سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 814 - 2004 / 4 / 24 - 11:23
المحور:
الادب والفن
ما مُـقامي بأرضِ لندنَ إلاّ …
يا هَــلا ، يا أبا مُـحَــسَّـدٍ ، الشّـهْـمَ ، رفيقي وقائدي في فلاةِ العُـمْـرِ
يا طالعَ الثنايا ، ويا راكزَ أرماحهِ ليعلنَ عن ضوءِ المعسكرِ … الليلُ يلتزُّ بطيئاً ودابقاً ،
مطرٌ في غير عاداتهِ ، وبردٌ تمشّــى في عروق النباتِ . ليس لنا في قرية الإنجليزِ غير ما
تهَـبُ القريةُ : هذا السكونُ ، هذا الســـكونُ …
ما مُقـامي بأرضِ لندنَ إلاّ …
يا هَــلا ، يا مُـحَـيِّـري ، يا أبا تمّـامٍ : الإستعارةُ انتـزعتْ أثـوابـَها عـندنا ،
وصار المغَـنِّـي لا يغنِّـي إلاّ على ليلاهُ …لا بأسَ ؛ لكنّ ليلــى لم تـعُــدْ كالتي
عرفْـنا زماناً . إن ليلى تُـطَـوِّفُ الليلَ ، مَـسْعىً بين خمّـارةٍ وأخرى ، ومَـلهىً بيـنَ
حِـلْسٍ وآخرَ . الليلُ يمضي ، والإستعارةُ تمضي ، والسراويلُ أينعتْ لا الغصــونُ …
ما مُـقامي بأرضِ لندنَ إلاّ …
يا هَــلا ، أيـها الـنُـواسـِيُّ : هل جئتَ لتحيا القصيدةَ ؟ الليلَ والموكبَ المنادي ببابِ
الدَّيرِ ، والراهبَ العجيبَ … ورَيحانَكَ ضِـغْـثاً من بعدِ ضِغْـثٍ ؛ لقد أسـرفتَ يا سيِّدي !
النهارُ هنا خمرٌ وأمرٌ ، والليلُ خمرٌ وأمرٌ . خَـلِّـنا من حديث رُهبانكَ ! الأحجارُ ما مَـسّـتْ
سوى وابِلٍ ، فهل مَـسَّـتْكَ سَــرّاءُ ، أيّـهذا القـــرينُ ؟
ما مُـقامي بأرضِ لـندنَ إلاّ …
يا هَـلا ، أيـها الـمُـطَـوَّبُ ، يا سـعدي ! سلاماً … لقد أتيتَ ، فـخُـذْني مـعـكَ ،
اليومَ : سوف نمضي ســراعاً ، لنغَـنِّـي ؛ وسوف نـمضي بِـطاءً ، لنـرى أيَّ مَـذْأبةٍ كنا
بها . الليلُ درعٌ ( لا تخفْ ) . والنهارُ حُـلْـمٌ طويلٌ ( لا تُفِـقْ ) . أيـها المطوَّبُ ، دعنا لا نكلِّـمْ
في دربنا أحداً … دعْـنا نُـقِـمْ في الغناءِ ، حيثُ الجنونُ …
لندن 21/4/2004
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