|
قراءات في الموازنة المصرية لعام 2004/2005
إلهامي الميرغني
الحوار المتمدن-العدد: 815 - 2004 / 4 / 25 - 09:00
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
عندما تطرح الحكومة مشروع الموازنة الجديدة على مجلسي الشعب والشورى فهي تضع أمامنا بالأرقام نتائج سياستها المالية وخطتها للعام الجديد وفقاً للمادة 115 من الدستور ، كما أن نص المادة 118 من الدستور : يجب عرض الحساب الختامي لميزانية الدولة على مجلس الشعب في مدة لا تزيد على سنة واحدة من تاريخ انتهاء السنة المالية. ويتم التصويت عليه بابا بابا. ويصدر بقانون كما يجب عرض التقرير السنوي للجهاز المركزي للمحاسبات وملاحظاته على مجلس الشعب ، وللمجلس أن يطلب من الجهاز المركزي للمحاسبات أية بيانات أو تقارير أخرى.هذا هو المفترض بحكم الدستور . ولكن الموازنة تأتى بأرقام بعيدة عن الواقع بحيث اتنقدها الكثير من الخبراء . فقد أشار الدكتور محمد زيدان أستاذ المحاسبة بتجارة المنوفية إلى عدم قيام الأجهزة التنفيذية والرقابية بمطابقة أرقام الموازنة بأرقام الحساب الختامي لتحديد وتحليل وتفسير دوافع الانحرافات المالية تأكيداً لنص المادة 118 من الدستور ( جريدة الأهرام 13 أبريل 2004 ) .
المتابع لأرقام موازنة العام الجديد لمقارنتها بأرقام العام السابق يجد الآتي: ـ إن إجمالي الموازنة العامة للدولة للسنة المالية الجديدة2005/2004 بلغ177.4 مليار جنيه مقابل159.6 مليار جنيه في العام الماضي بنسبة زيادة11.2% . ـ إن إجمالي الإيرادات بلغ نحو125.1 مليار جنيه مقابل116.5 مليار جنيه بزيادة قدرها8.6 مليار جنيه. ـ تقدر الموارد السيادية للدولة من الضرائب والجمارك وضرائب المبيعات والرسوم المختلفة بـ 83.2 مليار جنيه في الموازنة. ـ بلغت اعتمادات الأجور والمرتبات 5 .42 مليار جنيه مقارنة بحوالى 38.5 مليار جنيه في الموازنة السابقة، و الدعم للسلع التموينية الأساسية ودعم الإسكان الشعبي والنقل العام والأدوية والتأمين الصحي 15.6 مليار جنيه بزيادة 6.7 مليار جنيه عن الموازنة السابقة وذلك لإضافة7 سلع جديدة علي البطاقة التموينية لضمان توفيرها للمواطنين.كما ارتفعت قيمة مساهمة الخزانة في المعاشات إلى 15 مليار جنيه بزيادة قدرها1.2 مليار جنيه علي الموازنة السابقة. ـ بلغ العجز الإجمالي بالموازنة الجديدة 52.3 مليار جنيه مقابل43.1 مليار جنيه العام الماضي وسيتم تمويل العجز عن طريق الأوعية الادخارية وتتمثل في صناديق المعاشات وتوفير البريد وشهادات الاستثمار وعن طريق القروض والتسهيلات المحلية والخارجية والباقي يتم تغطيته بالأذون والسندات علي الخزانة العامة ـ يمثل العجز الصافي 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي. ـ يبلغ إجمالي خدمة الدين50.2 مليار جنيه منها33.9 مليار جنيه فوائد الدين المحلي و3.7 فوائد الدين الخارجي و8.22 مليار جنيه أقساط الدين المحلي و4.2 مليار جنيه أقساط الدين الخارجي ويمثل إجمالي خدمة الدين 28.3% من إجمالي الموازنة و40% من الإيرادات الحكومية ، ونتساءل لو تم توجيه هذا المبلغ إلى استثمارات إنتاجية حقيقية فكم كان سيضيف للناتج المحلى الإجمالي وكم كان سيضيف إلى فرص العمل المنتج بما يخفض معدلات البطالة ؟!!!. ـ كما يبلغ حجم الاستثمارات في الموازنة 20.4 مليار جنيه بينما كان 19.8 مليار جنيه في العام الماضي ويعكس ذلك تراجع الدولة عن الاستثمار في العديد من المشروعات الضرورية.
أشار الرئيس مبارك عند مناقشة مشروع الموازنة إلي أهمية الانتهاء من إعداد قانون الضرائب الجديد بما يحقق الانتقال الكامل لنظام الضريبة الموحدة إلي جانب تخفيف العبء الضريبي علي الممولين من خلال تخفيض سعر الضريبة وتوسيع الشرائح الضريبية وربط حد الإعفاء للأعباء العائلية، وطالب الرئيس الحكومة بالعمل علي تطوير قانون الجمارك وتعديله بما يتماشي مع متطلبات العصر ، كما طالب بأهمية التعجيل بسداد الديون عالية الكلفة ووضع أواويات في سداد الديون وإعادة هيكلة الدين العام المحلي بما يحقق خفض تكلفة هذا الدين من خلال توسيع أدواته. ( جريدة الأهرام 22 مارس 2004 ).
