|
صوفية المكان السومري ..
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 2672 - 2009 / 6 / 9 - 08:11
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
من يدلف روح الأسطورة السومرية سيكتشف سحر التفكير الأول واحساس السومري بالكامن الذي يحرك فيه سعة الرؤى الى كشف ما يعتقد انه الوصول الى حيث نقطة سعادة العقل والبدن ، حيث دلمون ستوفر بفردوسها الملون أحلاما لتحصى ، وستجعل فقراء اور واكد ولارسا ونفر وما بنوه شمال بابل وحوض كركوك وأطراف بعقوبة وبمحاذاة تلال ميسان ، تجعلهم لا يستفيقون من الغفوة المدهشة في ألواح التخيل والطقوس والقداسات وأناشيد النذر التي كان فيها السومري اكثر وفاء للآلهة حتى من نفسها وكانت الجنة مختبئة في الخيال اكثر مما هي موجودة في مكان ما على الأرض . في فقراءة متأنية للتراث النثري والشعري الذي حوته هذه الأساطير سيكتشف القارئ الحاذق ، إن الرؤيا المتخيلة آتية ذاكرة مهمومة بتعقيد غريب إزاء كل الذي كان يدور في ذلك العالم ، فقد كان الانتباه لما يحدث حتى في تعاقب الفصول ودورة اليوم الواحد والرغبة بصناعة الغرام والمسألة الرياضية يشغلان حيز كبير في لغة الوعي ، وحتى مسلات الحروب كانت تحمل بين طيات مديحها للملوك المنتصرين هاجس الرؤيا ، عبر جعل هذا الانتصار نشيدا سماويا لم يتحقق إلا عندما آتت الآلهة بعرباتها المدججة في السلاح وهزمت الغزاة ، وحتى قصائد العشق وتضرعات البحث عن الخبز والسعادة كان السومري يركن الى روح قانعة في خيارات ما يحدث ، لهذا حتى في قصائد الأعراس ومواسم الحصاد والمطر تشاهد خيط الحزن يلف رقبة القصيدة كما يلف قوس قزح سماء الأرض بعد فصل ماطر ، أنها أبدية ولدت ومازالت تعيش في أحفاد المكان ، فمرات أتخيلها مضيئة وواضحة حتى في وجوه أطفال الجنوب عندما تظهرهم صور الصحف والفضائيات وهم يسكبون نظرة غريبة الى دبابة وخوذة جندي محتل . هذه النظرة لم أتخلى عنها في يوم ما ، واعتبرتها زادا إبداعيا لكل أخيلة الحلم التي عاشت وستظل تعيش معي وكأننا نتوارث ذلك الحس وذلك الأسى كما يتوارث الجرحى أهات الشظايا في وجع الخاصرة ، وكما صباحات بلادنا وهي تتوارث صياح الديك جيلا بعد جيل . ظلت دلمون وعلى الدوام شكلاً من أشكال الرغبة المخبئة في كامن النفس كمكان لراحة أزلية قادمة ، وربما تطور هذا الهاجس مع مجيء الرسالات السماوية وتطور الوصف بأكثر تفصيلية وجمالية ومعنى ، لكن الهاجس الأول ظل ينتشي بفرادة وقيعته عندما كان ذلك البدء خاليا من عقد الحضارة وسبطانة المدفع وقناني الدواء الكيماوي وقصور الرئاسات الحاكمة. هذا الظل ، يحتاج الى كشف جديد ورؤى تستعاد بقراءة أخرى . من هذه الرؤى ما اعتقده جديدا لتخيل المكان والركون أليه كلما احتجنا الى راحة الجسد والروح ، وسأدرج هنا مقدمة لذلك الضوء ومعه نماذج من تخيل ذلك المكان الساحر ، وفيه مقاطع من كتابي ( فقراء جنة دلمون ) الذي ينتظر حلم الظهور الى العالم على شكل كتاب: قبل الكلمة كانت الإشارة .. وقبل الإشارة كانت العيون ..