أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - يعقوب يوسف الجناحي - ضرورة تلازم مطلب التعديلات الدستورية بالتأييد الشعبي الواسع















المزيد.....


ضرورة تلازم مطلب التعديلات الدستورية بالتأييد الشعبي الواسع


يعقوب يوسف الجناحي

الحوار المتمدن-العدد: 819 - 2004 / 4 / 29 - 07:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


إن قرار الجمعيات الأربع المقاطعة بإلغاء الندوة المشتركة التي كانت مخصصة لبدء حملة التواقيع على العريضة بالمطالبة بالتعديلات الدستورية بالعودة إلي دستور 1973، وحصر تلك الحملة على أعضائها تجاوبا مع طلب وزارة العمل. إن هذا القرار يؤكد مرونة وحرص الجمعيات على العمل السلمي وتجنب المواجهة والتصعيد. وذلك على الرغم من قناعتهم وقناعتنا إن قانون الجمعيات مثلها مثل العديد من القوانين الصادرة في فثرة قانون أمن الدولة أصبحت ضيقة (بل مناقضة) على مرحلة ميثاق العمل الوطني ودستور المملكة. وكان يفترض استبدالها بقوانين عصرية حديثة تستوعب المتغيرات الكبيرة في المملكة بعد الميثاق وتنسجم مع التزامات المملكة بالعديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية.
هذا من جهة، وأما من الجهة الأخرى فان قرار الجمعيات، وبغض النظر عن صحة موقفها
من عدمه فيما يخص مطلب تعديل الدستور بالعودة لدستور 1973، لم يزيل أو يجيب على قلق مشروع وتساؤلات كثيرة ومنها هل البدء بحملة جمع التواقيع في الظرف الراهن وبالوضع الذي سيتم فيه هو عمل لصالح الوحدة الوطنية وتلاحم فئات شعبنا ، وبخاصة الطائفتين الكريمتين ؟ ألم نستفد من نتائج انتخابات المجلس النيابي لنستشف أن هذا الاتجاه والاستمرار فيه لا يصب في مجرى التقارب والتلاحم ، وأن على كل القادة السياسيين من مختلف التيارات الفكرية تقع مسئولية كبيرة بالسعي لإيجاد القواسم المشتركة بين القوى والفعاليات السياسية وكذلك بين المرجعيات الدينية لكلتا الطائفتين ؟ وهذا يعني فيما يعني بأن على الجميع إبداء المرونة والتنازل في بعض الأمور وليس التمسك كل بموقفه كاملا حتى وإن أدى ذلك إلى خلق شرخ واصطفاف ليس على أساس وطني ، بل على أساس طائفي .
إن الوضع السياسي الذي يمر به مجتمعنا والأوضاع المتأزمة حولنا وفي المنطقة تزيد من حاجة وأهمية توسيع رقعة التقارب بين مختلف التيارات والاتجاهات السياسية للخروج بأجندة موحدة للمطالب المشتركة وأهمها الإشكالية الدستورية وكيفية حلها، إلى جانب تقديم الحلول لمشكلة البطالة والغلاء المعيشي وتدني مستوى الدخل لدى غالبية أفراد شعبنا ومشكلة السكن والفساد الإداري والمالي وتزايد ظاهرة السرقات وانتشار المخدرات وغيرها من هموم الناس.
وفي هذا الإطار فقد استبشرنا خيرا وسررنا باللقاء الذي تم بين ثلاثة من أصل أربع جمعيات مقاطعة مع ممثلي جمعيات أخرى وعدد من النواب وأعضاء مجلس الشورى وشخصيات مستقلة ورجال أعمال. وذلك لأول مرة منذ تشكيل المجلس الوطني في عام 2002. إلا أن قرار الجمعيات الأربع البدء بحملة التواقيع على العريضة بالتأكيد ستعيق، إذا لم توقف استمرار مثل هذه اللقاءات والمساعي.
وكلنا يعلم أن الحركة الدستورية والعريضة الشعبية التي برزت في مطلع التسعينات ظهرت في ظروف مغايرة تماما عن الوضع الحالي ، حيث كان الشعب آنذاك موحدا في المطلب للعودة إلى الحياة البرلمانية وتفعيل الدستور وإلغاء قانون أمن الدولة ووقف الممارسات التعسفية وانتهاك حقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين وعودة المنفيين .

