أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - وقد لا يأتي ..؟!














المزيد.....

وقد لا يأتي ..؟!


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 818 - 2004 / 4 / 28 - 07:36
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
مع إسدال الستارة على النافذة الأخيرة , أرمي للبحر حلمي ,
وأعود لرحم أمـّي , كي تلدني من جديد .

**

مرّ بي ستون احتضار , وما زالت عيناي معصوبتان , لا أرى لكنّي ..أختنق , من رائحة العَرَق المتصبب من جسديهما.
بدأتْ الشاحنة تنزلُ بنا في طريق حلزونيّ ,
والطريق .. تضيق.
تضيق.

**
- نادي عليها ..!!
ارتفع صوته من غرفة المعيشة فانتفضتُ كسنونوّة بللّ جناحيها مطرٌ مباغت .
حشرجَ صوتٌ :
- بيسان , تعالي يمـّا .
زفرتُ من رئتيّ هواءً ثقيلا ومشيتُ نحوهما منتصبة َ القامة ودماغي يعزفُ نغمة: أكون أو لا أكون.
تسمرّتُ أمام لهيب عينيه. زأرَ بتوتر:
- تخططين أن تضعي رأسنا في الطين ..؟!
نقلت نظراتي إلى وجه أميّ عليّ أستنزف شفقتها . كان وجهها كالمعتاد ..شاحبــًا ,
شفتاها متيبستان , وتلك الضفيرة الشائبة ما زالت تطلّ بحنوّ من خلف منديلها الأبيض المبرقع ببصمات سوداء .
نظرتُ حولي .
لِمَ يبدو لي كلّ شئ شاحب ..؟!
الأبواب , النوافذ , شقائق النعمان وحتّى الفراشات الصغيرة..؟!
زأرَ ثانية فأجفلت :
- أجيبــــــــي
• كيف أضع رأسكم في الطين...؟!
- هل فاتك ِ أنـّه من غير دينك؟
• مَنْ منّا اختارَ دينه ..؟!
- انت تحفرين قبرك بيديكِ .
•.....
سرجتُ خيول أفكاري . لم أعُد أرى منه سوى مدّ وجز شفتيه , ومع كلّ مدّ جديد , كانت تحاصرني نوبة حقد جديدة ومواعظ كثيرة.
صحوتُ على صوتِ أمـّي وهي تدفع بي إلى قفصي , ولعنته تطارد أجنحتي :
منطقـُـك ِ أعوج . لطالما أنذرتــُكِ , والآن نفذ َ صبررري. .!!

**

لا أدري أيّ قوّة نجحتْ في لمّ شمل وجهاء العائلة من أقطاب الأرض. جميعهم .. لا أعرفهم سوى من صورهم الباهتة المصلوبة على جدران الغرف .. أتوا محملين بلعنات صبّوها على قلبي .
اجتمعوا , تشاجروا ثمّ قرروا أن يقوم أبي وابن عمي بوَأدي .عادَ كلّ إلى تجارته وخمّارته
وكنيسته , وبقيتُ وحدي .

**


بدأتِ الشاحنة تسير في طريقٍ ترابيّ مُوحل .
لا بدّ لي أن أبددّ الزفرات الأخيرة من حياتي بشئ يستحق الفرح.
أطلّ وجهه على مرآة أحلامي .
رأيتُ جبينــَهُ مـُكللا بالغار . لجسده رائحةُ نعناع ٍ أخضر .
يهمسُ فأخال النخيل ينحني :

• لكنــّهم قد يقتلونك .
• لن أسلــّم جسدي لرجل
لا يبالي سوى بقطف التفاح عن أشجاري .
• بيساني ..تموتينَ عشقــًا لأجلي ..؟! لهذه الدرجة تحبينني ..؟!
• الحبّ بابٌ ضيــّق لانفجار ضوئــيّ.
• لن أدعهم ينالون منــّا . بأسناني سأحميك ِ . للسماء السابعة سأخطفك . بيسان , تعاهديني ..؟
• على ماذا أعاهدك ؟
• لو قتلوا أحدنا يكون الثاني في استقباله في الفردوس.
• أعاهدك .

**

نحوَ الساعة التاسعة مساء , دفعاني خارج الشاحنة .
تلعثمتْ خُطواتي .
أزال ابنُ عميّ العصابة عن عينيّ . كم كانت أنامله باردة .
تدفقَ نورٌ داخل عروقي .
ساد صمتٌ كئيب . تناهى لسمعي صوتٌ من بعيد .. بعيد ..
لبلبل غرّد نغمة ً حزينة , ربما على شجرة لبلاب .
اتجهَ والدي نحوَ الشاحنة وبعثر محتويات صندوق أسود ثمّ استلّ سكينا كبيرة ووثبَ نحوي كأسد جائع .
أجفلتُ .
انتفضتُ كقشّة في مهبّ الحقد ..
صرختُ من قحف رأسي :
• يمـــــّااااااااااااااااا
صرخَ بي أنْ أصْمــت صونــًا للعــِـرْ ض.

***
فككتُ ضفيرتِي وأسدلتُ شعري الأسود الطويل فوقَ الكون.
سادَ ظلامٌ شديد .
صرختُ ثانية ً :
• يمــّاااا , ساعديني أتجرَّع هذي الكأس.

***
فجأة , تزلزت ِ الأرضُ , تشققت ِ الصخور , والقبور تفتحتْ .
صرختُ ثالثة ً بصوت ٍ عظيم قبلَ أنْ أ ُسلم الرّوح:

• يمــّا , متـــَى .. يأتي نيسان ..؟
متــَـى يُزهرُ اللوزُ والليمونُ والبرتقال ؟
متــَى ترقص الفـَرَاشات ِ الحالمة حولَ قناديل العُشـــّاق .. متى ..متى ..؟!



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أشْعِلُ قنديلا وأمضِي


المزيد.....




- كاتبة -بنت أبويا- ستصبح عروس قريبا.. الشاعرة منة القيعي تعلن ...
- محمد طرزي: أحوال لبنان سبب فوزي بجائزة كتارا للرواية العربية ...
- طبيب إسرائيلي شرّح جثمان السنوار يكشف تفاصيل -وحشية- عن طريق ...
- الفن في مواجهة التطرف.. صناع المسرح يتعرضون لهجوم من اليمين ...
- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - وقد لا يأتي ..؟!