وقبل العيون كان الله ... ولم يكن قبل الله شيء .. بهكذا ضوء تسبح مخيلتي وأنا أصنع دلمون المفترضة من موسيقى الكلمات . كطائر سرق أجنحته من لحظة الشعر وابتسامة المرأة ومضى يبحث عن معنى أن تخفق أجنحته مع حلم أن يكون بعيداً عن الأرض ، قريباً من السماء ، حيث يغطي النور نشوة التحليق بهاجس أن يكون قبرهُ الغيم ونعشهُ الريح وجنتهُ صباحات لا تشرق إلا على يتامى يتمنون أبوة وكساء وأرغفة في لبن رائب . وبعيداً عن الطائر وأحلامه تأتي دلمون وأحلام الكلمة . يوم ولدت الكلمة . كان النطق يؤشر بأصابع الفهم ، لهذا لم تكن الجمل تعني تصويراً لمشهدٍ نريد أن نقولهُ أو نرسمه . وحيث أن البدء سديم لاينته ويحتاج إلى خليقة العقل ، تكونت رؤى هيكلت الكائن، ويقال أن الطين كونهُ بكاملِ ما يملكَ الآن (( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين * فإذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين )) سورة ص. ولأن شأن الخليقة أن يحسب حساب الكلمة مع الجسد حتى يوقن المخلوق جديد وجوده ، فمن دون كلام يتيهُ الإلهام ومن دون إلهام نصير حجر ، فأعطيَّ قاموس الكلام وهو ما صور على هذه الشاكلة (( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لاعلم لنا إلا ما علمتنا إنك العليم الحكيم )) سورة البقرة . ولدت دلمون حيث ولد آدم ، غير أن كشوفات الأثر ، ترى أن تدرجات النطق والفهم مرت بصيرورات كثيرة أولها نظرة ثم إشارة ثم كلام والغريب أن هذه المراحل هي ذاتها التي تصنع الحب في بدءه الأول بين الحبيب وحبيبته وكما في المأثور ( نظرة ، فأشارة ، فكلام ).. ومن يومها صارت الكلمة معبراً لما نريد أن نصل إليه ، أشواقنا ، حاجاتنا ، فروضنا ، معاملاتنا ، كل هاجس حياتي مقترن بكلمة هي في مدرج الوعي رد فعل للحصول على شيء أو التعبير عن حاجة . من الكلمة نظمت الحياة شأنها ومشت تصنع المصائر والأقدار والسير الذاتية . قام ملوك وسقطوا ، عاش فلاسفة وماتوا ، بشر أبادتهم الحروب والمجاعات والحصارات ، شعراء لم يبق منهم سوى المعلقات ، فقراء لم يتركوا على جدران الخبز سوى التضرع والتوسل للسماء بدرهم يبعد ألم بطون خَوت ودموع نزحت إلى الطين تتحدث عن مأساة أن يكون الفقر شائعاً كما شمس في صباح صيفي فيما الغنى بعدد الأصابع يتطرب شوقا لرائحة الجسد والبترول والموسيقى . ووسط كل هذا تحتاج الحياة لما تعبر عنه إزاء هذا الديالكتيك الذي يمشي سريعاً في أوردة الزمن وليس هناك سوى الكلمة ومكان نأوي إليه حيث يكون أمر الله مقضياً. كلمة ..ولدت بهاجس الرب ، فمنها شجن إن تكون سحراً مشى بخفين من خواطر ونعاس وموسيقى على تحت أهداب من نريدها سيدة لما يتبقى من العمر ومنها من عاد أدراجهُ كما الجندي المنكسر ليتذكر طفولته وصباه وما كان ولم يعد أو يعود . إن الجمع بين الربانية والكلامية هو جمع للحظة خلقنا ، نحن المتوسمون برغبة أن نكون أفضل مما نحن عليه الآن . ولكي يتحقق ذلك يظل سعينا إلى إدراك ما نريده قائم بوسائل لا تحصى ( العمل ، رسائل الحب ، الكذب ، المراوغة ، القتال ، العبادة ، الحلم ................ ) وسائط كثيرة نحاول بها أن نجعل الأمنية عبر منطوق قول ما ليتحقق ما نريده ، وحين نصل إلى المرام ، تتوسع إمامنا أفاق أخرى فنطمح بالجديد. تقول الحكمة الصينية ( الخطوة في كل وصول ..تسعى إلى خطوة أخرى ).. هي ذاتها ..خطوة الله . تسير بأقدام النور وتصل إلى غايات لاحصر لها ولكنها تتجمع في مكان واحد ( ذاكرة الإنسان ) حيث علينا أن ندرك إن هذه الغايات لم تعد بأهمية وفعالية إلا عندما يكون هناك وقوداً يحرك فيها السير إلى المنى ، وليس هناك من وقود سوى ( الكائن الأنثى )... هذا المتميز في كل ( فتنته ، دمعته ، شهوته ، جسده ، روحه ، إشارته ، دلاله ، موسيقاه ، جفاه ، عنفه ، سكونه ، وأخيراً عناقه ) ... يقول لامارتين : لا نحتاج لتهدئة أسد غاضب سوى إمراة باسمة ... وحتماً لا أحد غير المرأة المبتسمة من يوقف زئير الأسد عند حده . وحين يكون هذا الزئير آتٍ من رجل فالأمر سيخضع لخطوات فيزياوية كثيرة ..أخر مطافها هو وسادة لعمر طويل أو محطة مؤقتة ، وما بين الاثنين تفرش الحياة بساطها ..من لحظة نطق آدم بالأسماء كلها وحتى هذه اللحظة . انه عمر ..طويل ..لا يعد بقرون وسنين ، لكن جملة واحدة تستطيع أن تلمهُ كما يلم الظامئ الماء بكفيه . جملة نمضي فيها الى دلمون ومكان سعادة أفترضه أجدادنا السومريون قبل أن افترضه أنا ... جملة ننطقها على هذا النحو : أنا كلمة بين شفتيك التي صنعها الله ...
نماذج شعرية من كتاب فقراء جنة دلمون :
1 في دلمون.. نشيد صباحنا المتكرر نحيب عصفور ملَ من أكل العسل والبوظة المثلجة ومشاهدة اثنين في مودة الحديقة ولا يفترقان ... أما آلهة سومر فقد دخلت في جدال عميق مع آلهة بابل عن أصل بيض النعام .. ولكي لا يأخذ النهار الليل ، رفع الكأس حاجبيه من مدام الخمر وقال برمش الغزل المفتون بموسيقى عطر الخوخ : كلوا وأشربوا ودعوا النقاش لبرلمانات الأرض.. تركنا النقاش وعدنا لطاولة الزهر نبحث عن ( يكٍ ) ينقذنا من رتابةِ أن تحتضنَ الحرية كلما هلت في السماءِ نجمة .. وفي سماء دلمون مليار نجمة تهلُ في الثانية الواحدة وفي ليل العراق ..لم تشتعل المصابيح بعد ... ولشهداء الحروب مقاهٍ فيه يجتمعون ويتندرون على لهجة العرفاء وبعضهم يستذكر كيف أتى برواية غوركي وأودعوه السجن لألفِ عام .. الآن كل شعراء القرون القديمة هنا يطبعون دواوينهم بمطبعة غوتنبرغ .. وحدي أطبع خواطري بمطبعة أكديه حروفها الهاء فقط فكانت كل العناوين (آهٍ) ممتدة من دلمون إلى الصين .. زهرة بلون النعاس ضحكت.. فتقاطر مطر الحليب على رأسي فتذكرت جياع سنين الحصار وأشياء أخرى لم تعرفها الملائكة .. أن تموت لأجل أن تملك في قيض تموز مروحة يدوية ... في دلمون كل الأشياء هنا تتكلم ولكن بلغةِ الحذر ...........
