|
هل حقا هزمت أمريكا أمام عمائم الشيطان!؟
حمزة الجواهري
الحوار المتمدن-العدد: 818 - 2004 / 4 / 28 - 07:27
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يكاد المرء لا يصدق ما يرى ويسمع هذه الأيام، فالانقلاب الأمريكي المفاجئ والمذهل نحو المصالحة مع البعث أو على الأصح أن نقول، إجهاض المشروع العظيم لبناء النظام الديمقراطي في العراق!!
في قراءة سريعة للأحداث المتلاحقة خلال الأيام الأخيرة، وتحديدا بعد أن هدأت المدافع إلى حد ما في الفلوجة، وتمترس الصدريين في النجف وكربلاء ليتخذوا من العتبات المقدسة هناك بالإضافة إلى أهالي المدينتين سواتر لم في حربهم مع الأمريكان، مستفيدين من تجربة فلول البعث حين تمترسوا ومازالوا يمترسون بين النساء الفلوجيات. وفشل كل الجهود في المساعي بكبح جماح هذا الغر المدفوع من إيران لتمزيق الموقف الشعبي العراقي ودفع العراق إلى الهاوية كما فعل الإيرانيون وعملائهم في العام 1991 ، وتسببوا بإجهاض الانتفاضة الشعبية التي عمت العراق آن ذاك، وتسببوا بإزهاق أرواح مئات الآلاف من أبناء العراق بعد أن تراجع الأمريكان عن دعم الشعب حين تبينت لهم النوايا الإيرانية بمصادرة الانتفاضة وإقامة نظام ولاية الفقيه في العراق. وها هو التاريخ يعيد نفسه وتأتي أمريكا مرة أخرى لتنقذ الشعب العراقي من براثن البعث وتفعل ذلك، ولكن دائما إيران لها بالمرصاد، فدفعت بالصدر وغيره من رجالها في العراق ليعيدوا الكرة من جديد، وها هي أمريكا تتراجع من جديد أيضا لتعيد للبعث مجده ولكن هذه المرة بشكل مختلف تماما، بحيث سيكون الضحية هو العراقي المسكين إلى جانب الإيراني، وسيتم لهم سحق تلك العمائم الغبية. فلو كان العراق يتمتع بنظام ديمقراطي حقيقي، فإن إيران بلا شك ستتمتع بحدود غربية هادئة وصديقة ومسالمة، أما اليوم وبعد القرار الأمريكي المفاجئ بإعادة تأهيل البعثيين وتشكيل الجيش العراقي القديم فإن الأمر سيكون مختلفا بالنسبة لإيران هذه المرة، فلا حدود آمنة ولا ولاية للفقيه في العراق ولا ولاية له أيضا في إيران، وستعود سنوات الحرب الأولى التي بدأت في العام 1980 ضد إيران بجيش عراقي متطور مدعوم بأمريكا دعما مختلفا عما كان الأمر عليه ذلك الوقت، فسيكون جيشا ليس حليفا وحسب بل جيشا له اتفاقيات أمنية مع أمريكا وسيحارب باسم العراق.
لا شك إن الأمريكان قد أعادوا ترتيب أوراقهم من جديد بعد أن تأكد لهم إن إيران تريد العراق ولاية تابعة لها مصدرة الثورة له، وتخرج أمريكا بعدها من اللعبة خالية الوفاض، وأمام العنت والصلف والإصرار الإيراني كان لابد لها من إعادة القراءة مجددا، وأمريكا وكما يعلم الجميع يهمها أولا وأخيرا مصالحها ولا شيء يسبق مصالحها على الإطلاق. فلو عاد البعثيين من جديد ولكن بدون صدام، وبنوع من الديمقراطية يرضى عنها العرب الذين يريدون للسنة العراقيين أن يكون لهم حصة الأسد من الحكم، مع هامش بسيط من الحرية والمشاركة للشيعة الذين يتم انتقائهم على الطريقة الأمريكية، فإن المشروع الأمريكي يكون قد حقق النجاح المطلوب في العراق، وأقاموا النظام الذي حاربوا من أجله، وبذات الوقت سيكون لهم الطريق مفتوحا إلى طهران، فالجيش الذي طالما تمنى أن يسحق إيران سيعاد تشكيله وتسليحه من جديد بأسلحة أمريكية وقيادة بعثية، وسيحارب باسم الوطن والوطنية مع من يرسل هذه الأيام المتفجرات للبصرة ويقتل الأطفال ويحاول أن يفجر موانئ النفط العميقة في الخليج، وهذا عذر مبرر ومقبول تماما لحرب إيران المحور الثاني للشر حسب القاموس الأمريكي والتي ارتقت اليوم إلى المرتبة الأولى في محور الشر.
