|
منقذ
حميد أبو عيسى
الحوار المتمدن-العدد: 2670 - 2009 / 6 / 7 - 02:08
المحور:
الادب والفن
قصيدة رثاء بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لرحيل إبن ِ أختي منقذ.
اسمحوا لي أن أقولَ اليوم َ أشياءً لأمسي وأمد َّ الحزن َ في عيني جبالا ً فوق َ يأسي إنني ، في كلِّ أطرافي ورأسي يسكن ُ الثلج ُ لهيبا ً مثل َ حسّي !
لا تلوموني كثيرا ً فأنا مَن مزَّقَ الحبُّ ثيابي يومَ عرسي إنني جدُّ خجول ٍ من حديثي ، من عبوسي فاعذروني يا أحبَّائي لحزن ٍ هزَّ نفسـي واعذروا صمتَ الدموع ِ- الجرح ِفي أحداق ِبؤسي فأنا ميلادُ أحزاني ليس من رسمي وبأسي !
أنظروا كيف َ الذؤآبات ُ - المرايا ترتدي أسمال َ خصيان ِ الغجـر ْ إنَّه الحقُ ، بلا حق ٍّ كسِرْ كي يعودَ النهرُ ظمآنا ً لرشّاتِ الحفرْ وتبيعَ الشمسُ عينيها فـيُغتالَ القمـرْ! مرَّةً أخرى يناغي الموتُ أعراسَ المطرْ مرَّةً أخرى تعرِّي الأُمُّ ثدييها لسكِّين القدرْ ويموتُ الحلمُ في عمق ِ البشرْ! أَيُّ جرح ٍ أَيُّ أهوال ٍ تمادت والصدى صمتُ الصخرْ إنه الحبُّ يمزَّقْ في قلوبٍ أُعدمتْ شنقا ًعلى متن ِ الفجرْ إنَّها الأجراسُ دقـَّتْ تعلن ُ الوقت َ السفرْ!
هلْ تُرى تهوي الصبايا من زنى أب ٍّ وجدْ ؟! أم هو الإبحارُ في قيح ِ الزبدْ ؟ إنَّه العصرُ المدجَّى تحت أقدام ِ الأبدْ إنه الضوء ُيداويه ِ الرمدْ ! يا جراحَ الأنبياءِ حدِّثيني عن غيوم ٍ سوف تأتي دون ظلّ ٍ، دون ماءِ حدِّثيني عن نواميس ِ القضاءِ أخبريني يا مزاميرَالشقاءِ الأشقياءِ
كيف غنَّيتِ الرحيلَ المنتحرْ؟! كيف سوَّغتِ الخبرْ؟ كيف يضحى النورُ أشلاءً ، شررْ؟! كيف يغدو البحرُ قرصان َ البحرْ؟!
يا دموعا ً أضرمتها النكبةُ -البركانُ نارا ً في عيوني إرحميني إتركي حزني تداويه شجوني إبعدي عنّي ، دعيني أرشفُ الآلامَ من نبع ِ الأنين ِ، إتركيني قيّدوني يا رفاقي قيّدوني إن أردتم حاكموني ، إرجموني ، إذبحوني ، إفعلوا ما شئتمو لكنني أرجو " ذليلا ً "، أتوسلْ : إتركوني فأنا سرُّ حياتي في انفصامي وجنوني! ساحرا ً كان َ ابن ُ أختي كالأصيل ِ، اسمُه ُ حب ُّ العشيرة ْ، طوله نهرٌ بزهو ِالنخل ِ يمشي في الحقول ِوسعُ عينيه -جزيرة ْ، كلُّها حبٌّ وأشجارٌ وخيراتٌ كثيرة ْ
عمرُه عقدٌ ونصفٌ ونهارٌ أسودُ الجلبابِ جلاّبُ المنايا ، كان تاجا ً بابليَّ الصنع ِ خلاّبَ الصبايا !
نادرا ًكان ابنُ أختي كالرجولة ْ هامُه حدَّ السماءِ ، حبُّه للناس ِ مِلءَ الكون ِ، بسماتُ الطفولة ْ كيف يا عقمَ النساءِ يرحلُ الفتى ويضحى القصرُ أطلالا ً ذليلة ْ كيف يجثو في الدجى من كان للعين ِ نورا ًسلسبيلا؟!
اسمُ منقذ ْ رمزُ أسماءِ القبيلة ْ وجهُ منقذ ْ تاجُ فتيان ِ العشيرة ْ وجها ً يافـعَ الخدَّين ِ ميَّاسَ الخميلة ْ كان حلما ً ذابَ فينا كان أعيادا ً قصيرة ْ!
