أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحاج علي - حكاية الدب الذي غلبه أبو فهد في المباطحة














المزيد.....


حكاية الدب الذي غلبه أبو فهد في المباطحة


احمد الحاج علي

الحوار المتمدن-العدد: 815 - 2004 / 4 / 25 - 08:45
المحور: الادب والفن
    


لا يحكى أنّ . بل هذه الواقعة وقعت في أواخر الستينيات من القرن الماضي ، وهناك من حضرها وشاهدها بأم عينه ، ومازال حياً حتى الآن . والبعض منهم ، مازال يستعيدها وكأنها حدثت للتو، والبعض منهم مازال يرويها، بكل تفاصيلها الصغيرة قبل الكبيرة.

وملخص الحكاية ، أن قراداُ ( والقراد صاحب القرد) كان يزور بلدتنا ربيع كل عام ، مصطحباً معه قرد صغير وطبلة كبير ة...

ما أن يصل إلى ساحة السوق حتى يدق على الطبلة ، دقاً متواصلاً فيجتمع الأطفال والرجال والنساء فيعرف القراد أن العدد صار مستأهلاً للقيام بعرض حركات القرد ، عندها يطلب القراد من القرد طلبات ينفذها بكل خفة دم ، يقول له : كيف تعجن الصبية ..؟ يقوم القرد بتقليد الصبية وهي تعجن بهمة ونشاط . كيف تعجن العجوز ..؟ يقلد القرد العجوز وهي تعجن بتكاسل وبرود . أين تضع الكريم الذي يجود بماله ..؟ يشير القرد بيده إلى رأسه أي أنه يضع الكريم على رأسه . وأين تضع البخيل ..؟ فيشير القرد بأصبعه الوسطى الى قفاه .

أما ربيع تلك السنة , من أواخر ستينات القرن الماضي فقد زار بلدتنا صاحب القرد بدون قرد . كان مصطحباً معه هذه المرة دباً كبيراً , بحجم عجل . وعلى فمه لجام مربوط بسلسلة من الحديد يمسك بنهايتها القراد . كان القراد مستبشراً بعرض رابح ، يؤمن له بضعة فرنكات وكدسة من خبز التنور ، لذلك ما أن وصل مشارف البلدة حتى صار يدق على الطبلة ، فأجتمع خلفه عدد كبير من الصبيان والبنات والنساء والرجال ، يتفرجون على دب حي من شحم ولحم، ما رأوا مثله إلا في الصور، وهم متجهون إلى ساحة السوق .

وفي ساحة السوق . صار صاحب الدب يصيح : هل من مصارع لهذا الدب..؟هل من منازل..؟هل من مباطح ..؟ الجميع صمت صمتاً ممزوجاً بالخوف لبضع ثوان ، همسوا مع بعضهم همساً ، ومن يبطح هذا الدب ، إنه بحجم ثور، مجنون من يصارع دب ، وحده أبو فهد صاح من وسط السكون والصمت .. أنا . كان أبو فهد في الثلاثين من عمره طوله متران وله عضلا ت مفتوله فتلتها صنعة قطع الصخر في مقالع أُم عانون* وله قبضبين حديديتين خشّنتهُما ضربات المهدة على الصخر ويقال أنه فك بهما في احدى المرات براغي دولاب سيارة مبعوج ، تقدم أبو فهد بإتجاه الدب , رافعاً قبضتيه في الهواء . أما الدب فصار يشخر وينخر ، ووقف على قائمتيه الخلفيتين متقدماُ نحو أبو فهد . و الصمت والسكون خيم على الناس سوى كلمات أبو فهد للدب : لا تشخر ولا تنخر ولا تبين نابك مابهابك . ولك بعدين الشغلة لا بالشخير ولا بالنخير ، تفضل يا دب .