2 اتأمل جفن واحدة تتدلى من أجفانها ، مواعيد نهار السكان المسكونين بحب الأرض فأتوا في حضن الآلهة الرحيمة يعيشون الأزل الذي يحبونه .. نهار واحد .. ولاشيء غيره إلا من قيلولة القبلات وانتظار من يعلن ثورته في الأرض .. فنقول : طوبى لمن هناك لقد عرفتم كيف تجعلون حياتكم عظيمة.. وحياتنا خلود شربت عنب ومصاهرة تدوم لأعوامٍ لاتعد ..
3 لكي تتلقي بملاك ، وتتعلم منه بهجة الطيران بسماء أصفى من دمعة دمية .. خُذ معكَ خاطرة بخطٍ مسماري تقول : أنا والحبُ أبناءَ أم .. ربما لأن الأمومة مفقودة في دلمون فالكلُ لهم ثدي واحد ..
4 الجنة ُتحت أقدام الورد والأمهات .. امشي بمدينةٍ تمتلكُ الفردوسَ بصفاءِ هدوءٍ عذبٍ.. أتخيل من بقي هناك يجتر غبار الصيف وانين الحاجة إلى ليلة في موسكو.. فأقول : خلصوا حياتكم وتعالوا هنا فقد مللنا الحياة النقابية ...
5 الظهيرة هنا ليست مقوسة الظهر كما في سومر ... فالآلهة تعدل ميلان كل شيء حتى في ضوء الشمس هناك ثبات للرؤيا ولن يكون هناك غشاء يحجب النظرة لهذا الجمال هنا لا يحتاج لمرآة يحتاج إلى يدٍ تصفعه لكي يقطر دماً كعصير العنب ..
6 هنا قد تطير دونَ أجنحةٍ.. سبح فقط بأسم الذي في علاه نعيش وردد سبعُ مراتٍ سلاماً على من بقى هناك حلمهُ وشتلة الأرز في بيدر ٍواحد..
7 في دلمون ..لن نتخيلَ ما سيأتي الخيالُ ذاته يرجونا لنتخيلهُ...
8 جسدي يسكنُ بيتاً سقفهُ من القرميد .. لكن قلبي يسكنُ بيتاً سقفهُ من الطين في فردوس ِالحلم هذا الطينُ أعلى مرتبة من المرمر هو من صنعنا .. وفيه شوينا الخبز.. هنا ...حينَ يدافُ الرغيفُ بعسلٍ من أثداء نحلٍ من ذهب.. أتذكرُ أمي ومقدار ما تضع من السكر في الشاي : فالحلاوة يا ولدي أن تكون طبياً في المستقبل لا جنديَّ مشاة ..
9 القصور المشيدة هنا من بلور وعاج وخشب معطر لم تألفها عيون القادمين .. أنها بيوت الأحلام المدونة في الكتب السماوية .. حيث زجاج النوافذ يشبه اللبن ولكنه شفاف كمن يتمرن على موسيقى خاطرة العشق .. فيما الواجهات مساحات لفسحة الفضاء وهندسة الأنامل الأنيقة .. من شيدَ هذه البيوت ؟ حتماً السواعد الكادحة..
10 لامكان للدمعة هنا .. وإذا تمنيت لحظة بكاء عليك أن تفعل ذلك بسرية تامة كالذي في الأرض يشرب الهيروين بعيداً عن أنظار العسس ...
11 لن تنجبوا هناك .. يكفي لدلمون سكانها الآتين كل يوم بحافلات الترانسفير كما أهل سومر عندما فكروا بأرض السويد وطناً......
12 الديانات هنا واحدة .. والكتب تلك التي ترطنها الشفاه ظلت على الرف هناك في مكتبة المدينة العامة.. فليس هنا لنتعلم إننا هنا مكتملون من كل شيء الهاجس الوحيد الذي يصنع القلق فينا حنيننا الدائم إلى الأرض...
