أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ابتسام يوسف الطاهر - بين برلماننا وبرلمانهم!















المزيد.....

بين برلماننا وبرلمانهم!


ابتسام يوسف الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2667 - 2009 / 6 / 4 - 09:08
المحور: كتابات ساخرة
    


مازالت عاصفة أخبار أعضاء البرلمان البريطاني وفضائحهم المالية تحتل الشارع البريطاني والصحف ونشرات الأخبار في كل المحطات التلفزيونية في بريطانيا، بعد تسرب تفاصيل الصرفيات او المخصصات المقررة لأعضاء البرلمان والتي استغلت بشكل لا مسئول من قبل البعض منهم من كلا الحزبين الرئيسيين العمال والمحافظين، للصحافة ونشرها بصحيفة الديلي تلغراف التي لا يعرف حجم الأرباح التي جنتها من ذلك السبق الصحفي الذي يكاد ان يهزّ خيام حزب العمال الانتخابية.. ولم يسلم منها حتى رئيس الوزراء غوردن براون ففي صحيفة الغارديان المعروفة ذكرت في بدايات العاصفة انه من بين المتهمين بخرق قوانين مخصصات اعضاء البرلمان حيث دفع لأخيه مبلغ ستة الاف باوند عن تنظيف شقته في لندن! لكن رئيس الوزراء أوضح الأمر فيما بعد ان ذلك المبلغ هو ليس لأخيه بل لشركة التنظيف التي دفع لها اخوه هو ايضا مبلغ مماثل لما دفعه هو.
ثم تسارعت الأخبار وتضخمت مثل كرة الثلج التي تدفعها الريح لتفضح بعض الصرفيات المخجلة كمطالبة احدى النائبات بمخصصات مبلغ خمسة الاف باوند أي ما يقارب تسعة الاف دولار لشراء اثاث لبيتها، واخرى طالبت بمخصصات قروض لثلاث مرات لنفس العام لشراء ثلاثة منازل! والنائب ما ندلسون (المغضوب عليه) طالب بآلاف الباونات لتصليح بيته، وغيره ممن طالب بتسديد قروض سكن لا وجود له!.
وجدت الصحافة بالموضوع ضالتها التي أنقذتها من أخبار الأزمة المالية المملة والتي تدعو للكآبة فيكفي ان يراها الناس في ارتفاع الأسعار بالأسواق وأخبار البنوك والشركات، فوجد البعض في تلك الأخبار فرصة لتحريك الجمود الذي سببته الأزمة المالية وفرصة للنيل من أعضاء البرلمان المتلاعبين بأموال الشعب، وتشفي الآخر بمدى تردي سلوك البعض من هؤلاء النواب وجشعهم مع أنهم يصرون على براءتهم وانهم لم يخرقوا ما أقره القانون لهم من مخصصات لصرفيات بعضها يدعو للسخرية او الخجل فأحدهم يطالب بصرف ما اشتراه من علب طعام لكلبه!.
سارع رئيس الوزراء غوردن براون للاعتذار علنا للشعب عبر وسائل الأعلام عن سلوك بعض النواب الغير مشرف ليرد على الذين لا يروق لهم براون مستغلين تلك الفضائح للتقليل من قدرته على ادارة البلاد، وتعهد بمحاسبة هؤلاء . لتكشف الصحافة، لما تتمتع به من حرية وقدرة على تغيير القرارات لصالح الشعب ، لتكشف ان تلك الجريمة لم تتوقف على حزب العمال الحاكم بل حزب المحافظين المعارض حيث كشف ان بعضهم لا يقلون سوءا بعد فضح تلاعب البعض منهم مثل اندرو مكاي الذي اخذ 170 الف باوند مع زوجته التي هي الأخرى عضو بالبرلمان ليعلن استقالته من الحزب والبرلمان بعد اعتذاره عبر وسائل الأعلام "لتصرفه المخجل الذي أحرج حزب المحافظين" وإعادة ما أخذه من مبالغ بغير حق.. في حين سارع احد قادة حزب الأحرار الديمقراطي لإعادة مبالغ كان أخذها عن تأجير شقة قريبة من البرلمان حين كان قائدا للحزب، قبل ان يصله أصبع الاتهام.
