أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور الكديري - أزمة الماركسية اللينينية أم أزمة التحريفية المعاصرة















المزيد.....


أزمة الماركسية اللينينية أم أزمة التحريفية المعاصرة


أنور الكديري

الحوار المتمدن-العدد: 2682 - 2009 / 6 / 19 - 08:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


’’إن من واجبنا أن نقوم,على ضوء النظرية الماركسية اللينينية و طريقتها,بالتحقيقات و الدراسات التفصيلية عما حدث من التطورات بشأن أعدائنا و أصدقائنا و أنفسنا نحن,سواء في الميدان الآقتصادي أو المالي أو السياسي أو العسكري أو الثقافي أو الحزبي,ثم نستخلص منها النتائج اللائقة و اللازمة" . ماوتسي تونغ,فنصلح دراستنا(أبريل,ماي 1941)

ا ـ النهج الديمقراطي و نزعة التخريف : لقد عبر (الماركسيين الآنتهازيين) المغاربة بالأمس و اليوم , عن عجزهم في خوض النضال من أجل تحريرالطبقة العاملة و عموم الكادحين. بل هم غير قادرين على تحرير حتى أنفسهم من الأوهام العالقة بأدمغتهم المتعفنة . فرفاق سعيدة و زروال و رحال...على حد قولهم , فكلهم يتصارعون و يتقاتلون من أجل الانتساب لهؤلاء الشهداء البريئون منهم جميعا, غير قادرين بالبث و المطلق على آنجاز المهام الملقاة عليهم منذ أوائل السبعينات الى يومنا هذا, وأنا هنا أستثني من طبيعة الحال تجربة الى الأمام و23 مارس العظيمتين الى حدود 1979, أي بعد سيطرت القوى الآنتهازية و التصفوية عليهما, واغتيال واعتقال ونفي..أغلب مناضليها الشرفاء. أما المناضلين الشرفاء الذين لازالوا على قيد الحياة حتى اليوم , أطال الله في عمرهم حتى تتضح لعموم الجماهير الكادحة من كانوا يدافعون عن خبزهم و عن همومهم اليومية, بل لتتضح للجماهير الغارقة في الفقر والهم والغم وقاحة وسفالة هؤلاء الشرفاء( أولاد القحبة ما أشرفكم) الذين تجدهم في كل واد يهيمون. فمن الماركسية اللينينية فكرا و ممارسة, الى تأسيس حزب اصلاحي انتهازي يغازل النظام ذو الطبيعة اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية الذي قتل و شرد ألاف المغاربة منذ أزيد من نصف قرن. فهؤلاء هم رفاق سعيدة الشهيدة التى أعطت دمائها الزكية و الطاهرة من أجل الماركسية اللينينية محررة الطبقة العاملة وعموم الكادحين و المقهورين. انظروا لرفاق الخريف(المركسيين الجدد) كيف حرفوا تكتيك الحرب الشعبية الطويلة الأمد الى الحرب الكرشية القصيرة الأمد, فهذا هو التاريخ يكشف بسرعة كل من سولت له نفسه التشدق بالثورة والدفاع على الجماهير(هو مابينو أو بين الثورة غير الخير والآحسان).ومن هنا أدعوا كل المناضلين الشرفاء بحق وأعنى هنا بالخصوص الرفيق عزيز المنبهى و الرفيق أمال الحسين... الى أخره من الرفاق الذين مروا من تجربة الحركة الماركسية اللينينية فترة السبعينات و الذين يتوفرون على وثائق الى الأمام أو 23 مارس,أن يسعوا لنشر تلك الوثائق, لكي يتيح للجماهير الشعبية الآطلاع على تاريخهم الزاخر بالشهداء والانتاجات والتحليلات الماركسية, فلا يمكن التحدث عن بناء الأداة الثورية في غياب تقييم حقيقي لتلك التجارب,ولأن هذا الآرث كما يعلم الرفاق هو ملك جماعي لأبناء الجماهير الشعبية كافة.