هكذا يوصى الرئيس مبارك الحكومة بقضيتين في غاية الأهمية وهما قضية قانون الضرائب الجديد وقضية سداد الديون العالية الكلفة ونحن نتفق تماماً مع خطورة وأهمية القضيتين ولكن الحقائق تصدمنا فمشروع قانون الضرائب مطروح ضمن خطة الحكومة منذ أكثر من ثلاث سنوات ولم يتم عرضه على مجلس الشعب حتى الآن ويؤكد عليه الدكتور عبيد في خطابه السنوي ولكنه لا يعرض ويطالب به رئيس الجمهورية كل سنة وأيضا لا يعرض ، فهل هناك قوى تمنع عرض مشروع القانون وتستفيد من الوضع القائم وتضرب بتعليمات الرئيس عرض الحائط ؟!!! وهل توجد سلطة أعلى من الرئيس لتطالب بذلك!! ألا يتحفنا الدكتور عبيد ووزرائه بأنهم (بناء على توجيهات السيد الرئيس ) فعلوا كذا أو نفذوا كذا !! أين تنفيذ توجيهات السيد الرئيس في صدور قانون الضرائب الجديد وتخفيض الديون !!!
شهد شاهد من أهلها : بمتابعة مناقشات مجلس الشورى لمشروع الموازنة الجديدة نجد الكثير من الحقائق الهامة التي تصدمنا رغم أنها غير صادرة عن مفكر معارض أو حزب معارض بل عن أحد الأجهزة الرئيسية للحكم في مصر وقد جاء ضمن ملاحظات ومناقشات الأعضاء وتقارير اللجان ما يلي : ـ أن التغلب علي العجز الدائم في الموازنة العامة للدولة أصبح أمرا لا مفر منه من أجل إنعاش الاقتصاد القومي بالشكل الذي يحقق الخير والوفرة لكل المواطنين. ـ إن العمل علي خفض المديونية الداخلية والخارجية من شأنه أن يخفف من الأعباء علي الموازنة العامة للدولة، ومن ثم توجيه مخصصات خدمة الدين المتصاعدة إلي اتجاهات أخري تسهم في زيادة معدلات الاستثمار وزيادة دخول المواطنين. ـ وضع عدد من الإجراءات التي تكفل تحقيق الاستفادة من الزيادة المتوقعة في الأجور والمعاشات، خاصة أنه قد لوحظ مواكبة العلاوة السنوية ارتفاعات غير مبررة للأسعار. ـ شدد المجلس علي ضرورة سرعة إصدار قانون منع الاحتكار الذي وعدت الحكومة به من قبل، نظرا لوجود ممارسات احتكارية ضارة أثرت سلبا علي جميع المواطنين مثلما حدث في أسعار الأرز والسكر وأخيرا حديد التسليح والأسمنت. ـ إعادة النظر في توظيف الموارد العامة، وترشيد الإنفاق الحكومي، وإعادة ترتيب أولويات أجهزة الدولة لتوجيه الموارد نحو الاستخدام الأمثل، ودعم الفئات غير القادرة. ـ أوصي المجلس بدراسة تفاقم مشكلة الدين العام الذي بلغ266.3 مليار جنيه وإذا أضفنا أصول هيئة التأمينات الاجتماعية، والتي بلغت في يونيو2001 نحو174.4 مليار جنيه فلابد أن تكون قد زادت علي هذا القدر بعد ذلك فان إجمالي الدين العام يصل إلي أكثر من440.7 مليار جنيه.وحذر المجلس من تعدي الدين المحلي للحدود الآمنة والتي تتمثل عادة في60% من حجم الناتج المحلي الإجمالي أما في الوقت الحاضر فان الدين العام المحلي طبقا للتقدير السابق يزيد علي حجم النائج المحلي الإجمالي والذي يقدر بنحو407.7 مليار جنيه وهذا يعني أن الدين العام المحلي يزيد علي الناتج المحلي الإجمالي بنسبة8.3%. ـ قالت الدكتورة فرخندة حسن إنه لابد من أن تكون الموازنة الجديدة مشتملة علي احتياجات ومتطلبات المواطنين وزيادة نصيب الفرد من الدخل القومي وعدالة توزيع الدخل وتقليص الفقر، وأن تتبني الموازنة علاج الدين الخارجي لان فوائد هذا الدين يقترب من الأقساط.( جريدة الأهرام 4 أبريل 2004 ) . ـ كما قالت الدكتورة يمن الحماقي أن مصر تواجه تحديا حقيقيا في زيادة معدل النمو والطاقة الإنتاجية.. لهذا يجب استغلال الودائع في البنوك بصورة أفضل لزيادة الطاقة الإنتاجية في ظل عدم قدرة المشروعات الكبرى علي ذلك مشيرة إلي أن استثمار أموال التأمينات في مشروعات منتجة سيكون له عائد اقتصادي كبير وأكدت على إن الدعم هو أفضل السبل للوصول إلي الطبقات الفقيرة. ـ نبه محمد فريد زكريا إلي تحذير لجنة الشئون المالية من تخطي الدين المحلي للحدود الآمنة وأشار إلي انخفاض القوة الشرائية للموازنة الجديدة حيث لا تتعدي 26 مليار دولار في ظل طوابير الخبز الحالية. وطالب بالتصدي للفساد ودعم الجنيه بدلا من تدعيم السلع لإضافة قيمة إلي مرتبات الموظفين. ـ أشار الدكتور عبدالمنعم الأعصر إلي اتساع الفجوة بين الموارد والإنفاق العام في الموازنة وقال إن ثبات مساهمة الدولة في الاستثمارات عند 20 مليار جنيه لا يحقق النمو المطلوب بنسبة 5%. ـ كما أكد الدكتور أحمد رشاد موسي أن استثمار أموال التأمينات في البورصة يترتب عليه خسائر. ويجب استثمارها بأسلوب آمن بغض النظر عن تحقيق ربح. ـ حذر محمد سرحان رئيس الهيئة البرلمانية للوفد بالمجلس من تزايد عجز الموازنة من 42 مليارا إلي 52 مليار جنيه في الموازنة الجديدة