المتغيرات الراهنة وأهمية الوحدة الوطنية
أما البحرين بعد 2001 لم تعد البحرين التسعينات ولم تعد البحرين فترة المجلس الوطني(1973-1975)عندما أقر وتم العمل بالدستور في ضل غياب الحريات العامة وحرية الصحافة والتعبير وغياب أي شكل من أشكال التنظيم السياسي والجمعيات الأهلية المعنية بحقوق الإنسان، بل تم في ضل وجود معتقلين سياسيين في السجون ومنفيين في الخارج . لقد حدثت تغييرات سياسية كبيرة واصطفافات اجتماعية جديدة . وقد تغير نهج الحكم ، منذ أن تقدم جلالة الملك بمشروعه الإصلاحي المتمثل في ميثاق العمل الوطني ، تغييرا غير قابل للمقارنة . ولا يمكن عدم رؤية هذه المتغيرات أو التقليل منها لأنها واقع معاش من قبل الجميع وفي المقدمة القوى السياسية والجمعيات المعنية بالحقوق والحريات .
وعلى كل معني بالشأن العام ، وبخاصة القوى السياسية الفاعلة ، أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات عند تحليل الوضع السياسي في البلاد وتحديد مهامها وأولوياتها في العمل الوطني الآنية واللاحقة .
وانطلاقا مما ذكر نتساءل هل حملة جمع التواقيع على العريضة التي تنادي بالعودة إلى دستور 1973 وعدم التعاطي مع المتغيرات الحاصلة ستكون حملة وطنية شاملة تشمل كل مناطق البحرين وكل القوى السياسية والفئات الاجتماعية ؟ ان الخوف كل الخوف أن تكون الحملة محصورة بشكل عام في طائفة محــددة ، وحتى ليس كل هذه الطائفة . فماذا بعد ذلك ؟
إننا نقول ذلك ليس تقليلا من أهمية وثقل ودور طائفة من الطوائف لأننا نكن كل الاحترام والتقدير لهذه الطائفة كما الطائفة الأخرى . كما انه ليس تقليلا لدور الجمعيتين المحسوبتين على القوى الديمقراطية الليبرالية . ولكننا بذلك نقر بأن القوى اليسارية والديمقراطية غيبت بالقوة بحكم الأوضاع السياسية السابقة من الفعل في الساحة وبالتالي أضعف تأثيرها في المجتمع مقارنة بفترة الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات . وظهرت قوى أخرى جديدة على الساحة ذات نفوذ أوسع في الطائفتين .
نعم هناك ثلاث قوى فاعلة في الوقت الحاضر في مجتمعنا : القوى السياسية الإسلامية الشيعية والقوى السياسية الإسلامية السنية والقوى الديمقراطية والليبرالية في حال توحدها طبعا . ولا تستطيع أي من هذه القوى بمفردها ان تفرض برنامجها على المجتمع . ولا سبيل عن العمل الوطني المشترك عبر تحالف وطني واسع تجمعه قواسم مشتركة .
دستور 1973
ان مسئولية القوى السياسية في مخاطبة الجماهير وفئات مختلفة من الشعب هي وضوح رؤاها ومطاليبها . فمثلا لماذا نريد دستور 1973 ؟ هل نريده لأنه يشمل على مبدأ فصل السلطات الذي نفتقده في دستور 2002 ؟ لا نظن ذلك لأن دستور 1973 كحال دستور 2002 يفتقد لهذا المبدأ كون الوزراء أعضاء في المجلس الوطني بحكم مناصبهم . ولم يغير من الأمر إن كان المعينون في دستور 1973 يشكلون ثلث عدد الأعضاء المنتخبين وفي دستور 2002 يشكلون النصف . وهذا يعني أن هناك تناقض واضح بين مطلب مبدأ فصل السلطات والعودة لدستور 1973 .
إذن هل نريد دستور 1973 لمجمل الحريات والحقوق التي يشملها ؟ أن الحريات والحقوق في دستور 2002 نفسها التي في دستور 1973 ، بل وأكثر تحديثا ، حيث انه أخذ في الحسبان التطورات التي حصلت خلال الفترة المنصرمة في مجال المعلوماتية وظهور الإنترنت . كما تم توضيح حق المرأة والرجل في الانتخاب والترشيح دون تمييز .
وسؤال آخر : هل فعلا دستور 2002 جديد يختلف كثيرا عن دستور 1973 ؟ طبع لا ، انه دستور 1973 معدل بعد الاستفتاء الشعبي على ميثاق العمل الوطني الذي نص على تحويل الدولة إلى مملكة وتشكيل المجلس الوطني من غرفتين .
إذاً لماذا نريد العودة لدستور 1973 ؟ هل لأن التعديلات الدستورية تمت بتجاوز الآلية الدستورية ؟
هذه نقطة مهمة يستوجب التوقف عندها . فمع تأكيدنا على أن الدستور تم تعديله بعيدا عن الآلية الدستورية فمن الضروري التأكيد ايضا ان ذلك تم في ظروف سياسية انتقالية من مرحلة قانون أمن الدولة وغياب المؤسسات التشريعية والمدنية ، وأن كل الأطراف كانت تسعى للخروج من تلك المرحلة . وبالتالي لا يمكن النظر لمثل هذه الأمور من منظار قانوني صرف ، خاصة ان تجربتنا البرلمانية السابقة قصيرة جدا وليست غنية بالتقاليد والأعراف القانونية والدستورية . وكنا في هذا المجال بأول السكة .
إذاً إن القضية بالأساس سياسية أكثر من كونها قانونية ، أو بالأصح أن القضية سياسية قانونية لا يجوز تغليب أحد الجانبين على الآخر . هذا إذا كنا نريد الانتقال من المرحلة السابقة إلى مرحلة جديدة ننشئها معا بتوافق كل الأطراف . ومن الطبيعي ان التوافق بين أطراف ، يوحدها الهم الوطني العام وضرورة التخلص من المرحلة الماضية وعدم العودة لها ولكنها تختلف في تفاصيل الانتقال منها ، لا بد أن يفرض على الجميع بذل جهود مضنية للتوصل إلى قواسم مشتركة . وذلك بالطبع لا يتم إلا إذا قدمت جميع الأطراف المعنية بعض التنازلات حتى لو كانت في الظاهر تعتبر غير قانونية ولكنها تساعد على تحقيق الهدف الذي نسعى إليه وهو الانتقال إلى المرحلة الجديدة . ولا خوف في ذلك لأن دستور 2002 المعدل نفسه ثبت الآلية الدستورية الصحيحة لأي تعديل مستقبلا ، وهي نفس الآلية التي نص عليها دستور 1973 .
ما هو جوهر المشكلة ؟
إن جوهر المشكلة يكمن أساسا في دستور 1973 ومن ثمة في دستور 2002 المعدل . وذلك للأسباب التي سبق أن تطرقنا لها في مقالات سابقة وهي:
أولا - لقد نص دستور 1973 على مبدأ فصل السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية والقضائية (المادة 32 البند أ ) كما انه نص على أن الشعب مصدر السلطات جميعا (المادة 32 البند د ) .
إن هاتين المادتين تعنيان بأن الشعب يمارس سلطاته عبر سلطة تشريعية منتخبة من قبله انتخابا مباشرا وحرا تمارس مهام تشريعية ورقابية على السلطة التنفيذية إلى جانب سلطة قضائية مستقلة .
إلا أن الدستور ذاته نص على مادة (43) تناقض المادتين المذكورتين إذ أجازت أن يتمتع الوزراء بالعضوية الكاملة في المجلس الوطني المنتخب بحكم مناصبهم ، أي ثبتت مبدأ التعيين في السلطة التشريعية . والجدير ذكره أن هذه المادة كانت موضع خلاف وتحفض عند نواب الشعب وغيرهم من النواب حينها ، وكانت مطروحة فكرة التعديل في دورات لاحقة للمجلس ولكن المجلس لم يدم طويــلا .
ثانيا – ان ميثاق العمل الوطني يعد مشروعا إصلاحيا كبيراً لجلالة الملك دشن مرحلة جديدة ونوعية في تاريخ البحرين . ومن إحدى الميزات الهامة له هو تصحيح ذلك الخلل الدستوري وتثبيت مبدأ فصل السلطات وحصر السلطة التشريعية في المجلس النيابي المنتخب دون غيره . ولذلك حضي الميثاق على تأييد وموافقة شعبية شبه مطلقة .
وكنا نتطلع ان تأتي التعديلات الدستورية متوافقة ونص الميثاق . ولكن وللأسف ، لم يتم تصحيح هذا الخلل الدستوري في الدستور المعدل في 2002 ، بل أبقى على مبدأ التعيين الوارد في دستور 1973 وفقط استبدل الوزراء بمجلس معين متساوي في العدد مع المجلس المنتخب .

