وأنا أيَّتها السعادةُ ,
أيَّتها الفراشةُ المُلَوَّنةُ بالنبضِ والنسائم ,
أيَّتُها الغيمةُ المُسترسلةُ بوَعْدِ الِقِطافِ
حيثُ أقام جوعي ويُقيم ,
فاغِرَ اليَدين أنتَظرُ إنهمارَكِ !
باغِتيني أيَّتها السعادةُ
إهزِميني في عُقْر داري!
فَلو كانَت هناك بحارٌ
أوسعُ من هُيامي
إذاً لقامَت مَقامَهُ
ولكنَّ لي ذلاقةَ العواصِفِ الشتائيَّة
وحَنايا ألأُم الرؤوم
وجروحي تُشرقُ كُلَّما أدركَ الشمسَ المَغيبُ
فأيُّ مُخادِعٍ ذلكَ الذي يَدَّعي
رؤيةَ النجوم !؟



ليس عندي ما أخفيهِ !
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*

ليس عندي ما أخفيهِ
ما أنا إلاّ فضيحةٌ مُتوارثةٌ
ولن تنفع حوّاءَ او آدم ورقةُ توتٍ
حتى ولا غابةُ توت !



ثناء على أشياء !
*-*-*-*-*-*-*-*

عطرٌ يُحضِّرُ عطرا !
وأناملها الناعماتُ تغازل ريشَ حَمامٍ
ولكنْ
مثلما أحرُفي وهي تَترى
كلُّ عهدٍ شبابٌ وذكرى
واصطخابٌ وبعضُ غناءْ
وموجٌ كأضلعِ صدري
وسفائنُ
كالخمر تجري !
فأيُّ الحروفِ تفيدُ الثناءْ ؟
إنني أتعطَّرُ لكنْ بِداءْ !
وهل أنتَ غيرُ طَوافِ مآقْ
ونجوى حكايا تُحَدِّدُ عمرَ الزقاقْ ؟
فلا أنا ناسٍ
ولا أنتَ راسٍ
ٍ فقُلْ :
أيُّنا غالبٌ في السباقْ !
وما زادَ من ذلكَ الهَمِّ هَمَّاً
ضياعُ قصيدٍ قديمٍ حبيبْ
شجيِّ الوِئامِ
رهيبِ الضرامِ
أدَبَّ من الخمرِ
لو كان بَعد دبيبِ الخمورِ دبيبْ !



البلاءُ المُفَدّى !
*-*-*-*-*-*-*-*

نعم ,
مُتَعصِّبٌ للخمرةِ أنا ,
طائفيٌّ في هذا المنحى !
واحتسيتُ
إذْ أنني ودَدْتُ أنْ أصبح كالشمس
جِرْماً جليلاً بِلا ذكرَياتٍ
وقَد فَعَلْتُ
وهذا نسيانٌ
ما عشتُ لا أنساه !
ما عشتُ
أفترسُ ما يفترسُ الذاكرة من مَرَدَةٍ وأباليس !
الدهشةُ تنهمِرُ من أعيُنِ الناظرين ,
مخلوقاتٍ لا أعرفها
إنها تصيحُ بأصواتٍ خفيضةٍ
كأنها ذئابٌ رخيمةُ العواء !
ها أنا كما أنا
فَلتقْبَلْني أيّها العالَم
على علاّتكِ !
او فلْتَرْفضني
فها أصبح لي في المنافي من الأعوام
ما يسيلُ لهُ لُعابُ التماسيح !
وإنهُ فصلُ الصيف ,
أكتبُ بالطبشور على جلد الليلِ :
الليلُ عباءةُ القمر
وأكتبُ :
أعطيتُ الآخرَ
حريتي الصغيرةَ
فغَدَتْ واسعةً عليه
وأعطاني حريتهُ الكبيرةَ
فضقتُ بها !


كينونةٌ مُستعادة
*-*-*-*-*-*-*-*

متى تنزَعُ نَخْلاتُ وطني قَفافيزَها
وتلْمُس عَوائي الجريحَ لَمْسَ اليد ؟
فإنْ هو إلاّ مَداري الأوَّل
وسماواتي الأخْضل
فهل تُراني سأصفَحُ عنكم ؟
وعن أَسحارٍ علَّبَتْ دُخاني
ورَعَتْ تَقَلُّبي في المِهاد ؟
نَعَم , سأصفحُ عنكم , عَنْها ,
أمّا عن نَفْسي فلا .......
فَبَيني وبَينَها ما صَنَعَ الحَدّاد !