وارتفاع الدين العام المحلي عاما بعد آخر ومن غير الواضح مقدار تصرف الحكومة في هذا المال. كما أكد أن حجم الدين العام المحلي أصبح غير آمن وأضاف: حذرنا الحكومة من الاقتراب من أموال المعاشات والتأمينات ورغم ذلك نري في الموازنة الجديدة بها 3.13 مليار جنيه من أموال المعاشات استولت عليها الحكومة بالإضافة إلي التوسع في أذون الخزانة إلي أكثر من 25 ملياراً. وحذر من تزايد الإنفاق العام بشكل فاق كل الحدود بدون زيادة في الموارد وطالب بإعادة النظر في أسلوب الإنفاق العام ووقف "السفه" والضغط علي الخزانة العامة. ( جريدة الجمهورية 5 إبريل 2004 ). ـ كما نقلت الأستاذة منال لاشين في جريدة العربي عن التقرير تحذيره من إنفاق ملايين الجنيهات لتجهيز المكاتب لكبار موظفي الدولة وتعديل الأرصفة والشوارع بدون مبرر وانتقد الاستعانة بشركات نظافة أجنبية، كما اعترف التقرير بارتفاع أسعار خدمات المرافق العامة مثل الكهرباء ومياه الشرب والاتصالات وكذلك ارتفاع تكاليف الكثير من أسعار الخدمات التي تقدمها الإدارات والهيئات الحكومية!. ـ أبدى التقرير صرامة تامة في قضية استيلاء الحكومة على أموال التأمينات فأكد اعتراضه على أي محاولة لإدماج هذه الأموال في الموازنة العامة للدولة كما تضمن التقريران الحديث عن ظاهرة الفساد وانتشار الكثير من مظاهر الانحراف خاصة في الجهاز المصرفي وبين بعض كبار العاملين بالدولة!. ـ انتقد التقرير ما اسماه بالاختلال الحاد في هيكل الرواتب والأجور الصالح بعض الفئات في الهيئات الحكومية والاقتصادية والصحف القومية والشركات العامة رغم تحقيق بعض هذه الجهات خسائر فادحة. ـ طالب التقريران بترشيد الإعفاءات الضريبية والجمركية ومراجعة القوانين المطبقة حاليا في هذا الخصوص، كما انتقد التقريران المبالغة في دور القطاع الخاص في الاستثمارات وتنفيذ الخطة. ـ انتقد التقريران تأخر صدور قانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار مما أدى إلى ظهور احتكارات في مجالات السكر والأرز والحديد والأسمنت. ( جريدة العربي 11 إبريل 2004 ) .
هذه هي نتائج مناقشات الموازنة في مجلس الشورى وتقارير اللجان التي يسيطر عليها الحزب الوطني ولكن المشكلة لا تكمن في التحذير أو من هو صاحب التحذير المشكلة الحقيقية هو التمادي في إفقار الشعب وإهدار المال العام وتبديد الثروة القومية في مشروعات فاشلة وبقاء كل المسئولين في مواقعهم بلا تغيير ، وكان هذه التقارير والمناقشات مجرد طبل أجوف لا تأثير له على التنفيذ واستمرار سياسات الإفقار والتبعية.
سبق وانتقدت دراسة حديثة للمنظمة العربية للتنمية الإدارية كفاءة الأداء الحكومي، وأكدت الدراسة التي أعدها الدكتور عادل فابد رئيس قسم المحاسبة بكلية تجارة بنها أن إعداد الموازنة بالوحدات الإدارية بالدولة يعتمد عادة علي الاجتهاد والتقدير الشخصي. وأوضحت انعدام التخطيط المبني علي الأساليب الكمية والمؤدية غالباً إلي نتائج تتسم بالموضوعية.وأشارت إلي أن الفوائض التي يتم الإفصاح عنها في نهاية فترة الموازنة يتم خفضها في الفترة التالية بغض النظر عن المستجدات، وأضافت أن هذا التصرف دفع معظم الوحدات إلي استنفاد المبالغ المخصصة بالبنود المختلفة بشكل قانوني خشية التخفيض، وأكدت الدراسة أن إغفال تطبيق نظام فعال ومحفز للرقابة وعدم تقييم الأداء أدي إلي عدم تحقيق أهداف الموازنة، كما أكدت انعدام الثقة بين المسئولين عن تقدير احتياجات الوحدات الإدارية وبين السلطات المسئولة عن اعتماد الموازنة، واتهمت بعض القائمين علي إعداد الموازنة بالتراض والتبلد وعدم التفرغ لعملية الإعداد، وانتقدت الدراسة التركيز علي الرقابة علي الصرف دون الاهتمام بمردود الصرف، وطالبت بالاستفادة من الموارد البشرية بالقطاع الحكومي وتوفير التدريب اللازم لتنمية مهاراتهم، كما طالبت بأهمية العمل علي تطبيق نظام محاسبة المسئولين بالوحدات الحكومية مشيرة إلي أن ذلك يضمن رقابة مباشرة وتقييما جيدا للأداء، وأكدت علي أهمية توفير قواعد بيانات مناسبة.( جريدة الوفد 17 مارس 2004 ).
كما انتقد المؤتمر الذي نظمته جامعة الزقازيق تحت عنوان الحماية القانونية للمال العام الحكومة بوضع سقف لعجز الموازنة العامة للدولة، والدين المحلى لا يتم تجاوزه.، كما شدد المؤتمر على ضرورة ترشيد الإنفاق العام وإعادة هيكلة الهيئات الاقتصادية. وشدد على ضرورة إعادة النظر في هيكلة الدين العام ومراجعة الدين المحلى وتشريعات الضرائب والرسوم والتأكيد على الانضباط المالي وتطبيق القانون على الخارجين. ( جريدة الوفد ـ 27 مارس 2004 ) .