ولذلك كان رد فعل معظم الجمعيات السياسية والأهلية والشخصيات الوطنية التحفظ على هذا التجاوز للميثاق الوطني الذي نص صراحة بأن يضم المجلس المعين أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم وتجربة . وشكل ذلك التحفظ إجماعا وطنيا شاملا تقريبا على ضرورة التعديلات الدستورية لتحقيق مبدأ فصل السلطات وحصر السلطات التشريعية في مجلس منتخب كامل الصلاحية طبقا للميثاق الوطني . إلا أنه برز بين الجمعيات والقوى والشخصيات الوطنية خلاف على طريقة الوصول لهذا الهدف . وكنا نرى منذ البداية ان تحقيق هذا المبتغى ، في ضل الأوضاع الراهنة ومن أجل مصلحة الوطن ووحدة شعبنا ، ممكن فقط عبر خلق حوار وطني شامل باعتماد مرجع متفق عليه من الجميع وفيه مقصدنا وهو ميثاق العمل الوطني واستبعاد كل ما هو مختلف عليه .
ولنساءل أنفسنا بمسئولية كاملة هل نعمل على تصحيح الأمور من النقطة التي وقفنا عندها مسترشدين بالميثاق أم نرجع ثلاثة عقود للوراء لنبدأ العمل وكأن شيء لم يكن وبالاعتماد على مرجع هو في الأصل يعاني من خلل ؟