بُرْج البُراق
*-*-*-*-*-*
كيومِ الحسابِ
ويومِ القراءةِِ ,
إحسِبْ ,

فأحسبُ كم فُرْصةً كُنتُ ضَيَّعتُ ,
إقرأْ ,
فأقرأُ بُرجي :
سيَخْضَلُّ جُرْحٌ عميقٌ
بِعُمقِ الزمانِ على راحتيكَ ,
وأُنْشوطَةٌ تسأَلُ السابِلهْ :
عُنْقُهُ غايتي ,
كيفَ لي أنْ أراهُ لِتَكْتَمِلَ القافِلهْ !؟

وَصايا
*-*-*-*
أُوصيكَ أيُّها الجُرح
وأنتَ تَشُقُّ طريقَكَ نحوَ صَدْري
أنْ تَتَخَفّى بهيئةِ زورقٍ
وإذا صادَفْتَ بَجَعاتٍ تُنَظِّفُ ريشَها
على ضِفافِ دمي
أُوصيكَ أنْ لا تُخْبِرَها بِما يَحْصَلُ في الخارج ,
دَعْها في مَنْأَىً عن الفَظاظاتْ
وإذا تَوَسَّلَ اليكَ غُصْنٌ أنْ تَصِفَ لهُ الفُصول
فاعْتَذِرْ لهُ
وإنْ إضْطَرَّكَ فالْجَأْ الى الكَذِب ,
لَفَّقْ قِصَّةً ,
إزْعَمْ أنَّ هناكَ شُموساً ضاحِكةً
وبَلابِلَ تَبْني أَعشاشَها على دَواليبِ الهواء
ولا تَقُلْ لأَيِّ بساطٍ يَحومُ حَولَ روحي طَليقَاً
بأَنّيَ آلانَ سجين
وأُوصيكَ أنْ لا تحمِلَ معكَ صحيفةً يوميَّةً
َتَتَخَلَّلُها مُفْرَداتٌ جديدةٌ نابيةٌ
كالأَفيون والإنتحار والأيدز
فلا بُدَّ أنَّكَ مُلاقٍ عُشّاقاً يسكُنونَ خِياماً
وسْطَ غاباتِ ضُلوعي
سِرْ مُبارَكاً
حتى تَرسو في سُوَيدائي ,
وفي لَحْظةِ الاحتِضار
سأَمُدُّ عُنُقي لِيَعْلوَ على الغيوم
وأفتَحُ رئَتي
فَتَتَدافَعُ البَجَعاتُ والأغصانُ وغِناءُ العُشّاقِ
الى سماءٍ قاصية
وآنذاكَ فقط
أستسلمُ للموت مطمئنَّاً !

----------
فرانكفورت - 1993
------------------


شُغِفتُ بها
*-*-*-*-*


شُغِفتُ بها فكانت لي وِثاقا
ولستُ بطالبٍ منهُ انعتاقا

ومَوتي كالسلافة فيكِ دوماً
وأحرى بالسلافة أنْ تُذاقا !

وأحرى بالمسافة أنْ تُداني
وأحرى بالعوائق أنْ تُعاقا

فلولا الرافدان أكنتُ أهوى ؟
ولولا الحبُّ هل وتَرٌ أفاقا ؟

وهل ضَجَّتْ الى ( المأمون )(*) سُوحٌ ؟
ألا كلا ولم تقطرْ رِفاقا !

مُعلِّمتي , وقد جَمَّعتُ عِلمي
وحيداً بل وأستبقًُ استباقا

نَهِلتُ الحبَّ بحراً منك لكنْ
عَطِشتُ كأنَّ في بحري نِياقا !

مَزيداً من مدارات التغنَّي
ومَجداً للذي غنَّى وشاقا

تراقبني الجميلةُ خوفَ ضَعفي ,
شباباً بَعدُ أملكُ وانطلاقا !

سَويَّاً قد وُلِدتُ وحزتُ عقلاً
وإني مُزمِعٌ عنهُ افتراقا !

ويشكو القلبُ مِن بُعدٍ وتشكو
فما أدراكَ ما لاقتْ ولاقى !

وقد رامَ الحبيبُ دمي مُراقاً
فقلتُ : فِداكَ أفرحُ أنْ يُراقا

فإني كوكباً أبقى مُضيئاً (**)
كذاكَ دماءُ مَن عشِقوا العراقا !

.....

------------------------

( * ) المأمون : إحدى ضواحي بغداد .
( * *) في الشطر هنا تقديم وتأخير تلافياً لما نحسبه من تقريرية
فيما لو رفعنا ( كوكب ) لذا فالأصل هو : فإني أبقى كوكباً مضيئاً .




