نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 2681 - 2009 / 6 / 18 - 10:30
المحور:
الادب والفن
1
للمكان رائيته ، هو يشاهدنا قبل أن نشاهده ، نختبئ فيه منذ طفولتنا ، ونلوذ بصدره كما العصافير في زخ المطر ، كما النخل في هبوب العاصفة ، ليس سوى النهر مأوى لأحلام طوله الفارع ,,
المكان سرنا المخبئ في رسائل الحب ودفاتر الإنشاء واشهر صيام أمهاتنا ..
المكان ...
شوقنا المخبئ في دبابيس الدشاديش ..
كلما نعود أليه ..
قلبنا يخفق ..
دمعنا يهطل ..
ورعشتنا تستمر ...
لا يوقفها سوى شعور الصبايا إن نهودهنَ بدأت تثمر كما المشمش في ربيع الذكرى ..
الذي يوقفها فقط سعال آبائنا ...!
2
أمكنة تشدنا من رقابنا كما مشانق الورد ..
عطرها في المنافي شهقة غريق ..
ونعومة أيامها ..
نزهة البحر ..
لا أستطيع أن أحصيَ كل تلك النوافذ ..
النوافذ التي نطل منها إليك ..
أيها الفيلسوف الماهر يا مهد ذكورتي البدائية ..
وصلواتي تحت أجفان الصوفي بوذا ..
أمكنة ...
مدهشة ..
من الخيال إلى الخيال تقودنا كما يقود قيصر خيوله إلى الحرب...
3
هل تتعرى الأمكنة ..؟
الزمان يجيب ..
الأمكنة لا تتعرى ..
بل هي من يعري المكان ..
إنها فقط من يجعل الساعات تركض في شوارع الحياة بالملابس الداخلية .. !
4
المكان جسد الذاكرة ..
متى عشق الجسد ، الأمكنة تصير مرايا ..
أتطلع إلى واحدة منها ..
بيتنا الطيني والرغيف الحار وسهرة أم كلثوم ..
هذا كل ما تبقى ..!
وربما باق هناك ، رذاذ مطر امتحانات نصف العام ...
5
لا تترك الأمكنة من الظلال شيئاً
سوى دكات البيوت ..
فهي السيرة الرومانسية لثرثرات أمهاتنا
عندما تغادر أحذيتنا إلى الحرب ..
وعلى أمل أن نعود ..
تضع الأمكنة على فمها احمر شفاه وغرام وهيام وتحية ..
6
طوبى للمكان القديم ...
بين أمكنته رائحة سريالية أبي وهو يوزع دموعه بين النجوم ..
وكأنها هبات الأغنياء إلى فقراء شهر عاشوراء...
7
الجنة : المكان الأول ..
الأرض : المكان الثاني ..
المكان الثالث ..
نعش الخشب الذي يتأرجح مابين السماء والأرض ...
SOLINGEN في 16 حزيران 2009
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