كما طالب الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، الحكومة بالتوقف فورا عن الإنفاق الترفي، ومراجعة بنود النفقات غير الضرورية والحد منها. كما طالب بإصلاح ضريبي شامل وترشيد الإدارة الضريبية والإعفاءات الضريبية والجمركية، وتكثيف الجهود لمكافحة التهرب الضريبي والجمركي وتبسيط جهود تحصيل المتأخرات. وأشار رئيس جهاز المحاسبات في بيانه أمام مجلس الشعب حول الحساب الختامي لميزانية الدولة للسنة المالية 2001- 2002 إلي تزايد الفجوة بين الاستخدامات والإيرادات عاما بعد آخر، وقال إن العجز 17 مليارا عن الربط الأصلي. وأوضح رئيس جهاز المحاسبات أن الديون الخارجية بلغت 28.7 مليار جنيه، كما بلغ الدين الداخلي 329.9 مليار جنيه، وبلغ عبء خدمة الدين 29.8 مليار جنيه. وأشار إلي انخفاض الادخار إلي 7.14% وزيادة معدل البطالة إلي 7.10% وبلغ عدد العاطلين 2 مليون و215 ألف عاطل. ( جريدة الوفد 19 إبريل 2004 ).
تتوالى الدراسات والتقارير وتوصيات المؤتمرات واللجان على أعلى المستويات وبين أساتذة الجامعات ولكن لا حياة لمن ينادى فقد فقدت الحكومة الإحساس وأصبحت لا تتأثر بأي توصيات ولا تخاف من أي تحذيرات بما يؤكد أن التغيير يحتاج إلى مواجهة من نوع مختلف تطيح برؤوس الفساد.
اللعب بالأرقام : تجيد الحكومة اللعب بالأرقام وإصدار التصريحات المضروبة ، بل لقد تعجبت من جملة صدرت عن رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد أمام مجلس الشورى حين تحدث عن الاستثمار وتعدد النشرات التي تتحدث عن الاستثمار وقال لكننا كحكومة ندعو المجلس للإطلاع على حقيقة الاستثمار من خلال المصدر الأمين وهو الهيئة العامة للاستثمار !!!!!!! ( الأهرام 7 إبريل 2004 ) يشكو رئيس الوزراء من تعدد النشرات التي تتحدث عن الاستثمار ويطالب بمتابعة مصدر واحد . وهنا أتساءل ألا تصدر باقي النشرات عن وزارات أو هيئات أو مصالح يفترض إنها خاضعة للإشراف الحكومي ، هل تصدر هذه النشرات عن القطاع الخاص مثلا !!! أو عن أحزاب المعارضة لا قدر الله !!! إن اللعب بالأرقام هو محاولة لتضليل أصحاب المصلحة والدكتور عبيد ووزارته أساتذة في هذا المجال. ولنتابع بعض الأمثلة على تضارب الأرقام والمنشورة في التقرير الاقتصادي الاستراتيجي الصادر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ومنها :
- معدل النمو..الواقع أقل كثيرا من الوعود: تشير النشرة الاقتصادية الشهرية التي تصدرها وزارة التجارة الخارجية المصرية إلى أن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي المصري قد تراجع من 5.9% في العام المالي 1999/2000، إلى 3.4% في العام المالي 2000/2001، ثم واصل التراجع ليبلغ 3.2% في العام المالي 2001/2002. وهذه البيانات تختلف عن الوعود الحكومية بتحقيق نمو يبلغ 5%. وقد وعد بيان الحكومة بتحقيق معدل نمو يبلغ 5% أيضا في عام 2003، وهو معدل يحتاج الكثير من الجهود الدءوبة لتحقيقه في ظل حالة التباطؤ الاقتصادي العالمي عموما، حتى لا ينتهي عام 2003، دون أن تتحقق الوعود الحكومية بنمو قوي كما حدث في عام 2002. ترتبط حركة معدل البطالة بشكل عكسي، لكنه وثيق، بحركة معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي، وأيضا بحركة معدل الاستثمار. وهناك تناقضات بين البيانات الرسمية بشأن هذه القضية. وتشير بيانات البنك المركزي المصري في نشرته الإحصائية الشهرية (أكتوبر 2002)، إلى أن معدل البطالة في مصر، بلغ 7.9%، 8.4% في العامين الماليين 1999/2000، 2000/2001 على التوالي، بينما تشير بيانات وزارة التجارة الخارجية (النشرة الاقتصادية الشهرية، نوفمبر 2002)، إلى أن معدل البطالة في مصر بلغ 7.70%، 8.3% في العامين الماليين المذكورين بالترتيب. ورغم أن الاختلافات في هذه البيانات ليست كبيرة، إلا أنه من المفترض ألا تكون هناك أي اختلافات أصلا في البيانات الرسمية ذاتها، لأن هذا يشكك في مصداقيتها إجمالا. وتتفق البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي وعن وزارة التجارة الخارجية، على أن معدل البطالة قد بلغ 9% في العام المالي 2001/2002. وكانت الحكومة قد أعلنت في بيانها المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة عام 