|
هذه الديناصورات التي تحكمنا تستعصي على الانقراض.
وليد البشراتي
الحوار المتمدن-العدد: 2671 - 2009 / 6 / 8 - 07:52
المحور:
كتابات ساخرة
نظرة سريعة إلى حكام الجملوكيات العربية المستسلمة لقدرها البائس من المحيط إلى الخليج،تكفي للتشكيك في قوانين الانتخاب الطبيعي التي بين قوانينها عالم الطبيعيات الإنجليزي العطيم تشارلز داروين. نظرة أخرى إلى حكام العالم المتقدم الممتلئين بالشباب والقوة والحياة، تكفي مرة أخرى،للتأكيد على استعصاء ديناصوراتنا المترهلة على كراسيها على جميع القوانين والأعراف والتقاليد وحتى على أدنى أخلاقيات السياسة والاعتراف بإكراهات السن و سيرورة الزمن و حركية التاريخ واطراده الذي لا يحد شيء. ضع صورة أوباما إلى جانب صورة الملك السعودي أو الرئيس المصري لترى حدة المفارقة، الجسم الرياضي الممشوق إلى جانب الترهلات الكريهة على مستوى الكرش المندلق و الورك الضخم المكتنز والتجاعيد الأخدودية العميقة التي لم تفلح مباضع الجراحين في استئصالها ولا المستحضرات الطبية الثمينة في إخفائها، وإن شئت ضع صورة ميدفيدف أو صورة سابقه بوتين إلى جانب صورة الرئيس اليمني أو الجنرال الموريتاني لتبدو لك الممارسة السياسية في وطنك العربي الكبير في أكثر صورها قتامة و انحطاطا وتخلفا، تماما كما لو كانت الفحولة التي تغنى بها الشعراء القدامى ما زالت تكيف ذهنيتها و تتحكم في أبنيتها العميقة وآلياتها في تشكيل صور السلوك والثقافة والنماذج العليا التي يخرج من رحمها الشائه صور أكثر تشوها للرجولة والأنوثة والحكم والتبعية والسيادة والزعامة وما شئت من مصطلحات الباترياركية العربية وتجلياتها المستنسخة لمفاهيم موغلة في العتاقة والتخلف.ولكن إياك أن تستسلم لهذه اللعبة فتستحضر أنجيلا ماركل وساركوزي وساسة اليابان فتضعهم إلى جانب بوتفليقة والقدافي و شيوخ الخليج الذين تخرج العربية من أفواههم ثقيلة محبطة متقعرة ومجوفة كأبار النفط المفرغة،فالثقافة ليست شأن الحاكم العربي ولا المعرفة ولا الرياضة ولا أي شيء مما يجعل من أولئك بشرا يتفاوتون بالامتياز ويتفاخرون بالإنجاز،فالحاكم العربي الذي كان يخبئ النفط في خصيتيه على عهد المرحوم نزار قباني ما زال أغلى مناه أن يملك الملوك وأن يؤدب السلاطين وأن يتفنن في مراقبة الحريم والرعية معا بفضل الوسائل الحديثة التي مكنه عمره الذي طال كثيرا وجيبه الذي انتفخ أكثر من أن يحوزها. وإذا اضطرتك موضوعيتك التي أعرفها جيدا ورغبتك في مغالطة نفسك بعض الوقت فذكرت بشار الأسد ومحمد السادس وعبد الله الثاني وقلت منتصرا على مخاوفك من السخرية التي قد تطال الشهامة العربية وإباءها التاريخي: ها هنا حكام عرب ليس فيهم من الترهل والانتفاخ والتكرش شيئ، وليس فيهم رعونة الكبر ولا تعسفه ولا تشبثه المضحك بالرياسة،وهم إلى ذلك قد جمعوا الفضيلتين، الشباب وحداثية التعلم. إذا حدثتك نفسك بذلك، وأنا أعلم يقينا بأنها ستحدثك، فتذكر رحمك الله بان هؤلاء الأحداث مهما تعلموا في الجامعات الغربية ومهما اطلعوا على علوم عصرهم وثقافته فقد نموا نمو صغار النبت وسط الحشائش الضارة، وقد أرضعوا صغارا قبل الشباب مقولات أهلهم فانتقلت إليهم من حيث لا يعلمون مكونات أبائهم وأجدادهم وأهليهم الأقربين فشبوا ظاهرهم ظاهر زمانهم ولكن روحهم جاهلية، ولا تنس أن الحظ وحده شاء لهم أن يتولوا ويملكوا، فلو تأخرت آجال آبائهم ولو طالت أعمارهم ولو أمهلوا وخيروا لرأيتهم كما ترى أقرانهم قد استكرشوا وترهلوا وانتفخوا وامتد إليهم النزق امتداد، ولقالوا لمن دونهم من الرعية ما علمنا لكم ربا سوانا، ولربما استبطأت ذراريهم الذين تمدح الآن أجالهم فاقترفت في حقهم وحق أوطانهم وحق الإنسانية جمعاء أكثر المنكرات. هذه، أضحك الله سنك وأدام عليك متعة المقارنة وبين لك موطن المفارقة، واحدة من أكثر ما يجعلني أخجل من انتمائي الذي كأن الزمن توقف فيه وتجمد، والأرحام قد عقرت والرجال قد استنوقت فلا أرى إلا رميما كرميم الأجداث، وأينما وليت وجهي من وطني الكبير ضحكت حتى ظن بي الجنون وما أنا بمجنون، غير أن هذه المقارنات قد ألحت علي أخيرا إلحاحا عجيبا فحبرتها لك وذكرت منشأها لكي لا تظل وسواسا خناسا يعبث بسريرتي الوادعة وبديهتي المطمئنة.
#وليد_البشراتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا
...
-
الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي
...
-
-تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار
...
-
مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني
...
-
تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة
...
-
“Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة
...
-
اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن
...
-
والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|