أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - العالم يحبل بأزمة غذاء جديدة!














المزيد.....


العالم يحبل بأزمة غذاء جديدة!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2678 - 2009 / 6 / 15 - 09:08
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


إنَّها ليست جريمة تُرْتَكَب في حقِّ البشرية أنْ تَحْتَكِر قلة قليلة من العائلات ما يزيد عن نصف تجارة الغذاء العالمي، وأنْ تتوفَّر الآن على شراء الغذاء الرخيص (الحبوب على وجه الخصوص) لخزنه، ولبيعه عندما تتهيَّأ الأسباب للغلاء الغذائي، فتجني أرباحاً وحشية من الفرق بين السعرين؛ وليتأكَّد، من خلال تلك المضاربة، أنَّ مئات الملايين من البشر لا يملكون من الغذاء إلاَّ "الحق (الورقي) في الغذاء"!

سنة 2008 عرفت الأزمة الغذائية العالمية، فأسعار الغذاء (والحبوب على وجه الخصوص) ارتفعت كثيراً (45 في المئة) فعَجِز مئات الملايين من البشر، في البلدان الفقيرة، عن تلبية حاجتهم إلى الطعام ولو بما يبقيهم على قيد الحياة.. حياة يحسدون فيها الحيوان على نعيمه الغذائي!

ونُسِبَت الأزمة، في بعضٍ من أسبابها، إلى "الوقود الحيوي"، فارتفاع أسعار النفط شجَّع على إنتاج الطاقة (الصديقة للبيئة ولو من خلال معاداتها لحق البشر الفقراء في الغذاء) من مصادر غذائية، فتقلَّص إنتاج الغذاء عالمياً. وكلَّما عَظُم معدَّل الربح في قطاع "الوقود الحيوي" اتَّسع الفرق بين العرض والطلب في سوق الغذاء العالمي بما تسبَّب بصبَّ مزيدٍ من الزيت على نار الغلاء الغذائي العالمي.

سنة 2009 انفجرت الأزمة المالية العالمية، وأصيب العالم بالشلل الإقراضي، فالمصارف توقَّفت عن الإقراض في اقتصاد عالمي لا يعيش إلاَّ بالدَّيْن؛ ثمَّ ضرب الركود والكساد الاقتصاد العالمي، فتراجع الإنتاج، وانكمش الشراء، واستشرت البطالة؛ ولكنَّ الغلاء ظلَّ على وجه العموم ملازماً الركود.

منسوب الغلاء في أسعار الغذاء هبط وتراجع؛ ولكنَّ هذا الرخص الغذائي العالمي النسبي ظهر، في العيش اليومي لمئات الملايين من البشر، على أنَّه أقرب إلى الغلاء منه إلى الرخص، فاستشراء البطالة، مع تضاؤل القيمة الاقتصادية الحقيقية للأجور والرواتب، أعْجَز هذا الرخص الغذائي النسبي عن إفادة الفقراء، الذين التهمت طبقتهم أجزاء واسعة من الطبقة الوسطى.

أمَّا سنة 2010 المقبلة فيُتوقَّع أن تَشْهَد استئنافاً لأزمة الغذاء العالمي، فالانتعاش الاقتصادي المتوقَّع حدوثه عمَّا قريب، سيشدِّد الطلب العالمي على الطاقة النفطية والطاقة الغذائية، أي الغذاء؛ ولسوف نعود إلى معاناة عواقب تلك العلاقة السببية بين أسعار النفط وأسعار الغذاء، فسعر برميل النفط ما أن يرتفع حتى تتهيَّأ الأسباب لارتفاع أسعار السلع الغذائية.

أسعار تلك السلع سترتفع؛ لأنَّ النفط يَدْخُل في إنتاجها؛ ولأنَّ ارتفاع أسعار النفط سيغري بإنتاج مزيدٍ من "الوقود الحيوي"، فتتضاءل مساحة الأراضي الخاصة بإنتاج الغذاء (والحبوب على وجه الخصوص). ويكفي أن ينتعش التوظيف حتى يشتد الطلب العالمي على غذاء تراجع عرضه في الأسواق، فيشتعل فتيل أزمة غلاء غذائي عالمي جديدة.