2001/2002 ، أنها تستهدف توفير 700 ألف فرصة عمل في العام المالي المذكور من خلال خطة ترتكز إلى أربعة محاور ، فإن بيانات البنك المركزي تشير إلى أن عدد المشتغلين في مصر ارتفع من 17.8 مليون عامل في العام المالي 2000/2001، إلى 17.9 مليون عامل في العام المالي 2001/2002، أي أن عدد فرص العمل التي استحدثت في الاقتصاد المصري لم يتجاوز 100 ألف فرصة عمل، أي سبع ما وعدت الحكومة باستحداثه من فرص للعمل. وفي بيانه الذي ألقاه رئيس الوزراء في 29 ديسمبر 2002، أشار إلى أن الحكومة تستهدف استحداث 500 ألف فرصة عمل في العام 2003، منها 150 ألف فرصة عمل تقدمها الحكومة، بينما يتم استحداث باقي فرص العمل في القطاع الخاص. ورغم أنه لو تم استحداث كل فرص العمل المستهدفة التي أشار إليها بيان الحكومة، فإن معدل البطالة سوف يرتفع، إلا أنه من الضروري على الأقل أن يكون هناك عمل جاد من أجل تحقيق هذه الوعود، لأن استمرار تزايد البطالة يمكن أن يخلق المزيد من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية.( هذا النص منقول بتصرف من التقرير ويمكن الرجوع للنص الأصلي ) - ضعف الادخار والاستثمار وصعوبة تمويل التنمية: يعد معدل الادخار المحلي في مصر واحدا من أدنى معدلات الادخار في العالم، حيث بلغ معدل الادخار المحلي، أو نسبة الادخار المحلي إلى الناتج المحلي الإجمالي، نحو 11.4% في العام المالي 2001/2002، في حين يبلغ معدل الادخار المحلي في العالم عموما نحو 23% من الناتج العالمي. كما أن الدول التي تحقق معدلات نمو مرتفعة، تعتمد على تحقيق معدلات مرتفعة للادخار المحلي تمول بها معدلات مرتفعة للاستثمار الذي يعد أساس نمو الاقتصاد الوطني لأي دولة. وعلى سبيل المثال، فقد بلغ معدل الادخار المحلي الإجمالي في عام 2000، نحو 50%، 47%، 40%، 37%، 32%، 31%، 31%، 30% في كل من سنغافورة وماليزيا والصين وإيرلندا وهونج كونج وكوريا الجنوبية وتايلاند وفنلندا بالترتيب. وفى مصر نجد أن معدل الادخار المحلي المصري منخفض للغاية. ورغم أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج تؤدي إلى ارتفاع معدل الادخار القومي المصري إلى 14.9% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن هذا المعدل يبقى متدنيا بدوره، مقارنة بمعدل الادخار العالمي وبمعدلات الادخار في الاقتصادات سريعة النمو التي أشرنا إليها وإلى معدلات الادخار فيها أنفا. ولأن الفقراء الذين يكفي دخلهم بالكاد لضروريات الحياة لا يدخرون، فإن الفئات المسئولة عن الادخار في مصر هي الطبقة الوسطي وبالذات شرائحها الأعلى دخلا، والطبقة العليا نفسها بصورة أساسية. وتجدر الإشارة إلى أن البيانات الرسمية الواردة في النشرة الإحصائية للبنك المركزي، وفي النشرة الاقتصادية لوزارة التجارة الخارجية، تشير في أحد بنود الحساب الرأسمالي من ميزان المدفوعات إلى صافي الاستثمارات الأخرى، أي التي ليست استثمارات مباشرة أو استثمارات محفظة الأوراق المالية، وهي غالبا الودائع المصرفية، تشير إلى أن هناك عجزاً كبيراً أي تدفق صافي لهذه الاستثمارات من مصر إلى الخارج بقيمة 1,493 مليون دولار في العام المالي 2001/2002، مقارنة بعجز قيمته نحو 481، 3,273، 1,280 مليون دولار في الأعوام المالية 1998/1999، 1999/2000، 2000/2001 على التوالي. وهذا يعني أن هذا النزيف للأموال التي تخرج من مصر يبلغ أضعاف قيمة الاستثمارات الأجنبية التي تتدفق إلى مصر والتي لم تتجاوز في الأعوام المالية الثلاثة الأخيرة نحو 2,733 مليون دولار، مقابل خروج أموال بلغت 6,046 مليون دولار في هذه الأعوام الثلاثة من مصر. ولذلك فإنه قبل أن تعمل مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية فإنه من المهم للغاية أن تتخذ الإجراءات الكفيلة بوقف نزف الأموال من مصر إلى الخارج. وللعلم فإن هذه الأموال التي تخرج من مصر لابد وأن تتحول أولا إلى عملات حرة حتى يمكنها الخروج إلى الأسواق الأجنبية، وبالتالي فإنها تساهم بصورة أساسية في خلق طلب على الدولار والعملات الأجنبية الأمر الذي يتسبب في حدوث اختناقات في سوق الصرف، ويتسبب أيضا في الضغط على سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار والعملات الحرة الرئيسية الأخرى.
