أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد لحدو - ماتت الخنازير... عاشت الإنفلونزا














المزيد.....

ماتت الخنازير... عاشت الإنفلونزا


سعيد لحدو

الحوار المتمدن-العدد: 2676 - 2009 / 6 / 13 - 03:57
المحور: كتابات ساخرة
    


مصر... ولمن لايعرف بعد، فهي أم الدنيا، كما يحلو لأبنائها أن يسموها، تحصي هذه الأيام إصاباتها المتزايدة من أنفلونزا (إتش1 إن1) التي حَمَلَتْ أو حُمِّـلَتْ كل آثامها للخنازير لأنها خنازير. ولهذا السبب سميت باسمها دون أن يكون لها علمياً أي ذنب فيما حصل سوى أنها ضحية لهذا الوباء هي الأخرى كما هي حال الإنسان. والفيروس الجديد خليط من فيروسات "إتش1إن1" و الفيروس"إتش5 إن1" الذي عرف سابقاً بأنفلونزا الطيور. وهو يحمل "دي ان ‏أي" بشري أي مورثة بشرية قادرة على إصابة الإنسان بالمرض والانتقال من شخص الى آخر بعد تحورها. فالإنسان هو الذي ينقل هذا الفيروس بطبيعة حركته واحتكاكه مع الآخرين.
ولكن، وحرصاً من مجلس الشعب المصري (لأنه مجلسٌ كما يبدو) على صحة المواطنين وسلامتهم، في جلسة قبل بضعة أسابيع، تطايرت فيها رؤوس الخنازير وسلمت الإنفلونزا، قرر المجلس إياه بإعدام جميع الخنازير المتواجدة على الأرض المصرية، ريثما تدرس وزارة الصحة والمختبرات العلمية المعنية أسباب الوباء وسبل مكافحته. وهذه لا بد وأن تستغرق مدة يكون خلالها قد راح عددٌ من المواطنين الأبرياء ضحيةً لهذا الوباء الخطير. وعلى مبدأ (الوقاية خير من ألف علاج) كان ذلك القرار الحكيم. فوزارة الصحة قد تخطئ وتتقاعس عن اتخاذ الإجراءات الحاسمة في الوقت المناسب، كما أخطأت عندما لم تعدم كل طيور مصر حين الوباء السيء الصيت (إنفلونزا الطيور) عندما ترك لها مجلس الشعب هذه المهمة. وكذلك قد يكون حال المختبرات الوطنية المصرية التي لم تقم بواجبها بتقديم الاستشارة العلمية في وقتها. كما إن الثقة معدومة بالمختبرات الغربية التي تعتبر الخنزير حيوانها المدلل، ناهيك عن أنها تسعد لكل مصيبة تحل على بلداننا، إن لم نقل أنها هي التي تسبب لنا كل هذه المصائب. لذا حمل مجلس الشعب على عاتقه هذه المهمة الوطنية النبيلة، ومن هو أكثر أهلية منه للتصدي لهكذا مهمات، وقرر بمزايدة إيمانية علنية قطع دابر الشك باليقين.
وعلاوة على ذلك، ولأن المؤمنين في مصر في تزايد مضطرد والحمد لله، كما هي الحال في إصابات الإنفلونزا، فقد تقدم في اليوم التالي أكثر من 100 محامٍ في الجبهة المصرية للدفاع عن الكرامة العربية ومركز العدالة بمذكرة إلى وزير الداخلية؛ يطالبون فيها بسرعة اعتقال أصحاب حظائر الخنازير وتطبيق قانون الطوارئ؛ نظرًا لما أصبحوا يشكِّلونه من خطر على المصريين!!! وبالنظر إلى أن تربية الخنازير تقتصر على المسيحيين في مصر، فقد تم إعدام مئات آلاف الخنازير التي كانت تعتاش منها عشرات آلاف الأسر المسيحية. لكن الإنفلونزا بقيت، لابل ازداد عدد الإصابات بها التي تكتشف كل يوم. وما زال الحريصون على الكرامة العربية بانتظار تصفية الحساب الأخير مع مربي الخنازير الذين بفعلتهم الشنيعة هذه أهدروا كرامة العرب وتسببوا بالهزائم التي منيوا بها على كل صعيد.
ماتت الخنازير.. عاشت الإنفلونزا.. هل هو الشعار المناسب لواقع الحال لدى مجلس الشعب المصري والمدافعين عما تبقى من الكرامة العربية؟
في الحقيقة فإن القضية هي أعمق من مسألة الوباء وتبعاته. فمجلس الشعب هذا لم يتمكن ولو مرشح مسيحي واحد من النجاح لاحتلال مقعد فيه رغم ملايينهم العشرة. ومن جاء لعضويته فهو بتعيين من رئيس الجمهورية. العرف الذي سارت عليه مصر من أيام عبد الناصر وما زال. وهذا يعكس العقلية التي تتحكم ليس في الشارع المصري فحسب، وإنما حتى في المستويات العليا في الإدارات والمؤسسات الوطنية. ثم يأتي من يعاتب ويتهم ويخوّن كل من رفع صوته وطالب ببعض المساواة في المعاملة أو تحييد العقيدة الدينية في مجالات التعامل مع المواطن.
ماذا لو جاءت إنفلونزا الخنازير قبل إنفلونزا الطيور، أو عادت إنفلونزا الطيور مرة أخرى لاسمح الله؟ هل كان سيتداعى الحريصون على شعب مصر من ممثليه في مجلس الشعب بهذه السرعة القياسية لنصب مقاصلهم المعدة سلفاً بانتظار الانقضاض على فرائسهم التي لابد وأن تكون دسمة ومزيلة للغم والكرب...؟؟ وقد تكون هذه الوسيلة لنيل الثواب ودخول الجنة الأرضية أو السماوية فكلاهما مكسب. كما هي حال جنود الله المجهولين من المحامين الباحثين عن الشهرة عبر الفرقعات الإعلامية المدغدغة لمشاعر العامة التي ليست بحاجة إلى مزيد من التهييج والإثارة.
مما هو معلوم فإن الخنازير لا تطير.. إلا في أجواء مجلس الشعب المصري وعقول أولئك المتربصين للفرص ممن جرى العرف على تسميتهم بالمحامين تجاوزاً. أولئك المحكومون بذهنية الوصاية على أمور الدين والدنيا. لهذا فإنهم يتعاملون مع كل ما لا يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية على مبدأ: (خنزير ولو طار). ومن هذا المنطلق يصدرون قرارتهم وأحكامهم المفترض بها أن تكون تشريعية وقانونية تهتم بعرض الوجه الحضاري لمصر أم الدنيا أمام العالم الذي يشهد ويرى...ويحكم.