معظم الأسماء التي كشف عنها اعتذر أصحابها فيما بعد وقرروا إعادة الأموال التي اتهموا بها بعد اعتذار رئيس الوزراء براون :" عن سلوك بعض اعضاء البرلمان المخجل واستغلالهم لمنصبهم لمصلحتهم الخاصة.. هم موظفون لخدمة الشعب لا لخداعه او استغلاله".. كما قال .. وقد اعلن عن فصل عضو البرلمان العمالي مورلي من الحزب والبرلمان، الذي كان قد اخذ مبلغ ستة عشر الف باوند مرتين! عن بيت اشتراه وأجّره لزميل آخر من أعضاء البرلمان!!؟. ثم توالت اخبار استقالة او فصل من ثبتت عليهم التهمة بعد حملة انتقاد من عموم الشعب عبر محطات التلفزيون عن ضرورة معاقبة هؤلاء حتى لو اعتذروا او أعادوا ما اخذوه بغير حق.
ففي برنامج يوميات السياسة على BBC2 تساءل بعض السياسيين، هل الاعتذار واعادة الأموال كاف.. لنسامحهم؟ ألا يجب ان ينالوا العقاب الذي يستحقوه حالهم حال أي سارق او حرامي؟ وتساءل البعض بسخرية ماذا لو ان الشرطة ألقت القبض على سارق احد البنوك ؟ هل تخلي سبيله بحالة إعادته للأموال واعتذاره؟
بينما تساءل احد جمهور برنامج (question time) ، بمواجهة بعض من اعضاء البرلمان " لو اثبت ان احد الفقراء او العاطلين عن العمل قد زور او تلاعب بالمساعدة المالية التي تمنح اسبوعيا، فالمحاكم ستعمل عملها وسيكون حسابه عسيرا، لماذا لا يحاسب هؤلاء أسوة بعموم الشعب؟".
في مجلس اللوردات طالبوا الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة لمحاسبة المتلاعبين بأموال الشعب وإعادة النظر بقرارات الصرفيات والمخصصات المالية لأعضاء الحكومة وتغييرها، ووضع رقابة مشددة عليهم من جهات مستقلة لضمان عدم تلاعبهم بالمستقبل وهذا ما أكدته وزيرة السكن في الحزب العمالي..
لكن تداعي الاخبار سارع ليكشف عبر التحقيقات ان مجلس اللوردات ذاته لم يسلم هو الآخر من عاصفة الخروقات المالية هذه، فيعلن عن فصل اثنان من اللوردات ممن استغلوا بعض القرارات والتعهدات وخرقوها لمصلحتهم الخاصة، وهذه اول مرة يحصل بها فصل لورد منذ اربعمئة عام .
قد يكون ذلك اختبار لقدرات براون على اتخاذ القرارات الحكيمة والصارمة لكسب ثقة الشعب لانتخابه لدورة اخرى من الحكم، فبعض المحللين يعتبر تلك الفضيحة وتواكبها مع الأزمة المالية، كافية لسحب الثقة منه ومن حزبه وربما من حزب المحافظين المنافس. اذن قد يستغل حزب الاحرار الديمقراطي (Libral Democrat) الفرصة لكسب أصوات الشعب بحملته الانتخابية لاسيما وهو يعد بإلغاء ضريبة الخدمات البلدية وتحسين التقاعد وغيرها من الوعود التي تمس حياة الطبقة العاملة بشكل خاص.
سارع البعض ليلق باللائمة على الديمقراطية حيث سمحت لمثل هؤلاء المخادعين لتولي مناصب مهمة بالدولة ، بينما دافع عنها الكثير بعض الاكادميون والسياسيون "العيب بهؤلاء السيئين وليس بالديمقراطية.. التي لولاها لواصل هؤلاء استغلال مناصبهم والتلاعب بأموال الشعب خاصة الفقراء منهم، الديمقراطية وحرية الصحافة هي التي كشفت تلك الفضيحة، ولكن هذا لا يعني ان الكل بهذا المستوى بل هم قلة ازاء الأعضاء الآخرين الذين يعملون بجد واخلاص". ففي ظل الديمقراطية الحقيقية لا تكتفي الدولة بالسماح بحرية الكتابة والنشر بل تسمع وتحسب الف حساب للرأي العام ولرأي الصحافة و لكل ما يقال وما يكتب وتدرسه خاصة فيما يتعلق بمصلحة الشعب وأمن الدولة. فالصحافة في بريطانيا لها الدور الأكبر بتغيير الحكومة والتأثير على الرأي العام لاتخاذ القرار الذي يرسم له اعلاميا!.. فهي حقا السلطة الرابعة اذا لم تكن الثانية ولكن بشكل غير مباشر.

