|
ليت أوباما يصدق
محمد جمول
الحوار المتمدن-العدد: 2671 - 2009 / 6 / 8 - 07:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تمنيات مواطن عربي
أشعر أني أفقت من كابوس، فأخذت أفرك عيني، وأجرب إن كنت أدرك ما حولي وأنظر إلى الشمس لأصدق أن ما خرجت منه كان كابوسا وليس حقيقة. وأن الخوف الذي عشته لن يرافقني في حياتي الفعلية. فما قاله أوباما في خطابه في القاهرة شيء يتمنى المرء أن يتحقق قريبا لنخرج من كوابيس الماضي، وننسى صورة بوش ومن سبقوه وهم يقولون لنا أشياء جميلة لنخرج دائما بنتائج مرعبة وقبيحة. وننسى حاملات الطائرات التي جاءتنا محملة بصواريخ الديمقراطية وقنابل الحرية. وننسى أيضا تفاحات رامسفيلد التي تبين أنها كانت كلها متعفّنة فملأت المنطقة برائحتها الفاسدة. ما سمعناه من أوباما لغة جديدة تبشر بعالم جديد. ونأمل أن يكون حريصا على تنفيذه وقادرا على ذلك. فنحن نعرف أن الرئيس الأميركي ليس قادرا على فعل كل ما يريد في ظل التعقيدات التي تحيط بعملية اتخاذ القرار في الإدارة الأميركية. ولكن بالمقابل إن أي رئيس أميركي يمثل في نهاية الأمر توجها عاما ومؤسسة جاءت به إلى البيت الأبيض. ليست المرة الأولى التي نسمع فيها وعودا جميلة، يتبين في النهاية أنها لم تكن تطلق إلا لاستدراجنا وتحويلنا إلى أداة لتحقيق المصالح الأميركية في المنطقة وخارجها. فقد سبق أن وظفوا دول المنطقة وأنظمتها في مواجهة الاتحاد السوفيتي وأقنعوا الجميع أن القضاء عليه يعني حل مشكلات المنطقة كلها. وفي السياق ذاته جاء استنفار كل القوى الدينية في المنطقة وتجييشها لخلق ظاهرة العرب الأفغان الذين ظلوا "مجاهدين" و " مقاتلين من أجل الحرية" إلى أن نجح الأميركيون في تحقيق أهدافهم، فتحول المقاتلون من أجل الحرية إلى إرهابيين يساقون بأبشع صورة إلى غوانتانامو والسجون السرية في مختلف بلدان العالم. فهل نحن الآن أمام عملية تجنيد أخرى تقتضي تزويدنا ببضعة وعود لا تلزم الإدارة الأميركية بأية أفعال تخص قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي كانت دائما مصدر كل التوترات والحروب؟ وهل اقتنعت الإدارة الأميركية فعلا أنها عاجزة عن مسح هذه القضية من ذاكرة أبنائها، وأنه من دون حل يضمن الحد الأدنى من حقوقهم كشعب ـ وليس كمجموعة مشردين يبحثون عن معونات ـ لن تستقر المنطقة؟ وهل اقتنعت السياسة الأميركية أن الدعم المطلق للباطل الإسرائيلي في وجه الحق العربي لن يؤدي إلا إلى المزيد من الكراهية للسياسة الأميركية والغربية، عموما وإلى المزيد من الحروب والدمار في المنطقة؟ أسوأ ما هو متوقع أن نكون أمام عملية تجنيد جديدة للأنظمة العربية وأبناء المنطقة في "جهاد" جديد ضد "العدو" الجديد إيران لنجد أنفسنا مرة أخرى نبالا في جعبة المصالح الأميركية والإسرائيلية. فقد بدأ منذ سنوات التحضير لإقناع العرب أن عدوهم إيران وليس إسرائيل. ولن يكون من الصعب تغيير التاريخ ومسح الذاكرة لنكتشف أن إيران مكونة من المهاجرين الذين قدموا إلى المنطقة خلال القرن الأخير واحتلوا بلدا عربيا وأجزاء من بلدان أخرى وخاضت حروبا عدة بدعم