د . ضرورة تلازم مطلب التعديلات الدستورية بالتأييد الشعبي الواسع 30.4.2004 10:45 PM

المصدر: لجنة التثقيف والاعلام بالمنبر الديمقراطي التقدمي - 25 أبريل 2004م

بقلم: د. يعقوب يوسف الجناحي

إن قرار الجمعيات الأربع المقاطعة بإلغاء الندوة المشتركة التي كانت مخصصة لبدء حملة التواقيع على العريضة بالمطالبة بالتعديلات الدستورية بالعودة إلي دستور 1973، وحصر تلك الحملة على أعضائها تجاوبا مع طلب وزارة العمل. إن هذا القرار يؤكد مرونة وحرص الجمعيات على العمل السلمي وتجنب المواجهة والتصعيد. وذلك على الرغم من قناعتهم وقناعتنا إن قانون الجمعيات مثلها مثل العديد من القوانين الصادرة في فثرة قانون أمن الدولة أصبحت ضيقة (بل مناقضة) على مرحلة ميثاق العمل الوطني ودستور المملكة. وكان يفترض استبدالها بقوانين عصرية حديثة تستوعب المتغيرات الكبيرة في المملكة بعد الميثاق وتنسجم مع التزامات المملكة بالعديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية.
هذا من جهة، وأما من الجهة الأخرى فان قرار الجمعيات، وبغض النظر عن صحة موقفها
من عدمه فيما يخص مطلب تعديل الدستور بالعودة لدستور 1973، لم يزيل أو يجيب على قلق مشروع وتساؤلات كثيرة ومنها هل البدء بحملة جمع التواقيع في الظرف الراهن وبالوضع الذي سيتم فيه هو عمل لصالح الوحدة الوطنية وتلاحم فئات شعبنا ، وبخاصة الطائفتين الكريمتين ؟ ألم نستفد من نتائج انتخابات المجلس النيابي لنستشف أن هذا الاتجاه والاستمرار فيه لا يصب في مجرى التقارب والتلاحم ، وأن على كل القادة السياسيين من مختلف التيارات الفكرية تقع مسئولية كبيرة بالسعي لإيجاد القواسم المشتركة بين القوى والفعاليات السياسية وكذلك بين المرجعيات الدينية لكلتا الطائفتين ؟ وهذا يعني فيما يعني بأن على الجميع إبداء المرونة والتنازل في بعض الأمور وليس التمسك كل بموقفه كاملا حتى وإن أدى ذلك إلى خلق شرخ واصطفاف ليس على أساس وطني ، بل على أساس طائفي .
إن الوضع السياسي الذي يمر به مجتمعنا والأوضاع المتأزمة حولنا وفي المنطقة تزيد من حاجة وأهمية توسيع رقعة التقارب بين مختلف التيارات والاتجاهات السياسية للخروج بأجندة موحدة للمطالب المشتركة وأهمها الإشكالية الدستورية وكيفية حلها، إلى جانب تقديم الحلول لمشكلة البطالة والغلاء المعيشي وتدني مستوى الدخل لدى غالبية أفراد شعبنا ومشكلة السكن والفساد الإداري والمالي وتزايد ظاهرة السرقات وانتشار المخدرات وغيرها من هموم الناس.
وفي هذا الإطار فقد استبشرنا خيرا وسررنا باللقاء الذي تم بين ثلاثة من أصل أربع جمعيات مقاطعة مع ممثلي جمعيات أخرى وعدد من النواب وأعضاء مجلس الشورى وشخصيات مستقلة ورجال أعمال. وذلك لأول مرة منذ تشكيل المجلس الوطني في عام 2002. إلا أن قرار الجمعيات الأربع البدء بحملة التواقيع على العريضة بالتأكيد ستعيق، إذا لم توقف استمرار مثل هذه اللقاءات والمساعي.
وكلنا يعلم أن الحركة الدستورية والعريضة الشعبية التي برزت في مطلع التسعينات ظهرت في ظروف مغايرة تماما عن الوضع الحالي ، حيث كان الشعب آنذاك موحدا في المطلب للعودة إلى الحياة البرلمانية وتفعيل الدستور وإلغاء قانون أمن الدولة ووقف الممارسات التعسفية وانتهاك حقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين وعودة المنفيين .

