أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رياض الحبيّب - الله يوناني















المزيد.....

الله يوناني


رياض الحبيّب

الحوار المتمدن-العدد: 2670 - 2009 / 6 / 7 - 06:29
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


أثارتْ مداخلة السيد علاء الحدّاد- من المعلّقين الكرام على مقالاتي في الحوار المتمدّن- شؤوناً عدّة
وفي وقتٍ حاولتُ الإجابة على مداخلته في هامش موضوع سأكتب رابطه أدنى،
تجمّعت في ذهني ذكريات أخرى من دفتر الذكريات الذي أحرقتُ في قبرص، التي عملتُ فيها مدّة عامَين كاملين، ممّا أحرقت
حتى أصبحت محاولة الإجابة بذرة لمقالة آثرت كتابتها لسبب ارتباطها بالتطورات الحديثة التي اختزلت الكون إلى قرية صغيرة واضحة المعالم ومعروفة الأبعاد
وإن شكّلت اللغة أحياناً حاجزاً صعباً عند العامّة ولكنّ الصعوبة تبقى مسألة نسبيّة.

هذا نصّ المداخلة المذكورة:
(هناك خصوصية لنا كقرّاء مصريين لا نعلم الكثير عن غيرنا من الكتاب العرب فى كافة المجالات سواء أدب او فكر او حتى انتاج علمي ولم تصلنا أصلاً اعمالهم.
كان الادب المصري من الانتشار والغزارة بحيث لم نهتم بما حولنا،
عندما قرأت يوميات العقاد وجدت الكثير من القضايا الادبية والثقافية محل خلاف بين ادباء ومثقفين عرب ترسل له للبت فيها.
وعندما قرأت للشاعر العراقي معروف الرصافي بصراحة فوجئت بتلك الموهبة والعقلية الابداعية الأسطورية.
الان اخشى ان يكون كلامي مسبباً بعض الضيق منا ولكن هذه هى الحقيقة يدركها أيّ قارئ مصري) انتهتْ
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=173738

في المداخلة المذكورة محاور عدّة للتناول ومنها:
خصوصيّات بعض الشعوب من جهة الحضارة والإرث الثقافي والنظرة إلى شعوب أخرى والقابلية على الإنفتاح وتقبّل الرأي الآخر،
لكنّ السياسة الداخليّة منها والخارجيّة والعوامل الإقتصاديّة وضعف وسائل النقل والإتصال وبطء الإنتشار من عوامل الحصار الثقافي المفروض على بعض شعوب العالم الثالث خصوصاً.

لتوضيح وجهة نظري فيما تقدّم، سأضرب مثالاً واحداً من الداخل، عن العراق (بلدي الأصلي) ما يتعلّق بمنع نظامه السابق- أي ما قبل سنة 2003- انتشار الفضائيّات والإنترنت ومنع السّفر إلى الخارج بدون موافقة الجهات الرسميّة، بحجّة الحروب- المفتعلة، ما يعني انّ العراقيّين عاشوا في سجن كبير اسمه العراق في تلك الحقبة، أمّا اليوم فعاشوا الإغتراب وهُمْ في وطنهم أو في الخارج، علماً أنّ وسائل الإعلام لا تزال تبث كلّ يوم معاناة من طراز آخر ومنها الفتن الداخليّة دينيّاً وسياسيّاً وتدخلات الدول الشقيقة والصديقة في شؤون العراق الداخليّة. فأتمنّى على العراقيّين الإستفادة- في الأقلّ- من الأنموذج اللبناني الذي يعيش داخل مساحة صغيرة نسبيّاً (المعروفة ب 10,452 كم مربع) ويشتمل على سبع عشرة طائفة وتتجمّع فيه أحزاب مختلفة.

أمّا المثال الذي من الخارج فهو عن اليونان التي قمت بزيارتها ثلاث مرّات كانت أولاها عام 1996
حيث التقيت مصادفة برجل كهل في قلب العاصمة (أثينا) يُدعى گريگوري- رحمة الله عليه-
فسألني: من أين أنت؟ قلت: من العراق. كان يظنّ أنّ العراق هي إيراكليون-
وهو إسم جزيرة كريت جنوبيّ اليونان وتنطق "كريتي" وهي كبرى جزر اليونان والخامسة بالمساحة بين جزر المتوسط.
وكان ربّ عمل لمخبز يبعد بضعة كيلومترات عن مركز المدينة- في منطقة تدعى كوكاكي
كان يأبى تشغيل أزيد من عامل واحد في مخبزه- الذي عُدّ مصدر رزقه الوحيد- ليساعده في انتاج الخبز وسائر المعجّنات.

إن كانت مصر القديمة أمّ الدنيا فاليونان عند گريگوري هي الدنيا!
لا يعرف گريگوري من الدنيا سوى اليونان لأنه لم يسافر يوماً إلى خارج اليونان ولا يتابع أخبار العالم
وكان يعتبر دول العالم كلها تابعة لليونان أو امتداداً لها أو متفرّعة منها.

قال لي أيضاً وهو مستمرّ في عمل أطباق المعجنات- بدون أن يوجّه نظره صوبي:
هل تعلم بأنّ الله يوناني؟! قلت: كيف
قال: إنّ كتاب الله مكتوب باليونانيّة
[وهو يقصد العهد الجديد- الإنجيل]

كيف عرف اليونانيّون الإله الحقيقي في زمن كانت اليونان موطناً للآلهة؟
حينما وصل القدّيس بولس* رسول الأمم- والأمم في الكتاب المقدّس هم الوثنيّون- إلى اليونان برِحلتيه التبشيريّتين الثانية والثالثة،
تعرّفَ إلى مدرستين للفلسفة: الإبيقوريّة والرواقيّة
يتلخص مبدأ الأبيقوريّين*- نسبة إلى الفيلسوف الإغريقي أبيقور الذي عاش حوالي ثلاثة قرون قبل المسيحية- بالعبارة التالية:
"عِشْ بدون إله واٌنغمسْ في الملذات كصلاحٍ عظيمٍ لك"

أمّا الرواقيّون*- نسبة إلى رواق في مدينة أثينا، حيث أسس الفيلسوف الإغريقي زينون* مدرسته فيه
فقد أطلقوا العنان للكبرياء- إذ أطلق الأبيقوريّون العنان لشهوات الجسد والحواس- ورأوا الإنسان الفاضل ليس بأقل من الله ولا أسمى منه.