قبل ثلاثة أيام فقط بدأ السيناريو الثاني بعد أن نفض الأمريكان أيديهم من الشيعة تماما وأن هذه الفئة من الناس لا تصلح إلا للبكائيات الحسينية ولا تعرف من السياسة غير المؤجل الذي سيأتي آخر الزمان بصورة وهيئة وأسماء محددة بعد أن تمتلئ الأرض بالجور، وكأن الجور الذي كان في زمن صدام لم يكن كافيا لكي يقول للشيعة إن هذا هو آخر الزمان. وفي المقابل لم يستسلم البعثيون ولا لحظة واحدة للمحتل الأمريكي وبقوا يقاتلون من أجل مصالحهم مؤجلين حقدهم المعلن والدفين على إيران إلى حين، وها هي إيران بغبائها السياسي المعهود تقف معهم لتعيد المجد للبعث من جديد، وتصنع حتفها بيدها، فأي غباء هذا؟؟؟!!!!!!!
كأن تحت كل عمامة في إيران بيضاء كانت أو سوداء داء عضال إسمه الغباء لا دواء له، ففوتوا الفرصة علينا بأن ننعم بديمقراطية ولو لمرة واحدة بتاريخ الشيعة في العالم، وبذات الوقت صنعوا بأيديهم حتفهم المحقق على أيدي البعثيين الذين سوف لا يتورعون عن التحالف مع أمريكا على أن يعودوا مرة أخرى وبشكل جديد ومسمى جديد، وتعود إيران هي الهدف من جديد. إيران الغبية دائما ضيعتنا إلى أبد الآبدين من جديد وستضيع نفسها وستتحول تلك العمائم إلى مماسح للأرض على أيد البعثيين، أما نحن فلنا مكان واحد من ثلاثة، فإما المهجر أو القبر أو السجن.
تزامن ذلك التحول مع وصول الأخضر الإبراهيمي للعراق كموفد من الأمم المتحدة للمساهمة بنقل السلطة للعراقيين، وهذا الأخير الذي لا يعرف أحد ما يحمل بالضبط في جعبته من حلول أو مؤامرات عربية كادت أن تمر يوما ما عن طريق سيء الصيت غسان سلامة وتغرق العراق والعراقيين بالدماء. رب قائل يقول إننا مجافين للحق بمثل هذا التصور مادام الإبراهيمي مازال في أول الطريق، وربما يكون هناك تنسيقا معينا قد يوصل إلى بر الأمان تفتقت عنه عبقرية هذا الرجل، ويبدو فعلا إننا غير محقين، فهو الوحيد الذي جعل بول بريمر يستجيب له ويعلن هو الآخر إن عملية إجتثاث البعث ينبغي إعادة النظر بها وأن يعاد تأهيل البعثيين الكبار دون أن يعاد تأهيل البعث كحزب!! وهذا الأمر فيه الكثير من الغرابة، فكيف يمكن أن نتصور أن يعود البعثيين دون أن يعود البعث؟! فاللغة العربية فيها الكثير من المفردات الجميلة ما يصلح كاسم جديد لهذا المخلوق الخبيث.
كيف يمكن أن نصدق إن هذا التغيير الدراماتيكي جاء من مجرد نصيحة لهذا الإبراهيمي العجيب!؟ وكيف يمكن أن نصدق إن المشروع الأمريكي بإقامة ديمقراطية في العراق قد تم ركنه على الرف بهذه السهولة!؟ هل فعلا استطاع الإبراهيمي أن يقنع بريمر وبوش والخبراء الإستراتيجيين في أمريكا من أنهم جميعا كانوا على خطأ بهذه السهولة؟! وذلك لمجرد إنه لم يرغب بلبس ربطة العنق في العراق لعبقريته المفرطة؟! كيف يمكن أن نصدق إن النظام العالمي الجديد الذي تعمل عليه الولايات المتحدة مدة طويلة وتقاتل من أجله وتقف بوجه العالم والمنافسين لها من أجل تحقيقه، كله كان خطأ؟! وإن من أقنع الأمريكان بذلك هو الأخضر الإبراهمي!! فمن يصدق ذلك؟!!!!!!!!!!!
أنا كغيري من العراقيين وقفوا مذهولين أما التصريحات، وأكثر من ذلك تحركات سياسية جديدة من أجل موضوع واحد وهو التراجع عن مسألة غاية بالأهمية لمستقبل العراق وهي مسألة إجتثاث البعث، فهل يعقل إن أمريكا قد هزمت من قبل بضعة إرهابيين وهم بين أيديها؟! مجرد ألف أو ألفين من فلول النظام المقبور في الفلوجة ومثلهم في النجف وكربلاء من أتباع الصدر تقف أمريكا بجلال قدرها عاجزة أمامهم؟! تنسى مشروعها، بل مشاريعها التي لا حصر لها تلك التي عبرت القارات من أجلها وصرفت مئات المليارات، كل هذا بسبب إن هؤلاء الأوغاد يعيقون العملية السياسية والبناء في العراق!؟
لقد انهزمت أمريكا أمام قذارة المؤامرات الإيرانية وصلفهم الذي لا يحد وهم من يمول ويخطط ويدعم معظم تلك الأعمال الإرهابية!!!!!؟؟؟؟؟؟ فكيف نصدق أن تنهزم أمريكا أمام الإيرانيين الأغبياء!؟ وانهزمت أمريكا أمام العرب السوريين والأردنيين والمصريين وغيرهم هزيمة نكراء والضحية هو الشعب العراقي فقط، فهم يعملون في وضح النهار من أجل استباحة الدم العراقي بإرسالهم المؤامرات والانتحاريين والسلاح والمتفجرات عبر الحدود الاستباحة لهم ولم تستطع أمريكا أن تردعهم أو حتى أن تفعل شيئا ولو رمزيا لوقف نزيف الدم العراقي على أرض العراق بأيدي هؤلاء القتلة. وآخر هزائم أمريكا كانت أمام الأخضر الإبراهيمي وهو يسوق في العلن ذلك المشروع العربي الخبيث، ويستمع له بريمر وينفذ صاغرا، وكأنه العبد المطيع؟!