المتغيرات الراهنة وأهمية الوحدة الوطنية
أما البحرين بعد 2001 لم تعد البحرين التسعينات ولم تعد البحرين فترة المجلس الوطني(1973-1975)عندما أقر وتم العمل بالدستور في ضل غياب الحريات العامة وحرية الصحافة والتعبير وغياب أي شكل من أشكال التنظيم السياسي والجمعيات الأهلية المعنية بحقوق الإنسان، بل تم في ضل وجود معتقلين سياسيين في السجون ومنفيين في الخارج . لقد حدثت تغييرات سياسية كبيرة واصطفافات اجتماعية جديدة . وقد تغير نهج الحكم ، منذ أن تقدم جلالة الملك بمشروعه الإصلاحي المتمثل في ميثاق العمل الوطني ، تغييرا غير قابل للمقارنة . ولا يمكن عدم رؤية هذه المتغيرات أو التقليل منها لأنها واقع معاش من قبل الجميع وفي المقدمة القوى السياسية والجمعيات المعنية بالحقوق والحريات .
وعلى كل معني بالشأن العام ، وبخاصة القوى السياسية الفاعلة ، أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات عند تحليل الوضع السياسي في البلاد وتحديد مهامها وأولوياتها في العمل الوطني الآنية واللاحقة .
وانطلاقا مما ذكر نتساءل هل حملة جمع التواقيع على العريضة التي تنادي بالعودة إلى دستور 1973 وعدم التعاطي مع المتغيرات الحاصلة ستكون حملة وطنية شاملة تشمل كل مناطق البحرين وكل القوى السياسية والفئات الاجتماعية ؟ ان الخوف كل الخوف أن تكون الحملة محصورة بشكل عام في طائفة محــددة ، وحتى ليس كل هذه الطائفة . فماذا بعد ذلك ؟
إننا نقول ذلك ليس تقليلا من أهمية وثقل ودور طائفة من الطوائف لأننا نكن كل الاحترام والتقدير لهذه الطائفة كما الطائفة الأخرى . كما انه ليس تقليلا لدور الجمعيتين المحسوبتين على القوى الديمقراطية الليبرالية . ولكننا بذلك نقر بأن القوى اليسارية والديمقراطية غيبت بالقوة بحكم الأوضاع السياسية السابقة من الفعل في الساحة وبالتالي أضعف تأثيرها في المجتمع مقارنة بفترة الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات . وظهرت قوى أخرى جديدة على الساحة ذات نفوذ أوسع في الطائفتين .
نعم هناك ثلاث قوى فاعلة في الوقت الحاضر في مجتمعنا : القوى السياسية الإسلامية الشيعية والقوى السياسية الإسلامية السنية والقوى الديمقراطية والليبرالية في حال توحدها طبعا . ولا تستطيع أي من هذه القوى بمفردها ان تفرض برنامجها على المجتمع . ولا سبيل عن العمل الوطني المشترك عبر تحالف وطني واسع تجمعه قواسم مشتركة .
دستور 1973
ان مسئولية القوى السياسية في مخاطبة الجماهير وفئات مختلفة من الشعب هي وضوح رؤاها ومطاليبها . فمثلا لماذا نريد دستور 1973 ؟ هل نريده لأنه يشمل على مبدأ فصل السلطات الذي نفتقده في دستور 2002 ؟ لا نظن ذلك لأن دستور 1973 كحال دستور 2002 يفتقد لهذا المبدأ كون الوزراء أعضاء في المجلس الوطني بحكم مناصبهم . ولم يغير من الأمر إن كان المعينون في دستور 1973 يشكلون ثلث عدد الأعضاء المنتخبين وفي دستور 2002 يشكلون النصف . وهذا يعني أن هناك تناقض واضح بين مطلب مبدأ فصل السلطات والعودة لدستور 1973 .
إذن هل نريد دستور 1973 لمجمل الحريات والحقوق التي يشملها ؟ أن الحريات والحقوق في دستور 2002 نفسها التي في دستور 1973 ، بل وأكثر تحديثا ، حيث انه أخذ في الحسبان التطورات التي حصلت خلال الفترة المنصرمة في مجال المعلوماتية وظهور الإنترنت . كما تم توضيح حق المرأة والرجل في الانتخاب والترشيح دون تمييز .