وفيما يتعلق بنسبة الاستثمارات القومية إلى الناتج المحلي الإجمالي فإنها تراجعت بشكل مطرد من 21.3% في العام المالي 1997/1998 إلى 20.8%، 18.9%، 17.7%، 17.6% في الأعوام المالية 1998/1999، 1999/2000، 2000/2001، 2001/2002 على التوالي. وإذا كان النمو الحقيقي في الناتج من السلع والخدمات يأتي من رفع كفاءة ومستوى تشغيل الجهاز الإنتاجي القائم، ومن الاستثمارات الجديدة، فإن هذا المستوى من الاستثمارات القومية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، من الصعب أن يؤدي إلى تحقيق نمو حقيقي قوي للناتج المحلي الإجمالي. وفي ظل مثل هذا المستوى فإن النمو الحقيقي يمكن أن يتراوح بين 2% ، 3%، ولذلك فإن أي محاولة للنهوض بمعدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي المصري لابد أن تبدأ بإنعاش الاستثمار ورفع معدله بشكل جوهري. أما التصور بأنه يمكن معالجة ضعف الاستثمارات القومية وعجزها عن تحقيق معدل مرتفع للنمو من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، فإن ذلك لن يحدث إلا إذا استطعنا أن نحقق بالاعتماد على أنفسنا وعلى استثماراتنا، دورة طويلة من النمو السريع تغري الشركات الكبرى دولية النشاط على ضخ استثماراتها لمصر للمشاركة في جني ثمار الازدهار والنمو السريع . وهذا يعني بوضوح أن المهمة الأكثر إلحاحاً في الوقت الراهن هي دراسة كيفية زيادة نسبة الاستثمارات القومية إلى الناتج المحلي الإجمالي. وحتى يمكن تحقيق ذلك بدون اللجوء للاستدانة فإنه من الضروري العمل بمرونة وكفاءة وبكل الوسائل الممكنة والتي لا تتناقض مع اعتبارات النمو، على رفع معدل الادخار المحلي. - لماذا لا تتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر؟ وفقا لبيانات الأمم المتحدة فإن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر قد انخفضت من 1,235 مليون دولار عام 2000، إلى 510 ملايين دولار عام 2001( United Nation Conference on Trade and Development, World Investment Report 2002)، سواء بسبب حالة تباطؤ الاقتصاد المصري قبل أحداث 11 سبتمبر أو بسبب الآثار السلبية للأحداث ذاتها على حركة الاستثمار عبر العالم عموما. ووفقا للبيانات الحكومية المصرية فإن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر بلغت نحو 1,691.2، 510.1، 532 مليون دولار في الأعوام المالية 1999/2000، 2000/2001، 2001/2002 على التوالي. أما إجمالي الاستثمارات الأجنبية المتراكمة في مصر منذ بدء تدفق تلك الاستثمارات حتى نهاية عام 2001، فقد بلغ نحو 21.4 مليار دولار. وتأتي مصر في المرتبة الثانية بين البلدان العربية التي يوجد فيها رصيد للاستثمارات الأجنبية، خلف السعودية التي بلغ رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيها نحو 26 مليار دولار في نهاية عام 2001. وقد شكل رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر نحو 0.3% فقط من إجمالي رصيد تلك الاستثمارات الأجنبية في مختلف دول العالم، كما شكلت نحو 1% من إجمالي رصيد تلك الاستثمارات في الدول النامية.
يمكن القول أن تحقيق زيادة كبيرة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تتدفق إلى مصر هو أمر مشروط بتحسين بعض شروط مناخ الاستثمار في مصر، ومشروط أيضا بكفاءة وفعالية الإدارة الاقتصادية المصرية ونخبة رجال الأعمال المصرية ومنظماتها المختلفة. وفي النهاية فإن انتعاش تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى أي بلد، يتوقف على حالة الاقتصاد في هذا البلد، وما إذا كان يحقق انتعاشا اقتصاديا بالاعتماد على ذاته بصورة تعكس وجود حيوية اقتصادية فيه تغري الشركات والمستثمرين الأجانب على التوجه إليه. ( مؤسسة الأهرام ـ تقرير الاتجاهات الاقتصادية الإستراتيجية ـ القسم الأول ـ الاقتصـــــــاد المصري .. تراجـــع في الأداء واستمـــرار التناقـض في البيانات الرسميــــة) .
إذا عدنا من البيانات المضروبة عن معدل النمو والبطالة والاستثمار الاجنبى إلى أرقام الموازنة يمكن أن نتابع الفروق ما بين أرقام الموازنة التي تقدمها الحكومة وهى التقديرات الحكومية لإيراداتها المتوقعة وإنفاقها المتوقع وبين نتائج الحسابات الختامية عن الإيرادات والإنفاق الفعلي سنجد فارق كبير يضعف الثقة في أرقام الموازنة ، خاصة مع تزايد هذا الفارق عاماً بعد الآخر، وعلى سبيل المثال قدرت الحكومة العجز في موازنة 2000/2001 بحوالى 13.8 مليار جنيه ولكنه ارتفع في نتائج الميزانية ليصل إلى 34.2 مليار جنيه فما بالنا بالعجز المقدر بنحو 52.2 مليار جنيه في الموازنة الجديدة وكم سيبلغ في الحسابات الختامية ؟!! عند مناقشة الحساب الختامي للسنة المالية 2001/2002 أتضح أن العجز الكلى قد ارتفع بنسبة 33% والعجز الصافي أرتفع بنسبة 44% ، كما انخفضت الإيرادات العامة بنسبة 24% والإيرادات الجارية والتحويلات الجارية بنسبة 20% والموارد الرأسمالية بنسبة 28% عن الربط المعدل !!!!!!!! كما وصل الدين العام في 30/6/2002 إلى 330 مليار جنيه وارتفعت نسبة صافى إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلى إلى 106% ( جريدة الوفد 19 إبريل 2004 ) .إن الفرق ليس في الحدود المتعارف عليها بل أنها تقترب من نصف المقدر في الموازنة ألا يعكس ذلك استخفافا وتزويراً وتضليلاً يجب محاكمة المتسببين فيه.
إن التلاعب بالأرقام وتقليل قيمة العجز هو كذبة لا يصح تكرارها عندما تنشر أرقام الميزانية ، وحين يكون العجز الفعلي 3 أو 5 أضعاف العجز المقدر فهو ليس فرق بسيط أو اختلاف تقديرات . بل هو تضليل عمدي مع سبق الإصرار والترصد لأن من يعدون الموازنة هم خبراء وزارة المالية أصحاب الخبرات العريقة وليسوا أشخاص عديمي المعرفة أو قليلي الخبرة ، يمكن أن تختلف النتائج في حدود 5% أو 10% عن التقديرات ولكن تختلف في حدود 300% فهو ما يمكن أن نصفه بالكارثة !!!! ذلك عدى التلاعب في تخفيض أرقام الإنفاق وتضخيم أرقام الإيرادات مما يفقد الموازنة لدورها ويحولها من أداة للضبط المالي إلى مجرد فبركة إعلامية تمتد عواقبها لسنوات قادمة.