ولا شكَّ في أنَّ عوامل بيئية طبيعية كثيرة، في مقدَّمها نقص المياه والجفاف والتصحُّر والفيضانات وارتفاع مستويات البحار، ستساهم في تنمية النقص الغذائي العالمي، أي في زيادة الغلاء الغذائي العالمي.

إنَّهم آكلو لحوم البشر، فهل من فرق كبير بين أن تأكل لحم البشر مباشرةً وبين أن تأكله من خلال منعكَ اللحم والغذاء الأساسي عن مئات الملايين من البشر؟!

وهؤلاء لديهم من "العنصرية الطبقية" ما يزيِّن لهم إنتاج مئات الملايين من البشر المهدَّدين بالموت جوعاً، أو بأمراضٍ متأتية من نقص وسوء التغذية؛ وهم لا يكترثون لمئات الملايين من البشر الذين ما عادت أجورهم ورواتبهم تكفي، مهما زيدت، إلاَّ لشراء الغذاء الأساسي، فـ "حصَّة الحضارة"، أو "الحاجات الأخرى"، من الأجر والراتب ليست بالأمر الذي يستحق أن يشغل حيِّزاً من اهتمامهم، فالعالم يصبح أفضل وأجمل إذا ما امتلأ ببشرٍ تمتلئ نفوسهم بالضعف الأخلاقي والإنساني الذي يتولَّى الفقر والجوع إنتاجه وتنميته.

والحضارة عندهم هي التي تضرب جذورها عميقاً في إفقار وتجويع مئات الملايين من البشر، وكأنَّها "حضارة النقص (أو الشح) الغذائي"، فالوفرة الغذائية يجب أن تظل امتيازاً استهلاكياً فئوياً ضيقاً؛ والثروة المادية للمجتمع يمكن ويجب أن تنمو؛ ولكن بما لا يسمح لـ "حق الإنسان في الغذاء" بأن يصبح حقيقة واقعة، مع أن العالم في مقدوره أن ينتج من الغذاء ما يكفي لإخراج الغذاء نهائياً من الاقتصاد البضاعي!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداول السلطة.. إيرانياً!
- -الدولة اليهودية- و-دولة أندورا الفلسطينية-!
- أعراسنا الانتخابية!
- -حلُّ الدولتين- أم -حلُّ الدولة الثالثة النافلة-؟!
- ما معنى -نقطة التحوُّل 3-؟
- هذا المسخ لمفهوم -الأكثرية-!
- فكرة قريع!
- أعْتَرِف بإسرائيل على أنَّها -دولة يهودية صهيونية فاشية-!
- تناقض -النظام الديمقراطي- في لبنان!
- .. ونحن أيضاً عقبة في طرق السلام!
- لو كان الفساد رجلاً..!
- في -فوضى الفتاوى-.. كاد يُحرَّم الحلال ويُحلَّل الحرام!
- ما يردع إسرائيل عن مهاجمة إيران!
- -جمود تفاوضي- حتى نهاية العام الحالي!
- -ساعة الحقيقة- في البيت الأبيض!
- السياسة في فضائها المنحني!
- عندما نتبادل مع إسرائيل القلق من إيران!
- لعبة ضارة تدعى -التدليس اللغوي-!
- مُثَلَّث أوباما!
- -عباريم- تَحُدُّه -الأوهام- غرباً و-الحقائق- شرقاً!


المزيد.....




- قناة السويس: مؤشرات على عودة الاستقرار للبحر الأحمر
- سوريا تلجأ لوسطاء لاستيراد النفط
- مركز قطر للمال سجل أعلى نمو بعدد الشركات في 2024
- كندا والمكسيك على موعد مع تعريفات ترامب غدا
- سعر الغاز في أوروبا يتجاوز الـ 570 دولارا لكل ألف متر مكعب ل ...
- تعزيز التعاون الاقتصادي بين سوريا وتركيا: من المستفيد؟
- مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية يترك منصبه بعد خلاف مع حلفا ...
- الأردن.. الحكومة ترفع أسعار المحروقات
- مصر تعلن عن فرص عمل لمواطنيها في الإمارات
- هل ينجح ترامب بتحويل ولايته إلى -عصر ذهبي-؟


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - العالم يحبل بأزمة غذاء جديدة!