|
حول مسالة المجلس اوالهيئة التأسيسي
التضامن من اجل بديل اشتراكي
الحوار المتمدن-العدد: 2666 - 2009 / 6 / 3 - 09:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صحيح ان مضمون واهداف وطريقة تشكيل هياة تاسيسية لنظام ديمقراطي جديد، ستكون موضوع صراع طويل بين مختلف القوى، لكن المطلب في حد ذاته يسمح باعادة تسييس قطاعات شعبية واسعة وبتوجيه تطلعاتها الاجتماعية والديمقراطية نحو هدف مركزي موحد: عزل العدو الرئيسي المتحكم بشكل غير ديمقراطي في السلطة. كما ان مطلب المجلس التاسيسي يمكن ان يشكل اطارا سياسيا يلف كل القوى التي لها مصلحة في تغيير طبيعة النظام السياسي.
لكن هل يجب ان يشكل مطلب مجلس تاسيسي له كامل السيادة، مجرد شعار تكتيكي لطرح مسالة السلطة ام يتعداه للقيام بوظيفة مركزية في طبيعة النظام الديمقراطي ومؤسساته؟ (نقطة الخلاف الاولى) بل مسالة المجلس التاسيسي تشكل مطلبا رئيسيا في مسلسل النضال الثوري، ومن هنا يختلف منظورنا لمطلب المجلس التاسيسي عن المنظور الكلاسيكي للحركة الوطنية. فعندما طرحت الحركة الوطنية مسالة المجلس التاسيسي كان الهدف هو استعمال هذا المطلب للضغط على خصمها (الملكية) لارغامها على تقديم تنازلات واقتسام السلطة. ولعل هذا ما يفسر رفض اليسار الماركسي في تلك الفترة، لمطلب المجلس التاسيسي معتبرا اياه شعارا اصلاحيا وانحرافا برجوازيا صغيرا على الطريقة المنشفية، وتصوره لاستراتيجية ثورية (العنف الثوري الجماهيري) لا تعطي للشعرات الديمقراطية مكانة مركزية لطرح مسالة السلطة. وتسود وسط الحركة الماركسية الثورية تصورات دغمائية وسطحية لمفهوم الديمقراطية الاشتراكية، فهي تختزل في نظر العديد من التيارات الماركسية في "ديمقراطية عمالية" ترتكزعلى مجالس العمال. وتتجاهل هذه التيارات البنية غير المنسجمة للطبقات الشعبية وللشغيلة نفسها، والذي يستلزم، ليس فقط، وجود مؤسسات وبنيات تنظيمية ديمقراطية ممثلة لمختلف فئات وقطاعات الشعب (مجالس شعبية)، بل ايضا ديمقراطية سياسية تعكس بشكل ديمقراطي تناقضاته الداخلية (نظام برلماني). وهي تناقضات لا يمكن اختزالها في الاستغلال. فالعامل المستغل يمكن ان يكون ايضا انسانا مضطهدا، اما كشاب اوكامراة اوبسبب انتمائه الثقافي واللغوي او معتقداته الدينية. ان عدم الاعتراف بهذا التعدد على مستوى المجتمع وعلى مستوى نفس القطاع الاجتماعي، يقود الى تدويب علاقات اجتماعية معقدة في علاقات انتاج بسيطة وفي النهاية الى منظور ضيق واختزالي للديمقراطية الاشتراكية والى تضييق مجال الحقوق والحريات داخل المجتمع ضمن حدود علاقات الانتاج الراسمالية. ان اكبر درس يمكن استخلاصه من التجارب البيروقراطية هو ان القضاء على السلطة الاقتصادية والسياسية للبرجوازية اي تفكيك جهاز دولتها وهو مسالة ضرورية لاحدات اي تحويل جذري داخل المجتمع، لكن هذا لا يعني القضاء على احزابها وايديولوجياتها الرجعية بواسطة اجراءات قمعية وادارية (تضييق هامش الحريات السياسية باسم محاربة العدو الطبقي). بل ان زوال هذه الاخيرة يستدعي مواصلة النضال السياسي والايديولوجي من اجل تعميق شرعية السلطة الشعبية وتوفير شروط الهيمنة السياسية والايديولوجية للاشتراكية بالموازاة مع اعادة تنظيم الاقتصاد والمجتمع (الصراع السياسي والايديولوجي لا يمكن ان يكون الا من خلال ديمقراطية سياسية تقر بالتعددية وتحترم ممارستها). هذا ما يجعل استقلالية الاحزاب الثورية عن جهاز الدولة مسالة اساسية. لان شرعية اية منظمة سياسية او اجتماعية ليست ابدية، ولا يمكن بناؤها والحفاظ عليها الا من خلال نشاط دائم وسط الشعب ومن خلال مسلسل انتخابي تعبر فيه الجماهير عن ارادتها الحرة من خلال التصويت لحسم الاختيارات الكبرى المطروحة في البلد (الاستقلالية ازاء الدولة عن مؤسسات الدولة ينعي الاقرار بالتعددية الحزبية بما في ذلك داخل صف تعميق الثورة). فالديمقراطية الاشتراكية لا تعني الاعتراف بالمصالح المشتركة للاغلبية فقط، بل تعني ايضا نظاما يقر بالحريات الفردية والجماعية وباحترام الحقوق السياسية والمدنية للمواطنين بغض النظرعن موقعهم