تفاقم المديونية ـ قضية الأجيال القادمة: تمثل الديون كارثة تتضاعف خلال السنوات الأخيرة رغم تحذيرات الرئيس مبارك . لن نقارن الوضع في الستينات أو السبعينات فهي عصور سحيقة!!! ولكن لنقارن بمنتصف التسعينات حيث كان الدين المحلى لا يتجاوز 132.2 مليار جنيه أرتفع إلى 182 مليار جنيه في موازنة عام 1998/1999 ولكنه قفز ليصل إلى 440 مليار جنيه متجاوزا إجمالي الناتج المحلى الإجمالي ب 8.3% وهو ما يعكس وجود خطر حقيقي رغم تحذيرات الرئيس ورغم تحذيرات مجلس الشورى كما أوضحنا فيما سبق .كما بلغ حجم الدين الخارجي 28.7 مليار دولار ( أي 200.9 مليار جنيه ) . لقد بلغ إجمالي الديون حوالي 641 مليار جنيه بينما الناتج المحلى الإجمالي لم يتجاوز 382 مليار جنيه عام 2002.ويعنى ذلك ارتفع نصيب المواطن المصري من الديون إلى 9,157 جنيه لكل مواطن منها 6,285 جنيه ديون محلية و2,872 جنيه ديون أجنبية ، ومن ثم فإن الأسرة المكونة من خمس أفراد مدينة بمبلغ 45,785 جنيه ربما تطالبنا بها الحكومة سدادا للديون . لكن لو تابعنا كيف تنفق هذه القروض فإنني أعود إلى بعض الموضوعات المنشورة في الصحف ، فقد نشرت الصحف خبر يقول : كشف اجتماع للدكتور محمد الغمراوي رئيس هيئة الاستثمار بمستثمري بورسعيد عن تخلي الحكومة عن فكرة إنشاء مشروع شرق بورسعيد كأحد المشروعات القومية الكبرى. وأكد اللواء مصطفي كامل محافظ بورسعيد احتياج المشروع لحوالي 87 عاما للتنفيذ، وتوفير البنية الأساسية اللازمة. وأضاف أن بلدا ناميا مثل مصر لا يمكنه تنمية مساحة تزيد علي كيلومتر واحد كل عام! وقال المحافظ إن تخصيص مساحات شاسعة من الأراضي في المنطقة الصناعية كان خطأ كبيرا يضاف إلي الأخطاء الكثيرة في دراسة جدوى المشروع.وأشار المحافظ إلي أن الحكومة باعت أكثر من 43 مليون متر مربع للمستثمرين وان إحدى الشركات حصلت وحدها علي 23 مليون متر وان هذه المساحة تحتاج إلي 43 عاما لتنظيمها وتوفير البنية الأساسية لها.( جريدة الوفد 9 إبريل 2004 ) . هكذا بعد تبديد المليارات من القروض على مشروع شرق التفريعة تم صرف النظر عنه ولكن لنتحمل نحن وأبنائنا سداد القروض التي مولت هذا المشروع والتي اعتمدت على دراسة جدوى مضروبة.
كما أعلنت الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي أمام مجلس الشعب إننا نحرص عند عقد القروض أن يكون المشروع المستخدم له محققا للتنمية ويكون قادرا علي سداد الأقساط والفوائد، وهناك مشروعات متعثرة تم حصرها في ثلاثة مشروعات تم وقفها ووقف القروض لها حتى لا تمثل عبئا علي الدولة من منطلق الحفاظ علي المال العام.( الأهرام 20 إبريل 2004 ). هكذا تعترف وزيرة الديون بأنها أوقفت ثلاثة قروض فقط ولكن هل الباقي يدار بشكل اقتصادي ؟! ولماذا لم تقل لنا حجم الإنفاق الذي تم في المشروعات الثلاثة التي تم وقف العمل بها؟!!! لقد اعترض محمد أبو العنين رجل الأعمال وعضو الحزب الوطني على كلام الوزيرة قائلاً : "إن وزيرة الدولة للشئون الخارجية تحدثت كما لو كانت تعمل في دولة أخري، مؤكدا أن ما قالته ما كان يجب أن يقال لنواب الشعب، موضحا أن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات يقول إن هناك قروضا لم تستخدم الاستخدام الأمثل، وقال إن وزير المالية ماذا يفعل إذا كانت هناك3 مليارات جنيه متأخرات جمارك لماذا لم تسدد! و4 مليارات جنيه ضرائب.. لماذا لا يحاسب هؤلاء المتأخرون في سداد الضرائب والجمارك! وطالب بضرورة التحقيق مع هؤلاء المتهربين من الضرائب والجمارك. ( الأهرام 20 إبريل 2004 ). كما يشكو الدكتور سيد البار على صفحات الأهرام من تبديد القروض والمنح ويقول " إن أقصي ما أطمح إليه من هذه المقالات هو توفير تمويل بفائدة قريبة من السعر العالمي للفائدة للمنتجين المصريين حتى يستطيعوا المنافسة في السوق المحلية أو في السوق العالمية وإذا كان الخبراء قد قدروا للنهوض بصناعات النسيج مبلغ مائة مليار جنيه مصري كقروض طويلة الأجل وأن هذا متاح من خلال مؤسسات التمويل الدولية، ولكن ما فوجئت به في كل مكان أن الناس لم تسمع عن المنح والقروض الميسرة التي تنهال علي مصر لقد أحصيت حتى الآن مبلغ المنح التي لا ترد بعد بدء الإصلاح الاقتصادي عام1991 وهو مبلغ يتجاوز المليارات ولا أنكر أن أكثر ما أثار غضبي هو المبالغ التي صرفت في الأوجه التالية: أولا: إقامة ندوات ومؤتمرات في فنادق الخمس نجوم للترويج للمنح وكانت نسبة المتحدثين من الدول المانحة80%. أما نسبة المتحدثين من المصريين فكانت20% وكانت النسبة بين ما يتقاضاه المصري المتحدث إلي الأجنبي المتحدث1:8. ثانيا: طبع بروشورات كتيبات ملونة علي ورق مصقول للحديث عن المنحة ونتائجها وخطواتها. ثالثا: دراسة جدوي للمشروع 96 % من دراسات الجدوى لمكاتب من الدول المانحة.