من الدول الغربية وأميركا، وأن99% من حالات استخدام حق النقض التي استخدمتها الولايات المتحدة كان لحماية العدوان "الإيراني" من عقاب الأمم المتحدة. ويبدو أيضا أنه من السهل إقناع البعض أن إسرائيل دولة قديمة وتشكل جزءا من تاريخ المنطقة وأن أياديها البيضاء على شعوبها لا تعد ولا تحصى وأنها دولة مسلمة وحريصة على أمن واستقرار كل فرد في البلدان العربية وحولها. بعد عقود من التشاؤم والحروب والقمع الذي مارسته الأنظمة باسم القضية الفلسطينية ورسخته الولايات المتحدة بإصرارها على إنكار كل الحقوق العربية وضمان التفوق الإسرائيلي، نحن بحاجة إلى الأمل والتفاؤل. وكلمات أوباما تسمح بشيء من هذا. كما أن شخصيته وتاريخه يبشران بالخير. فهو من خلفية مختلفة وسبق أن كان له اهتمام بقضايا المحرومين والمظلومين الذين لا بد أن يكون في ذاكرته بعض من تاريخهم الذي ورثه عن آبائه وأجداده. والأهم من ذلك، لا بد أن يكون صناع القرار في الولايات المتحدة أدركوا أن قضايا الشعوب لا تحل بالحروب والقتل والتدمير. ومن المتوقع أن يكونوا أدركوا أن كل الحلول التي قرنوها بالقتل والدمار تحولت إلى أزمات في حياتهم وويلات في حياة شعوب المنطقة. ولا يمكن إلا أن يكونوا على اطلاع على التاريخ. يكفي أن يعرفوا أن كل إمبراطوريات العالم التي هيمنت على المنطقة زالت وبقيت شعوبها. ومن المؤكد أنهم سمعوا الرأي الصيني الذي يقول" الشرق الأوسط مقبرة الإمبراطوريات". فهل نشهد أياما أجمل حافلة بالأمل بدلا من انتظار الحروب والموت دائما؟
#محمد_جمول (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الأرض مقابل السلام إلى الوقت مقابل السلام
-
هل نبكي على العلمانية والديمقراطية
-
مساكين أطفال غزة مساكين حكامنا
-
القيم الأميركية من التسوق إلى التسول
-
اقتلوا حزب الله فقد كشف خزينا
-
ليت لنا نبل البهائم
-
الأصولية المتحضرة والديمقراطية المتخلفة
-
التعادل السلبي يعني ضياع الحقوق الفلسطينية
-
تحسين صورة أميركا ومؤتمر أنابوليس
-
من يرض باللاشيء لن يبقى له شيء
-
البحث عما هو أقل سوءا
-
بنت جبيل وذاكرة الأطفال
-
بولتون داعية سلام فاستعدوا للموت
-
بين وحشية النازية ورحمة الغربان
-
التعذيب الديمقراطي والتعذيب الدكتاتوري
-
بيان ضد الديمقراطية
-
رسالة مستعجلة ومتأخرة إلى بان كيمون
-
الحلم الجميل وتجربة الهنود الحمر
-
الصندوق
-
نظرية المؤامرة
المزيد.....
-
من هم الأكثر عرضة للنوبات القلبية؟
-
اختفاء طائرة ركاب فوق ألاسكا
-
إدارة ترامب تلغي وحدة -مكافحة التدخل الأجنبي- في الانتخابات
...
-
لا تصدقوا ما يقوله ترامب عن غزة
-
اكتشاف تأثير التأمل على مركز العواطف في الدماغ
-
اليد الحمراء.. منظمة سرية دموية رعتها المخابرات الفرنسية بعل
...
-
حكم فرنسي لصالح مؤثر تسبب في أزمة بين الجزائر وباريس
-
مخطط ترامب لغزة.. بين التهجير القسري والرفض العربي
-
رئيس بنما ينفي السماح للسفن الأميركية باستخدام القناة مجانا
...
-
ترامب يصعد تحركاته تجاه غزة.. هل نشهد سيناريو جديدا؟
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|