|
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الاشتراكية وقضية الصحراء المغربية /هل هناك شعب صحراوي ؟
بلكميمي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2669 - 2009 / 6 / 6 - 07:34
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
4 +- هل هناك شعب صحراوي ؟ بعد انتهاء عصر الامبراطوريات ( الفاطمية والمرابطية والموحدية والمرينية ) التي توالت على منطقة المغرب العربي الكبير . دخل تاريخ هذه المنطقة عصرا جديدا ، هو عصر انطلاق صيرورة تشكل دول وطنية . ان هذه الصيرورة التاريخية ستقود الى تشكيل ثلاث دول في المنطقة ، هي : المغرب والجزائر وتونس . والسؤال الان : ما موقع الصحراويين من هذه الصيرورة التاريخية ؟ . ولماذا لم يؤسسوا دولتهم منذ تلك الفترة التي بدا فيها الفرز الوطني على الصعيد الجهوي ؟ . الجواب بسيط : لان مصيرهم لم يكن مفصولا عن مصير احدى الدول الثلاث الاخذة في التشكل ، وهذه الدولة هي الدولة المغربية . ان تاريخ منطقة المغرب العربي الكبير ، يؤكد لمن اراد دراسته بموضوعية ، بان الصحراويين كانوا مندمجين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية للدولة المغربية . وهذا الاندماج لم يكن يتم فقط من موقع المتاثر والمنفعل باحداث الاقاليم المغربية الاخرى . بل ايضا من موقع المؤثر والفاعل في تلك الاحداث نفسها . ان علاقة التفاعل المتبادل بين الاقليم الصحراوي والاقاليم المغربية الاخرى ، يمكن تحديدها في الجوانب التالية : 1- على الصعيد التجاري : فحتى بعد العصر الامبراطوري وما رافق ذلك من تراجع للدور التجاري الذي لعبه المغرب كوسيط – عبر الصحراء – بين افريقيا السوداء والشرق العربي واوربا ، فان الصحراء احتفظت بدورها التجاري التقليدي بالنسبة للتجارة المغربية الخارجية ، اذ ظل التجار المغاربة يستعملونها كواجهة لتصدير منتوجات الصناعة التقليدية المغربية الى السينغال والجزائر والشرق ، واستيراد البضائع الاجنبية وعلى راسها عبيد افريقيا السوداء الذين كانوا يستخدمون كعمال زراعيين في واحات تافيلالت ، وكخدم في بيوت الاقطاع والتجار . ان هذا الدور التجاري الحيوي للصحراء بالنسبة للحياة الاقتصادية المغربية ، لم يختف الا في نهاية القرن الماضي بعد سيطرة راس المال الاحتكاري الامبريالي على الشواطئ المغربية الجنوبية ، ومن تم القضاء على تجارة القوافل الصحراوية ليحل محلها تجارة السفن البحرية . 2- على الصعيد العسكري : لقد مثلت الصحراء عمقا استراتيجيا بالنسبة للصراعات الطبقية بين مختلف اجنحة الاقطاع المغربي . ان ابرز مثال على ذلك هو التالي : بعد تفكك الدولة السعدية ، نشب صراع عنيف على السلطة بين ثلاث قوى اقطاعية هي : الزاوية الدلائية التي كانت تسيطر على الاطلس المتوسط والاقاليم المجاورة ، والزاوية السملالية التي تسيطر على منطقة سوس ، والعلويين الذين كانوا يسيطرون على تافيلالت – وادي درعة . ان الهزيمة العسكرية التي تلقاها العلويون على ايدي السملاليين في بادئ الامر ، ستجعل العلويين يضطرون الى الانسحاب الى الصحراء لاعادة تنظيم انفسهم . وفعلا ان هذا التراجع الى العمق الصحراوي ، هو الذي مكن العلويين من الحفاظ على قواهم ومن الزحف الى الاقاليم الشرقية للقيام بتحالف مع زاوية تازة . وبالتالي من استئناف الصراع الذي سينتهي بسحق اعدائهم السملاليين والدلائيين . 3- على الصعيد الديني : لقد لعب الاشعاع الديني الصحراوي ، وخاصة الاشعاع المنبعث من مركز سمارة ، دورا مؤثرا في الحياة الدينية المغربية . ونفس الشيء في الاتجاه المعاكس : لقد كان الصحراويون يرون في سلطان المغرب الرمز الديني لوحدة البلاد الدينية . 4- على الصعيد الاجتماعي : ان الاندماج بين سكان الصحراء الغربية وسكان الاقاليم الجنوبية ، هو اندماج واضح. 5- على الصعيد السياسي : ان هذا الاندماج يمكن تسجيله من خلال الاعتبارات التالية : أ- بعد انفتاح المغرب على التجارة الاوربية في النصف الثاني من القرن الماضي ، انخرطت الدولة المركزية في عملية التبادل التجاري من خلال تصدير الحبوب والجلود ، واستيراد بعض المواد المصنعة مثل الشاي والسكر والالبسة . ان المداخيل المالية للدولة ، الناجمة عن التصدير وعن الرسوم الجمركية ، ستمكنها من شراء اسلحة اوربية حديثة ومتطورة ، مما سيقوي من قدرتها العسكرية التي ستستعملها لردع حركة التمردات التي كانت تقوم بين الحين والاخر في جهات متعددة من التراب الوطني . وفي هذه المرحلة بالضبط كثرت الحملات العسكرية التي كانت تجوب كل الاقاليم المغربية ، والتي كان يقودها السلطان بنفسه . وفي هذا الاطار تزعم الحسن الاول حملات عسكرية متكررة الى الاقاليم الصحراوية في نهاية القرن . . . ب - ان حركة ماء العينين – الهيبة ، كانت دائما تعتبر الشؤون المغربية شؤونا وطنية تهم هذا الاقليم في الشمال او الغرب كما تهم ذلك الاقليم في الشرق او الجنوب الصحراوي . ولعل اسطع مثال على ذلك هو موقفها من اتفاقية الحماية 1912 . فلقد اعتبرت السلطان المغربي الذي وقع تلك الاتفاقية مع فرنسا ، سلطانا خائنا لوطنه ، ولذلك نزعت منه شرعية الحكم وطالبت بالعرش ، ثم نظمت مقاومة شرسة ضد الغزو الفرنسي ، مكنتها من الزحف على الاقاليم الداخلية حيث لم تنهزم امام الجيوش الفرنسية الا في معركة مراكش . ﺟ - ان جيش التحرير المغربي الذي خاض الكفاح المسلح ضد الاستعمار الكولونيالي ، لم يكن يميز بين هذا الاقليم او ذااك ، كما ان العديد من اطره ومناضليه كانوا من ابناء الصحراء . وبالطبع سيكون من قبيل الطوباوية مطالبة دولة اقطاعية بتحقيق الانصهار المادي لكل اطراف الشعب الواحد ، لان ذلك يتجاوز حدود الطبقة التي تستند اليها . اما الانصهار الثقافي الذي هو من طبيعة اخرى ، فهو غير مرغوب فيه بالمطلق ، لان الحفاظ على تنوع الخصوصيات الثقافية للشعب هو مصدر اغناء لذلك الشعب وليس مصدر تفقير او اضعاف له . ثم ان ضعف الانصهار بين مختلف اجزاء الوطن ، لم يكن ابدا ظاهرة خاصة بالمغرب وحده ، بل بجميع الدول الاقطاعية . فمثلا رغم ان فرنسا قد عرفت الدول المركزية منذ قرون قبل الثورة الفرنسية ، الا انها لم تتمكن من تحقيق انصهارها الوطني الفعلي الا بعد وصول البورجوازية الى السلطة وتاسيس السوق . ان ضعف الانصهار القومي في المرحلة الاقطاعية ، هو الذي يفسر مثلا الخلاف التاريخي بين فرنسا والمانيا حول اقليم الالزاس الذي كانت كل من الدولتين تطالب بحقها عليه . ولقد دام هذا النزاع اكثر من قرن " ولا زال " : في القرن الثامن عشر كان ذلك الاقليم تابعا للدولة الفرنسية . لكن بعد تاسيس المانيا لدولتها القومية وخوضها حرب 1871 ضد فرنسا وهزيمة هذه الاخيرة فيها ، ضمت المانيا ذلك الاقليم الى دولتها . وفي سنة 1940 بعد هزيمة فرنسا في بداية الحرب العاالمية الثانية على ايدي القوات الالمانية ضمت المانيا من جديد ذلك الاقليم اليها . ثم بعد نهاية الحرب وهزيمة المانيا ، عادت الالزاس مرة اخرى الى فرنسا سنة 1945 . ما يريد الراحل عبد السلام الوصول اليه ، هو ان خصوصية الاقليم الصحراوي المغربي لم تكن تختلف من حيث الجوهر في شيء عن خصوصيات باقي الاقاليم المغربية الاخرى . واذا نحن طبقنا تقرير المصير للصحراء انطلاقا من مبدأ الخصوصية ، فان هذا المنطق ، مدفوعا الى نهايته . سيقودنا حتما الى تفجير المغرب وتشرذمه الى دويلات قزمية . اليس هذا المنطق سخيفا ! . عجيب امر هذا " الشعب " الصحراوي الاصطناعي الذي تم تفريخه بسرعة تشبه عملية تفريخ الدجاج الاصطناعي يقول عبد السلام المؤذن .
#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الاشتراكية وقضية ا
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الاشتراكية وقضية ال
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الاشتراكية وقضية ا
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الصيرورة التاريخية
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// في الذكرى المائوية
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// في الذكرى المائوية
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// في الذكرى المائوية
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// مفهوم الطبقة العام
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الطبقة العاملة الح
...
-
بين طوكيو والرباط // الذكاء الياباني والدهاء المغربي //
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الموقع المستحيل
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// مفهوم الشرعية
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الماركسية ....هل ان
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// دور الوعي في تحريك
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الوعي المطابق والو
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الطبقات . . السلطة
-
في اليوم العالمي للصحة الذي يصادف 7 ابريل من كل سنة // البور
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الرفيق عبد السلام
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// سؤال المرحلة
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//التطور التاريخي للت
...
المزيد.....
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|