وسؤال آخر : هل فعلا دستور 2002 جديد يختلف كثيرا عن دستور 1973 ؟ طبع لا ، انه دستور 1973 معدل بعد الاستفتاء الشعبي على ميثاق العمل الوطني الذي نص على تحويل الدولة إلى مملكة وتشكيل المجلس الوطني من غرفتين .
إذاً لماذا نريد العودة لدستور 1973 ؟ هل لأن التعديلات الدستورية تمت بتجاوز الآلية الدستورية ؟
هذه نقطة مهمة يستوجب التوقف عندها . فمع تأكيدنا على أن الدستور تم تعديله بعيدا عن الآلية الدستورية فمن الضروري التأكيد ايضا ان ذلك تم في ظروف سياسية انتقالية من مرحلة قانون أمن الدولة وغياب المؤسسات التشريعية والمدنية ، وأن كل الأطراف كانت تسعى للخروج من تلك المرحلة . وبالتالي لا يمكن النظر لمثل هذه الأمور من منظار قانوني صرف ، خاصة ان تجربتنا البرلمانية السابقة قصيرة جدا وليست غنية بالتقاليد والأعراف القانونية والدستورية . وكنا في هذا المجال بأول السكة .
إذاً إن القضية بالأساس سياسية أكثر من كونها قانونية ، أو بالأصح أن القضية سياسية قانونية لا يجوز تغليب أحد الجانبين على الآخر . هذا إذا كنا نريد الانتقال من المرحلة السابقة إلى مرحلة جديدة ننشئها معا بتوافق كل الأطراف . ومن الطبيعي ان التوافق بين أطراف ، يوحدها الهم الوطني العام وضرورة التخلص من المرحلة الماضية وعدم العودة لها ولكنها تختلف في تفاصيل الانتقال منها ، لا بد أن يفرض على الجميع بذل جهود مضنية للتوصل إلى قواسم مشتركة . وذلك بالطبع لا يتم إلا إذا قدمت جميع الأطراف المعنية بعض التنازلات حتى لو كانت في الظاهر تعتبر غير قانونية ولكنها تساعد على تحقيق الهدف الذي نسعى إليه وهو الانتقال إلى المرحلة الجديدة . ولا خوف في ذلك لأن دستور 2002 المعدل نفسه ثبت الآلية الدستورية الصحيحة لأي تعديل مستقبلا ، وهي نفس الآلية التي نص عليها دستور 1973 .
ما هو جوهر المشكلة ؟
إن جوهر المشكلة يكمن أساسا في دستور 1973 ومن ثمة في دستور 2002 المعدل . وذلك للأسباب التي سبق أن تطرقنا لها في مقالات سابقة وهي:
أولا - لقد نص دستور 1973 على مبدأ فصل السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية والقضائية (المادة 32 البند أ ) كما انه نص على أن الشعب مصدر السلطات جميعا (المادة 32 البند د ) .
إن هاتين المادتين تعنيان بأن الشعب يمارس سلطاته عبر سلطة تشريعية منتخبة من قبله انتخابا مباشرا وحرا تمارس مهام تشريعية ورقابية على السلطة التنفيذية إلى جانب سلطة قضائية مستقلة .
إلا أن الدستور ذاته نص على مادة (43) تناقض المادتين المذكورتين إذ أجازت أن يتمتع الوزراء بالعضوية الكاملة في المجلس الوطني المنتخب بحكم مناصبهم ، أي ثبتت مبدأ التعيين في السلطة التشريعية . والجدير ذكره أن هذه المادة كانت موضع خلاف وتحفض عند نواب الشعب وغيرهم من النواب حينها ، وكانت مطروحة فكرة التعديل في دورات لاحقة للمجلس ولكن المجلس لم يدم طويــلا .
ثانيا – ان ميثاق العمل الوطني يعد مشروعا إصلاحيا كبيراً لجلالة الملك دشن مرحلة جديدة ونوعية في تاريخ البحرين . ومن إحدى الميزات الهامة له هو تصحيح ذلك الخلل الدستوري وتثبيت مبدأ فصل السلطات وحصر السلطة التشريعية في المجلس النيابي المنتخب دون غيره . ولذلك حضي الميثاق على تأييد وموافقة شعبية شبه مطلقة .
وكنا نتطلع ان تأتي التعديلات الدستورية متوافقة ونص الميثاق . ولكن وللأسف ، لم يتم تصحيح هذا الخلل الدستوري في الدستور المعدل في 2002 ، بل أبقى على مبدأ التعيين الوارد في دستور 1973 وفقط استبدل الوزراء بمجلس معين متساوي في العدد مع المجلس المنتخب .

