|
انفلونزا البطيخ..!!
توفيق الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 2664 - 2009 / 6 / 1 - 11:08
المحور:
كتابات ساخرة
نعيش ، ونشوف .. سلسلة مخيفة و لا تنقطع من أمراض الضربة القاضية لم يسمع بها اجدادنا وآباؤنا من قبل..!! أولئك الذين كانوا يواجهون أي مرض بحبة أسبرين ،و كباية شاي مع رقيا مجانية شافية من ستنا أم العبد ، وفي يدها حفنة ملح ..!! على رأس النائم تحت غطاء ثقيل حتى العرق ،وفي اغلب ا الحالات كان المريض منهم ينهض كالحصان ..!!
أمهاتنا الصابرات اللائي درسن الطب في كليات الجدات كن أفضل من أزعم دكتور أمراض صدرية في أيامنا هذه التي تبدو فيها شهوة الإثراء السريع ولو على حساب المطحونين عند بعض أبناء "أبو قراط" أكثر أولوية من رسالة الطب ذاتها..!! فقد كانت تواجه الواحدة منهن كحة طفلها بورقة حلاوة طحينية مغرقة بزيت السمسم ،ومخرمة بإبرة ،وتضعها دافئة على صدره في المساء ،ليصبح سليما معافى دون اللجوء إلى روشته محشوة بأدوية الحساسية والمضادات الحيوية التي لها أثر مستقبلي مدمر لمناعة الطفل..!! وليعلم كل ذي علم أن أطباء اوروبا يتحرجون من كتابة وصفة طبية فيها أي مضاد حيوي بسيط إلا في الضرورة القصوى..!! بينما عندنا فلا تخلو وصفات عباقرتنا من مضادين قويين أو أكثر..!!
وكانت امهاتنا كذلك أبرع من أي دكتور أمراض باطنية متخرج من جامعة هارفارد..!! حين كن يواجهن النزلات المعوية الحادة بعجينة من طحين ونعناع ..!! توضع طوال الليل على بطن الطفل ليتحسن وضعه كثيرا في الصباح..!! ولا أنسى أبدا "الميرمية" الأم الحنون التي كانت ولازالت تنتظر دون ملل في المطبخ وتعيننا دوما على المغص المفاجئ..!! كان الله معنا في أيام فقرنا وجوعنا ،فسترنا ،و شفانا بأبسط العلاجات لأنه كان لنا ولأهلنا في حينه نصيبا وافرا من البراءة والإيمان العفوي بالله..!! تبخر معظمه لما ابتلينا بمرض الألوان والنعرات، والفصائل..!!
أما اليوم فما أن سلمنا أمرنا إلى الله بعد وفاة المرحوم الوالد من الجلطة وانسداد الشريان التاجي والسكتة الدماغية وانهينا قراءة عشرات الكتب للتعرف على الاسباب ..!! حتى خطف الأبصار السيد "سرطان "وعرفنا كيف يزرع الموت بسرية تامة في جسد أ ي عزيز أو حبيب ..!! ويحصد رهائنه ببطء ينم عن قسوة قلب وحرفية عالية أمام الدعوات والدموع العاجزة..!! مع فشل بشري واضح لتحديد هويته رغم الميزانيات والمختبرات والدراسات والنظريات والتحليلات..!! ،ودون أي محاولة طبية ناجحة حتى الآن لردعه تماما عن غيه والانتصار عليه انتصارا ساحقا كما تحقق مع أمراض السل والكوليرا والجذام..!! ولم نكد نتأقلم مع إمكانية الموت البطيء الصامت حتى داهم مسامعنا الحديث عن" الايدز " وهو الأكثر فتكا وغموضا ،ويربك المرء إلى درجة التخوف من أشياء وممارسات حياتية لا غنى عنها تتعلق بالدم والجنس..