13 لكي تصف واحدة من إناث الجنة تأمل ثمرة التين جيداً ، ستجد أن عسل التين يساوي نظرة العين وأن الحلم بأكثر من ملاك جائز ولكن لا تدع هاجس الأمس يسيطرُ عليك وتقول : واحدة هي كل قلبي . 14 لكي ..تصبح الجنة محركة للذاكرة الأبدية فكرت الآلهة السومرية بهاجس يشبه عُراك السلالات.. فتطوع الكثير ليصيروا جنوداً .. وفي أول معركة سقط مليون شهيد كلهم ذهبوا إلى العدم المطلق لأن من يموت في الجنة ليس له جنة أخرى تؤويه لهذا يقولون في الأرض : شهادة واحدة تكفي لتكون خالداً مدى الدهر ...
15 هل في الفردوس مفاتيح لأقفال نضع فيها أسرارنا وحلي الذهب وأموال ورثناها من عرق الجبين ؟ ليس في الفردوس ما يغلق انه عالم الأبد المفتوح الذراعين ومتى فكرت باقتناء دولاراً واحداً سيعطونك جوازاً أمريكياً وتعود إلى بيت الدبابة ..
16 في دلمون .. كل شيء يهون إلا فراق أم ....
17 حيث المدى الأخضر وطواويس بأذيال مشعة كبريق نجم في ليل هادئ ، وحيث الحانات التي نكرعُ فيها ذكريات حبيبتنا الأرض.. يفكرُ الرجل الصالح بأزل لاينته ، وبفطرة بشر طيب يتذكر حبوب صداع الرأس .. حيث هنا بتاتاً أن تمرض وتقول آه ولذلك الألم من البضائع المحظورة ومن يشتريه مهرباً .. الشعراء فقط ...
18 هل تذكر الأمس ... الأمس الذي لم يعد ممكناً الرجوع إليه ، الغد هو ما ينتظرنا وصباح بهدير شلالات الحليب وموسيقى عصافير اللبلاب الوردي .. أمس الحفاة والعراة ( والتبغ اللف ) ..وأغنية أنت عمري ، حيث فتشت هنا عن ملحنها ولم أجده ، الذي شاهدته فقط رجلاً بسدارة تشبه سدارة نوري السعيد قالوا عنه انه أول صاحب كأميرة شمسية في أور..
19 الفردوسُ ليس حديقة ملك ، وليس إسطبل لخيول شاه الشطرنج ، ولن يكون كازينوهات مونت كارلو وحدائق القصر الصيني وجنائن بابل .. انه مكان للروح التي فقدت متعة الحياة بسبب الحظ والجغرافيا لهذا كل من يشم زهرة من زهوره يتعلم عشر لغات جديدة ..
20 كل طغاة الأرض مطرودين من الجنة إلا طُغاة السرير في أول ليلة حب ..!
21 من الشوق إلى الفوق .. سافر فقراء سومر...... ومازالوا يخافون ظل الملوك ...!! 22 أتذكر المطر الذي يغسل خد الحقل بأصابعه الباردة ... أتذكر الطين ، والنعل الجلد ، وسعال يشبه رعد محيط من القراصنة.. واحدة خلف الشباك ، تشعل عينيها حطباً وأنا أتأمل سحر الأفلام الإيطالية وأقول لواحدةٍ في فستان قصير خذيني إلى روما لكن الحرب أخذتني إليها .. فلم أجد سوى ملائكة ولدوا دون أمم وقارات وبطاقة أحوال مدنية وعندما أردت مطراً وطيناً ونعلاً جلدياً أعطوني حصاناً من الذهب وسماء تمطرُ منها العصافير عندها أيقنت إن للحروب جنة... وللسينما خداع البصر ....
23 بين الجنة والحنة نقطة واحدة .. هذه النقطة هي من صنعت ضفائر النساء..