ينصب الأمريكان وزيرا للدفاع في العراق أول ما يفعله هو عودة الجيش القديم! نعم الجيش القديم، ذلك الجيش الذي لم يترك بقعة من أرض العراق إلا وسقاها بدماء الأبرياء من أبناء شعبنا من أجل الدكتاتور والبعث، يريدون هم والإبراهيمي إعادة تأهيل قوات الأمن السابقة للنظام المقبور ليملأ السجون من جديد ويذيب الأبرياء بالتيزاب، ولترك المجال مفتوحا لأوغاد البعث تعبث من جديد بالعراق. بذات الوقت بيننا من العراقيين الذين كانوا بالأمس ضحايا لذلك النظام يعملون ضد مصلحتهم الشخصية ومصلحة شعبهم إرضاء لسيدهم الإيراني! فالصدر وآخرون من وراءه والأسلحة والتمويل والمتفجرات التي تم الإمساك بها في البصرة، كلها كانت إيرانية، وذلك لتضيع الفرصة التاريخية الوحيدة لنا ولتسفك الدم العراقي إرضاء للعمائم التي أساءت للدين، بل ولكل دين على وجه الأرض.
فهل حقا أمريكا عاجزة أمام هذا الصلف الإيراني وتعاقب الشعب العراقي على جريمة لم يقترفها وهو الذي وقف تلك الوقفة المحايدة والتي تسببت بتحقيق أعظم نصر لأمريكا عبر تاريخها!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أين السيد السيستاني من هذا الأمر؟ لم يتراخى أما هذه الحقائق التي على الأرض ويقف بوجه استهتار المؤسسة الدينية في إيران وأذنابها في العراق؟! هل هو الآخر عاجزا عن ذلك؟!
ها هي الأحزاب الوطنية تقف عاجزة أما المؤامرة الكبرى على الشعب العراقي، فقد خسرناها لعجزها، وقد خسرنا الأمم المتحدة وحماية العالم لنا بشخص الإبراهيمي الذي يحمل المؤامرة باسمها، وقد خسرنا أمريكا ولم تعد تستطيع حمايتنا من هؤلاء القتلة، بل هي من يريد اليوم أن يعيد الحياة للبعث من جديد كما أعادت له الحياة في العام 1991 وصرحت له بقتلنا، واليوم يريدون للبعث أن يعود لتمتلئ الأرض من جديد بأجساد العراقيين. لقد أفشلت إيران انتفاضة العراقيين في العام 1991 واليوم يريدون أن يفشلوا مشروعنا العظيم وأن يحكموا علينا بالموت وينفذون الموت بنا علنا وعلى رؤوس الأشهاد. فأي قدر أحمق هذا متمثلا بإيران الشياطين والموت والمؤامرات والخسة والصلف والغباء.
2004-04-25
#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دروس مأزق نيسان
-
كيف يمكن التعامل مع المليشيات في العراق
-
من ينقذ أهل العراق من براثن البعث والمغامرين؟
-
رسالة تهديد من بن لادن
-
العربي كما القطة التي أكلت أبنائها حبا بهم
-
السيناريو المرعب ولكن بمشيئة أمريكية 1 & 2
-
مداخلة حول العراق العربي والعراق المسلم
-
المراكز الإعلامية الجديدة للعراق في إسرائيل
-
مراجعة لردود الفعل على قانون إدارة الدولة
-
انتفاضة الحياد - خامسا
-
انتفاضة الحياد - رابعا
-
انتفاضة الحياد - ثالثا
-
انتفاضة الحياد - ثانيا
-
انتفاضة الحياد - أولا
-
كل من لديه مشروع قذر فعليه بعمرو موسى
-
الفقرة --ج-- تضمن حق الكورد المشرع، ولكن
-
أمريكا والداخلية والزرقاوي، هم من أرتكب مجازر عاشوراء؟!
-
المسؤولية القانونية للأعلام العربي في أحداث عاشوراء
-
قراءة تحليلية متأنية في وثيقة الزرقاوي – الحلقة الثانية
-
قراءة تحليلية متأنية في وثيقة الزرقاوي – الحلقة الأولى
المزيد.....
-
معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
-
ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
-
المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد
...
-
-كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر
...
-
نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
-
التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|