باسلا ً كان ابنُ أختي في المخاطرْ لم يقلْ كلاّ ولكن ْ قالها مرَّة ْ وسافرْ، قالها عفوا ً ولكن َّ الردى زان ٍ وغادرْ! آهِ يا عشقَ البيادرْ آهِ يا شوقَ المغادِرْ إرفعاني معبرا ً نحو المقابرْ إنني نصفٌ لوجدِ النصفِ يهوى أن يهاجرْ!
آهِ من قيـظِ الجراح ِ في شتاءٍ أحرقَ الثلجُ سعيرَهْ آهِ من فجـر ٍ ينادي حتفَ أحلام ِ الظهيرة ْ آهِ يا بؤسَ المناجاةِ الأخيرة ْ زفة َالعرّيس ِكانتْ؟لستُ أدري،أم نداءاأسودا ًإستهدفَ الأمَّ السعيدة ْ؟
إيهِ يا أختي سعيدة ْ إيهِ يا أختي الشهيدة ْ كيف يا أختُ يغيبُ البدرُ في بدءِ السفرْ هل سيأتينا قمرْ؟!
إننا يا بدرُ مشتاقون َ مشتاقون َ لليل ِ- السَـمرْ إننا يا أجملَ الأقمار ِ مقتولون من سأم ِ الضجَرْ فتعالى ، يا حبيبي وقت َ أحلام ِ الفجـر ْ واسكن ِالقلبَ المنادى لحظة ً"هيَّ"العمرْ
احزَني في البحر ِ حدَّ الانتحار ِ، يا طيورَالنورس ِالنفس ِالأبيَّة ْ اقسمي يا كلَّ أحياءِ البراري أن تصوني وجه َمنقذ ْفي العيون ِالبابليَّة ْ واقسمي بالعشبِ والأمطار ِ أن يبقى بهـيا ًوجهُ أختي المجدلية ْ!
فتِّشي ، حدَّ الضياع ِ يا مسافاتي السحيقة ْ ابحثي عن منقذي الغالي المباع ِ واسألي عنه المحطَّاتِ العتيقة ْ علـَّـه ُ في الزحمةِ الخرساء ِ قد ضل َّ الطريق َ!
أرجعيه ِيا أساطيلَ الحقيقة ْ فالجوى ما زالَ يبكي في العيون ِ المستفيقـة ْ أرجعيه نظرة ً، نسأله ُفيها عن خباياه العميقة ْ أرجعيهِ فالفراق ُ البِكر ُ تأباه ُ الخليقة ْ! وتدورُ الأرضُ ، كالمجنون ِ، في حفل ٍ حقير ِ كلُّه شؤمٌ وقبحٌ يرتدي أفخرَ أثوابِ الحرير ِ وتدورُالأرضُ كالمذبوح ِ في الشد ِّالأخير ِ لا هلاك ٌأحمرٌ إلاّ وكان الحصرُ في البيتِ الفقير ِ! هكذا الدنيا أقيمتْ منذ آلاف ِالدهور ِ هكذا الدنيا مصيرٌ يغرزُ السكِّينَ في قلبِ المصير ِ وتدورُالأرضُ إعصارا ً لنغدو كالغريق ِ البكر ِ في العوم ِ الأخير ِ هل لنا يا أرضُ فرٌّ قبل إعلان ِ النفير ِ؟!
إننا يا أرضُ أصداءُ المواويل ِ البعيدة ْ إننا عمقٌ لقعر ِالعمق ِ يأبى سطحُ أغبانا كسوفا ً أن يعودَ إننا أحفادُ من أرسى قديما ً نبلَ أركان ِ العقيدة ْ! إننا يا أرضُ عنوانُ القصيدة ْ!
وتدورُ الأرضُ لا خِصبٌ ولا ماءُ ولا جاءَ الحبيبُ ، الكرى في أعين ِالناس ِالحيارى: خِنجرٌ،عصفٌ، لهيبُ ، ألكرى ماتَ انتحارا والصدى صمتٌ رهيبُ !
#حميد_أبو_عيسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سهمُ أحفادِ التترْ
-
سرابُ الإغترابْ
-
الصبرُ في المنافي
-
كسوفث الإلتحام ِ
-
أحبِّچْ أگين ْ
-
سوف نأتي
-
حلمُ الغريبْ
-
هلْ هاجرَ الرافدان ِ؟!
-
سِنينْ الغُربْ
-
إعذروني يا رفاقي
-
لنْ ننحني وسنبني
-
رؤيةٌ أمْ رهانُ؟
-
سفيرةٌ إلى السماءْ
-
لسنا عبيدا ً
-
الشعبُ صيّادُ الوحوش ِ
-
سأبقى أناضلْ
-
باقة ُ ورد ٍ
-
فتِّشْ عن ِ الكادحينْ
-
حقُّ الشعوبِ مصانُ
-
مفارقاتُ الحياةْ
المزيد.....
-
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|