2ـ البحث عن نظرية تتجاوز الماركسية اللينينية : الماوية نموذجا

لقد ظل علينا هذه المرة ثوار من نوع أخر يسيرون على خطى رفاقهم الماركسيين الجدد,الا أن هؤلاء لم يختاروا كما يدعون النضال في المقاهي والبيوت والقاعات المكيفة… , بل اختاروا طريق الحرب الشعبية الطويلة الأمد و بناء قواعد الآرتكاز للثورة ونهج حرب العصابات في المدن. وبما أن الماركسيين اللينينيين المغاربة عاجزون عن القيام بالمهام الوطنية الديموقراطية , وقيادة الطبقة العاملة و حلفائها الموضوعيين من الطبقة الفلاحية والبورجوزية الصغيرة ,فقد أرسل الينا الآله زحل ثوار من طينة أخرى , يستلهمون نظرياتهم من الرفيق كونزالو والرفيق براشندا...معتقدين مع أنفسهم أنه باستوراد هذه النظرية أو تلك سيحل كل شيء و ستقوم الثورة(غير حلم)

فأصدقائنا الماويين لم يختاروا جبال الريف أو جبال الأطلس لبناء قواعد الآرتكاز ,أو ذهبوا للمعامل و الحقول لتعبئة المعنيين بالأمر أي العمال والفلاحين. بل اختاروا نهج تكتيك محاربة الباقية المتبقية من رفاقهم الماركسيين اللينينيين(الماركسيين المتصوفة) ,الذين رفضوا فتاوي المهدي المنتظر(خالد المهدي) فكان الحكم النبوي أن احرقوا و مزقوا اربا اربا ونفوا من الموقع الماوي مراكش. وبعد أن طهر ثوارنا الجدد الموقع الجامعي مراكش من المناشفة و عصاة المنهج النبوي ,فقد أخذوا على عاتقهم الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ,وذلك بدءا من نقطة الآرتكاز الحي الجامعي وتشكيل جبهة موحدة مع حلفائهم الموضوعيين من لصوص ومشردي الوحدة 3 ...,ليتم آنجاز المهام الديموقراطية و ذلك بنهب ممتلكات الطلبة و تخريبها واحراق الادارة ومقهى تالوجت...وللعلم فهذه الأخيرة توجد بالقرب من الحي الجامعي ,تقدم لزبنائها الشيشة وتعرض عليهم المومسات من بنات الشعب المحرومات من أبسط وسائل العيش ,وبعد أن علم صاحب المقهى بحدسه البورجوازي المتعفن أنه لا بديل له من هذا الموقع الآستراتيجي لترويج بضاعته المتعفنة بحكم قرب مقهاه من الجامعة ,ففي هذه الأماكن غالبا ما تنتشر هذه الظواهر البورجوازية . فصاحب هذه الحانة أدرك أنه لا مفر له من جورته الجديدة (الماويين) التي ستطول لا محالة ,فقد أرشى وأخذ الضمانات من قائدهم الفذ كونزالو السرغيني مقابل قروش من المال ,فأصبح الطلبة المساكين يسمعون في حلقيات الآتحاد الوطني لطلبة المغرب, أن صاحب المقهى رجل شريف و يجب على جميع الطلبة آحترامه وتقديم الطاعة له.