وقد كتب لوقا الإنجيلي- وهو تلميذ بولس- إنجيله إلى الوثنيّين، إذ أنّهم يعرفون الله وآدم ولكنّهم لا يعرفون الإله الحقيقي
ولقد كسبَ الرسولُ بولس في أثينا، إذ كان مُلاحَقاً خصوصاً من اليهود الذين في تسالونيكي وأثينا ومضطهَداً أيضاً-
الفيلسوفَ ديوناسيوس الأريوباغي إلى جانبه واٌمرأة ذات شأن فلسفي وتعليمي تدعى دامرس (يُظَنّ أنها امرأة ديوناسيوس) وآخرين معهما،
إذ كان لديونسيوس شهرة واسعة بوظيفته سناتوراً وقاضيًا- والمزيد المفيد مدوّن في تفسير الأصحاح 17 من سِفْر أعمال الرسل في الإنجيل-
داخل الرابط التالي:
http://www.arabchurch.com/newtestament_tafser/rosol17.htm

حتى أصبح معظم أهل اليونان اليوم يؤمنون بالله وبنسبة 81% وفق الإحصائيّات عام 2005
وهي الأعلى بين دول الإتحاد الأوروبي ما بعد مالطا وقبرص- نقلاً عن ويكيبيديا:
http://en.wikipedia.org/wiki/Greece

أعود إلى گريگوري الذي أسمعته نشيداً كنسيّاً باللغة اليونانية القديمة-
من طقس الصلاة البيزنطي الذي في كنائس الرّوم الأرثوذوكس والكاثوليك- والشهير بصوت السيّدة فيروز
Χριστός Ανέστη εκ νεκρων, θανάτο θάνατον πατήσας καί τοις εν τοις μνήμασι ζωήν χαρισάμενος
الذي يُلفظ بالإنگليزية
khristos anesti ek nekron thanato thanaton patissas ke ti sen dizmni masi zoiin kharisa menos
والمترجم إلى العربية بالتالي:
المسيح قام من بين الأموات ووطِىء الموت بالموت ووهب الحياة للذين فيه القبور

فرفع گريگوري عينيه فجأة عن عمل كان بيده- محدّقاً في وجهي ومُصاباً بدهشة، يريد التحقق من مصدر الصوت- يكاد لا يصدّق.
قال لي الشاب الذي يعمل في المحل:
عبثاً حاولنا أن نستفز هذا الرجل اللاأبالي بشيء، إذ لا شيء استحقّ أن يكون عاملاً مؤثراً ليهزّه من قبل ولا شيء أثار انتباهه حتى هذه اللحظة إلّا نشيدك!
لم يقتنع گريگوري بأني من بلاد اسمها العراق، إنّما مات وهو يظنّ بأني من إيراكليون- بسبب معرفتي المتواضعة باللغة اليونانيّة
علماً أنّ اليونانيّة خير لغات العالم إملاءاً ونحواً وصرفاً، لا لبس فيها ولا اختلاف على معاني مفرداتها كما في العربية وغيرها.

كان النظام في المثال الأوّل سبب عزلة العرقيّين بشكل عام، أمّا عزلة گريگوري- في المثال الثاني- فكانت بسبب قناعته بأنّ اليونان دنيا الله.



* سيرة القدّيس بولس:
http://en.wikipedia.org/wiki/Paul_of_Tarsus

* أبيقور Epicurus
http://en.wikipedia.org/wiki/Epicurus
* الأبيقوريّون Epicureans:
http://en.wikipedia.org/wiki/Epicureans

* Zeno زينون:
http://en.wikipedia.org/wiki/Zeno_of_Citium
* الرواقيّون Stoics:
http://en.wikipedia.org/wiki/Stoics



#رياض_الحبيّب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلايا العسل في مرايا الحب والغزل- 1
- أطفالنا وحق التمتع بالطفولة
- مناظرة زاويّة بين ثلاث قصص
- مناظرة زاويّة بين القصّتين القصيرة والقصيرة جدّاً
- في رثاء عمّو بابا - شيخ الكرة العراقيّة
- من أوراق العراق- 4 من مالانهاية
- من أوراق العراق- 5 من مالانهاية
- من أوراق العراق- 3 من ما لانهاية
- إختلاف الأخبار عن أصناف النار
- مِنْ وحْي آدمَ-حوّاء
- المنهل الطَّيِّب في موجز تعليقات الحبيِّب- رابعاً
- تبشيرولوجيا
- من أوراق العراق- 2 من ما لانهاية
- من أوراق العراق- 1 من ما لانهاية
- العجز اللغوي في الكتاب البدوي
- مقاطع من ليماسول- رابعاً وأخيراً
- مقاطع من ليماسول- ثانياً
- مقاطع من ليماسول- ثالثاً
- مقاطع من ليماسول- أوّلاً
- العمل مفتاح الأمل- رابعاً وأخيراً


المزيد.....




- الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس ...
- الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو ...
- غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني ...
- انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
- خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
- عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ ...
- روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا ...
- عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
- مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات ...
- السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية! ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رياض الحبيّب - الله يوناني