سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 816 - 2004 / 4 / 26 - 09:26
المحور:
الادب والفن
هو ابراهيم بن علي بن هرمة ، وكنيته أبو اسحاق ، وكان بخيلا ، قصيرا ، دميما ، دعيّ من أدعياء قريش ، شرّابا ، مغرما في الخمرة ، مدمنا عليها ، أتى أبا عمرو بن أبي راشد ، فاكرمه ، وسقاه إياها أياما ثلاثة ، ثم طلب ابن هرمة النبيذ ، فقال غلام أبي عمرو : لقد نفد نبيذنا ! فنزع ابن هرمة رداءه عن ظهره ، وقال للغلام : اذهب به الى النّباذ ، وارهنه عنده ، واتِنا بنبيذ 0 ففعل 0 وجاء أبو عمرو ، وشرب معه من ذلك النبيذ ، وقال له : أين رداؤك يا ابا اسحاق ! ؟ فقال : نصف في القدح ، ونصف في بطنك !
كان ابن هرمة يقول :
أسأل الله سكرة قبل موتي
وصياح الصبيان : يا سكرانُ
قالت جارية للخليفة أبي جعفر المنصور ، وقد رأته لابسا قميصا مرقعا ، وكان المنصور بخيلا : أخليفة وقميص مرقوع ؟ فقال لها : ويحك ! أما سمعت قول ابن هرمة :
قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه
خلق وجيب قميصه مرقوعُ
وقد كان ابن هرمة قد مدح المنصور مرة ، فاعطاه عشرة آلاف درهم على بخل المنصور ، لكن ابن هرمة رفضها ، فقال له المنصور : إنها كثيرة ! فقال : إن اردت اسعادي فأبحْ لي الشراب ، فاني مغرم به ! فقال الخليفة: ويحك! هذا حد من حدود الله 0 فقال : إحتل لي بحيلة عليه يا أمير المؤمنين ! قال : نعم 0 فكتب الى والي المدينة : من أتاك بابن هرمة سكرانا ، فاضربه مئة سوط ، واضرب ابن هرمة ثمانين سوطا ، فصارت شرطة المدينة تمرّ به ، وهو سكران ، فينادي الواحد منهم : من يشتري الثمانين بالمئة !
وأنشد ابن هرمة ، حين منعه الحسن بن زيد ، الذي تولى المدينة سنة مئة وخمسين للهجرة ، من شرب الخمرة ، فقال :
نهاني ابن الرسول عن الحرام
وأدبني بآداب الكرام
وقال لي اصطبر عنها ودعها
لخوف الله لا خوف الأنام
وكيف تصبري عنها وحبي
لها حب تمكن في عظامي
كانت في المدينة امرأة مزواجا ، تدعى حبى ، تزوجت على كبر سنها فتى يافعا ، وقويا من بني كلاب ، فاشتكاها ابن لها هرم عند والي المدينة مروان بن الحكم ، وحين استحضرها حضرت ، فقالت لابنها : أرايت ذلك الشاب ، المقدود 1 ، العطنطط 2، والله ليصرعن أمك بين الباب والطاق أ فيشفي غليلها ، ويُخرج روحها ، دون أن تخرج روحه هو ، فقال فيها ابن هرمة :
فما وجدتْ وجدي بها أم واجدٍ
ولا وجد حبى بابن أم كلاب ِ
رأته طويل الساعدين عطنططا
كما تشتهي من قوة وشباب ِ
= = = = = = = = = = = ==
1- المقدود : الفارع الطويل 0
2- العطنطط : القوي الجسيم 0
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