فكل هذا لا يهم مادامت هذه الممارسات الآنتهازية تفرش الأرضية لأساتذتهم القابعين أمام الأنترنيت للتنظير واعلان أخيرا للنظرية الماركسية اللينينيية الماوية وأساسا الماوية على حد تعبيرهم , والبحث عن شهيد لهذه الحركة . وهنا أذكر السادة القراء لكذبة السنة الماضية , حيث آدعى رفاقنا الماويين في حلقياتهم و بيناتهم أنه سقط لهم شهيدا لم يجدوا له أثر على أرض الواقع, فأسموه كذبا وزورا بالرفيق الدمناتي.آعتقادا منهم بأنه بهذا الشكل الخسيس و السهل يتم تثبيث خطهم الآنتهازي, والتحريفي لخط الشهداء (سعيدة,زروال,جبيهة,دريدي,بلهواري,الحسناوي,الساسيوي...).ولكن ثوارنا الجدد لن يرتاحوا حتى يجدوا لأنفسهم أرضية صلبة يضعون عليها أقدامهم,ففي هذه السنة و مجرد سقوط الطالب عبد الرزاق الكديري شهيدا على يد قوات الغدر و التتار(قوات محمد الفاشي وحلفائه من البورجوازية المتعفنة) ,سال لعاب الماويين لهذه الوليمة الد سمة. فبدأ مسلسل الآسترزاق على دماء الشهيد وهي لم تجف بعد ,رافعين حناجرهم الى السماء بأن الكاديري أول شهيد الحركة الماوية المغربية, لعل كونزالو أوبراشندا يسمع تهاليلهم و صلواتهم لينظر بعين الشفقة لهذه المجموعة من المشردين والتائهين فكريا وطبقيا.ولهذا فقد أختموا مسرحياتهم الساخرة هذه السنة بما أسموه بأيام الشهيد:عبد الرزاق الكديري. فبهذه الأيام سيعلنون عن سياسة الطلاق و الآنطلاق. طلاق شهداء الحركة الماركسية اللينينية المغربية وهذا جيد فعلى الأقل سيرتاح هذا الزخم من الشهداء في قبورهم,من الآسترزاق والتكالب على دمائهم الطاهرة.وانطلاق عهد العصابة الماوية مشوهي تجربة الرفيق ماوتسي تونغ الذي قال في حق معلمي البروليتاريا ونظريتهم الخالدة "وكذلك تعتبر الماركسية اللينينية حقيقة, ليس فقط لأنها اعتبرت هكذا عندما صاغ تعاليمها ماركس وانجلز ولينين وستالين بطريقة علمية, بل كذلك لأن الممارسة العلمية للصراع الطبقي و النضال الوطني الثوري قد أثبتت صحتها فيما بعد"( ماوتسي تونغ, في الممارسة العلمية, يوليوز1937).أليس كتابات الرفيق ماتسي تونغ جلها تضرب عرض الحائط تراهات وآدعاءات تحريفية صغارالبرنشتينية و منظرهم الجديد خالد المهدي, حليف الآصلاحية واخوته في الرضاعة الآنتهازية و التصفوية.

إن رفاقنا الماويين الأشاوس لم يكتفوا بنسج الأحابيل والمؤامرات للحركة الطلابية,ولن أقول الحركة الحركة الجماهيرية لأن لا وجود لمثقال ذرة منهم فيها. فجلهم يلهث وراء مصالحه الشخصية,ولن نسمح لهم أن يضخموا علينا المفاهيم كما يفعل شيخهم الكبير (المهدي),بأنهم غارقون في العمل السري و في بناء القواعد الحمراء وتلقين العمال و الفلاحين أبجديات الثورة,فهذه الكذبة جائزة للذين لم يسمعوا بهم قط أو بعيدين عن حدود هذا الوطن الجريح كالعراق أو الفلبين أو البيروأو النيبال....,أم نحن فنعرفهم واحدا واحدا. فأما الأئمة والشيوخ فيعقدون الصفقات و التحالفات في الرباط مع قيادة النهج الديماغوجي سرا عن قواعدهم وحتى عن أقرب الرفاق إليهم,وذلك من أجل إحضار بعض الطلبة التائهين طبقيا لسد الثغرات لبعض الوقفات الدعائية للنهج الديمقراطي التصفوي أو من أجل الحضور للتنسيقيات لسد الفراغات التي يعاني منها الأحزاب الآصلاحية وذلك لحفظ ماء وجهها,فلا تستغربوا فهذا الشبل من ذاك الأسد.أما الباقية من رفاقنا الأشاوس فمنهم من توظف في القطاع الحكومي وفي هذه الحالة كفى الله المومنين القتال,ومنهم لازال إلى يومنا هذا في حضن رفيقته يستلهم الثورة و الحرب الشعبية الطويلة الأمد,وهكذا صارت قواعد الآرتكاز للثورة الشعبية في خبر كان.

3ـ الماركسية اللينينية و نزعة التصوف:

و رجوعا للمركسيين الأقحاح الذين نصبوا أنفسهم حراسا للقاعديين, حيث تجدهم يمارسون شطحاتهم الصوفية في المناسبات القاعدية,وهم لايخرجون عن ما سبقهم من الثوار السابقين فجلهم من طينة واحدة. فهؤلاء ومجرد خروجهم من تجربة القاعديين ومن الجامعة, تجدهم يفتخرون بين أقرانهم بأنهم من الذين حافظوا على التوابث والبرنامج والشعار...معتقدين مع أنفسهم بأن الثورة تنميق للألفاظ و حفظ للدروس القاعدية وكفى. ففي حق هؤلاء يقول لينين:"إن لمن الخطأ البين إفساح مجال العمل أمام الصياحين و منمقي الجمل, الذين يؤخذون و يفتنون بالثورية (البراقة) و لكنهم عاجزون عن القيام بعمل ثوري دائب عاقل موزون يحسب الحساب لأصعب الأطوار الآنتقالية"( لينين,المؤلفات المختارة,الجزء الأول,ص323).