الاجتماعي. ان هذا ما يبرر في نظرنا ضرورة وجود ضمانات قانونية ودستورية لقيام ديمقراطية واسعة حقيقية وتعددية، اي وجود دولة الحق والقانون بغض النظر عن شكلها ومؤسساتها. ومن هذا المنظور يمثل المجلس التاسيسي بالنسبة لنا، اللحظة السياسية التي يتدخل فيها الشعب بشكل ديمقراطي للانتقال من النظام القديم الى نظام ديمقراطي جديد يقر بالحقوق الاساسية وبسلطة الشعب وبالتملك الاجتماعي لمصادر الثروة (لكن ما هي طبيعة العلاقة بين المجلس التاسيسي البرلماني المنتخب على مستوى وطني بواسطة الاقتراع العام وبين المجالس الشعبية الممثلة للمواطنين على مستوى السكن والعمل؟ هذا هو الخلاف الثاني). لقد كانت روزا لكسمبورغ في هذه المسالة الف مرة على صواب من لينين وتروتسكي وبقية القادة البلاشفة. فافضل سلاح لمواجهة الرجعية والثورة المضادة حتى قبل الثورة هو تعميق الديمقراطية وتوسيع دائرتها وافضل مساعدة للرجعية والقوى المعادية للثورة حتى بعد الثورة هو تقليص هامش الديمقراطية باسم "ضرورات الثورة".(نعم لكن هل هناك تصور واحد لمسالة الهياة التاسيسية؟ الا يمكن انتخاب مجلس برلماني يضمن تمثيلية ليس الاحزاب السياسية فقط بل ايضا تمثيلية المنظمات الاجتماعية؟ الخلاف الثالث). ان انبثاق سلطة تاسيسية يجب ان يكون في نظرنا، ثمرة مسلسل تاسيسي من تحت بالاستناد الى التدخل المباشر للطبقات الشعبية بواسطة مختلف منظماتها ومن خلال بنيات سلطتها المضادة. هذا يجعلنا نعطي لمسالة النشاط والتنظيم الذاتي مكانة مركزية في خطنا الديمقراطي الجذري.لان اية هيأة تاسيسية لنظام ديمقراطي جديد لا شرعية لها اذا لم تقر بشرعية التنظيم الذاتي المستتقل للطبقات الشعبية. علينا ان لا ننظر لهدف "هيأة تاسيسية" كمطلب مؤجل، بل يجب ان يكون موضوع اعداد وتحضير من خلال معارك سياسية واجتماعية تقود في هذا الاتجاه. فبالنظر الى كون الاصلاحات الديمقراطية الاكثر جزئية تتعارض مع شكل اشتغال النظام ويتطلب تحقيقها تغييرا جذريا لطبيعته فان ذلك يعطي لمطلب اعادة التاسيس لنظام سياسي واجتماعي ديمقراطي طبيعة ملموسة. وفي جميع الاحوال يجب التخلص من فكرة الانتقال التدريجي والسلمي من وضع دفاعي الى وضع الهجوم المضاد، فبين هذا وذاك لا يجب استبعاد اوضاع وسطية معقدة وغير مستقرة. وخلال هذه الفترات الانتقالية تتغيرالاهداف، تارة في اتجاه تغيير جزئي للنظام السياسي وتارة في اتجاه تغيير دستوري ومؤسساتي دون تحول جذري في طبيعة النظام السياسي. ان المطلوب هو الدفع في اتجاه تغيير جذري للطبيعة الطبقية للدولة كهدف مركزي. ------------------------------------------------------------------------------ زروا موقعنا: http://www.tadamone.com
#التضامن_من_اجل_بديل_اشتراكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعريف تيار التضامن من اجل بديل شتراكي في عشر نقط
-
إستراتيجيتنا الديمقراطية
-
تقرير عام: نتائج انتخابات 7شتنبر ومهام اليسار الجذري
-
تعريف تيار التضامن من اجل بديل اشتراكي
-
وحدة اليسار الجذري خطوة ملموسة نحو حزب مستقل للشغيلة والجماه
...
-
إعادة بناء مشروع نقابي ديمقراطي وكفاحي خطوة نحو بناء حركة عم
...
-
انتفاضة سكان سيدي افني ايت باعمران: تحديات مسلسل نضالي جديد
-
يوم 21 ماي بداية الإضراب العام وليس نهايته
المزيد.....
-
الكونغو الديمقراطية: غوما تحت سيطرة المسلحين … دمار ونهب وال
...
-
قولوا وداعًا لأمريكا.. ترامب يُعيد تهديد مجموعة -بريكس- إذا
...
-
الخارجية الروسية: إجراءات شطب -طالبان- من قائمة الإرهاب مستم
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب
...
-
بريدنيستروفيه ومولدوفا تتفقان على خطة أولية لتوريد الغاز
-
أبرز مواصفات الهاتف الجديد من -Nothing-
-
اكتشاف بكتيريا خطيرة في بعض منتجات الدجاج التي تورد إلى روسي
...
-
-فينشينزو.. رجل المافيا-.. عدالة العصابات وتهجير السكان لاست
...
-
العبور من الثورة إلى الدولة في سوريا
-
سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية العام
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|