بينما تبذل عبثا كل محاولات التهدئة والطمأنة ،والتوظيف الديني للمأساة..!! وقد يصدق القول :أن الايذر مخلقات فيروسية أعدت في مختبرات استخبارية أمريكية..!! ليس للطب البشري حاليا قدرة ،أو إمكانية لاحئوائها ،والسيطرة عليها ليكون الفشل الثاني بعد السرطان ..!! ولتكون مآسي البشر أيضا مصدرا لتجارة طبية عالمية فاحشة من خلال ترويج أدوية غالية الثمن جدا ،ولم تثبت نجاعتها تماما..!! ثم سمعنا بجنون البقر فلم نعر الأمر اهتماما كبيرا لأننا نعاني أصلا من جنون البشر..!! وقلنا : بلاها اللحمة .. التي لا نراها مع عائلة كبيرة ثقيلة إلا في الشهر مرة..!! وقبل أعوام جاءت إلينا تتهادي أنفلونزا الطيور ..!! ،وبدأنا نشك في أي دجاجة مهما كانت فاتنة وبريئة ..!! ،ولكن مع طلبات الأولاد الملحة .. أكلنا دجاجا بلديا متكلين على الله..!! وما أن تعوذنا من انفلونرا الطيور حتى صدمنا عبر النت بأنفلونزا الخنازير ..!! والخنازير أكثر من الهم ع القلب.. ،فهناك مثلا خنازير حكومات ..، وخنازير مؤسسات ،وخنازير سياسات و...و.....!! وأي غلبان منا بات يخشى جدا من عطسة في وجهه من خنزير مرافق ،أو قبلة مفاجئة من خنزير منافق ..!! في الحقيقة .. يدي على قلبي وبطني معا..وأنا اسمع واقرأ أخيرا عن شائعات تشكك في البطيخ ..!! وكأنها تمهد إلى قدوم أنفلونزا البطيخ..!! هذا مايتوجس منه المقهورون أمثالي.. حتى البطيخ بدأوا يشككون في أصالته، ووطنيته ،وتواضعه واتهموه بأنه يتعاطى سرا "سم الفئران"..!! ولو.. سأظل أعشق البطيخ ،وسيبقى مرفرفا في وجداني بألوانه الأخضر والأحمر والأبيض والأسود..!! ففيه .. أرى ألوان علمي الشهيد الذي اغتالوه وأنزلوه وأذلوه..!! لن يستطيع كائن من كان أن يمنع أكل البطيخ أو يشطبه من الوجود..!! عدا عن أن شقحة البطيخ الحمراء يا سادة..يا كرام إلى جانب قطعة جبنة بيضاء ..!! هي ألذ عندي من مؤانسة نانسي عجرم ،و هيفاء وهبي معا ليلة كاملة ..!! نعم.. سابقى ،وعائلتي أوفياء لا ي بطيخة بلدية كويسه ورخيصة وبنت ناس ..!! تقبل مرافقتي ،وتأبط ذراعي إلى البيت لتكون بقناعة الصابرين وجبتنا الرئيسة ..فترطب أجوافنا قليلا من قهر أخبار القبائل المخزية..!! وتمنحنا هدأة الشبع ،وترحمنا من غرور الموز ،وتعالي التفاح..!! سبحان من اشرقت له كل شمس سبحان من بنوره الفجر لاح..!!
#توفيق_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتح عينك..تأكل ملبن..!!
-
البابا.. والماما..!!
-
طين..في فلسطين..!!
-
كلاب..وقطط..وبني أدمين..!!
-
لصوص.. والله لصوص..!!
-
مجرد وقفة..!!
-
الدينجيون..!!
-
متشائل 2009
-
أيها البغيض..شكرا..!!
-
يميننا.. ويمينهم..!!
-
اللهم فاشهد..!!
-
منتصرون كثيرون و خسارة واحدة..!!
-
يافرحتي..بدل القمة..قمتين..!!
-
ياكلنا.. ياوحدنا..!!
-
هنا غزة..!!
-
الحامي ..من ضرب الصرامي..!!
-
دغام بابور كاز..!!
-
حج..ياحج..!!
-
حوار أم ردح..!!
-
فتافيت من نوفمبر..!!
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|