فهذا الصنف من الماركسيين تتجذر فيهم نزعة البورجوازية الصغيرة والليبرالية المقيتة حتى النخاع,وهذا من حقهم فتلك طبقتهم, ولكن الذي ليس من حقهم هو الآنتساب للشهداء الذين قدموا وديان من الدماء من أجل خط البروليتاريا الماركسي اللينيني. فالثورة وبناء أداتها الثورية والحرب الشعبية عند هؤلاء تبتديء في حلقات النهج الديمقراطي القاعدي وتنتهي عنده.

إن عجز هؤلاء المتمركسين له نابع من موقعهم الطبقي البورجوازي الصغير(المثقفين), فعوض الدخول في العمل الجاد و البناء من أجل بناء الأدات الثورية ودخول غمار الثورة ممارسة وليس تشدقا, حينها نكون قد اخترنا الطريق الصحيح.إن افتعال الصراعات الجانبية والوقوف عند الفواصل و النقط له العجز نفسه عن التخلي عن أنانيتنا البورجوازية الصغيرة, من أجل شق الطريق متصافين و ملتحمين في نفس الأن مع الطبقة العاملة وحلفائها الموضوعيين من الفلاحين الصغارو الحرفيين و عموم الكادحين, من أجل بناء الحزب الثوري الموجه بالنظرية الماركسية اللينينية المعبر الحقيقي عن العمال و الفلاحين و كافة المضطهدين.

وقد ارتئيت قبل الختام أن أدرج تقريرا للرفيق لينين حول موقف البروليتاريا من الديمقراطية البورجوازية الصغيرة, والتي ينتمي لها جمهور الطلبة والمثقفين . ففي اعتقادي الشخصي بأن جل الأمراض التي تعاني منها الحركة الماركسية اللينينية المغربية, هي نابعة من الفئات البورجوازية الصغيرة المنتمية إليها.

