مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 818 - 2004 / 4 / 28 - 07:32
المحور:
الادب والفن
يعوم المساءُ حزيناً،
جريح الجفون
ويبني سدود العذاب
ويلقي ظلالاً على صبرنا المرتهنْ
ليدخل في روحنا
شظايا الغمام
كدرع الدخان الملون
وأقدامه السابلةْ
بقايا تراتيلنا
فيا حسرتا حين تشقى القلوب بعسر العراق
وتفنى النفوس بقيد الزمن
تعود إلى قامةٍ من رجيف المحن.
يمر المساءُ جناحاً كسيراً على جرحنا في العراق
فيفتح باباً كباب الجحيم
وصمتاً يطير كطيرٍ كسير الجناح
إلى مرفأٍ.. كلص المنافي
ويهوي علينا شحيحاً.. كأشواقنا متعباً.. متعباً
فيغمس قهراً.. إلينا أسى موجع الانتظار
كدوامةٍ من فوازير نام الصدى في حريق القنابلْ
صدى صرخةٍ دائرةْ
نرى في مداها اعوجاجاً
نرى في مداها انحسارْ
نرى في سناه.. شجون الفراق العسير
على قبلةٍ من ضياع الأثر..
ويفتح شدخاً عميقاً كعمق المغارْ
كصلصال صخرٍ يغوص الردى
في جذور العراق.
.... .... ....
.... .... ....
يصوم المساءُ على رجفةٍ من أزيز الرعود
يدوس بأقدامه الموجعةْ
خليط الرعايا
على مهجةٍ كالفصوص
تريد الوصول
وتصعد في حلمها مثل طيفٍ يمر علينا
خجول الملامح
إلى رقةٍ من جلوسٍ رقيق
على همسةٍ من عيون المرافئْ
إلى رشفةٍ من عراقْ
مصابيحهُ جلنار
تراتيلهُ.. مثل عطر الربيع.
فيهفو نداءٌ يدق على بابنا العائمة
غريب الأصول
يهز العروق التي دنستها السنين العجاف
فيبدو رديفاً لمؤى الذئاب..
ينوح المساءُ طويلاً..
يبعثر فينا غصون الفصول
جراحاً من الذكرياتْ
ويلقي ظلالاً من الشك حول اليقين
يقين القيام
إلى عالمٍ من قيود العراق
إلى منبعٍ قائمٌ كالمقيم
نديمٌ من الامنيات النديةْ.. كما في الغصون.
يقيم المساءُ حداداً على القلب في كلّ يوم،
عميقاً عميقْ..
ليأخذ منا رحيق البقاء
ويهمس فينا الطنينْ
مرور الاشارة
لتملأ فينا حنين الحنين..
ويهمس طيف النفوس
حنيناً خفياً كعمق الجذور
وصمتاً دفيناً كقلب الصخور التي ينحت الفأس فيها رؤوس الخليقة
أنيناً كصوت الحصان الجريح..
فيا حسرتا حين تدمي السياط عروق البدن
وتسعى لقلع ارتباط القيم
ويبقى العراق أسير القيود
يطوف على حلمنا كالحمام المسافر
يخلق فينا انبهار الفراق.
يجيء المساءُ على غصةٍ في قلاع الغريب..
قلاعٌ بأبوابها العالية
قلاعٌ من الزهر لكن فيها أفاعي من الراجماتْ
أفاعي الجيوش التي تزحف بين الصدور..
يجيء المساءُ على لمحةٍ
كنزف الجريح على قبره
تراتيله الحانيةْ كالوداع
وداعٌ مريرٌ
وداعٌ كمثل الوداع الأخير..
غروبٌ وداع الأحبةْ
وعقمٌ وموت انتحار
ودمعٌ رخيمٌ كأن الذي صار مثل الخيال
ندوبٌ عجافٌ
كأن العراق الغريق
وداع المساء الحزين
ظلال العراق الأخير
3 / 2 / 2004 ــ بغداد
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