أتدرون أن المبلغ الذي صرفت فيه هذه البنود الثلاثة عال جدا ورغم ثراء مفردات اللغة العربية وقدرتها في التعبير الفذ عن الأحداث من دون لغات الأرض فأنني اكتشفت عجزي عن إيجاد مفردات أعلق بها علي ذلك!.ويضرب الدكتور الباز أمثلة لتبديد المنح والقروض دون أن تصل القروض للمستفيدين في مشروع الفحم النباتي المصري ، الثاني عن تطوير الاستفادة من الثروة السمكية والقرض الثالث من الاتحاد الأوروبي وتم سحبه وتوجيهه إلى إسرائيل والأردن وتونس والمغرب.وأضاف : ـ تضيف البنوك أعباء وضمانات تصل إلي حد التعجيز، فالفائدة تصل فعليا إلي خمسة أضعاف الفائدة الأصلية أي أن البنوك المصرية تحقق أرباحا علي حساب المنتجين المصريين دون مجهود من جانبها يبرر هذه النسبة العالية من الأرباح، رغم أن بنك الاستثمار الأوروبي يضيف فائدته15 من واحد في المائة والغرض من القرض هو تقليل الأعباء علي المنتج المصري، بينما في الدول الأخرى مثل تونس والمغرب والأردن وإسرائيل لم تصل الفائدة إلي1% أبدا، كما أن البنوك المصرية تطالب بضمانات معجزة مع أن الضمان الأساسي هو الماكينات. ـ تقلل البنوك المصرية من فترات سداد القرض وفترات السماح وهي أساسية في الإنتاج الصناعي ومعظم حالات التعثر كان السبب فيها هو استخدام قروض قصيرة الأجل في الصناعة التي تحتاج إلي قروض طويلة الأجل، بقي أن أذكر أن تركيا وقعت قرضا مع البنك الدولي الأسبوع الماضي لصالح القطاع الخاص التركي في مجال الطاقة والكهرباء أتدرون ما هي الفائدة1% ولا يزيد عائد البنك التركي عن1% فعليا. أما مدة السداد فهي اثنا عشر عاما+4 سنوات فترة سماح، ويتم السداد، وفترة السماح في نفس المدة للمنتج التركي. هذا ما أردت عرضه قبل أن نبدأ في شرح كيفية الحصول علي قرض المليار جنيه المصري لصناعة النسيج ومشتقاتها فهل وضحت الصورة؟!.( الدكتور سيد الباز ـ عقبات في طريق المنح والقروض ـ جريدة الأهرام 10 إبريل 2002 ).
ماذا تفعل وزارة التعاون الدولي ، وماذا تفعل وزارة المالية تجاه هذه القروض والمساعدات التي تتضاعف أرقامها عاماً بعد الآخر وتتبدد على الندوات والبروشورات والخبراء الأجانب دون تحقيق إضافات حقيقية للإنتاج المصري. وماذا نفعل تجاه تبديد هذه القروض ثم مطالبتنا بالسداد بينما الأسعار ترتفع والبطالة تتزايد والتصريحات الصحفية تتوالى عن المشروعات العملاقة والسد العالي الجديد !!!
إن الموازنة تمثل مناسبة لمناقشة الكثير من القضايا وإبراز العديد من الحقائق ولكن حكومتنا لاتسمع ولا ترى ... ولكن تتكلم .. وتتلكم .. وتتكلم فقط !!!
إلهامي الميرغني 2004-04-24 [email protected]
#إلهامي_الميرغني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءات في الغلاء وسنينه - عودة الشيوعية لمصر بقرار من مجلس ا
...
-
دروس من سقوط العراق
-
جمهورية أولا حنفى
-
دروس نضالية من المحلة الكبرى
-
المجلس القومي لحقوق الإنسان
-
سؤال الهوية ؟!!! البحث عن الاتجاه في الزمن الردئ
-
المقاطعة والتطبيع وأشياء أخرى
-
مجموعة ديمقراطية فى السلطة المصرية
-
اليسار المصرى .. والتيار الإسلامي .. والديمقراطية
-
كيف نحتفل بذكرى خميس والبقري- شهداء الطبقة العاملة المصرية
-
حوار مع الحزب الشيوعى المصري رد على الرفيق آدم المصري
-
مرة أخرى حول تعدد المراكز النقابية رد على الزميل حمدي حسين
-
تساؤلات حول حقيقة التغيير الديمقراطي الذي نريده
-
التعددية النقابية هي الأصل
-
دروس النكسة العربية ( 4 ) إشكاليات الوعي العربي
-
دروس النكسة العربية ( 3) دور المثقفين في صناعة الطغاة
-
دروس النكسة العربية (2) فن صناعة الطغاة
-
دروس النكسة العربية من عبد الناصر .. إلى صدام
-
شيزوفرانيا الديمقراطية
-
مستقبل الطبقة العاملة في ظل الكوكبة
المزيد.....
-
-لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة
...
-
الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
-
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا
...
-
رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|