24 في فردوس السماء الممتدة كساحل نهر في قلب العاشق ، سحنة الوجوه واحدة .. لا زنوج ، لا هندي أحمر ، لا أشقر.. لا حنطي من أهل البصرة .. وجوه تهل بعافية الجمال .. تشع بالنظرة والمرايا وشعاع من عطر الرمش الأزرق ... ألوانها صفاء العين ، وماء برتقال الشفاه ، وخد ناعم كياقوت خاتم ......... تلك الوجوه ، لاتعرف الكحل والمشط وفرشاة الأسنان ... مشرقة دائماً ، مادامت في نظرتها الساحرة لاتعرف التمييز العنصري
25 في دلمون لاينبض قلب إلا ومعهُ آهٍ من أم...
26 نولد ... حيث نعود في النهاية.. المكان الذي تؤسطره الذاكرة وتصفه الألواح .. الأول والأخير... لكن العاقل فقط يدرك إن الفردوس هو رحم الأم أما بقية الأمكنة فهي فنادقنا المتنقلة ...
27 ناحت حمامة دوح في الجنة فسأستغرب كل طائر من هكذا فعل وقالوا بصوت واحد لا عودة لسعاة البريد المكاتيب لعشاق الأرض تذكرت يوم هوت على رأسي فاجعة الحرب إن رسالة منها بقيت في جيبي وقبل الولوج إلى دلمون صادرها حرس البوابة الرئيسية ...
28 بشكلك العاطفي تنجبين النظرة القاتلة حين يدخلُ سهمكِ قلبي .. تلك بعض هواجس عشق الأرض.. الآن لكي تعشق عليكَ أن تبحث عن الدمعة العجيب هنا .. آلاف الينابيع ولا دمعة واحدة ...
29 نغذي أرواحنا بعطرِ الحدائق .. وبعض من نحبهم هناك بسبب تعاسة ما يجري يغذون أرواحهم بعطر الموت ... إنه ذات التعب الذي تعبناه قبل المجيء هنا .. ولكن اصبروا يا أهل سومر فالحدائق في انتظاركم ....
30 أرصفة دلمون من البلور الأزرق.. وبالرغم من هذا تحن إلى حذاء مثقوب يمشي عليها حذاء مفلس مثل تعاسة رماد السيكارة.. وأنا امشي هنا مع صفير اليوم الطويل تهبط عليَّ أرصفة بلادي فأتمنى أن أعطي كل متسولٍ لؤلؤة وبيتاً يؤويه .
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دع الوردة تنبت بين شفتيك...
-
شيء عن مدينة العمارة العراقية...
-
الماركسي الطيب ، ( هل أصبح أسطورة الأولين )..!
-
رائعة كافافيس : ( جسد ذكوري بعطر النعناع ) ...
-
السياب ورؤيا البلاد ..
-
اليونسكو ...دمع أور ، يُسفح مرة أخرى .....................!
-
الفنان أحمد الجاسم ..صباح أور ..صباح برلين*
-
موسيقى .. لباروكة الملكة الأيزابيث ، ولسوق الغزل* ..
-
ديك أوباما ..والمعدان ، هجروا أفغانستان الى فرجينيا ...
-
وردة لفلادمير ، قبلة لسليمة مراد ، دودة قز لقميص يوسف ...
-
المندائي الطيب .. الله سيغطينا برداءه..
-
هلبٌ في علب ...
-
المنال والمحال في حمامات النساء
-
توراة وعشق وتصوف ...
-
لماذا يكره إبن لادن ابو الجوادين ( ع ) ...؟
-
وهمٌ اسمه عواصم الثقافة العراقية
-
صحراء النخيب ، بين رؤيا القلب ورؤيا الجفن ..*
-
ببغاء القصر الجمهوري ..
-
القاص محسن الخفاجي ..الذكريات لم تعد جميلة...
-
عبد الكريم قاسم وصدام حسين في غرفة واحدة ...
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|