#سعيد_لحدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرق الأوسط وهاجس الأقليات المزمن
- قانون سوري جديد للأحوال الشخصية يثير استنكارات
- الأكيتو بين خيال الأسطورة وتجليات الواقع
- الحكام العرب وا لمحاكم المؤجلة - 2 - من التالي..؟
- الإلهيون إذا صرخوا: انتصرنا
- قطعة الجبنة .... والثعلب ، والقسمة غير الممكنة
- الديمقراطية بحسب النموذج العربي...وصفة قديمة متجددة
- من تركيا إلى دارفور
- كذبة كبيرة اسمها مقاومة
- رفاهية الابتهاج.... وضريبة القتل
- مسيحيو الشرق الأوسط بين دالوف الأنظمة ومزاريب الإرهاب
- أطلقت عليه السلطة (لا) واحدة فأردته معتقلاً
- معاقبة أمريكا سورياً وسحر الرقم 99%
- أيُّ الضربِ يؤلمكِ...؟
- حكامنا وحمار جحا
- كثر الصاغة وقل جني الذهب
- إرهاب خلف الحجاب
- التخوين والشخصانية عند تيارات الأقليات القومية
- -انتحابات- في سورية
- حين لا نفتقر إلى الحكمة


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد لحدو - ماتت الخنازير... عاشت الإنفلونزا