على الضفة الاخرى في العراق المتعب هناك رياح عاتية مماثلة تعصف ببرلماننا، وان كان حديث الولادة، لكن عواصف الخروقات والسرقات رافقته منذ أيامه الأولى وكأن عواصف القتل والتخريب والارهاب غير كافية!؟ لكن الفرق بين برلماننا وبرلمانهم انه مهما صرخ الشعب واعترضت الصحافة يبقى أعضاء البرلمان محصنين بأسوارهم الكونكريتية، لا يمسهم سوء من يمينهم ولا من شمالهم مهما فعلوا من فضائح او بالأحرى جرائم، فالحصانة تكفل لهم ما يشاءون ويشاء لهم الهوى، ليسرقوا أموال الشعب ويهربوا بعدها لأوربا (وهناك منهم من طالب بالمساعدة المخصصة للاجئين المساكين) لتبقى أموالهم بالحفظ والصون، او يهربوها لدول الجوار ليستثمرون تلك الأموال بلا حساب ولا كتاب فترى العمارات السكنية تتسابق بالارتفاع والشوارع تضاهي شوارع اوربا في الاردن وسوريا وايران كلها من أموال الشعب العراقي او بحجة لجوء العراقيين هناك.. بينما شوارع العراق تعاني من الحفر والتخريب والمنازل معظمها آيلة للسقوط في عاصمة الرشيد ومنارة المجد التليد! وبدل الأشجار يزرعها المقاومون (المقاولون) عبوات ناسفة!
بل هناك البعض من اعضاء برلماننا من افتضح أمرهم بما هو أبشع من التلاعب ببضع آلاف بل ثبتت التهم عليهم وهم يقتلون الأبرياء او يحاولون تفجير البرلمان ذاته او سرقة المليارات، لكنهم يتسربون من بين عشرات السيطرات (رجال الشرطة) و(الحصانة) تركض وراهم تحميهم من أعين الرقباء.. بينما أحزابهم التي ينتمون لها لا تحاسبهم وتدينهم بل تنبري لتدافع عنهم .. ومنهم من يهدد الأحزاب الأخرى المشاركة بالبرلمان اذا طالبوا بمحاسبة هؤلاء "اسكتوا عن جرائمنا لنسكت عن جرائمكم"! لذا يسكت هذا ويبرر جريمة ذاك لئلا يفتضح أمره هو وتكشف أوراقه ! والضحية الأولى والأخيرة هو الشعب العراقي الذي رضي بالأمس القريب مجبرا بعد يأسه من كل الأحزاب المعارضة التي عرف انها لم تعمل شئ في الخارج بل بعضها كان يتنافس على الأموال التي تجمع لمساعدة اللاجئين العراقيين. لذا لم يكن له الخيار غير القبول بأسوأ الحلول وهي الحرب ليتخلص من المعلم الأكبر للظلم والسرقة، الذي تحولت عصابته ومن تبقى منها الى موتورين حاقدين على الشعب المسكين.. ويتحالفون مع قوات الاحتلال التي يدعون مقاومتها!
ورضي الشعب بالديمقراطية الحل الافضل لوقف نزيف الدماء فانتخب أسماء تقنعنت (من قناع) بالدين مرة وبالقومية اخرى او بشعارات اكتشف الشعب انها لا تقل خواءا او خداعا وكذبا عن شعار صدام ضد الامبريالية وضد أمريكا!ِ
ديمقراطيتنا ليست سيئة وان كانت مستوردة، لكن الذين استغلوها سيئين، لاسيما الذين تربوا على ان السلطة ليست مسؤولية لخدمة الشعب، بقدر ما هي فرصة للاستيلاء على الغنائم قبل ان يضطروا للاختباء بالجحور كسابقيهم. النواب البريطانيين اعتذروا عن فعلتهم وأعادوا الأموال التي أخذوها بغير حق. لكن نوابنا يتسابقون على السرقة والهروب.. يتقاتلون على رئاسة البرلمان لا حرصا على خدمة الشعب بل ليضمن الملايين راتبا.. واخرى مضاعفة للتقاعد! بالرغم انهم لم يفعلوا لحد اللحظة أي شئ يستحقون عليه راتبا..ولا المخصصات التي يدفعون منها اجرة حمايتهم ولا مصاريف سفرهم ولا صرفيات منازلهم التي تكاثرت انشطاريا! بل حتى سفرهم للحج مدفوع لهم ولزوجاتهم او لمن يصاحبهم، والناس الغلابة ينتظرون سنوات لعل الحظ يحالفهم ويحجون قبل ان يباغتهم الموت! كيف يقبل منهم الحج؟ الذي هو "لمن استطاع له سبيلا". أي لابد ان تكون من تعبه او من ابنائه القادرين، وان لا يكون مديونا او يذهب بأموال لا يستحقها.. فكيف اذا كان عليه مسؤولية شعب وبرقبته ناس مازالوا يعانون شظف العيش وأرامل يناضلن سنوات من اجل تقاعد لا يساوي غير الملاليم التي يدفعها بعض النواب لخدمهم! اذن الحل هو رفع الحصانة عن الجميع حتى تثبت حسن نواياهم وحسن سلوكهم!.

لندن - 16-5-2009



#ابتسام_يوسف_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعلام العربي والمرأة العراقية
- مدارات.. حاقدة
- دوائرنا المستحيلة
- استغلال المسئولون لصبر المواطنين
- رواية خضر قد والعصر الزيتوني، وجائزة نوبل
- لماذا الكامل شياع؟
- ثقافتنا الاجتماعية
- من ستنتخب أيها العراقي؟
- ناقوس الخطر يدق! فهل حياة لمن ننادي؟
- هل السيد مقتدى ضحية لتياره؟
- ماذا تريد التيارات (الهوائية)?
- البرلمان العراقي وحصان(ة) طروادة
- عام كهرباء وضياء
- تراثنا من اساطير الحضارات العراقية
- لن تأتي حياة
- حلم جبار
- هل يصلح موزارت ما أفسده الارهاب
- مستقبل العراق مرهون بوحدة شعبه
- ما الخطورة التي تشكلها جبهة التوافق !؟
- في يوم مشمس


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ابتسام يوسف الطاهر - بين برلماننا وبرلمانهم!