أرَقٌ وغَرَق !
*-*-*-*-*-*-*


ناشدتُكِ اللهَ أنْ تُصغي لأحداقي
فتَسمعي قِصةً عن جيلِ عُشّاقِ

وعن سماءٍ إذا ما أظلمَتْ حِقَباً
هَلَّتْ أهِلَّتُها من وحي أوراقي

وهَدهَدَتْ رئتي من لهفةٍ سُحُباً
فهل رأيتِ عُلُوَّاً رهنَ أعماقِ ؟

كيف التقينا لساعاتٍ وفَرَّقَنا
داعي الوداعِ ولاقانا كسَبّاقِ !؟

سألتِ عن عودتي : كيف انتهتْ ؟ لغتي
أَوجُ انتصارٍ وروحي أَوجُ إخفاقِ !

فيمَ اشتياقُكِ للهجرانِ ثانيةً ؟
وما احتوتْ كأسُهُ الأُولى لِتشتاقي !؟

سهرانُ لا أبتغي نوماً لأنَّكُمُ
ما عدتُمُ غيرَ دمعٍ شاءَ إغراقي !

يا أنتِ او أنتَ , ترياقاً غدا أَرَقي
حيناً وبعضُ سمومٍ مثلُ ترياقِ !

فلو أتيتَ على مَتنِ الشذا لترى
فاعْجَبْ لِقَلبٍ هنا حَيٍّ وخفّاقِ !

قد ذبتُ قد ذبتُ إذْ لم يبقَ مني سوى
بُقيا فتىً فاقتربْ أضمنْ لكَ الباقي !

وإنْ خَشيتَ بلاداً لم تزلْ وَلَهاً
غَيرَى عليكَ فميلادي هو الواقي !

أنا ابنُ دجلةَ مصهورٌ وبُوتقتي
أمسٌ , ذراعاهُ مِن كِبْرٍ وإملاقِ

عندي مصائبُ دهرٍ , في شعائرها
أهرقتُ خمراً وعُمراً أيَّ إهراقِ !

نَظَمْتُ أسطعَ ما في النفس من شُهُبٍ
وجِئتُكُمْ راسِماً جَنّاتِ خَلاّقِ

نَضا نسيمُكِ ما في الريحِ من صَدَأٍ
فكان نطقُ الهوى من دونِ إنطاقِ

مالي حَسِبتُ بأني تاركٌ وطني
لَمّا دخلتُ , ودمعي مَشهدٌ راقِ !؟

حزنُ البساتين كهلٌ عند مَن نظروا
يربو على السَّعْفِ , ذو ماضٍ كآفاقِ !

هو الحكيمُ مُقيمٌ وسطَ مجلسهِ
والنجمُ مُنتَثِرٌ حَبّاتِ سُمّاقِ !

ما الضيرُ ؟ فالمُرتجى مياسمُ ارتعشتْ
بالرعد , بالوعد تُغري أيَّ توّاقِ

والناس في دَعَةٍ كانت ستألفُهم
كأنها العُرسُ لولا حشدُ سُرّاقِ !

لا يَأخُذَنَّكِ شَكٌّ , تلكَ ساحتُنا
سخطٌ على مُثُلٍ تنمو بأنفاقِ !

ناشدتُكِ الضوءَ والضوعَِ اللذَينِ هُما
غناؤكِ الثرُّ مَرسى كلِّ أذواقِ

لا تكشفي الجرحَ او غَنِّي لهُ بِصِباً
حمامةُ الأيكِ لم تبرحْ على الطاقِ !

يا مَن يرومُ انشراحاً , سِرْ فقد شَرِقَتْ
بغدادُ ليسَ بِرِيقٍ بلْ بأسواقِ !

أنا ابنُ دجلةَ ما انداحتْ أضالعُها
موجاً دعاكِ ولا مَنجىً بأطواق ِ!

غَطّى على مَشرقِ الأورادِ مَغربُها
ولي قناديلُ من صمتٍ وإطراقِ

وإنني مثلُكِ المشدوهُ من وطنٍ
ما كان لولا مآسيهِ بإطلاقِ !

قامتْ عليه مَقاماتُ العصورِ وفي
شَدٍّ ولِينٍ وترطيبٍ وإحراقِ !

لكنْ رهاني على عنقاءَ من لهبٍ
كأنه أبداً دَينٌ بأعناقِ !