" نحن نعرف أنه لا يمكن بناء الإشتراكية إلا من عناصر ثقافة الرأسمالية الكبيرة ، و المثقفون عنصر من ةهذا النوع . و إذا كان قد تأتى لنا أن نحاربهم بلا رحمة ، فليست الشيوعية هي التي أجبرتنا على ذلك ، بل مجرى الإحداث الذي أبعد عنا جميع و جميع عشاق الديمقراطية البورجوازية . أما الآن فقد ظهرت إمكانية الإستفادة من هؤلاء المثقفين في صالح الآشتراكية ، هؤلاء المثقفين الذين ليسوا اشتراكيي الميل و لن يكونوا أبدا شيوعيي الميل ، و لكن الذي يحملهم الآن سير الأحداث و العلاقات الموضوعية على التزام موقف الحياد إزاءنا ، موقف الجار من الجار . و إننا لن نستند أبدا إلى المثقفين ، بل سنستند فقط إلى طليعة البروليتاريا التي تجر وراءها جميع البروليتاريين و جميع الفلاحين الفقراء . و لا يمكن أن يكون لحزب الشيوعيين سند آخر . و لكن الإستناد إلى طبقة تمثل الديكتاتورية شيء ، و السيادة على الطبقات الأخرى شيء آخر .
أنتم تذكرون أن آنجلس قد قال حتى بصدد أولئك الفلاحين الذين يستغلون العمل المأجور : ربما لن يكون داع إلى مصادرة أملاكهم جميعهم . أننا نصادر الأملاك بموجب قاعدة عامة ، و ليس عندنا كولاك في السوفييتات . فنحن نضغط على الكولاكي ، و نقمعه جسديا عندما يتسرب إلى السوفييت و يحاول أن يخنق فيه الفلاح الصغير . و أنتم ترون كيف تتحقق هنا سيادة طبقة واحدة . البروليتاريا وحدها تستطيع أن تسود . و لكن هذا يطبق بحق الفلاح الصغير بطريقة ، و بطريقة أخرى بحق الفلاح المتوسط ، و بطريقة ثالثة بحق الملاك العقاري ، و بطريقة رابعة بحق البورجوازي الصغير . إن المهمة كلها تقوم في أنه يترتب علينا أن نفهم حتمية الأمر التالي و هو أنه يجب بالضرورة تغيير الشعارات التي اعتدناها في نصف السنة المنصرمة من تاريخ الثورة ، ما دام الحديث يدور حول الديمقراطية البورجوازية الصغيرة . يجب علينا أن نقول : سنترك السلطة للطبقة ذاتها . لقد كان شعارنا حيال الديمقراطية البورجوازية الصغيرة هو التفاهم و لكنهم أجبرونا على اللجوء إلى الإرهاب . فإذا كنتم موافقين حقا و فعلا على العيش في علاقات حسن الجوار معنا ، فاسعوا جهدكم لتنفيذ هذه أو تلك من المهام ، أيها السادة التعاونيون و المثقفون . أما إذا لم تنفذوا ، فإنكم ستكونون مخالفين للقانون ، ستكونون أعداءنا ، و سنحاربكم . و إذا أقمتم علاقات حسن الجوار و نفذتم هذه المهام ، فإن هذا يكفينا و يفيض علينا . إن سندنا مكين . و نحن لم يخامرنا الشك يوما في ميوعتكم و رخاوتكم . أما أننا بحاجة بكم ، فهذا ما لا ننكره ، لأنكم كنتم العنصر المثقف الوحيد .
و لو كان تأتى لنا أن نبني الإشتراكية من غير العناصر التي تركتها لنا الرأسمالية إرثا ، لكانت المهمة يسيرة . و لكن صعوبة البناء الإشتراكي تكمن على وجه الدقة في أنه يتأتى لنا ان نبني اٌشتراكية من عناصر أفسدتها الرأسمالية كليا تماما . و أن صعوبة الإنتقال تكمن على وجه الدقة في أنه مرتبط بديكتاتورية لا يمكن أن يقودها غير طبقة واحدة هي البروليتاريا .و من هنا ينجم أننا نقول لأنفسنا أن الخطة سترسمها البروليتاريا المدربة و المحولة إلى قوة كفاحية قادرة على تحطيم البورجوازية. و بين البورجوازية و البروليتاريا يقوم عدد عديد من الدرجات الإنتقالية ، و حيالها يجب أن تسير سياستنا في السبيل التي ارتأيناها نظريا ، و في وسعنا الآن أن نطبق هذه السياسة . و تواجهنا جملة كاملة من المهام ، جملة كاملة من الإتفاقات و من المهام التكتيكية التي يجب علينا نحن السلطة البروليتاريا السائدة ، أن نعرف كيف نعطيها . يجب علينا أن نعرف كيف نعطي الفلاح المتوسط مهمة واحدة ، مهمة مساعدتنا في التبادل التجاري ، في فضح الكولاكي ، و كيف نعطي التعاونيين مهمة أخرى : فهم يملكون جهازا لأجل توزيع المنتوجات على صعيد جماهيري ، و هذا الجهاز إنما يجب علينا أن نأخذه لأنفسنا . أما المثقفون فيجب علينا أن نعطيهم مهمة مختلفة تماما ، فليس في طاقتهم مواصلة التخريب ، و مزاجهم على نحو بحيث أنهم الآن يشغلون حيالنا نحن موقفا يتسم بحسن الجوار و لا أحسن ، و لذا ينبغي لنا أن نأخذ هؤلاء المثقفين و نعهد إليهم بمهام واضحة ، معينة و نراقب و نتثبت من تنفيذها ، و نعاملهم حسبما قال ماركس بصدد موظفي كومونة باريس . و نحن نبني السلطة من