ولذلك كان رد فعل معظم الجمعيات السياسية والأهلية والشخصيات الوطنية التحفظ على هذا التجاوز للميثاق الوطني الذي نص صراحة بأن يضم المجلس المعين أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم وتجربة . وشكل ذلك التحفظ إجماعا وطنيا شاملا تقريبا على ضرورة التعديلات الدستورية لتحقيق مبدأ فصل السلطات وحصر السلطات التشريعية في مجلس منتخب كامل الصلاحية طبقا للميثاق الوطني . إلا أنه برز بين الجمعيات والقوى والشخصيات الوطنية خلاف على طريقة الوصول لهذا الهدف . وكنا نرى منذ البداية ان تحقيق هذا المبتغى ، في ضل الأوضاع الراهنة ومن أجل مصلحة الوطن ووحدة شعبنا ، ممكن فقط عبر خلق حوار وطني شامل باعتماد مرجع متفق عليه من الجميع وفيه مقصدنا وهو ميثاق العمل الوطني واستبعاد كل ما هو مختلف عليه .
ولنساءل أنفسنا بمسئولية كاملة هل نعمل على تصحيح الأمور من النقطة التي وقفنا عندها مسترشدين بالميثاق أم نرجع ثلاثة عقود للوراء لنبدأ العمل وكأن شيء لم يكن وبالاعتماد على مرجع هو في الأصل يعاني من خلل ؟

د . يعقوب يوسف الجناحي

23/4/2004



#يعقوب_يوسف_الجناحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة هادئة في الاشكالية الدستورية


المزيد.....




- قمة كوب29: الدول الغنية ستساهم ب 250 مليار دولار لمساعدة الد ...
- حدود العراق الغربية.. تحركات لرفع جاهزية القطعات العسكرية
- وقف الحرب في لبنان.. فرص الاتفاق قبل دخول ترامب البيت الأبيض ...
- أرامكو ديجيتال السعودية تبحث استثمار مليار دولار في مافينير ...
- ترامب يرشح أليكس وونغ لمنصب نائب مستشار الأمن القومي
- بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش ...
- Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
- -القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
- -المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
- إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - يعقوب يوسف الجناحي - ضرورة تلازم مطلب التعديلات الدستورية بالتأييد الشعبي الواسع