احتجات عمال مصنع ( الفتح) درس نضالي

وسيم الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 2685 - 2009 / 6 / 22 - 05:01
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

ظنت القوى السياسيه صاحبت النفوذ في السلطه كما توهم الكثيرون من دعاه التقدميه واليسار ...بان العمال سيكونون ابناء مطيعين لاوامر الشرؤط التي يمليها واقعهم الجديد .. وانهم سيتجرعون كأس الخنوع والاستسلام بكثير من روح الطاعه ..ذلك لان مفهوم المصالح العماليه والنشاطات العماليه والانتماء العمالي الطبقي قد ذاب وانصهر ببوتقة العمليه السياسيه التي تقوم في اساس من اسسها على الانتماء الطائفي والعرقي وهذا بدوره يلغي بالكامل الوعي العمالي ويجعله في خبر كان ..هكذا وبكل سذاجه وبكل وقاحه خطط وحلل حكماء البرجوازيه الرجعيه دور العمال في ظل الواقع البائس الذي يرسمونه ..ان سبب عنجهية هؤلاء السياسيون التي قادتهم الى تلك الاستنتاجات السوداء ,هو ثقتهم العاليه بقدراتهم على صنع الحدث والتحكم فيه ..انهم محقون في هذا بنسب معينه في ما يخص الشطر الاول (صناعة الحدث) ولكنهم مخطئون الى درجة الغباء في ما يخص (التحكم فيه) .. خصوصا اذا كانت طبيعة ذالك الحدث الذي يصنعونه ذو ماهيه متدحرجه خاضعه لمنطق التأويلات السياسيه والتداعيات الاجتماعيه .. ان البرجوازيون يكونون اكثر واقعيه ومحاكات للواقع حينما يخططون لكنهم بنفس القدر يبتعدون عن الواقع حينما يفكرون وحينما ينتجون وعيهم ..وعلى عكسهم تماما يتحرك وينشط العمال ,حيث الحراك الدائم الخفي والمتصاعد نحو تغيير الواقع والوقوف ضد محاولات ثباته وجموده .. وفي الحقيقه فأن مختصر جوهر الخلاف بين هؤلاء واؤلئك (البرجوازيون) ..ان العمال يفكرون بلغة الواقع الحي بينما البرجوازيون يفكرون بثقافة تحنيط الواقع وتقديسه ..وعلى هذا الاساس همشوا دور المصالح الطبقيه في حسابات عمليتهم السياسيه في العراق واهملوا بالكامل دور طليعتهم الاجتماعيه واعتبروها بحكم الملغاة من الناحيه العمليه ..وكما قلنا فان هذا الحكم كان على درجه كافيه من الوضوح والمصداقيه حينما كانت العمليه السياسيه في بداياتها وفي بدايات تداعياتها حيث استطاعت القوى السياسيه من ان تجرد العراقيين جميع صفاتهم الطبقيه وتجبرهم على التعامل بالهويه الطائفيه .. وهي بذلك نجحت ولو بشكل مؤقت بتجميد الواقع الطبقي وشروطه..لكن كان كل هذا لا يعدو الا ان يكون بمثابة استغراق زمني لنضوج وعي واقعي ثوري لدى الطبقه العامله العراقيه .. وكانت بداية اتضاح هذا النضوج قد تجسدت بشكل رائع في نشاط وحراك عمالي على جميع المستويات وفي اكثر من مصنع ومعمل ..فبدى العمال اكثر قوة واقوى اراده في خلع اسمال الطائفيه البغيضه المخادعه ..وكما ان لكل حركه بدايات فان بداية هذه الصحوه تجسدت بنموذج اضراب واحتجاج عمال معمل (الفتح) التابع لشركة الصناعات الصوفيه ..لقد ضرب عمال وعاملات هذا المعمل مثالا رائعا وقدموا لنا درسا بليغا في كيفية انتزاع العمال لحقوقهم وفي اصعب الظروف واعقدها ...ولعل من مفاجأت هذا الحراك العمالي البطل واكثرها مدعاة للدهشه والاعجاب هو توجه العمال منذ البدايه نحو تحقيق (الاداره الذاتيه) وهو هدف لايمكن لاكثر الجهات الحزبيه والنقابيه التي ترتدي مسوح المصالح العماليه من ان تتجرء في ان تطرحه او حتى تلوح فيه .. عمال معمل (الفتح) وعاملاته الابطال لم يفكروا بان يجعلوا (الاداره الذاتيه) شعارا لهم فقط ..بل اندفعوا كالليوث لينتفضوا عليه ويبدؤا بتأسيسه ..انهم اليوم يناضلون ..من اجل تطويره ..لديهم لجان تهيمن وتراقب عن كثب كل وارده وصادره في معملهم .....ان الالتفاته المبدعه لدى هؤلاء العمال تجسدت في انهم استثمروا مطلب تكتيكي في خدمة هدف ستراتيجي ومبتغى بعيد بدرجه كافيه من النضوج ..فحولوا مطالبهم الانيه التي كانت من الممكن جدا ان تعالج بشكل اصلاحي وتوفيقي الى (ذريعه) قويه لتأسيس عملهم على قواعد الاداره الذاتيه ..انها ضربة استباقيه رائعه لمحاولات الالتفاف على مطالب العمال ..وهي خطوه كبيره وعملاقه في زمن تقزمة فيه قوى وحركات سياسيه عراقيه كانت وما زالت ترفع شعاراتها العماليه وتسوق نفسها على انها ممثلتهم وقائدة نشاطاتهم .. عمال وعاملات (الفتح) اليوم ..يدعون هذه القوى وبكل فخر لان تستمع الى درسهم النضالي وان تستلهم منه جوهر ارادة التغيير والاصلاح الثوري ..ان هذه القوى والحركات مطالبه اليوم بان تستوعب درس هذا الحراك العمالي وان تساهم في انضاجه وتطويره ...وهذا المطلب يمثل لها فرصه تاريخيه وقرارا يحدد بالفعل مصيرها التنظيمي .. فعمال العراق على ما يبدوا يحثون الخطى في مسيره كل ما فيها ينطق بالاصرار والثقه بالنفس وهي ترفع شعار ....((من لا ينصرنا فهو خصمنا))..ويالبؤس مصير من يكون العمال والكادحين ..خصومه

#وسيم_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات