أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وجيهة الحويدر - -أمرأة مسترجلة-














المزيد.....

-أمرأة مسترجلة-


وجيهة الحويدر

الحوار المتمدن-العدد: 2668 - 2009 / 6 / 5 - 09:33
المحور: كتابات ساخرة
    


اغلقت "شاردة" باب غرفتها وأقفلته بهدوء بعد أن ألقت السلام على صاحب البيت العجوز الذي كان ينظر اليها بريبة وشك. خلعت العقال والغترة ورمت بهما على الكرسي اليتيم في غرفتها، ثم القت بجسدها المنهك على سرير عتيق يكاد يقترب من الارض من شدة ترهله.

كانت "شاردة" تشعر بضيق غريب النزعة. ربما لأن نظرات مالك البيت إليها جعلتها تشك انه قد تعرّف على شخصيتها وتيقن أنها امرأة وليست رجلا.

بعد مرور بضع دقائق وهي مستلقية والحيرة تطحن قلبها وتلوك هدوءها النفسي، قررت "شاردة" ان تتوقف عن ذاك الفزع والافكار التي اخافتها، وصارت تحاول أن تطمئن نفسها على أنها بخير، وان ذاك الرجل العجوز لم يكتشف هويتها.

منذ ان قدِمَت "شاردة" الى جدة هاربة من مدينتها القنفذة، وهي تتنكر في زي رجل. بالرغم من انها في العقد الرابع من عمرها، لكن وجهها الغض، وجسمها النحيل يوحي بعكس ذلك. تبدو وكأنها ما زالت تتنعم بسنين العشرينات وبنشوتها. لها قوام جميل، ووجه صحراوي التقاسيم، وثديين صغيرين مما سهل عليها مهمة اخفاءهما.

حين قررت ان تهرب من عش الزوجية والتخفي في شخصية رجل، كانت مدركة تماماً مدى خطورة تلك الفعلة، لكنها وجدت انها افضل من ان تعيش مع زوج لا يربطها به سوى صك ملكية. زوجها مثل سائر الأزواج السعوديين، يُعد الزوجة ملكه بعد ان دفع ثمنها لوالدها بما يسمى بالمهر. صار هو المتصرف الشرعي في كل أحلامها وطموحاتها، والقانون وهبه الدور تحت مسمى "المحرم"، وحرّضه أيضا على انتهاك حق المرأة وامتلاك جميع قرارتها.

"شاردة" لم تعد تطيق ذاك الوضع، لذلك غامرت بالهروب من ذاك الزوج، وقررت أن تعش حياة محفوفة المخاطر بلباس رجل.

نهضت "شاردة" من على سريرها وخلعت الثوب الابيض ذو الملامح البليدة والذي يرتديه غالبية الرجال في بلدها، ثم فكّـت الرباط من على ثدييها الناعمين، لكي تريحهما من الضغط الذي تضعهما تحته كلما توجهت للعمل في الخارج.

حين اتت "شاردة" قبل شهرين الى جدة تمكنت من اقناع صاحب البيت أن يأجرها من بيته غرفة ذات باب خارج ومرفق بها حمام صغير. كان أهل البيت يستخدمون الغرفة لسائق المنزل، ومنذ أن هرب سائقهم ربما من سوء المعاملة، قرر الرجل العجوز صاحب البيت أن لا يجلب غيره، وحرم النساء من الخروج بدون أمره.

"شاردة" منذ أن لجأت إلى جدة، عملت متسببة حيث أن الحياة كانت تقذفها يمينا وشمالا حسب ما تأخذها لقمة عيشها. كانت في منتهى الصدق والأمانة مع من تتعامل معهم. لم تدخل جوفها لقمة حرام قط، ولم ترتكب أبدا أية خطيئة يعاقب عليها القانون. تنام كل ليلة وهي مرتاحة الضمير، وهادئة البال، لأنها تعلم جيدا أنها لم ولن تضر أحدا كونها أنها أُجبرت على أن تعيش حياة مختلفة عن سائر النساء.

في بلدها النساء اللواتي بلا رجل مثلها، اللقمة بالنسبة لهن مُرة بطعم العلقم، لأنهن محرومات من جميع سبل الحياة المستقلة الكريمة ، لذلك رأت "شاردة" لا حل لديها سوى أن تنتحل شخصية رجل، كي تنجو من مخالب الجوع وتفر من قبضة الرذيلة.

بعد أن خيَم الظلام على مدينة جدة الساهرة، أدت "شاردة" فريضة صلاة العشاء، ثم تناولت عشاء كفيف عبارة عن رغيف خبز وجبن ابيض وحبات قليلة من الزيتون الأخضر. شربت بعد تلك الوجبة البسيطة كأس شاهي ساخن.

اندست في سريرها محاولة أن تخلد إلى النوم، لكن لا زال ثمة قلق يحوم حول رأسها، ويغض مضجعها، ولم تعثر على وسيلة للخلاص منه.

أضاءت النور وجلست على سريرها وتناولت كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" واسترسلت بالقراءة لبعض الوقت، وإذا بها تسمع طرقا شديدا على بابها. سألت وهي ترتعش خوفاً :من الطارق؟ ولكن قبل أن تسمع ردا، كُسر بابها، واقتحموا رجال الأمن الغرفة ومعهم صاحب البيت. ثم أمروها بصوت ذو نبرات قاسية أن ترتدي عباءة بسرعة، وقادوها معهم، وهي تقاوموهم، وتبكي وتصرخ بألم وحزن شديد: "خافوا الله فيني، أتركوني أعيش بسلام، خافوا الله فيني..."

رُمي "بشاردة" في السجن لأنها رفضت ان تعود لزوجها، والآن ستُخضع لاختبارات سيكولوجية للتأكد من صحتها النفسية، لأنها حاولت أن تعيش في بلد لم يترك مساحة للمرأة أن تحيا سوى في ظل رجل، حتى لو كان ذاك الرجل يمارس عليها كل أصناف القهر، ويحرمها من ابسط حقوقها.

ونشر الخبر في جريدة الرياض في عددها الصادر يوم 4 يونيو 2009

"شرطة القنفذة تعيد المرأة المسترجلة لأهلها"

http://www.alriyadh.com/2009/06/04/article435086.html



#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تجعلوا الناس ينتظرون كثيرا للحصول على جرعة الموت او الذل!
- يسألونني...متى أكف عن المطالبة بحقوق المرأة السعودية؟
- أينما ...
- قمة العشرين بين الجياع الجدد والجياع القدامى!
- -لو عرضت علي الجنسية السعودية لقبلتها بسرور-
- -نعمل معا من أجل طفولة آمنة-!
- حين لا نحمل ما يكفي من الحب ...
- دعاة حقوق الإنسان الحكومية وعاظ السلاطين الجدد!
- أقسى وأطول حصار عرفه التاريخ ولم يغطه الإعلام العربي أو الغر ...
- سلام... شالوم...
- هل هو حملُ كاذب آخر أم ان السعوديين موعودون بعهد حقوقي جديد ...
- هل هو حملُ كاذب آخر أم ان السعوديين موعودون بعهد حقوقي جديد ...
- -ما أوسخنا ونُكابر-
- في 6 نوفمبر ... هذه المرة تحية لهؤلاء الرجال السعوديين الرائ ...
- هو وسفرائها!
- اذا الغربيات قادرات على رفع اصواتهن لكن لبعضهن البعض!
- لو كان التعدد شريعة إلهية لأعطي للنساء!
- انهم يعدمون الاطفال!
- النور محبة!
- اين لي بوطن في هذا الشرق؟؟


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وجيهة الحويدر - -أمرأة مسترجلة-