تماسك أبو فهد مع الدب لبضع دقائق ، كاد يسقط فيها على الأ رض هذا الأبو فهد ، إلا أن تشجيع المشجعين وتصفيقهم وزغردة النسوة أعطى لأبو فهد جرعة من الشجاعة والقوة فحضن أبو فهد الدب بين يديه ورفعه عن الأرض مقدار شبر , وبضربة من رجلِ

ابو فهد اليمنى على رجل الدب اليسرى مما سبب في إختلال توازنه ، فسقط على الأرض كعدل حنطة ...بج .

التهبت الأيدي بالتصفيق ، وتعالت مرة أخرة زغردة النسوة ، وأبو مسطو الملقب ابو حلب أمتشق بطحة الكازوز من عبه وصار يرقص كما يرقص السكارى ، وهو الذي لم يسكر من عشر سنوات , عندما إندحر العدوان الثلاثي على مصر .

وأبو عيوش رفع العقال والحطة عن رأسه وصار يقذفهما في الهواء فرحاً ونشوةً بإنتصار أبو فهد .

أما الدب فقد علا مرة أخرة شخيره ونخيره وهو يرى أبو فهد رافعاً قبضتيه في الهواء ، يضحك للجمهور ، فصار يحاول الأفلات من صاحبه ، للهجوم على خصمه . أدرك ذلك صاحبه ، فقد احمرت عينا الدب وهذا يعني أن الدب , وصل إلى ذروة غضبه ، ولا بد أن ينتقم من أبو فهد على هذه الفضيحة ، فلأول مرة منذ أن اشتراه صاحبه من فرقة سيرك ، يُهزم وُيبطح من قبل رجل ، وأمام كل هذا الجمع من الناس .

أعاد الدب محاولات الفكاك من صاحبه بشكل أعنف ، وبدا أنه سوف يجر صاحبه ، وينقض على أبو فهد ، وربما يتسبب هجومه في مقتل الرجل وعندئذ ستكون ورطة لصاحبه .

وأمام أصرار الدب على محو الإهانة التي لحقته ، طلب صاحبه من أبو فهد ، وهو يغمز بعينه قائلاً : الدب سوف يموت قهراً إذا لم يغلبك يا أبو فهد ، وسيفلت مني لا محالة ,أنا لا أستطيع تأمين سلامتك .

سمع الجمهور ما يدور من حوار بين صاحب الدب وأبو فهد وأدرك أن هناك جولة ثانية بينهما ، إطفاءً لغضب الدب .

وفعلاً أعلن صاحب الدب عن جولة جديدة .

إبتدأت الجولة الجديدة دون تصفيق ، ودون تشجيع من الجمهور . ولم تستمر الجولة سوى بضع ثوان .رمى الدب أبو فهد على الأرض ، وصار ينط كتيس مزهواً بإنتصاره على خصمه .

جدتي التي حضرت لعبة المباطحة ، وحدها ، طقّ عقلها .صارت تضرب كفاً بكف وتقول : العمى . العمى ، لك دب ما قبل الغلب ،

يا جماعة . يا ناس . يا عالم . يا خلق الله . لك الدب إحمرت عيونه من القهر وما تحمل الغلب ، وفي ناس بهالبلاد مدندشين مطنطشين مشرشبين وما بعرف إيش . بس مابيخجلو من الغلب .العمى . العمى . لك حيوان ما رضي بالغلب , كيف بيقبلوه ، شاطرين بس بالعراضات . شاطرين بس ياخذو أبو نعوس وأبو طنوس على الحبوس . ولك اليهود بطحونا مرة ومرتين وثلاث وما ذقنا وما حمرت عيونا ، بس شاطرين على بعضنا ، مسكينه جدتي طق عقلها ، وبقيت إلى يوم موتها ، تمشي في شوارع بلدتنا المتربة ، وهيا تضرب كفاً بكف وتقول : العمى . العمى .! الدب ماقبل الغلب ، الدب ماقبل الغلب .


* ام عانون : منطقة صخرية شرق مدينة إدلب كانت تكثر فيها المقالع الحجرية .




#احمد_الحاج_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي ...
- لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...
- الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحاج علي - حكاية الدب الذي غلبه أبو فهد في المباطحة