أعراقُ شعبيَ تبقى حُصنَ تُربتِها
حتى وإنْ أصبحتْ أفواجَ أعراق !

أنا ابنُ دجلةَ , ألوانٌ قلادتُها
مِن كلِّ دُرٍّ كريم الأصلِ بَرّاقِ

فإنْ تَزُرْهُ يَلُحْ مِن فرط غبطتِهِ
كأنه ناسكٌ في حال إشراقِ

وكلُّ مَن سابقوا مجدَ الفراتِ مَدىً
أصيبوا - مِن قبلِ أنْ يَعدوا – بإرهاق

وكم نُغالي بصمتٍ حينَ نُنْشِدُهُ
وماؤهُ والغوادي رِمْشُ إبراقِ !؟

إنْ غبتُ حيناً عن الأعذاق في وطني
وأنتِ قربيَ فالأقمارُ أعذاقي


حريتي الحُبُّ , لو لم يَختضِبْ بدمي
لكنتُ يا قِمَمي أَولى بإشفاقِ !

حَسْبي , وقد أَذَّنَ الديكُ البشيرُ ضُحىً ,
ضحىً دَهاني بلحنٍ عنك دَفّاقِ

فَلْتَرْتَدِعْ غُربتي ما دمتُ أقطعُها
بالحُبِّ والشِّعرِ حتى مَقْدَمِ الساقي !


*****************************



الفهرست
-----------------------------------------


1- العزف المخالب
2- سماؤك المبتلَّة بالنجوم
3- أوزِّع الأكوان بالدِّلاء
4- رأس الفتنةِ أنا !
5- أهوار على الدانوب
6- إليَّ بكِ !
7- إمتصاصُ المطر بأفواه الأساور
8- الى مَن يُهمُّه الخمر !
9- دخلتُ حقيبتي كي أستريح
10- شذاها الحار كالتنُور
11- لا أنيسَ عدا كلَّ شيء !
12- مهرجاناتٌ سرية وخطوط ذات صِلة
13- مِن طباعِكِ يشهقُ الكمان
14- والهواء عُشُّ السنونو
15- أستميحكِ وَرداً !
16- كُلُّها رهنُ الخِلاف
17- وعود
18- نشيد آخر
19- ثريا
20- أيتها الكآبة
21- تشريح
22- عزلة محدثة
23- رأي
24- حلم
25- ولمّا أصبح الصباح
26- تداعياتٌ مازوكية
27- على أحرَّ مِن الجُّمّار
28- ثمارُ السِّر
29- حقائق صغيرةٌ كحِذاء طفل
30- ذلك الصيف
31- بواكير الحُمّى
32- الهوية وخدود الأجنبية !
33- مِن مَرقدي الكولوني
34- أسرفتَ , قالوا
35- حواءُ يا دجلةً
36- جدوى
37- شراع
38- قَبسة
39- غبطة
40- طَرْفٌ ولسان
41- الأصل
42- إصغاء
43- باقٍ على لحني
44- خلاخل الريح
45- بحارك المديدة
46- كالقَدَر
47- إنْ كنتُ أسيء
48- الدالية
49- ليس عندي ما أُخفيهِ
50- ثناء على أشياء
51- البلاء المُفدّى
52- كينونة مستعادة
53- برج البراق
54- وصايا
55- شغفتُ بها
56- أرَقٌ وغَرَق
----------------------------------------


-----------------
كولونيا
ربيع- 2009











#سامي_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجموعة الشعرية الثانية ( العالَم يحتفل بافتتاح جروحي )
- بساتين تتمايلُ كالفساتين !
- مُتعصِّبٌ للخمرةِ أنا !
- نسائمُ في وِعاء الصباح
- شهابٌ ملتصقٌ بغيمة
- الدالية
- أرَقٌ وغَرَق ! (*)
- إنضباط الحارثية ... حنين ومَواجد !
- شُغِفتُ بها
- السكسفون المُجَنَّح / مجموعتي الشعرية الأولى - نسخة منقحة -
- ولائم من نار !
- مساءاً أُمَجِّدُ الهاوية !
- البنت , الأب , الشرق , الحُب !
- رحيق سيجارتي !
- حوار مع الشاعر والكاتب سامي العامري – بغداد
- السيجارة , إصبَعي الحادي عشر !
- خيطٌ من دِثار الكائنات !
- قلوبٌ تتماثل للأشواق !
- العزفُ بالمخالب !
- مِن طِباعكِ يشهقُ الكمان !


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - المجموعة الشعرية الثالثة ( أستميحكِ ورداً )