عناصر تركتها لنا الرأسمالية . فنحن لا يسعنا أن نبني السلطة إذا لم نستخدم إرثا من الثقافة الرأسمالية كما هم عليه المثقفون . و في وسعنا الآن أن نعامل البورجوازية الصغيرة معاملة جار طيب لنا يخضع لرقابة صارمة من جانب سلطة الدولة . و هنا يتعين على البروليتاريا الواعية أن تفهم أن السيادة لا تعني أنه يترتب عليها أن تنفد بنفسها جميع هذه المهام . و أن من يفكرون هكذا لا يفهمون شيئا من البناء الإشتراكي و لم يتعلموا شيئا خلال سنة من الثورة الديكتاتورية . ومن الأفضل أن يمضي أمثال هؤلاء السادة إلى المدرسة و أن يتعلموا فيها شيئا ما ، و إن من يتعلم شيئا في الوقت المنصرم ، سيقول لنفسه : هؤلاء المثقفون سأستخدمهم الآن في البناء . و لهذا الغرض عندي سند كاف في صفوف الفلاحين . و ينبغي لنا أن ندرك أن ذلك البناء الذي سيقود إلى الإشتراكية لن تنتظم أحواله إلا في سياق هذا النضال ، و في جملة من الإتفاقات و تجارب الإتفاقات بين البروليتاريا و الديمقراطية البورجوازية الصغيرة . لنتذكر أن إنجلس قال أنه يجب علينا أن نؤثر بالمثال . و لن يكون أي شكل نهائيا طالما لم تتحقق الشيوعية التامة . و نحن لم ندع بأننا نعرف السبيل بدقة . و لكننا نسير نحو الشيوعية بلا مرد ، بصورة محتمة لا ندحة عنها . و في الوقت الحاضر يعطي كل أسبوع أكثر مما تعطيه عشرات السنين من زمن السلم . فإن نصف السنة الذي عشناه منذ زمن صلح بريست كان عهد تذبذبات و تقلبات ضدنا . إن الثورة الأوربية الغربية مثال يشرع في الإقتناء بنا و لا بد له أن يقوينا . ينبغي لنا أن نأخذ بالحسبان التغيرات الطارئة ، أن نأخذ بالحسبان جميع العناصر ، دون أن نعلل نفوسنا بأي وهم من الأوهام ، عارفين أن المتذبذبين يظلون متذبذبين طالما لم تنتصر الثورة الإشتراكية العالمية كليا . إن هذا قد لا يحدث في القريب العاجل ، رغم أن أجداث الثورة الألمانية تبعث الأمل في أن يحدث هذا بأسرع مما يتوقع الكثيرون . فإن الثورة الألمانية تتطور كما تطورت ثورتنا ، و لكن بوثيرة أسرع . و لكن المهمة التي تواجهنا هي ، على كل حال ، النضال المستميت ضد الإمبريالية الأنجلوـ أمريكية . فقد شعرت هذه الإمبريالية أن البلشفية أصبحت قوة عالمية ، و لهذا السبب بالذات تحاول أن تخنقنا بأقصى سرعة ، رغبة منها في القضاء أولا على البلاشفة الروس ثم على بلاشفتها بالذات. .
ينبغي لنا أن نستخدم تلك العناصر من المتذبذبين الذي دفعتهم وحشية الإمبريالية نحونا . و هذا ما سنفعله . و أنتم تعرفون بروعة أنه لا يجوز في الحرب إهمال أي مساندة ، حتى و إن جاءت بصورة غير مباشرة . بل إن وضع الطبقات المتذبذبة ذاته يتسم في زمن الحرب بأهمية هائلة . و بقدر ما تتفاقم الحرب حدة ، يترتب علينا أن نكسب مزيدا من النفوذ على العناصر المتذبذبة التي تأتي إلينا . و من هنا ينجم أن التاكتيك الذي أتبعناه طيلة نصف سنة إنما يجب تعديله وفق المهام الجديدة حيال مختلف فئات الديمقراطية البورجوازبة الصغيرة. .
و إذا أفلحت في لفت انتباه العاملين الحزبيين إلى هذه المهمة و في حثهم على التوصل ، عن سبيل التجربة الذاتية المنتظمة ، إلى تنفيذها بصورة صحيحة ، فإنه سيكون بوسعي أن أعتبر مهمتي قد نفذت . "

( لينين,المجلد 37,ص:224,221 ) . أنور الكديري




#أنور_الكديري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مباشر: حزب النهج الديمقراطي العمالي يخلد ذكرى شهداء الشعب ال ...
- مظلوم عبدي لفرانس24: -لسنا امتدادا لحزب العمال الكردستاني وم ...
- لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا ...
- متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت ...
- التصديق على أحكام عسكرية بحق 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ« ...
- تنعي حركة «الاشتراكيين الثوريين» ببالغ الحزن الدكتور يحيى ال ...
- الحزب الشيوعي يرحب بمؤتمر مجلس السلم والتضامن: نطلع لبناء عا ...
- أردوغان: انتهت صلاحية حزب العمال الكردستاني وحان وقت تحييد ا ...
- العدد 584 من جريدة النهج الديمقراطي
- بوتين يعرب عن رأيه بقضية دفن جثمان لينين


المزيد.....

- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور الكديري - أزمة الماركسية اللينينية أم أزمة التحريفية المعاصرة